08:52:17 2025-10-11 : اخر تحديث
05:58:02 2025-10-10 : نشر في
أنس السالم - شبكة الساعة
تعود المخاوف الإقليمية والدولية من جديد مع تصاعد الحديث عن احتمال توجيه "إسرائيل" ضربة عسكرية إلى إيران، في ظل مشهد إقليمي متوتر تزداد فيه التقديرات والتكهنات حول عودة الصراع بين الطرفين، خاصة بعد سلسلة من التطورات الميدانية والسياسية التي أعادت الملف الإيراني إلى صدارة المشهد.
ويرجح محللون أن المنطقة قد تكون على أعتاب مرحلة جديدة من التصعيد، في حال فشل الجهود الدبلوماسية بالتوصل إلى اتفاق يحد من التوتر القائم، فبعد حرب الاثني عشر يومًا التي شكّلت نقطة تحول في طبيعة المواجهة غير المباشرة بين طهران وتل أبيب، يبدو أن إيران دخلت مرحلة من الانكفاء على نفسها، وسط تراجعٍ ملحوظ في نفوذها الإقليمي وتزايد الضغوط السياسية والاقتصادية والعسكرية المفروضة عليها.
ويخشى مراقبون أن يؤدي هذا الواقع إلى تحرك "إسرائيلي" استباقي يستهدف المواقع النووية مجددا أو البنى العسكرية الإيرانية الحساسة، خصوصًا مع تصاعد "الخطاب الإسرائيلي" الذي يؤكد عدم السماح لإيران بامتلاك قدرات نووية عسكرية، في مقابل إصرار طهران على المضي في تطوير برنامجها النووي ضمن ما تصفه بالحقوق السيادية.
وفي ظل هذه الأجواء المشحونة، تتجه الأنظار نحو المنطقة مترقبةً أي إشارة قد تُنذر بانفجار جديد، قد لا يقتصر على حدود المواجهة بين إيران و"إسرائيل"، بل يمتد بتداعياته إلى دول الجوار وأبرزها العراق في وقتٍ تتكثف فيه التحركات الدبلوماسية الدولية لمنع انزلاق الأوضاع نحو مواجهة مفتوحة يصعب التحكم بنتائجها.
قال الباحث في الشأن السياسي والاستراتيجي، فراس إلياس لشبكة "الساعة"، إن "كل المؤشرات تقول إننا اليوم أمام نوع من التصعيد الذي ستشهده المنطقة في المرحلة المقبلة، خصوصًا أن هناك مشهدًا عسكريًا غير مكتمل بين إيران وإسرائيل، وبالتالي، فإن الرؤى التي يركن إليها الكثير من المحللين تذهب باتجاه أن هذا المشهد العسكري لا بد وأن يكتمل بالإطار الذي يعيد تشكيل الترتيبات والتوازنات الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط".
وأضاف أن "بقاء المشهد الحالي دون وجود منتصر واضح وخاسر واضح، ودون وجود رؤية إقليمية موحدة تؤسس لمرحلة مقبلة، يعني أننا نتجه نحو مرحلة من التصعيد، ليس بالضرورة أن يكون تصعيدًا عسكريًا، وإنما قد يكون تصعيدًا سياسيًا يعيد حسابات كل طرف من أطراف الصراع".
ورجح أن "يتراجع أحد الطرفين (إيران وإسرائيل) خطوة إلى الوراء، بينما يتقدم الطرف الآخر الذي تمكن من تحقيق تقدم سياسي في إعادة تشكيل المنطقة من جديد".
وزاد أن "الموضوع لا يتعلق بالسقوف الزمنية بقدر ما يتعلق بمدى قدرة أي طرف من طرفي الصراع على الصمود لأطول فترة ممكنة"، مرجحا أن "تلعب الولايات المتحدة الأمريكية دورًا كبيرًا جدًا في هذا السياق".
وتابع أن "إيران، تمارس عملية النأي عن أي صدام مباشر"، مبيناً أن "كل التحضيرات العسكرية الإسرائيلية اليوم، تقابلها إيران بجهود واضحة لخلق ما يسمى باستراتيجية ردع خاصة بها، خصوصًا بعد انهيار الاستراتيجية السابقة وذهاب إسرائيل باتجاه نقل الحرب إلى داخل إيران".
