صورة الخبر

11:27:11 2025-10-10 : اخر تحديث

11:27:11 2025-10-10 : نشر في

العراق بين فوضى الشمال السوري وخطر "داعش".. هل يتكرر السيناريو الكارثي؟

حجم الخط

فريق التحرير- شبكة الساعة

ما تزال سوريا أحد أهم المواقع الجغرافية المؤثرة على العراق، وأثبتت الأحداث التي شهدتها المنطقة منذ العام 2003 وسقوط النظام في بغداد مرورا بأحداث "داعش" عام 2014 وتحول سوريا إلى ساحة للنفوذ الإيراني قبل خروجها منه نهاية العام 2024 بسقوط نظام بشار الأسد.

وعلى خلفية التغييرات الأخيرة في النظام السوري وهروب الأسد وتولي هيئة تحرير الشام الحكم في دمشق ووصول أحمد الشرع لرئاسة الجمهورية السورية، استنفر العراق إمكانياته الأمنية لتعزيز الدفاعات على الحدود المشتركة لمنع أي عمليات تسلل لمسلحي "داعش"، إذ تتصاعد المخاوف العراقية من وجود آلاف المسلحين من تنظيم "داعش" وعائلاتهم في موقعين قرب حدوده مع سوريا الأول يتمثل بسجن غويران بالحسكة الذي يضم آلاف المقاتلين والقيادات من "داعش"، والثاني مخيم الهول الذي يضم عشرات الآلاف غالبيتهم من عائلات مسلحي التنظيم العراقيين والأجانب.

وشهدت مدينة حلب الاثنين الماضي، مواجهات عسكرية بين قوات الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية "قسد"، قبل أن يتم الإعلان عن التوصل إلى اتفاق لوقف النار، بدفع أمريكي.

كما شهدت دمشق الثلاثاء لقاءات مكثفة، بما في ذلك اللقاء الذي جمع عبدي مع وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة، الذي أعلن الأخير عقبه التوصل لاتفاق على وقف شامل لإطلاق النار بكافة المحاور ونقاط الانتشار العسكرية شمال وشمال شرقي سوريا، كما عقد الرئيس السوري أحمد الشرع لقاء مع المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية توماس براك، وقائد القيادة المركزية الأمريكية الأدميرال براد كوبر، لمناقشة آليات تنفيذ اتفاق مارس.

ولم تنشر الرئاسة السورية أي معلومات عن لقاء عقد بين الشرع وعبدي، إلا أن مصدراً مطلعاً على سير المباحثات من دمشق، أكد أن لقاء جرى بالفعل بين الشرع وعبدي، نافياً ما قالته محطة تلفزيونية عربية عن أن عبدي طالب خلال الاجتماع بإقليم للأكراد في سوريا، شبيه بذاك الموجود في شمال العراق.

العراق والتعامل مع جميع الفرضيات

ورغم محدودية المواجهات بين القوات الحكومية السورية وقوات "قسد"، إلا أنها تفتح الباب أمام فرضيات وسيناريوهات لتوسع القتال ودخول جهات خارجية في الصراع كإيران وتركيا بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

وخلال الأشهر الماضية، صرح العديد من المسؤولين العراقيين والسوريين بأن أمن البلدين ينعكس بشكل ملحوظ على البلد الجار الآخر، مما يعزز الرأي القائل بأن أي اضطراب في سوريا يؤثر على الاستقرار العراقي.

بهذا الشأن، حذر الخبير والباحث الاستراتيجي علي أغوان من تداعيات المواجهات المستقبلية بين القوات الحكومية السورية وقسد على الأمن القومي العراقي، مؤكدا أن الجانب العراقي مطالب بالتعامل الجدي مع جميع الاحتمالات والفرضيات التي قد تحدث وتؤدي إلى انهيار الوضع الأمني على الحدود العراقية – السورية لتجنب ما حدث في العام 2014.

وقال أغوان في حديث لشبكة "الساعة": إن "أي مواجهات ما بين القوات السورية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) من شأنه أن يفضي إلى تدخل الجانب التركي وإطلاق عملية عسكرية تركية في الشمال السوري، وهذا الأمر من شأنه تعريض الأمن القومي العراقي للمخاطر والتهديدات المباشرة، ولا سيما أن ساحة هذه التوترات والمعارك قد تكون قريبة جدا من الحدود العراقية وتضم سجونًا لكبار المقاتلين والقياديين في تنظيم داعش ومخيم الهول الذي ينظر إليه داعش على أنه الخزان البشري الأفضل لتجنيد المقاتلين"، مبينا أن "هذا المسرح الخطير لأي عمليات تصعيدية مقبلة سيكون على بعد بضعة كيلومترات عن الحدود العراقية".

