صورة الخبر

17:07:26 2025-06-10 : اخر تحديث

17:07:26 2025-06-10 : نشر في

هل سلم الشرع أرشيف المخابرات السورية الخاص بالعراق إلى الشابندر؟

حجم الخط

سيف العبيدي ـ شبكة الساعة

يبدو أن تعامل الإطار التنسيقي الحاكم في العراق العلني مع الملف السوري يختلف كثيرا عن خطاب الإطار المعروف والذي اتصف بالتصعيد ضد الإدارة الجديدة في سوريا ورئيسها أحمد الشرع منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد نهاية العام الماضي 2024.

وعلى الرغم من أن العراق لم يبادر بإرسال وفود رسمية دبلوماسية إلا أن الزيارة الأخيرة لمبعوث رئيس الوزراء عزت الشابندر إلى سوريا من المتوقع أن تمهد لفتح علاقات جديدة بين البلدين، ولا سيما أن الشابندر تربطه بالشرع علاقة شخصية سابقة كما صرح بذلك مرارا في وسائل الإعلام.

لكن الزيارة حملت لغزا وملفا شائكا تمثل بتسليم أرشيف المخابرات السورية الخاص بالملف العراقي، والذي من شأنه كشف أسماء القيادات العراقية التي كانت تعمل لصالح المخابرات السورية وتنفذ العديد من العمليات التي تستهدف الأمن العراقي في السنوات الماضية.

وأمس الاثنين، أفادت الرئاسة السورية بأن الرئيس أحمد الشرع استقبل في قصر الشعب بدمشق عزت الشابندر، المبعوث الخاص لرئيس الوزراء العراقي إلى سوريا.

وبحسب الشابندر فإن الزيارة ناقشت ملفات عدة تهم البلدين، في مقدمتها الملفان الأمني والتجاري، إلى جانب ملف الحدود.

وتناقلت وسائل إعلام عراقية تصريحات للشابندر وصف فيها لقاءه مع الرئيس السوري بالمفيد جداً من أجل بناء علاقات اقتصادية وسياسية واجتماعية بين العراق وسوريا.

وقال الشابندر بعد اللقاء: "التقيت الرئيس السوري أحمد الشرع مبعوثاً من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، للتباحث في أمور تسهم بتقريب وجهات النظر وتمتين العلاقات بين البلدين الشقيقين".

وأضاف أن "اللقاء بحث ما أثير من اعتداء على مكتب المرجع الديني السيد علي السيستاني في دمشق وتم تجاوز هذه المسألة، وإمكانية عودة الزيارات الدينية لمقام السيدة زينب، وغيرها من المراقد الدينية، وكذلك عن إمكانية التعاون الاقتصادي بين بغداد ودمشق".

وأوضح المبعوث العراقي أسباب عدم حضور الرئيس الشرع لمؤتمر القمة العربية الذي عقد ببغداد مؤخراً ما زالت قائمة، والتي تلخصت بقيام بعض الأطراف السياسية الشيعية العراقية بالتهديد والوعيد ضد الشرع"، مشيرا إلى أن "تلك الممارسات لم تكن في صالح العراق وهي لا تتناسب مع وعي بناء دولة وصدرت لأسباب انتخابية".

وتابع أن "هذه الأطراف التي هددت ووعدت دون أن تتخذ أي إجراء هي ذاتها التي أقامت وتقيم أفضل العلاقات مع دول رعت ومولت الإرهاب والإرهابيين الذين أشاعوا القتل والتخريب في العراق، وعلاقاتها اليوم جيدة مع هذه الدول".

ولم يستبعد الشابندر زيارة الشرع إلى بغداد من أجل بناء علاقات تكاملية سياسية واقتصادية وأمنية، متسائلاً: "ماذا يريد المقاطعون لقيام مثل هذه العلاقة بين العراق وسوريا، وماذا ستنفع هذه المقاطعة؟ في وقت نرى أن الغرب والشرق والدول العربية أقبلت ومقبلة على قيام علاقات طبيعية مع سوريا".

وأكد أن "السوداني والرئيس السوري يتطلعان لبناء علاقات متينة بين البلدين من أجل مصلحة الشعبين الشقيقين، وأن العوائق التي تواجه الشرع من أجل بناء علاقات طبيعية مع العراق هي ذاتها التي تواجه السوداني".

وخلص الشابندر الى القول إنه "وحسب ما شاهدت وعشته في سوريا اليوم فأنا أتوقع أن سوريا ذاهبة إلى تحقيق إنجازات مهمة، وذاهبة إلى الخير"، حسب وصفه.

لكن المثير في زيارة المبعوث العراقي يتعلق بتسليم الرئيس السوري لأرشيف المخابرات السورية الخاص بالعراق، وهو ما كشف عنه النائب عن الإطار التنسيقي يوسف الكلابي.

وقال الكلابي في تغريدة عبر منصة "X" وتابعته شبكة "الساعة" إن أرشيف المخابرات السورية بزمن بشّار الخاص بالعراق قام الجولاني بتسليمه "لخطار عراقي".

وأضاف أن "الخطار أخذ الأرشيف لـ(الملاج مالته) في إشارة إلى السوداني والآن ( يتم الفرز) لأغراض الاستفادة منها التسقيط الانتخابي"، وختم تدوينته بوسم "شرف الخصومة المنعدم".