واستطرد أن "تصريحات المرشد الإيراني علي خامنئي وقيادات الحرس الثوري ما زالت تراهن على الخيار السياسي، لكن هذا لا يعني أنها تستبعد الخيار العسكري بشكل كامل، إذ إن هناك تداعيات كبيرة جدًا مرت بها إيران ومرّ بها محور المقاومة بشكل عام لذلك أعتقد أن الذهاب باتجاه إنتاج خيار سياسي يمكن أن يعيد التوازن لإيران يمثل قيمة أكبر لها من الذهاب نحو صدام مباشر".
وبشأن السيناريوهات المتوقعة، أشار إلياس وهو باحث متخصص بالشأن الإيراني، إلى "سيناريوهات مفتوحة، منها الذهاب باتجاه عقد صفقة جديدة بين إيران والقوى الكبرى، وتحديدًا مع الولايات المتحدة الأمريكية، في الساعات أو الأيام الأخيرة، أو قد نتجه نحو تصعيد محدود بين إيران وإسرائيل، بالإطار الذي يعيد ترتيب المنطقة من جديد ويعيد تحديد السقوف السياسية لأي مفاوضات لاحقة، أما سيناريو الحرب المفتوحة، فأراه مستبعدًا، على اعتبار أن جميع أطراف الصراع، حتى الجانب الأمريكي، لا يراهنون على هذا الخيار".
ولفت إلى أن "العراق، سيكون المتأثر الأكبر من هذه الأحداث، خصوصًا بعد سلسلة الضغوط التي مورست على إيران في الفترة السابقة، وتحديدًا في مرحلة ما بعد الحرب ذات الـ 12 يومًا، من خلال تصنيف العديد من الفصائل المسلحة كجماعات إرهابية أو تهديد العراق بضرورة خلق مسافة أمان عن طهران، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات الاقتصادية، واستيراد الطاقة، وحتى ملف قانون الحشد الشعبي".
واختتم إلياس حديثه بالقول: إن "هذه الإجراءات تأتي ضمن تحضير سياسي وعسكري مقبل حيال إيران، ونتحدث هنا عن تحضير من الجانب الأمريكي تحديدًا، وبالتالي، هذا لا يعني أن العراق مستبعد من التداعيات في حال اندلاع أي مواجهات في المرحلة المقبلة، لأن كل طرف من أطراف الصراع يمتلك هامش تأثير داخل الساحة العراقية، وقادر على تحريكها بما يؤثر على حسابات الطرف الآخر".
من جهته قال الباحث والمتخصص في مجال العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية، علي أغوان، لشبكة "الساعة"، إن "المشهد الجيوسياسي ما يزال منقوصًا حتى الآن"، مبيناً أن "الحرب التي مضت، كانت بمثابة اختبار، وشهدت مفاجآت ومفارقات في موازين القوة، خصوصًا لدى الجانب الإسرائيلي الذي لم يتوقع هذا المستوى المتقدم من القدرات الصاروخية الإيرانية".
وأوضح أن "الإسرائيليين كانوا يعتقدون أن الإمكانيات الإيرانية أقل بكثير، خاصة بعد الضربات الاستباقية التي تم تنفيذها داخل العمق الإيراني قبل بدء هذه العملية، ولهذا توقفت الحرب".
وأضاف أن "عملية إيقاف الحرب ارتبطت بمجموعة من التسويات، وخلال المدة التي تلت توقفها وحتى الآن، قامت العديد من الجهات على الأرض بإعادة ترتيب أوراقها وبدأت بإجراء حسابات استراتيجية لاحتمالية إعادة اندلاع الحرب من جديد".
وتابع أن "من بين هذه الجهات حزب الله في لبنان، إذ توجد مؤشرات كبيرة على أنه أعاد ترتيب وضعه من جديد خلال هذه الفترة، بالإضافة إلى أن إيران دخلت موجة جديدة من العقوبات الدولية، وهذه العقوبات ستخضع لسياقات زمنية معينة وصولًا إلى احتمالية الذهاب نحو الخيار الخشن إذا ما كانت الخيارات الداعمة غير قادرة على العمل في هذا الإطار".
