صورة الخبر

14:14:34 2025-02-13 : اخر تحديث

14:14:34 2025-02-13 : نشر في

تصعيد ضد دمشق.. أين تتجه العلاقات العراقية السورية في ظل الضغوط الإيرانية؟

حجم الخط

فريق التحرير- شبكة الساعة

نحو السلبية تسير العلاقات بين السلطات العراقية والنظام الجديد في سوريا أكثر منها للإيجابية، فرغم مرور أكثر من شهرين على الإطاحة بنظام بشار الأسد لم تبادر بغداد بأي خطوات إيجابية كما فعلت أغلب دول العالم.

ولم يقتصر الموقف العراقي بعدم الاعتراف أو محاولة فتح علاقات مع دمشق، بل بدأت بعض الجهات المتنفذة بمهاجمة سوريا الجديدة واعتبارها عدو يجب الحذر منه وصولا إلى الكشف عن مخطط إيراني ينفذ بالعراق لاغتيال الرئيس السوري أحمد الشرع.

ولاقى سقوط نظام الأسد ترحيبا من جميع الدول العربية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة باستثناء روسيا وإيران الداعمين الرئيسيين للأسد.

ويبدو أن الموقف العراقي بشأن سوريا يتبع الموقف الإيراني برأي أغلب القراءات التحليلية، التي تؤكد أن التصعيد الأخير لبعض الأطراف العراقية القريبة من إيران ضد الإدارة الجديدة في سوريا جاء نتيجة توصيات وضغوط من طهران.

ومؤخرا هاجم زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي الإدارة السورية الجديدة ووصفها بالإرهابية، ووجه لها انتقادات حادة قائلا إنها تمثل ما وصفه بالفتنة في المنطقة، كما حذر من خطورة التداعيات السورية على العراق.

ولم تصدر عن الحكومة العراقية أي تصريحات تفيد بالاعتراف بالنظام الجديد في سوريا، كما أن العلاقة بين البلدين دخلت بقطيعة بعد هروب الأسد وسقوط نظامه، بينما كانت الحكومة العراقية من أشد الداعمين لنظام دمشق وكانت الفصائل العراقية تعمل في سوريا تحت القيادة الإيرانية في مواجهة حكام سوريا الجدد.

وبعد التغيير في سوريا أوفدت بغداد مدير المخابرات العراقية حميد الشطري إلى دمشق، وقالت جهات مقربة من الحكومة العراقية إن الغرض من إيفاد الشطري لم يكن للاعتراف بالإدارة الجديدة ولكن لترتيب بعض الملفات الأمنية ومنها موضوع أمن الحدود وملف المعتقلين من الجانبين وكذلك سجون داعش في سوريا لدى قوات قسد قرب الحدود العراقية.

وعلى عكس تعامل الدول العربية مع التغيير في سوريا، ما يزال العراق يصر على موقفه من إدارة أحمد الشرع وهيئة تحرير الشام التي وصلت للسلطة، وتعتبر أن الشرع (الجولاني) إرهابي ومطلوب للقضاء العراقي لتورطه بجرائم قتل خلال وجوده في العراق في صفوف تنظيم القاعدة قبل عودته إلى سوريا وتشكيله جبهة النصرة.

انقلاب ومحاولة اغتيال الشرع

وتناقلت وسائل إعلام عديدة عن كشف خطة كانت معدة لمحاولة اغتيال الرئيس السوري أحمد الشرع.

وفي تفاصيل هذه المعلومات، ما كشفته مصادر خاصة لصحيفة "Türkiye Gazetesi" التركية، عن اجتماع سري في محافظة النجف العراقية ناقش خطة إيرانية لاغتيال الشرع.

وذكرت الصحيفة أن "الاجتماع شارك فيه كبار جنرالات الحرس الثوري الإيراني وضباط من النظام السوري السابق، بالإضافة إلى ترتيبات لدعم التنظيمات، مثل بي كا كا المحظور، وتنظيم داعش، والحشد الشعبي وحزب الله".

