11:53:55 2025-09-19 : اخر تحديث
11:53:55 2025-09-19 : نشر في
فريق التحرير- شبكة الساعة
كثير من الأسئلة يثيرها عراقيون بشأن نفوذ بعض الشخصيات على الصعيد الاقتصادي والسياسي والعسكري في البلاد، ولعل ريان الكلداني زعيم فصيل بابليون هو أبرز تلك الأسماء المثيرة للاستفهام، فمن هو الكلداني وكيف استطاع أن يبني إمبراطورية سياسية وأمنية ومالية في سهل نينوى مسقط رأسه وعموم العراق.
عرف ريان الكلداني لأول مرة في العام 2015، عندما شكل فصيل مسلح انضوى تحت مظلة الحشد الشعبي، وهي أول فصيل مسلح مسيحي تشكل في العراق منذ تغيير النظام عام 2003.
كان الهدف المعلن من تشكيل هذا الفصيل هو محاربة تنظيم "داعش"، لكن سرعان ما تبين أن الغاية الرئيسية هي تحقيق النفوذ والهيمنة والمكاسب السياسية والشخصية.
ريان سالم صادق الكلداني من مواليد 1989 في بلدة القوش في قضاء الحمدانية التابع لمحافظة نينوى، يقود الكلداني حاليا اللواء 50 وهو أحد ألوية الحشد الشعبي ويعرف باسم لواء بابليون، كما يتزعم حركة سياسية بذات الاسم، وبدأ من خلالها يفرض واقعا سياسيا جديدا في العديد من المحافظات، عبر الاستيلاء على مقاعد الكوتا المخصصة للمكون المسيحي، وهو ما يعده المسيحيون مصادرة لحقوقهم السياسية في البلاد على اعتبار أن الكلداني يمنح تلك المقاعد لتمثيل داعميه من القوى الشيعية الإطارية القريبة من إيران.
وجهت للكلداني خلال مرحلة العمليات العسكرية لاستعادة المدن من سيطرة "داعش"، جملة من الانتهاكات لحقوق الإنسان، فاتهم بتعذيب وقتل المدنيين العزل، كما رفع شعارات طائفية تستهدف سكان المدن السنية خلال العمليات العسكرية من قبيل الانتقام من أحفاد يزيد بن معاوية، الأمر الذي دفع الكنيسة الكلدانية في العراق إلى إعلان البراءة منه، ورفضها ادعاءاته تمثيل المسيحيين.
وتؤكد معلومات كشفت عنها مؤسسات دولية أن قوة ونفوذ الكلداني سواء في سهل نينوى أو في عموم العراق، يأتي بسبب الدعم المباشر الذي تلقاه الكلداني من الحرس الثوري الإيراني وقائد فيلق القدس السابق قاسم سليماني.
ومن الناحية السياسية، هيمن الكلداني على مقاعد الكوتا الخاصة بالمكون المسيحي وعددها 4 مقاعد في البرلمان العراقي، كما يمتلك منصب وزارة الهجرة والمهجرين منذ سنوات، كما حصل مؤخرا على 3 مقاعد في مجلس محافظة نينوى ومنصب نائب المحافظ إلى جانب مقعد في مجلس محافظة كركوك، ومقعد في مجلس البصرة، فضلا عن مقعد في برلمان إقليم كردستان، وأغلب الأصوات التي حصل من خلالها الكلداني على تلك المقاعد ترجع إلى أصوات مقاتلي الحشد الشعبي الذين يرغمهم على منح أصواتهم له بالإكراه، إلى جانب أصوات من غير المكون المسيحي من الذين تقدم له الرشاوى أو يخضعون للتهديدات.
