صورة الخبر

14:40:10 2025-12-21 : اخر تحديث

14:40:10 2025-12-21 : نشر في

الفصائل تعلن نزع سلاحها.. خضوع للإملاءات الأمريكية أم مناورة ضمن خطة إيرانية؟

حجم الخط

فريق التحرير- شبكة الساعة

في موقف وصف بالمفاجئ، أعلنت فصائل عراقية مسلحة في أوقات متقاربة التخلي عن سلاحها الذي طالما تسمكت به ورفضت الدعوات المطالبة بحصره بيد الدولة.

وأعلنت 4 فصائل مسلحة بشكل رسمي قبولها بدعوات حصر السلاح بيد الدولة، وهذه الفصائل هي عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي وكتائب الإمام علي بزعامة شبل الزيدي، إلى جانب كتائب سيد الشهداء وأنصار الله الأوفياء.

وتأتي هذه الخطوة في ظل تطورين اثنين، الأول التحذيرات والتهديدات الأمريكية متتالية للفصائل العراقية، إذ أكدت واشنطن موقفها الصريح الرافض لاستمرار نفوذ وهيمنة السلاح على الدولة العراقية ورفضها مشاركة الفصائل في تشكيل الحكومة المقبلة، والثاني حصول الفصائل المسلحة على ثلث مقاعد البرلمان العراقي في الانتخابات الأخيرة وتحقيقها مكاسب سياسية كبيرة  بفضل السلاح الذي امتلكته سابقا، ما يجعل خوض تلك الفصائل مغامرة المواجهة مع الولايات المتحدة أمرا مستبعدا في الفترة المقبلة خشية خسارة المكاسب السياسية والاقتصادية التي حققتها.

وأثارت مواقف الفصائل المسلحة بشأن موافقتها على نزع سلاحها وحصره بيد الدولة استغرابا في الشارع العراقي، إذ شهدت منصات التواصل الاجتماعي سخرية من رضوخ الفصائل للإملاءات الأمريكية ونزع سلاحها خشية تعرضها للاستهداف الأمريكي، لا سيما وأنها كانت تؤكد مرارا وتكرارا أن ما تسميه "سلاح المقاومة" لا يمكن التفريط به أو تسليمه إلا بعد ظهور الإمام المهدي، بينما يرى آخرون أن ما جرى يمثل خطوة إيجابية لتجاوز مرحلة السلاح المنفلت والدخول بالعمل السياسي وتعزيز مؤسسات الدولة ومنحها راية إدارة السلاح والملف الأمني الذي هيمنت عليه الفصائل طيلة السنوات العشر الماضية لا سيما بعد أحداث "داعش" عام 2014 وتشكيل الحشد الشعبي من قبل تلك الفصائل.

وتزامن مع التطورات السابقة، إعلان رئيس مجلس القضاء في العراق فائق زيدان استجابة الفصائل المسلحة لحصر السلاح بيد الدولة، فيما تقدم بالشكر لقادة الفصائل على استجابتهم للنصائح الخاصة بفرض سيادة القانون وحصر السلاح بيد الدولة والانتقال للعمل السياسي بعد انتفاء الحاجة الوطنية للعمل العسكري، كما جاء في بيان صدر عن رئيس مجلس القضاء.

رسائل تحذيرية ونفي عراقي

وتشير المعلومات المتداولة إلى وجود نية أمريكية بتنفيذ عمليات عسكرية ضد الفصائل العراقية في حال لم تستجب لدعوات التخلي عن السلاح وحل الفصائل، وتزامن مع تلك التسريبات إطلاق القوات الأمريكية عملية عسكرية واسعة في سوريا تستهدف خلايا تنظيم "داعش".

وقبل ساعات من إعلان الفصائل نزع أسلحتها، نشرت صحيفة الشرق الأوسط العربية تقريرا كشف عن تلقي العراق تحذيرات من إحدى الدول العربية وأحد الأجهزة الاستخبارية الغربية تفيد بقرب تلقيه ضربة عسكرية إسرائيلية تستهدف مواقع الحشد الشعبي والفصائل المسلحة إلى جانب مؤسسات حكومية عراقية، لكن جهاز المخابرات العراقي أصدر بعد ساعات بيانا نفى فيه تلقيه أي تحذيرات بوجود ضربات عسكرية على العراق.

فصيلان يتمسكان بالسلاح

وعقب مواقف الفصائل الخاصة بحصر السلاح بيد الدولة، أعلنت كتائب حزب الله العراقي وحركة النجباء رفضها لفكرة التخلي عن السلاح، وقالت الحركتان في بيانين منفصلين: إن "أسباب حمل السلاح ما تزال قائمة وتتمثل بالوجود الأمريكي وعدم تحقيق سيادة واستقلال العراق لغاية الآن".

مناورة ضمن خطة إيرانية

وبهذا الصدد، يرى الباحث السياسي عبد القادر النايل أن خطوة الفصائل جاءت ضمن خطة إيرانية لممارسة الخداع والتضليل.

وقال النايل في حديث لشبكة "الساعة": إن "إعلان بعض مسؤولي الفصائل المسلحة بأنهم تخلوا عن السلاح هو كلام دعائي مثير للسخرية والشفقة لأن الجميع يعلم بأن التوجيه الإيراني في اجتماع لاريجاني الأخير مع جميع قوى الفصائل المسلحة والأجنحة السياسية التي تمتلك السلاح كان واضحا بأن عليهم ممارسة الخداع والتضليل لتجنب اغضاب إدارة ترامب ويجب التماشي مع كل ما يريدونه لحين انتهاء ولاية ترامب".