وتابعت المعلومات أن "الاجتماع عُقد في فيلا مملوكة لرجل أعمال شيعي في النجف، الأسبوع الماضي، بمشاركة اللواء حسين أكبر، القائد السابق في الحرس الثوري وسفير إيران السابق في دمشق، إلى جانب اللواء أمير علي حاجي زاده، قائد القوات الجوية للحرس الثوري، ومسؤول العمليات الخاصة في الاستخبارات الإيرانية".

وأضافت أن "من بين المشاركين في الاجتماع قيادات النظام السوري السابق كل من اللواء أسعد العلي، واللواء محمد خلوف، والعميد عادل سرحان، والعميد عبد الله مناف الحسن، والعميد محمد سرميني".

وبينت أن "الاجتماع ناقش خطة لاغتيال الرئيس أحمد الشرع كجزء من تحرك إيراني لاستعادة السيطرة في سوريا بعد تراجع نفوذها، إضافة إلى دراسة آليات تنفيذ انقلاب عسكري يستغل الانقسامات الداخلية والخارجية لتحقيق أهداف طهران".

وزادت الصحيفة، أن "الخطة التي نوقشت خلال الاجتماع تضمنت خطوات لإثارة التوترات العرقية والطائفية في مناطق متعددة مثل السويداء، اللاذقية، طرطوس، حمص، الرقة، الحسكة، ودير الزور".

وأردفت أن "الاجتماع سلط الضوء على دور حزب الله اللبناني والحشد الشعبي العراقي في تنفيذ الخطة، بما في ذلك التنسيق لإنشاء خلايا سرية في المناطق ذات الغالبية العلوية، وتوزيع الأسلحة والذخائر، وتأسيس شبكة اتصالات قوية لضمان نجاح العمليات".

وقرر المجتمعون "استخدام مقاتلين شيعة من أفغانستان وباكستان تحت قيادة ميليشيات زينبيون وفاطميون، مع تهريبهم عبر المناطق التي يسيطر عليها بي كا كا".

ومن المقرر أيضاً أن "يستخدم الممر البحري بين اللاذقية وقبرص الجنوبية لنقل الأسلحة والمقاتلين، بينما سيتولى حزب الله دعم العمليات عبر النقل البري من لبنان".

واعتبرت إيران أن "إثارة الفوضى في سوريا ستزيد من احتمالية التدخل الدولي، مما قد يعزز دعم الولايات المتحدة والتحالف الدولي للمناطق التي يسيطر عليها بي كا كا، ما سيتيح لطهران إعادة ترتيب الأوضاع بما يخدم مصالحها".

وناقش الحاضرون في الاجتماع: "سبل تنفيذ عملية اغتيال الرئيس السوري أحمد الشرع عبر خلايا داخلية وعناصر من تنظيم داعش، واستغلال أي ثغرات داخل الحكومة السورية لتسهيل تنفيذ المخطط"، بحسب الصحيفة التركية.

ضغوط إيرانية وراء التصعيد

وعن العلاقات العراقية مع سوريا الجديدة يرى الباحث في الشأن العراقي مجاهد الطاي أن وجود العديد من الفواعل في الساحة العراقية وعدم امتلاك الحكومة العراقية القرار لوحدها دفع باتجاه التشتت والضبابية في العلاقة، مبينا أن الموقف الرسمي الحكومي يميل إلى إقامة العلاقات مع سوريا ولكن ضغط الجهات القريبة من إيران يعرقل ذلك.

وقال الطائي في حديث لشبكة "الساعة": إن "العلاقات الخارجية العراقية يشوبها نوع من التشتت والضبابية في التعامل مع مختلف الدول كالسعودية وتركيا والكويت وإيران، حيث هناك سياقات رسمية تسعى لأن تكون في الطليعة وأن يكون القرار لها في رسم طبيعة العلاقة مع الخارج وهناك من يحاول التأثير على العلاقات سواء مع الولايات المتحدة وإيران والسعودية وسوريا، كما أن هناك عدة معطيات تدفع بعض الأطراف نحو السعي لتحكيم مصلحة الدولة وأخرى تميل لتحقيق مصالحها الخاصة فيما تسعى أطراف أخرى لتحقيق المصلحة الإيرانية".

