صورة الخبر

13:19:07 2025-09-18 : اخر تحديث

13:19:07 2025-09-18 : نشر في

أمريكا تصعّد: إدراج فصائل عراقية على لائحة الإرهاب.. ماذا بعد؟

حجم الخط

فريق التحرير- شبكة الساعة

يبدو أن القرار الأمريكي الأخير بشأن إدراج فصائل عراقية مسلحة على لائحة الإرهاب لم يكن بالأمر الجديد والغريب، ولكن تداعياته هذه المرة ستكون واضحة لا سيما وأنها تأتي في ظل التصعيد الأمريكي – الإسرائيلي ضد إيران ومحورها في المنطقة والذي يندرج فيه المجاميع المسلحة العراقية.

وتأتي الخطوة الأمريكية في سياق تضييق الخناق على الجانب الإيراني وإرغامه على التنازل عند الشروط الأمريكية بشأن البرنامج النووي والصواريخ الباليستية، خاصة وأن الكثير من المؤشرات تفيد بإمكانية استئناف الحرب مجددا بين إيران من جهة والولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي من جهة أخرى.

ويؤكد مراقبون للشأن العراقي أن التصنيف الأخير من شأنه أن يمهد لضربة عسكرية قادمة لتلك الفصائل خاصة وأنها مدرجة مسبقا ضمن بنك الأهداف الأمريكية والإسرائيلية على اعتبارها جماعات استهدفت المصالح الأمريكية والكيان الإسرائيلي عقب أحداث 7 أكتوبر في غزة، كما أنه يفتح المجال لمحاصرتها سياسيا بعد تصاعد نفوذها داخل مؤسسات الدولة العراقية ولا سيما مجلس النواب، في حين يحذرون من تداعيات هذا القرار من زاوية خلق حالة من الفوضى التي قد تلجأ لها تلك الفصائل كرد على أي تصعيد أمريكي مقبل ضدها.

وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أمس الأربعاء إدراج 4 فصائل مسلحة حليفة لإيران على لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية.

وقالت الخارجية الأمريكية في بيان: إنها "صنّفت كلا من حركة النجباء، وكتائب سيد الشهداء، وحركة أنصار الله الأوفياء، وكتائب الإمام على أنها منظمات إرهابية أجنبية".

وأضاف البيان: أن "إيران تواصل تقديم الدعم الذي يمكن هذه الفصائل من التخطيط لهجمات أو تسهيلها أو تنفيذها مباشرة في جميع أنحاء العراق"، لافتا إلى أن "هذه الفصائل شنت هجمات على السفارة الأمريكية في بغداد وقواعد تستضيف قوات الولايات المتحدة وقوات التحالف، مستخدمة عادة أسماء مستعارة أو جماعات بالوكالة للتعتيم على تورطها".

وبحسب البيان فإن "الإجراء الأمريكي يدعم مذكرة الأمن القومي الرئاسية رقم 2 للرئيس دونالد ترامب، والتي تُلزم بممارسة أقصى قدر من الضغط على إيران لقطع التمويل عن النظام ووكلائه وشركائه الإرهابيين"، مؤكدا أن "الولايات المتحدة ستواصل استخدام جميع الأدوات المتاحة لحماية مصالح أمنها القومي وحرمان (الإرهابيين) من التمويل والموارد".

وعقب قرار الخارجية الأمريكية، أصدرت وزارة الخزانة الأميركية، تحديثاً لسجلاتها بناءً على تصنيف 4 فصائل عراقية كمنظمات إرهابية، إذ أدرجت الخزانة الفصائل الـ 4 ضمن لائحة العقوبات، مبينة أن "الفصائل المذكورة كانت مصنفة كـجهات إرهابية عالمية بشكل خاص وهو تصنيف أقل خطورة مقارنةً بتصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية الذي صدر أمس".

دعوة أمريكية لإدراج المزيد من الفصائل

بالتزامن مع ذلك، أعرب عضو مجلس الشيوخ الأمريكي، الجمهوري جو ويلسون، عن امتنانه للرئيس الأمريكي لتصنيف فصائل عراقية مسلحة مدعومة من إيران كمنظمات إرهابية، وذلك بناء على طلب سابق وجه من ويلسون له، في تطورٍ جديد قد يمهد لمرحلة أكثر خطورة.

وأشار ويلسون إلى أن "استجابة السلطات الأمريكية جاءت بناء على طلب سابق مقدم ضمن قانون تحرير العراق من نفوذ إيران"، موضحا أن "هذا التصنيف سيمنح المدعين العامين الأمريكيين أدوات قانونية لتجفيف منابع التمويل التي تستخدمها هذه الجماعات".

 ودعا عضو مجلس الشيوخ الأمريكي إلى "تصنيف منظمة بدر بزعامة هادي العامري كمنظمة إرهابية مدعومة من إيران في العراق لأنها تلعب دوراً محوريا في ما وصفه بالنفوذ الإيراني المتصاعد داخل العراق".

الفصائل تواصل تحدي واشنطن

 وفي ردود الفصائل العراقية المسلحة على التصنيف الأمريكي، قال المتحدث باسم كتائب سيد الشهداء كاظم الفرطوسي، إن "الكتائب كانت معاقبة من الخزانة الأميركية، واليوم تمت معاقبتها من قبل وزارة الخارجية الأميركية"، مبينا أن "هذه العقوبات لن يكون لها تأثير باعتبار أن الفصائل ليس لديها علاقات ومصالح اقتصادية خارجية"، حسب قوله، مؤكدا أن "العقوبات الأمريكية تطال كل من يعارض السياسات الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة".

