11:22:05 2025-04-15 : اخر تحديث
11:22:05 2025-04-15 : نشر في
فريق التحرير- شبكة الساعة
حين دخلت القوات الأمريكية إلى بغداد في ربيع عام 2003، لم تكن الحرب وحدها التي بدأت فصلاً مأساويًا جديدًا في حياة العراقيين، فبينما كانت الدبابات تشق الشوارع وتنهار مؤسسات الدولة، انهارت بصمت مؤسسة أخرى لا تقل أهمية، النظام الصحي، الذي كان يُعد من الأفضل في الشرق الأوسط لعقود.
قبل الغزو، لم يكن النظام الصحي في العراق مثاليًا، لكنه كان قادرًا على تقديم خدمات طبية مقبولة رغم سنوات الحصار الطويلة التي أرهقته، إلا أن الاحتلال أدخل القطاع الصحي في دوامة من الانهيار شملت بنى تحتية مدمرة وأدوية مفقودة وأطباء هاربون، ومستشفيات تحولت إلى أطلال.
المستشفيات والمراكز الصحية لم تنجُ من نيران الحرب ولا من الفوضى التي تلتها فالكثير منها تعرض للنهب أو الحرق، ومع غياب سلطة الدولة، تركت المؤسسات الصحية وحدها تواجه الكارثة.
لكن الضربة الأقسى جاءت من الداخل، حين بدأ آلاف الأطباء والممرضين في مغادرة البلاد، هربًا من القتل والاختطاف، أو بحثًا عن الأمان والكرامة.
وتشير التقديرات إلى أن نصف الكوادر الطبية المؤهلة غادرت العراق بين عامي 2003 و2006، ما ترك فراغًا مهنيًا هائلًا وأدى إلى تراجع نوعي في الخدمات الصحية.
ارتفاع معدلات الوفيات وعودة الأمراض المنسية
لم تكن آثار الاحتلال الأمريكية مقتصرة على القنابل والجدران المهدّمة، بل امتدت إلى حياة الناس اليومية، وإلى أجسادهم المنهكة التي أصبحت أكثر عرضة للموت والمرض.
إذ ارتفعت معدلات الوفيات في العراق بشكل لافت بعد عام 2003، ليس فقط بسبب أعمال العنف والانفجارات، بل نتيجة تدهور الخدمات الصحية وانهيار المنظومة الوقائية.
وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من 150 ألف عراقي فقدوا حياتهم بين عامي 2003 و2006 نتيجة العنف، لكن الكارثة الصامتة كانت في الأرقام التي لا تُذكر كثيرًا مثل وفيات الأطفال، والمسنين، والمرضى الذين حُرموا من أبسط أنواع العلاج.
عاد العراق ليرى أمراضًا ظن أنه تجاوزها منذ عقود مثل الحصبة والكوليرا والتيفوئيد والزحار حيث انتشرت مجددًا، في مشهد يعكس التراجع المخيف في برامج التطعيم، وشحّ المياه النظيفة، وتدهور شبكات الصرف الصحي لتتضاعف أرقام وفيات الأطفال من هم دون سن الخامسة حيث باتت الحمى والإسهال أمرًا قد يُفضي إلى القبر.
السرطان.. العدو الخفي بعد الاحتلال
ارتفعت أرقام الإصابات بمرض السرطان حيث شهدت تصاعدًا مرعبًا، خاصة في المناطق التي تعرضت لقصف مكثف مثل الفلوجة والبصرة، حتى أصبح انتشار سرطان الثدي بين النساء، وسرطان الأطفال، وسرطان الرئة والجهاز الهضمي أكثر شيوعًا من أي وقت مضى.
التقارير المحلية والدولية تتحدث عن احتمال وجود صلة بين هذا الارتفاع الحاد واستخدام أنواع محددة من الأسلحة خلال الحرب، مثل اليورانيوم المنضب والفسفور الأبيض.
بعض الدراسات وجدت آثارًا مشعة في أجساد الأطفال قرب القواعد العسكرية الأمريكية، وأطباء محليون تحدثوا عن تشوهات خلقية لم يروها من قبل.
ومع غياب العلاجات التخصصية، ونقص الأدوية والمعدات، باتت كلمة "السرطان" في العراق تحمل حكماً بالموت المؤجل.
الحرب التي لا تُرى.. الصحة النفسية والتلوث البيئي
بين الدمار والمرض، كانت هناك جراح من نوع آخر، لا تُرى بالعين المجردة، لكنها تنزف كل يوم في صمت.
الصحة النفسية للعراقيين تدهورت بشكل حاد بعد الغزو، خصوصًا لدى الأطفال والنساء والعائلات التي عاشت تجربة النزوح أو فقدت أحد أفرادها.
حتى تحول الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة إلى حالات شائعة لكن دون رعاية أو دعم متخصص بسبب قلة الأطباء النفسيين، وضعف الوعي المجتمعي، وانشغال الدولة بملفات الأمن والسياسة، جعلت ملايين العراقيين يواجهون آلامهم النفسية وحدهم.
البيئة الملوثة.. خطر خفي يفتك بالبشر
لم تكن المعارك وحدها ما دمّر الحياة في العراق، بل خلفت الحرب إرثًا بيئيًا ثقيلًا فقد تسببت حرائق آبار النفط، والقصف العشوائي، والنفايات السامة الناتجة عن العمليات العسكرية، في تلويث الهواء والمياه والتربة على نطاق واسع.
فيرى خبراء البيئة أن هذه الملوثات شكّلت بيئة خصبة لتفشي أمراض خطيرة، من بينها السرطان، والتشوهات الخلقية، وضعف المناعة، لا سيما في المناطق القريبة من مواقع القتال أو القواعد العسكرية.
وفي غياب الرقابة البيئية وضعف أنظمة إدارة النفايات والصرف الصحي، تحولت بعض المدن العراقية إلى أماكن غير صالحة للسكن، يهدد فيها التلوث حياة الناس يومًا بعد آخر.
شهادات الأطباء.. طبٌ بلا أدوات وأرواح تموت بصمت
من داخل المستشفيات العراقية، يروي الأطباء مشاهد مؤلمة تكشف حجم الانهيار الذي ضرب القطاع الصحي بعد الغزو فيتحدثون عن أقسام بلا أدوية، وردهات بلا كهرباء، ومرضى يفقدون حياتهم لأن العلاج غير متوفر أو لأن الطبيب المختص اضطر لمغادرة البلاد.
يقول أحد الأطباء بحسرة: "قبل 2003 كنا نُنقذ المريض بسهولة، اليوم نقضي الليالي نراقب موته دون حول أو قوة".
الهجرة المستمرة للكفاءات الطبية، والخوف من الاغتيال أو الخطف، جعلت ممارسة الطب في العراق مخاطرة يومية، في بلد يئن تحت وطأة نظام صحي متهالك.
: كلمات مفتاحية
2024-07-24 11:29:54
محامية عراقية ضمن حملة ترامب!
2024-07-24 11:25:30
الحكومة العراقية تنفي صلتها بصفحات "التطبيل"
2024-07-24 11:21:23
طائرات مسيرة تجوب سماء العاصمة بغداد وتقصف مخزن أسلحة يتبع فصيلا مسلحا
2024-07-24 11:17:27
اتهامات للسياسيين السنة بالمتاجرة بنازحيهم