وبيّن أن "هناك فرقًا بين وجهتي نظر أساسيتين، وغالبًا ما تتقدّم إحداهما على الأخرى في بعض الأحيان، وتتراجع في أحيان أخرى"، موضحا أن "وجهتي النظر المقصودتين هما: وجهة نظر نتنياهو تجاه الشرق الأوسط، والتي تشمل هدم الشرق الأوسط بالكامل وإعادة بنائه من جديد، في إشارة إلى الدول والكيانات التي يسعى لتقويض نفوذها، بدءًا من حماس، مرورًا بحزب الله، والجماعات في سوريا، والعراق، وصولًا إلى النظام الإيراني، وقبلهم جماعة الحوثي".
وتابع أن "من وجهة نظر نتنياهو، فإن هذه الأنظمة والقوى السياسية في المنطقة، الداعمة لما يُعرف بمحور المقاومة، يجب إزاحتها من السلطة، لأن إسرائيل تتعامل بمنطق الهيمنة الواضحة تجاه المنطقة بأكملها".
وأردف أغوان، وهو أستاذ العلوم السياسية في جامعة الموصل، أن "وجهة النظر الأخرى تتقاطع جزئيًا مع وجهة نظر نتنياهو، وهي وجهة نظر الولايات المتحدة الأمريكية، التي لا تريد هدم الشرق الأوسط بالكامل، بل تسعى إلى إعادة صياغة سلوكيات بعض الدول، مثل العراق وإيران بالدرجة الأساس، لأنها تحتاج إلى الأدوار الوظيفية التي تمارسها هذه القوى السياسية في تلك المناطق".
وأكد أن "وجهتي النظر تشهدان صعودًا وهبوطًا، فتارةً ترتفع الأولى عند الإسرائيليين، وتارةً تتقدم الثانية عند الأمريكيين، تبعًا للظروف والمتغيرات".
وختم الباحث بالقول إننا "اليوم أمام مشهد يتقبل إعادة الحرب ويتقبل إعادة المواجهة من جديد، وإن الحديث عن سقوف زمنية واضحة أمر صعب جدًا، ولذلك لا يمكن وضع الأمور ضمن جدول زمني محدد".
من جانبه، قال الخبير بالشؤون الدولية، غازي فيصل، إنّه "إلى الآن لم تظهر الولايات المتحدة الأمريكية أي قرار من البنتاغون أو من الكونغرس أو من الإدارة الأمريكية بشأن شن عمليات عسكرية ضد إيران".
وأوضح فيصل خلال حديثه مع شبكة "الساعة"، أن "التصريحات الصادرة عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والإدارة الأمريكية كانت تشير إلى أنه إذا ما استمرت إيران بإعادة بناء المفاعلات النووية، فسيتم تدميرها"، مؤكدًا أن "إيران لا يسمح لها بامتلاك سلاح نووي".
وتابع أن "هناك احتمالات للضغط من أجل تصفية المسألة وفق النموذج الليبي، بمعنى أن تُسلّم إيران المفاعلات النووية والمعدات والأجهزة والمختبرات وكل ما يتعلق بالبرنامج النووي الإيراني للإدارة الأمريكية".
وأضاف أنه "حتى هذه اللحظة لا يوجد قرار بشن الحرب على إيران"، مشيرًا إلى أن "واشنطن تستمر في توجيه الضغط الكبير من خلال العقوبات الاقتصادية الأمريكية على إيران، وهي ما تُعرف بعقوبات الضغط الأقصى، إلى جانب العقوبات التي فرضها مجلس الأمن الدولي والتي تم تفعيلها مؤخرًا، وتشمل عقوبات اقتصادية وتكنولوجية وعلمية صارمة على إيران لمنعها من الوصول إلى امتلاك سلاح نووي".
وبيّن أن "الإدارة الأمريكية في الوقت نفسه تضمن أمن حلفائها في الخليج العربي، وتستمر في تنسيق عالِ المستوى لتطبيق خطة ترامب للسلام في غزة كما في لبنان أيضًا، فضلًا عن دعم النظام السوري الجديد من أجل أن يشكّل نقلة مهمة جدًا نحو الاستقرار والضغط على الحكومة السورية بعدم السماح بمشاركة التنظيمات أو الفصائل المسلحة المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني أو أي فصائل أخرى في الانتخابات المقبلة".