وبهذا الخصوص، دعت القوى المسيحية التي شكلت، يوم 13 شباط/فبراير الماضي، "التحالف المسيحي"، ويضم كلاً من "المجلس القومي الكلداني" و"حركة تجمع السريان" و"الاتحاد الديمقراطي الكلداني" و"الجمعية الأرمنية" و"الرابطة الكلدانية العالمية" و"تيار شلاما" و"الهيئة الإدارية لطائفة الأرمن الأرثوذكس"، رئاسة الجمهورية والحكومة والبرلمان، إلى التدخل في سحب الفصائل المسلحة من مناطق سهل نينوى، وإسناد الملف الأمني إلى أبناء المكونين المسيحي والإيزيدي من سكان سهل نينوى.
وذكّر البيان بما تعرّض له مسيحيو العراق سابقاً من "سلسلة من المجازر والجرائم"، والاعتداءات التي نفذتها "التنظيمات الإرهابية مثل القاعدة وداعش، إضافة إلى الفصائل المسلحة والمنفلتة". ودعت إلى "الحفاظ على التنوع الديني والقومي، وتعزيز قيم التعايش المشترك والسلم الأهلي، بما ينسجم مع الدستور العراقي الدائم والاتفاقيات الدولية".
لم يلق هذا النداء المدعوم من الكنيسة الكلدانية وكنائس أخرى وازنة في العراق، أي تجاوب من الحكومة لغاية الآن، رغم اقتران الدعوة إلى سحب الجماعات المسلحة، بعودة سكان سهل نينوى إلى مناطقهم.
وكشفت تقارير لصحف عالمية ومنظمات دولية أن انتشار جماعات مسلحة تابعة لريان الكلداني في مناطق المسيحيين، تشكل العائق الأبرز وراء عدم عودة النازحين إلى مناطقهم في الحمدانية وسهل نينوى.
ويؤكد عضو برلمان إقليم كردستان رامي نوري خضوع منطقة سهل نينوى لسيطرة ونفوذ الفصائل المسلحة، واتهمها بتنفيذ أجندات خارجية لدولة جارة في إشارة إلى إيران، فيما حذر من أن الوجود المسيحي في العراق يواجه خطرا حقيقيا.
وقال نوري في تصريح لشبكة "الساعة": إن "منطقة سهل نينوى تخضع لسيطرة فصائل مسلحة على هامش الدولة اكتسبت شرعيتها خلال الحرب على داعش وبعد التحرير واستتباب الأمن صادرت المنطقة ولم تسلمها لمؤسسات الدولة وظلت تدير الأمور بها أمنيا واقتصاديا وإداريا حسب ما تقتضيه أجندة تلك الفصائل".
وأضاف أن "هنالك جهة محددة تدعي تمثيل المكون المسيحي جزافا على اعتبار أن نفوذها يرجع لقوة السلاح والمال السياسي" في إشارة إلى فصيل بابليون، مبينا أن "هذا الفصيل يوظف سلطته في فرض أجندة إقليمية وطائفية وخارجية، ويختزل التمثيل المسيحي وعن طريق هذا الاختزال يوظف نفوذه لخدمة دولة جارة متناسيا مصلحة الشعب ومصلحة الدولة"، حسب تعبيره.
وأكد نوري أن "عودة أبناء المكون المسيحي إلى مناطقهم في سهل نينوى مرهون بوجود سلطة القانون ومؤسسات الدولة والتي تغيب اليوم كليا، إلى جانب عوامل أخرى تحول دون عودة النازحين كغياب الشعور بالاستقرار والوضع الاقتصادي المتردي وانعدام فرص العمل وسوء الوضع المعاشي والخدمي والتهميش الذي يتعرض له المسيحيون حتى من خلال القوانين النافذة، إذ إن المواطن المسيحي يعيش في ظل تجاهل كبير لحقوقه المسلوبة".
ولفت إلى أن "حل مشاكل المكون المسيحي وعودة النازحين لن تكون بالكلمات والبيانات السياسية والحكومية وإنما عبر تنفيذ الوعود الضامنة للحقوق على أرض الواقع"، مشدداً على "ضرورة أن تكون الحلول لمشاكل المسيحيين العراقيين وطنية عراقية"، ولكنه نوه إلى أن "غياب تلك الحلول سيدفع المسيحيين إلى طلب تدويل قضيتهم ولا سيما وأنها ترتبط بمصيرهم ومستقبلهم ووجودهم".