وأضاف: أن "اختلاف وجهات النظر وصناع القرار والقوى التي تأثر على صانع القرار دفعت نحو التأثير على شكل العلاقة سواء كانت عدائية أو مؤيدة لهذه الدولة أو تلك وهذا يعكس الحالة العراقية".

وأكد الطائي: "وجود العديد من الفواعل في صنع العراقي وأن الحكومة ماهي إلا أحد تلك الفواعل إلى جانب فواعل أخرى أبرزها القوى القريبة من إيران التي تحاول فرض نظرتها تجاه رسم السياسيات الخارجية العراقية"، مشيرا إلى أن "الموقف العراقي الرسمي يسعى لإقامة علاقات مع سوريا ولكن الضغوط التي تمارسها بعض الأطراف ولاسيما القريبة من إيران تقف عائقا أمام تلك المساعي".

وأوضح ان "الخضوع العراقي للإرادة الإيرانية يبدو واضحا منذ اللحظة الأولى للتغيير في سوريا، حيث يلاحظ وجود تخبط في التعامل مع الملف السوري وهناك انحياز للنظرة الإيرانية للحالة السورية على اعتبار أن سوريا كانت إحدى ركائز المحور الإيراني وأن العراق لا يستيطع الخروج من هذا السياق".

ولفت إلى "هناك نظرة عدائية من بعض الأطراف العراقية ودفع باتجاه التصعيد باتجاه سوريا وشيطنتها لأن هناك نوع من المؤشرات الايجابية التي لم تتوقعها القوى العراقية المتنفذة والماسكة بزمام الأمور والتي اعتمدت طيلة العقدين الماضيين على الطائفية واستغلال الاضطراب بينما هناك نوع من التعقل ونظرة رجل الدولة في الحالة السورية بعيدا عن الحروب والتصعيد مع العالم وهذا لم يعجب الكثيرين في العراق من القوى السياسية التي تعتاش على الطائفية والوضع المضطرب".

وعن المخطط الإيراني الذي يدار في العراق بشأن اغتيال الشرع والانقلاب عليه فلم يستبعد الطائي حصول هكذا أمور على اعتبار أن "العراق بات الساحة الأخيرة والصد الأمامي لإيران بعد انهيار حزب الله ونظام بشار الأسد، لكنه أكد أن هكذا مخططات تجري بعيدا عن السياق الرسمي الحكومي وأنها تحاك من قبل إيران والأطراف التي تعمل معها في العراق".

عوامل خارجية وطائفية

أما استاذ العلوم السياسية في جامعة المستنصرية عصام الفيلي فيؤكد وجود أبعاد خارجية وطائفية للتأثير السلبي في العلاقات العراقية السورية.

وقال الفيلي في حديث لشبكة "الساعة": إن "العلاقة بين العراق وسوريا يشوبها الكثير من الضبابية بالرغم من ان الموقف الرسمي للحكومة يرغب في إقامة علاقات مع سوريا لكن من الناحية العملية فإن هناك ضغوط تمارس بصورة مباشرة وغير مباشرة على العراق من إيران التي ترى أن الذهاب باتجاه الاعتراف العراقي بسوريا الجديدة من شأنه تقوية إدارة الشرع والقوى الداعمة له والمنافسة لإيران وفي مقدمتهم تركيا".

وأضاف أن "إيران تضغط على العراق لإبقاء القطعية مع الجانب السورية لأن طهران لن تنسى أن وصول الشرع إلى دمشق تسبب بفقدانها أحد أبرز أركان مشروعها في المنطقة".