وأردف فيصل قائلاً: إن "إيران اليوم بعد حرب الـ 12 يومًا، وبعد تدمير المفاعلات النووية الرئيسة وتصفية عدد كبير من العلماء والقيادات العسكرية وقيادات الحرس الثوري والهجمات التي شملت الداخل الإيراني أصبحت في موضع العجز العسكري وعدم القدرة على الرد".
وأشار إلى أنّه "رغم وجود تصريحات إيرانية تتحدث عن الصواريخ بعيدة المدى والرؤوس المتعددة وغيرها، إلا أن إيران تحاول الارتقاء بمنظومات الدفاع الصاروخي، لكنها لا تمتلك قوة جوية حقيقية".
وأكد أن "إيران الآن، تشتري طائرات ومنظومات جديدة، إلا أنها ستكون جاهزة للاستخدام بعد 3 إلى 4 سنوات"، لافتا إلى أن "التقديرات العسكرية تشير إلى أن إيران فقدت قدرتها على الردع التي كانت تمتلكها قبل السابع من أكتوبر، كما فقدت قدرتها على إدارة وتنظيم الفصائل المسلحة كما كانت قبل أكتوبر، سواء في العراق أو في سوريا أو في لبنان أو حتى في اليمن بالنسبة لجماعة الحوثي".
وأضاف أن "إيران اليوم تنكفئ على نفسها لمحاولة إعادة ترتيب أوراقها الداخلية، ولمواجهة مختلف أشكال التحديات الاقتصادية والسياسية والأمنية التي تعاني منها"، مؤكدًا أن "إيران لا يمكنها إعادة بناء برنامجها النووي في ظل الحصار المفروض عليها من مجلس الأمن والولايات المتحدة الأمريكية".
وبيّن فيصل أن "روسيا أو الصين قد تشاركان في إعادة بناء القدرات النووية الإيرانية، لكنه يعتقد أن أي محاولة من هذا النوع ستتعرض للتدمير كما حدث مع المفاعل النووي العراقي عام 1981 الذي دمرته إسرائيل، ثم أعيد بناؤه وتعرض للتدمير مجددًا في حرب عام 1991 على يد الطيران الأمريكي".
وزاد أن "الحكومة العراقية لا تمتلك قدرات عسكرية للمبادرة أو الدخول في عمليات هجومية، وهي محددة دستوريًا فقط بحق الدفاع عن النفس وضمان الأمن القومي الوطني".
واستطرد أن "الدستور العراقي لا يجيز للعراق المشاركة في عمليات عسكرية مرتقبة أو أحداث حربية خارجية، وأن الجيش العراقي محدد بمهام تتعلق بضمان الأمن الوطني وأمن الحدود والمجتمع فقط، وليس الذهاب إلى عمليات عسكرية هجومية".
ولفت إلى أنه "رغم وجود تقديرات ومعلومات تشير إلى تهديدات بتوجيه ضربة للفصائل المسلحة أو اندلاع حرب نووية بين إيران ودول أخرى، إلا أن العراق من الناحية الدستورية سيكون بعيدًا عن المشاركة في أي حرب أو أزمة عسكرية قد تندلع بين إسرائيل وإيران أو بين واشنطن وطهران".
واختتم غازي فيصل بالقول: إنّه "في حال اندلاع الحرب، سيكون للفصائل المسلحة موقفا آخر بفعل تحالفها مع إيران وطبيعة الترابط العقائدي بينها وبين مرجعيتها الدينية المتمثلة بعلي الخامنئي".
: كلمات مفتاحية
2024-07-24 11:29:54
محامية عراقية ضمن حملة ترامب!
2024-07-24 11:25:30
الحكومة العراقية تنفي صلتها بصفحات "التطبيل"
2024-07-24 11:21:23
طائرات مسيرة تجوب سماء العاصمة بغداد وتقصف مخزن أسلحة يتبع فصيلا مسلحا
2024-07-24 11:17:27
اتهامات للسياسيين السنة بالمتاجرة بنازحيهم