ووجه رئيس الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم المطران لويس ساكو في أوقات سابقة اتهامات متكررة لريان الكلداني بالسعي إلى مصادرة حقوق المكون المسيحي لتحقيق مكاسب سياسية وشخصية، كما اتهمه بالاستيلاء على أراضي وأملاك المسيحيين في العاصمة بغداد ومحافظتي البصرة ونينوى ولا سيما في منطقة سهل نينوى التي تعد الموطن الأبرز للمسيحيين في العراق.
لكن النفوذ المتنامي للكلداني قاد إلى إبعاد ساكو عن رئاسة الكنيسة الكلدانية في العراق عن موقعه بعد ضغوطات مارسها على رئيس الجمهورية الذي قام بدوره في إلغاء المرسوم الجمهوري الخاص بهذا المنصب، ما أثار موجة رفض واسعة رسمية وشعبية محلية إلى جانب الرفض الدولي.
ويشغل شقيق ريان الكلداني المدعو أسوان الكلداني منصب نائب في البرلمان ورئيس كتلة بابليون النيابية، كما يشغل شقيقه الآخر أسامة الكلداني منصب نائب قائد عمليات نينوى للحشد الشعبي قبل أن يتم إبعاده عن المنصب مؤخرا بسبب مخالفات شخصية وأخلاقية.
تؤكد مصادر خاصة لشبكة "الساعة": إن "الكلداني بدأ بتأسيس شبكة اقتصادية واسعة في عموم البلاد، ترتكز على الاستثمار في التجارة والمقاولات والإنشاءات وسلسلة الفنادق والمطاعم وقاعات الأعراس ومنها قاعة عرس الحمدانية التي شهدت فاجعة حريق الحمدانية قبل عامين وراح ضحيتها نحو 100 شخص".
وتشير المصادر إلى أن وزارة الهجرة تعد إحدى الموارد التي تدر ملايين الدولارات شهريا على الكلداني من جراء العقود التي تبرمها الوزارة بذريعة شراء سلات غذائية ومواد طبية وصحية للنازحين.
وعلى صعيد النفوذ الإداري، أكدت المصادر أن بابليون باتت الرقم الأصعب في محافظة نينوى، فهي التي تشكل الحكومة المحلية وبإمكانها سحب الثقة عن المحافظ متى تشاء، ولا سيما أنها لوحت بهذا الأمر قبل أشهر عندما كان المحافظ عبد القادر الدخيل يرفض التوقيع على تعيين رؤساء الوحدات الإدارية، لكنه اضطر للتوقيع عليهم بضغط من بابليون خشية إقالته من المنصب.
وتشير تلك المصادر إلى أن الكلداني يفرض نفوذه حاليا على جميع الدوائر والمؤسسات في المحافظة، سواء الخدمية والإدارية والأمنية، كما أنه يفرض نفوذا عسكريا على مناطق سهل نينوى وبعض مناطق الموصل من الجهة الشرقية والشمالية الشرقية، ويمنع بقوة سلاح فصيله البناء على آلاف الأراضي السكنية رغم امتلاك أصحابها سندات رسمية من التسجيل العقاري، منوهة إلى أن زعيم بابليون يفرض مبالغ مالية على كل صاحب أرض يريد البناء لا يقل عن ألفي دولار مقابل السماح لكل شخص بالبناء على أرضه.
وعلى خلفية أنشطة الكلداني، صنفته الولايات المتحدة الأمريكية على لوائح الإرهاب وقائمة منتهكي حقوق الإنسان في 18 تموز/يوليو 2019 هو وأخوه أسامة الكلداني.
واتهم معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى ريان الكلداني العمل على تزوير الانتخابات البرلمانية لعام 2025، من خلال العمل على تكرار التكتيكات نفسها التي مكنته من السيطرة على مقاعد الكوتا المسيحية في الانتخابات البرلمانية لعام 2021 وانتخابات مجالس المحافظات لعام 2023.