وأضاف أن "التحوط الاستراتيجي العراقي لتلك الاحتمالات ضروري جدا في الوقت الحالي لمنع أي خرق من الممكن أن يحدث"، مشيرا إلى "أهمية أن يتبنى الجانب العراقي عمليات التنسيق الأمني المباشر مع الجانب السوري الرسمي، وكذلك التنسيق مع قسد استخباريا وتعزيز إجراءات تأمين الحدود ورسم الخطط الدفاعية في مرحلة ما بعد التحالف الدولي بعد رحيل القوات الأمريكية وهو ما يفرض على العراق مضاعفة الجهود الأمنية لسد الفراغ الذي كانت تملؤه القوات الأمريكية ولا سيما في الجانب الاستخباري وتأمين الغطاء الجوي والدعم اللوجستي وغيرها من المساعدات العسكرية التي كان التحالف الدولي يوفرها للعراق".

وشدد أغوان على أن "علم السياسة يفرض بناء السيناريوهات والتعامل الواقعي معها"، مؤكدا على "ضرورة التعامل مع كل الاحتمالات لكي لا نتفاجأ كما تفاجأنا بداعش عام 2014 وحصل الذي حصل آنذاك".

إيران تستغل الصراع

إلى ذلك حذر الباحث في الشأن العراقي غانم العابد من مخاطر دخول إيران على تطورات الساحة في سوريا من خلال تحريك ورقة قسد واستغلالها في خلق الفوضى على الحدود من خلال إطلاق سراح المعتقلين من مسلحي داعش المتواجدين في سجون قوات سوريا الديمقراطية.

وقال العابد في تصريح لشبكة "الساعة": إن "التوتر الأمني بين قسد والقوات السورية له تداعيات خطيرة على الجانب العراقي، إذ إن قسد تمتلك سجونًا تضم آلاف المقاتلين والقياديين من داعش وأن أي اقتتال قد يعطي مساحة من الحرية لقسد لتهريب السجناء تشابه عملية تهريب السجناء كما حصل في التاجي وأبي غريب والتي كان لها الأثر في دخول داعش إلى المدن العراقية".

وأضاف العابد: أن "إيران فقدت كل أوراقها في المنطقة ولم تبقَ إلا الورقة العراقية، وكذلك فإن طهران ترتبط بشكل قوي بقوات سوريا الديمقراطية وحزب العمال الكردستاني عبر التنسيق والتعاون مع الفصائل المسلحة العراقية، وهو ما قد يدفع إلى استغلال إيران لأي توتر عسكري من أجل خلق الفوضى على الحدود العراقية – السورية بغرض الحصول على متنفس من العقوبات الأمريكية والأوروبية الأخيرة والتصعيد الغربي العسكري ضد إيران".

وأوضح أن "الحدود العراقية ورغم تأمينها عبر الحواجز الكونكريتية وكاميرات المراقبة الحرارية إلا أن تدهور الوضع الأمني يؤدي في كثير من الأحيان إلى الخروقات والهفوات التي قد ترتد على الوضع والاستقرار الأمني في العراق نظرا لقربه من السجون التي تضم مقاتلي داعش".

ودعا رئيس إقليم كردستان العراق، نيجيرفان بارزاني، الأكراد السوريين إلى التحرك العاجل نحو دمشق، وفتح مكتب سياسي هناك، مشيراً إلى أن سوريا تواجه فرصتها الأخيرة للانتقال إلى مرحلة جديدة من الاستقرار بعد سنوات من الصراع.

كما دعا بارزاني، حزب العمال الكردستاني "بي كا كا" إلى عدم التدخل بشؤون أكراد سوريا، وحثه على تركهم وشأنهم والانسحاب من شمال سوريا.

وقطعت سوريا خطوات نحو تثبيت الوضع الجديد لكنها لم تبلغ بعد حالة نهائية من الاستقرار السياسي والأمني وهو ما يثير قلق العراق الذي سبق له أن تأثر بشدّة بالوضع القائم في الجوار السوري عندما اتخذ تنظيم "داعش" من الأراضي السورية منطلقا لغزو مناطق عراقية شاسعة واحتلالها انطلاقا من صيف سنة 2014.

وكان العراق شرع ببناء جدار إسمنتي على الشريط الحدودي مع سوريا البالغ طوله نحو 600 كيلومتر مدعم بأسلاك شائكة وكاميرات مراقبة، إلى جانب نشر قوات كبيرة من حرس الحدود والقوات الأخرى لمنع تسلل الجماعات المسلّحة أو انتقالها من العراق.

اخترنا لك