صورة الخبر

10:07:53 2025-01-10 : اخر تحديث

10:07:53 2025-01-10 : نشر في

هل سيعالج ائتلاف القيادة السنية الموحدة الخلاف السني أم يعمقه؟

حجم الخط

سيف العبيدي ـ شبكة الساعة

ما يزال تشكيل التحالفات السياسية التي تقدم تحت عنوان تمثيل المكونات الميزة الأبرز للعملية السياسية في العراق، فالساحة العراقية اعتادت على تأسيس تحالفات جديدة عقب الخلافات بين القيادات السياسية وقبل كل انتخابات برلمانية ومحلية.

وفي تطور جديد في الميدان السياسي، أعلن في العاصمة بغداد عن تشكيل ائتلاف القيادة السنية الموحدة الذي جمع قيادات سياسية سنية، وذلك في ظل غياب زعيم حزب تقدم ورئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي.

ويضم الائتلاف الجديد، الذي أعلن عنه مساء الثلاثاء عقب اجتماع مغلق ضم القيادات السياسية في بغداد، كلا من رئيس البرلمان العراقي محمود المشهداني، ورئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، ورئيس تحالف عزم مثنى السامرائي، ورئيس حزب الجماهير أحمد الجبوري، ورئيس كتلة المبادرة زياد الجنابي.

وقال الائتلاف في بيان على صفحته في فيسبوك: إنه "سيتم الإعلان في وقت لاحق عن برنامج الائتلاف السياسي الجديد".

وأوضح أن "الائتلاف سيأخذ على عاتقه المضي بإنجاز الملفات الإنسانية والحقوقية والقانونية والسياسية وتحصيلها لأبناء المكون السني في عموم العراق والمحافظات الشمالية والغربية على وجه التحديد".

ويأتي هذا الائتلاف في غياب حزب تقدم بزعامة الحلبوسي الحاصل على 37 مقعدا من 329، وهو ثاني أكبر كتلة في البرلمان الحالي.

ويرى مراقبون أن التحالف يمثل خطوة مهمة للملمة البيت السني بعد حالة التشظي والانشقاقات التي ضربت أغلب الأحزاب السنية على مدى سنوات، لكن تغييب الحلبوسي عن الاجتماع يكشف عن محاولات لإخراجه من المشهد السياسي بعد أن كان في السنوات الماضية منافسا شرسا وأظهر قوّة كبيرة مدعومة بشعبيته في عدد من المناطق السنية وعلى رأسها محافظة الأنبار التي سبق له أن قاد حكومتها المحلية في مرحلة حرجة هي مرحلة الخروج من الحرب ضدّ تنظيم داعش التي خلّفت دمارا كبيرا في المحافظة وغيرها من المناطق السنية.

ويأتي الإعلان عن هذا التحالف السني الجديد استعدادا لخوض الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها العام الجاري، وسط معركة سياسية محتدمة بين الحلبوسي ومعارضيه من القوى والتكتلات السنية التي تسعى إلى تحجيمه وافتكاك مناطق تحسب على حزبه.

وعلى الرغم من أن تسمية التحالف السني الجديد يحمل عنوان الوحدة للبيت السني، وأنه الممثل الشرعي للمكون بحسب وجهة نظر المؤسسين له، إلا أنه بنظر معارضيه لا يمثل المكون السني وأنه يمثل وجهة نظر بعض القيادات التي تبحث عن مصالحها قبيل الانتخابات.

تحالف السنة الشرعي

ويرى النائب السابق محمد سلمان والقيادي في تحالف السيادة بزعامة خميس الخنجر أن ائتلاف القيادة السنية الموحدة هو الممثل الشرعي والحقيقي للمكون السني، كما يرى أن الإعلان عنه جاء في الوقت المناسب لمعالجة الأوضاع الداخلية والخارجية للعراق.

وقال سلمان في حديث لشبكة "الساعة": إن "التحالف الجديد جاء في الوقت المناسب ولا سيما في ظل التطورات في الداخل العراقي والمحيط الإقليمي".

وأضاف أن "الإعلان عن التحالف يعكس النضج الاستباقي لقيادات المكون ويدل على تبلور رؤية عراقية واضحة إزاء  الأحداث في المرحلة المقبلة والأزمة القادمة في العراق والمنطقة، كما أنها خطوة ذكية ومتقدمة وجاءت في توقيتها المناسب".