وقال تقرير للمعهد الأمريكي: إن "الكلداني أصدر مؤخراً تعليمات تلزم كل عضو من أعضاء وحدات (حماية سهل نينوى) بجمع خمسٍ وعشرين بطاقة انتخابية من أصدقائه وأقاربه، ليستخدمها لاحقاً للتصويت لصالح مرشحيه، أما بالنسبة للجنود المسلمين العاملين ضمن اللواء، فقد طُلب منهم جمع خمسين بطاقة انتخابية لكل أسرة، وقد تم تهديد غير الممتثلين بإنهاء خدمتهم أو تغريمهم مالياً بمبلغٍ يُقدر بنحو 66 دولاراً عن كل بطاقة لم يتم توفيرها، ما دفع العديد من الجنود المسيحيين إلى التفكير جدياً في الاستقالة".
وتُفيد التقارير بأن أفراد اللواء يُجبرون أيضاً على التفاعل مع محتوى الكلداني على وسائل التواصل الاجتماعي، تحت طائلة حجب رواتبهم الشهرية.
وعلى صعيد سطوة الكلداني الإعلامية، تشير المعلومات إلى أنه يمتلك عشرات المنصات في مواقع التواصل الاجتماعي التي تعمل على الترويج له ولسياسات حركته "بابليون"، إلى جانب قناة فضائية يمتلكها وهي قناة الأولى التي تبث عبر مقرين رئيسيين الأول في العاصمة بغداد والثاني في مدينة الموصل.
كما أن الفصائل المسلحة التابعة للكلداني سبق وأن لاحقت واستهدفت المعارضين لسياسات وأنشطة بابليون غير القانونية في محافظة نينوى، إذ هاجم مسلحون تابعون لبابليون في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، الصحفي جمال البدراني مراسل قناة الشرقية في الموصل واعتدوا عليه بالضرب المبرح دون أن تقوم السلطات الحكومية والقضائية من محاسبة مرتكبي ذاك الاعتداء، الذي جاء بسبب معلومات كشفها البدراني عن تغلغل ونفوذ أشخاص يتبعون الكلداني في مديرية تربية نينوى وسيطرتهم على المواقع المهمة فيها.
وبحسب مصدر في نينوى رفض الكشف عن اسمه فإن "أغلب الشخصيات من الناشطين والمواطنين وحتى المسؤولين ورجال الدين المسيحيين يخشون انتقاد الكلداني ولو بطريقة غير مباشرة، إذ يؤكدون أن فصيل بابليون يستهدف أي شخص، رجل كان أو امرأة حال انتقاده للكلداني وحركته".
ومؤخرا، وصف موقع "CatholicVote" المرتبط بالكنيسة الكاثوليكية في الولايات المتحدة، زعيم فصيل "بابليون" بأنه مختلّ عقليًا ومجرم كبير وفاسد.
وينقل الموقع تقريرًا ميدانيًا من سهل نينوى يفيد بأن الكلداني يُعرّض مسيحيّي العراق لخطر كبير بسبب تحالفه مع إيران والفصائل المسلحة التابعة لها، وتدخله في حياتهم.
ويمتلك الكلداني – وفقًا للتقرير – وسائل إعلام من أموال فاسدة يحصل عليها، أبرزها قناة "الأولى" التي يُسخّرها بشكل غير أخلاقي، وطالب الموقعُ الرئيسَ ترامب بوضع حدّ للكلداني، الذي وصفه بأنه مرفوض من المجتمع المسيحي في نينوى والعراق عمومًا.
2024-07-24 11:29:54
محامية عراقية ضمن حملة ترامب!
2024-07-24 11:25:30
الحكومة العراقية تنفي صلتها بصفحات "التطبيل"
2024-07-24 11:21:23
طائرات مسيرة تجوب سماء العاصمة بغداد وتقصف مخزن أسلحة يتبع فصيلا مسلحا
2024-07-24 11:17:27
اتهامات للسياسيين السنة بالمتاجرة بنازحيهم