وأضاف أن "ما جرى هو تبادل أدوار متفق عليه مثلما كان سابقا، إذ تعلن الفصائل عن مسؤوليتها بأحداث عسكرية وأمنية وعندما يقصف ويقتل أحد قادتهم يقولون تم قصف الحشد لذلك ما جرى هو ضم الفصائل تحت اسم الحشد وبعد عبور العاصفة والضغط الأمريكي تعود الفصائل مثل وضعها القديم"، مبينا أن "هذا أقرب إلى التدليس المكشوف جدا فأصبح الحشد هو الفصائل والفصائل هي الحشد".

وتوقع النايل أن يقود "تضليل الفصائل" إلى "مزيد من التصعيد ضدهم في الأيام القادمة وأن الاعلان هو مجرد فقاعة لا قيمة لها وتحايل تشترك فيه الحكومة وأجهزتها وهذا التواطئ سيدخلهم في خانة خدمة السلاح المنفلت"، مشيرا إلى أن "إعلان حزب الله العراقي بعدم تسليم سلاحها يؤكد أن أي حديث عن تسليم السلاح عبث وايهام لا قيمة له على أرض الواقع".

إعلان متداخل بـ 3 عوامل

بالمقابل يؤكد الباحث السياسي والأمني مجاشع التميمي عدم امكانية الجزم بالتخلي النهائي عن فكرة السلاح، ورجح أن يكون إعلان الفصائل أقرب إلى مرحلة اختبار ومناورة محسوبة لفتح باب الاندماج السياسي.

وقال التميمي في حديث لشبكة "الساعة": إن "الإعلان المفاجئ لبعض قادة الفصائل بشأن حصر السلاح بيد الدولة لا يمكن قراءته بمعزل عن تداخل 3 عوامل متزامنة وهي: الضغط الخارجي، وإعادة التموضع السياسي، وتغير البيئة الإقليمية".

وأضاف أن "توقيت هذا الإعلان قبيل زيارة المبعوث الأميركي، يثير شبهة الضغوط الدولية، لكن الاكتفاء بهذا التفسير يبقى تبسيطاً، إذ أن ما نشهده هو إدراك متزايد داخل بعض الفصائل بأن كلفة استمرار السلاح خارج الدولة باتت أعلى من مكاسبه، داخلياً وخارجياً"، مشيرا إلى أن "حديث رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان سواء في الجامعة الأميركية بدهوك أو في بيانه الأخير يعكس انتقال هذا النقاش من المستوى السياسي إلى مستوى الدولة ومؤسساتها الدستورية، عادا هذا الأمر بالتطور المهم".

وتابع التميمي: أن "مع ما سبق، لا يمكن الجزم بأننا أمام تخلي نهائي عن فكرة السلاح، بل أقرب إلى مرحلة اختبار ومناورة محسوبة لفتح باب الاندماج السياسي، بانتظار ما ستؤول إليه التوازنات الإقليمية والدولية المقبلة".

رضوخ للضغوط الأمريكية

لكن الكاتب والمحلل السياسي غانم العابد أكد أن استجابة الفصائل لنزع سلاحها لم يكن وليد الساعات الأخيرة، وإنما جاءت قبل نحو أسبوعين من الآن، مبينا أن بعض التسريبات تشير إلى أن وجود تفاهمات ومفاوضات عبر وسطاء من السياسيين (السنة) على نزع السلاح وبضمانات من الدولة العراقية وإحدى الدول الخارجية، ما يفتح باباً أمام سيناريوهات سياسية وأمنية جديدة قد تعيد تشكيل المشهد الداخلي في العراق.

وأشار العابد في حديث لشبكة "الساعة" إلى أن "ما جرى يؤكد وجود تحول جوهري في علاقة الفصائل المسلحة بالدولة، في ظل ضغوط إقليمية ودولية متزايدة ومحاولات لإعادة دمج هذه القوى ضمن مؤسسات الدولة".

وقال العابد: إن "الضغوط الأمريكية على الفصائل المسلحة قد أتت ثمارها، وهو ما دفع عدة فصائل عراقية إلى موافقتها على تسليم أسلحتها الثقيلة وحل فصائلها وترك مناصبها القيادية في هيئة الحشد الشعبي وتسليمها إلى ضباط من وزارتي الدفاع والداخلية أو ما ستقرره بشأنهم الحكومة العراقية القادمة".

ولفت العابد إلى أن "التفاهمات تضمنت أيضا إعلان قادة الفصائل استعدادهم للاندماج في المنظومة السياسية أو الاتجاه للأعمال المدنية شرط أن يتم تسمية شخصية محددة من قبلهم لمنصب رئيس مجلس الوزراء القادم، هذه الشخصية سبق له أن تقلد منصب وزير عام 2005 وترك بعدها العمل السياسي والحكومي وانزوى بعيداً".

ونوه العابد إلى أن "دافع الفصائل للحصول على الضمانات وإصرارها على هذا الشخص إلى أنها ترى فيه أنه سيحميهم من أية مساءلة أو محاسبة قانونية مستقبلاً بعد تسليمهم أسلحتهم، فضلا عن ضمان عدم تعرض عناصرهم للملاحقة بعد الانخراط في المسار المدني أو السياسي".

ليصلك المزيد من الأخبار والتقارير والتحليلات

اشترك بقناتنا على التليكرام

اخترنا لك