لكن رئيس المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل أكد أن ما كشف عنه النائب لا يمكن اعتماده، ويتطلب إلى تأكيدات رسمية من الجانبين العراقي أو السوري، فيما أشار إلى زيارة الشابندر من شأنها أن تكون مفتاحا لعلاقات جديدة بين البلدين في مجالات الأمن، والاقتصاد، والسياسة، وغيرها.

وقال فيصل في تصريح لشبكة "الساعة": إن "الرؤساء ورؤساء الوزراء يحق لهم إرسال مبعوثين لحمل رسائل معينة لمناقشة العديد من الملفات ولا يشترك في مناقشة تلك الملفات إرسال وزير الخارجية أو الوزراء ذات الاختصاص".

وأضاف أن "إرسال الشابندر يعكس رغبة العراق بفتح آفاق أوسع لعلاقات دبلوماسية مع سوريا ومناقشة ملفات شائكة أمنية وسياسية واقتصادية"، مبينا أن "هذه الزيارة تمثل مفتاحا لإرسال مبعوثين على مستوى أوسع في المرحلة المقبلة".

وفيما يخص تسليم أرشيف المخابرات الخاص بالملف العراقي أوضح فيصل أن "هذا الأمر يتطلب تأكيدا رسميا من الجهات السورية أو العراقية"، لافتا إلى أنه "وفي حال صحة الأنباء التي تتحدث عن تسليم هذا الأرشيف فإنه من المتوقع أن يسهم في عملية التسقيط السياسي في العراق على اعتبار أن الكثير من القيادات العراقية الحالية كانت ترتبط بالمخابرات السورية وتنفذ أجندتها الخاصة وإن كانت على حساب الأمن القومي العراقي".

ونوه إلى أن "أرشيف المخابرات السورية الخاصة بالملف العراقي يتضمن أرشيف جميع اللاجئين السياسيين والمعارضين العراقيين السابقين في سوريا كونهم كانوا يعملون لدى المخابرات السورية أو بتنسيق معهم".

إلى ذلك، أكد رئيس مركز رصد للدراسات محمد غصوب أن زيارات المبعوثين العراقيين إلى سوريا لغاية الآن تكشف عن أن العديد من الملفات ما تزال تناقش بعيدا عن الإعلام والدبلوماسية.

وقال غصوب في تصريح لشبكة "الساعة": إن "لقاءات العراق مع الحكومة السورية الجديدة لحد هذه اللحظة لا تمر عبر القنوات الدبلوماسية ووزارة الخارجية".

وأوضح أن "اللقاء الأول جرى بين رئيس جهاز المخابرات العراقي حميد الشطري والشرع، وأمس كان لقاءً بين عزت الشابندر (مبعوث رئيس الوزراء) والشرع"، لافتاً إلى أنه "ورغم زيارة وزير خارجية سوريا مرتين إلى العراق إحداهما كممثل عن سوريا في مؤتمر القمة العربية، إلا أن الزيارات العراقية لسوريا تجري بعيدا عن القنوات الدبلوماسية، وذلك يعني أن ما يتم تداوله بين الطرفين يجب أن يبقى بعيدا عن الإعلام والدبلوماسية".

وتأتي زيارة المبعوث العراقي عزت الشابندر لدمشق بعد لقاء سابق في الدوحة، جمع الرئيس الشرع مع رئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني بوساطة من دولة قطر، في منتصف نيسان/ أبريل الماضي.

وأكد بيان الرئاسة السورية حينها أن اللقاء تناول العلاقات الثنائية بين سوريا والعراق في إطار حرص الجانبين على إعادة تفعيل مسارات التعاون العربي المشترك، والتأكيد على عمق الروابط التاريخية بين الشعبين الشقيقين.

وأضاف البيان أن الشرع والسوداني شددا على ضرورة احترام سيادة واستقلال البلدين ورفض كافة أشكال التدخل الخارجي، مؤكدين أن أمن واستقرار سوريا والعراق يشكلان حجر الأساس لأمن المنطقة ككل.

وبعد 10 أيام من ذلك اللقاء، وصل وفد عراقي يقوده رئيس المخابرات حميد الشطري العاصمة دمشق للقاء الرئيس السوري أحمد الشرع، لبحث التعاون الأمني والاقتصادي بين البلدين، وفق بيان لرئاسة الوزراء العراقية.

وتبع ذلك مشاركة وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، في القمة العربية الرابعة والثلاثين المنعقدة ببغداد في 17 أيار / مايو الماضي، بعد غياب الرئيس الشرع عن تلك القمة.

ومنذ الإطاحة بنظام الرئيس الأسد في 8 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، تتعامل بغداد بحذر مع دمشق، رغم تصريحات السوداني أن بلاده تنسق مع سوريا بشأن تأمين الحدود ومستعدة لتقديم الدعم، ولا تريد لسوريا أن تكون محطة للصراعات الأجنبية.

ولكن الموقف العراقي قبيل الإطاحة بالنظام السوري السابق كان منحازا بشكل واضح إلى الأسد، وبينما كان يصف حكام دمشق الحاليين بالإرهابيين ويؤكد استحالة التفاهم معهم، أبدت قيادات عراقية من الصف الأول استعدادها لإرسال الجيش العراقي والفصائل المسلحة إلى دمشق للدفاع عن نظام الأسد، وما كان يقرأ على أنه اصطفاف طائفي من السلطات العراقية إلى جانب الأسد وبأوامر إيرانية لمنع وصول المعارضة السورية (السنية) إلى حكم البلاد.

اخترنا لك