من جانبه قال المعاون العسكري لحركة النجباء، عبد القادر الكربلائي أن "حركته لن تتخلى عن ما وصفه بطريق الحق والعدل والعزة والكرامة، وستبقى القدس رمز مقاومتها".

كما علقت كتائب الإمام علي، على القرار الأميركي، وقال القيادي في الكتائب أبو علي الكروي: إن "الولايات المتحدة تستمر كعادتها وبنفس نهجها العدائي الإجرامي المتكرر بتصنيف جبهة الحق والكرامة المدافعة عن قضايا الأمة الإسلامية وحقوقها للتخلص من الهيمنة (الصهيوأمركية) على المنطقة، على أنها منظمات (إرهابية)، وكأن أمريكا أصيبت بالعمى عن الإرهاب الصهيوني اليومي والممنهج الذي يذبح ويزهق أرواح آلاف الأبرياء المدنيين العزل في غزة ولبنان واليمن وغيرها من الدول، فضلاً عن سياسية التجويع التي تمارس من قبل النتن وترامب"، مؤكدا عزم كتائب الإمام علي على "تحقيق النصر عبر مواصلة نهج (قادة النصر) قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس".

خطوات أمريكية مقبلة

ويتوقع أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية عصام الفيلي أن التصنيف الأخير قد يتبعه خطوات أمريكية لإنهاء النفوذ السياسي داخل العراق لتلك الفصائل بعد إنهاء نفوذها العسكري.

وقال الفيلي في تصريح لشبكة "الساعة": إن "وضع الفصائل ضمن الإرهاب الأجنبي يأتي في سياق استهداف المحور الإيراني خاصة أن أمريكا تعتبر هذه الفصائل وبقائها تحدٍ أكبر للعلاقة مع بغداد التي يفترض أن تكون قائمة على أساس المصالح المشتركة".

ولم يستبعد الفيلي: "استهداف هذه الفصائل عسكريا في المرحلة المقبلة لأنها أصلا مدرجة ضمن بنك الأهداف الأمريكية والإسرائيلي على اعتبار أن هذه الفصائل تعتبر خطرا على ليست على العراق والمصالح الأمريكية فيه وإنما على الأمن والاستقرار في المنطقة".

وأشار الفيلي إلى أن "التصنيف الأمريكي من شأنه أن يحرج العملية السياسية الحالية في العراق وذلك لأن هذه الفصائل دخلت وشاركت في العملية السياسية والبرلمان والانتخابات المقبلة"، مرجحا أن "واشنطن تسعى لأنهاء النفوذ السياسي لتلك الجماعات في المرحلة المقبلة".

تداعيات استهداف الفصائل

أما الباحث في الشأن السياسي غانم العابد فحذر من تداعيات القرار الأمريكي واستهداف الفصائل العراقية القريبة من إيران، لافتا إلى أن الفصائل لا قدرة لها على مواجهة الولايات المتحدة، ولكنها ستعمل وبدعم إيراني على خلق الفوضى في الداخل العراقية أو على الحدود العراقية السورية.

وقال العابد في حديث لشبكة "الساعة": إن "الفصائل المدرجة ضمن قرار الخارجية الأمريكية في لائحة الإرهاب الأجنبي كانت مدرجة ضمن قوائم الإرهاب المحلي والدولي"، مبينا أنها "جاءت استمرارا لسياسية الضغط القصوى التي اتبعتها واشنطن ضد إيران ومحورها في المنطقة، فيما رجح أن تكون هذه الفصائل هدفا عسكريا مقبلا".

وأضاف: أن "الفصائل المسلحة الموالية لإيران في العراق لا تملك القدرة على مواجهة الولايات المتحدة ولكنها ستعمل في حال استهدافها على خلق الفوضى في الداخل العراقي أو على الحدود مع سوريا بدعم من إيران وذلك لإشغال الجانب الأمريكي عنها في المرحلة المقبلة".

قرار أحادي لا يحمل صفة الإلزام الدولي

في حين قلل النائب عن الإطار التنسيقي مختار الموسوي من أهمية القرار الأميركي، لأنه لا يمتلك صفة الإلزام الدولي، بل هو صدر بشكل أحادي الجانب من الولايات المتحدة.

وقال الموسوي في تصريح صحفي تابعته شبكة "الساعة": إن "القرار القاضي بإدراج 4 فصائل عراقية على لائحة ما يسمى بـالمنظمات الإرهابية، خطوة أحادية الجانب ولا تمثل قراراً دولياً ملزماً".

وأضاف أن "الولايات المتحدة اعتادت على إصدار قرارات انفرادية تستهدف فصائل أو شخصيات عراقية لأسباب سياسية ترتبط بمصالحها وأجنداتها في المنطقة، وهي قرارات لا تستند لأي غطاء أممي أو شرعية دولية، خاصة أن القرارات التي تتخذ خارج إطار مجلس الأمن الدولي، تظل ذات طابع سياسي أكثر من كونها قانونية".

وأشار الموسوي إلى أن "هذه الفصائل هي جزء من المشهد العراقي، وبعضها يتمتع بصفة رسمية ضمن هيئة الحشد الشعبي التي شرعت بقانون من البرلمان العراقي، وبالتالي فإن استهدافها بهذه الطريقة لا يؤثر على شرعيتها الداخلية"، لافتا إلى أن "القرار يحمل أبعاداً تتعلق بالضغط على الحكومة العراقية في ملفات معينة، لكنه لا يلزم الدولة العراقية ولا ينتقص من سيادتها أو من مكانة الفصائل المستهدفة".

اخترنا لك