وأوضح الفيلي أن "القادة العراقيين يرون وصول الشرع إلى حكم سوريا يؤكد امتداد القوى السنية ويعكس عودة سوريا للعمق العربي وهذا ما لاترضاه إيران ومحورها في المنطقة وبالنتيجة فإن الإدارة السورية الجديدة بهويتها السنية ستؤدي إلى إضعاف القوى الشيعية القريبة من إيران".

وعن تصعيد نوري المالكي المستمر تجاه الحالة السورية، يرى الفيلي أن "المالكي  ينتمي لمدرسة حزب الدعوة ويرى أن القضاء على بشار يمثل انتكاسة له ولفريقه المؤمن بضرورة الحفاظ على محور المقاومة الذي تقوده إيران مرورا بالعراق وسوريا ولبنان".

 وأشار إلى أن "المالكي ينظر لقوة الشرع على أنها قوة للمحور السني في المنطقة وبالتالي إضعاف للقوى الشيعية في مناطق المحور الإيراني، وهذا ما يفسر نظرة القوى العراقية المؤيدة للأسد بكل سلبياته والوقوف ضد الشرع  رغم توجهه الإيجابي".

ونوه الفيلي إلى "احتمالية صحة التقارير المسربة بشأن التخطيط الإيراني للانقلاب في سوريا والذي يدار في العراق"، منوهاً أيضا إلى "حياكة هذا الموضوع من أجل عدم حضور الشرع للقمة العربية المقرر عقدها في بغداد، وهو ما يفسر التضارب في المعلومات عن حضور وزير الخارجية السوري أحمد الشيباني إلى بغداد لحضور القمة، حيث أعلن الأخير حضوره للقمة ومقابل ذلك تؤكد جهات عراقية أن هذا الحضور غير مرحب به".

وختم الفيلي بالقول: إن "هناك رغبة من إيران وحلفائها بأن لا يكون هناك اي تعاون وعلاقات عراقية مع الجانب السوري في المرحلة الحالية والمرحلة المقبلة".

هل يعادي العراق سوريا الجديدة؟

من ناحية أخرى يرى المحلل السياسي والعسكري السوري أحمد حمادة أن الهيمنة الإيرانية على القرار في العراق هي من دفعت حكومة بغداد للتصعيد تجاه دمشق.

وقال حمادة في تصريح لشبكة "الساعة": إن "الجانب السوري ينظر إلى العراق بعين الاهتمام الكبير على اعتباره أنه أحد أهم الدول العربية، ولكن الهيمنة الإيرانية على القرار العراقي دفع الحكومة العراقية لاتخاذ مواقف معادية من الثورة السورية والإدارة السورية الجديدة وقبل ذلك موقفا داعما لنظام الأسد عبر الدعم المالي والعسكري الذي قدمته الفصائل العراقية القريبة من إيران".

وأضاف أن "ما جرى الحديث عنه بشأن وجود مخطط لاغتيال الشرع والانقلاب في سوريا يؤكد التسريبات السابقة بشأن وجود تحركات تقودها إطلاعات الإيرانية والحرس الثوري مع خلايا نظام بشار الأسد وبعض القادة السابقين في النظام".

وأوضح أنه "بعيدا عن مدى دقة تلك المعلومات أو التسيريبات، يجب التعامل الحذر من الأجهزة الأمنية السورية وأن تتعاطى مع ذلك بجدية تامة لمنع حصول أي من تلك المخططات التي تسعى إيران إليها في محاولة منها لخربطة الأوضاع في سوريا بعد أن خسرت نفوذها هناك".

وأشار حمادة إلى أن "الحكومة العراقية لم تعترف لغاية الآن بالإدارة السورية الجديدة وهذا لرغبة الإيرانية في وضع العراقيل أمام إقامة العلاقات بين بغداد ودمشق".

وبشأن امكانية مشاركة الشرع في قمة بغداد، أكد حمادة أن "على الحكومة العراقية أن تعترف بالنظام السوري الجديد، فليس من المنطقي أن يذهب الشرع إلى دولة لا تعترف بسلطته ونظامه".

اخترنا لك