وأشار سلمان إلى أن "ائتلاف القيادة السنية الموحدة يمكن أن يطلق عليه ائتلاف الشرعية إذ إنه الممثل الشرعي والحقيقي للقوى السنية"، لافتاً إلى أنه "يمثل خطوة مهمة في توحيد المكون وتقديم ممثليه الشرعيين في حين ما تزال القوى الشيعية منقسمة بين التيار الصدري والإطار التنسيقي، وكذلك القوى الكردية المنقسمة بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني".

وأكد أن "التحالف الجديد ستكون مطالبه ومواقفه واضحة تجاه ما يجري في داخل العراق وخارجه، فالتحالف مساند للدولة والأجهزة الأمنية ووحدة العراق والوقوف مع شركاء الوطن، وذلك كله دون إغفال حقوق العرب السنة التي اتفق عليها في ورقة الاتفاق السياسي والبرنامج الحكومي الذي قدمه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني".

وأوضح سلمان أن "المضي نحو هذا التحالف ضرورة لضمان عدم تشتت المكون السني ولمنع التلاعب بشرائحه وتجميعه في تحالف واحد بدل أن تترك أجزاء المكون مبعثرة وتسير بمسار لا يخدم الوحدة والمصلحة الوطنية"، منوها إلى أن "توحيد السنة بتحالف شرعي يمثلهم يسهل تقديم المطالب للقوى الشيعية بدل بقائهم متفرقين في المفاوضات مع القوى الأخرى".

وأوضح النائب السابق والقيادي في السيادة أن "ائتلاف القيادة السني الموحد هو الممثل الشرعي للمكون السني، لأنه يمثل الأغلبية الفعلية، في حين أن القوى الأخرى التي تزعم امتلاكها الأغلبية (في إشارة إلى حزب تقدم)، حصلت على تلك الأغلبية العددية للنواب بسبب تحالفها كما حصل مع التيار الصدري الذي هو الممثل الشيعي الحقيقي بينما أصبح التمثيل العددي للمكون الشيعي للإطار بسبب تحالف جميع القوى في تكتل الإطار مقابل التيار الصدري.

التحالف الجديد لا يمثل المكون

من جانب آخر، يؤكد النائب السابق والقيادي في حزب تقدم كامل الغريري أن التحالف الذي تأسس مؤخرا لا يعد الممثل الشرعي والوحيد للمكون السني لأنه لا يشمل جميع القوى السنية، بل أنه يشمل قيادات سنية محدودة.

وقال الغريري في حديث لشبكة "الساعة": إن "تحالف القيادة السني الموحد يفترض أن يكون معبرا عن عنوانه ويجمع القوى والشخصيات والزعامات السنية وممثليهم سياسيا ومجتمعيا وعشائريا"، مبينا أن "هذا التحالف لم يراعِ هذا الموضوع واقتصر على مجموعة من القيادات السياسية دون غيرهم".

وأضاف: أن "التحالف الجديد شكلته 4 شخصيات سياسية سنية ولا يمكن القول بأن تمثيل المكون السني يقتصر على هؤلاء الشخصيات الأربعة"، مبينا أن "إعلان التحالف بهذا الشكل وبهذه القيادات فقط يؤكد أنه تحالف من أجل المصالح وليس تحالف من أجل إصلاح الأوضاع في البيت السني".

وأشار الغريري إلى أن القيادات السنية أخفقت جميعها في تمثيل المكون السني واستحصال حقوقه المتمثلة بملف التوازن بمؤسسات الدولة وملف المغيبين والمختطفين والسجون والمعتقلين وغيرها من الملفات"، مشددا على أن "المكون السني اليوم بحاجة للتوحد بشكل يضمن جمع أبناء المكون والزعامات السنية والممثلين له في تحالف واحد لضمان الحصول على حقوق المكون بدل تقديم كل مجموعة وتحالف لنفسه ممثلا عن السنة".

وكشف الغريري عن أن "تحالف تقدم اتخذ قرارا بعد انتهاء أزمة رئاسة مجلس النواب واستلام محمود المشهداني المنصب يهدف إلى توحيد البيت السني في جبهة وخيمة واحدة، والعمل من أجل ضمان حقوق المكون التي لم تحقق طيلة السنوات الماضية".

استعداد مبكر للانتخابات البرلمانية

أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة الموصل محمود عزو فيؤكد أن دلالات تشكيل التحالف الجديد تتمثل في الاستعدادات والتحضيرات المبكرة للانتخابات البرلمانية العامة التي من المقرر أن تجري هذا العام 2025.

وقال عزو في حديث مع شبكة "الساعة": إن "الدلالات وراء الإعلان عن تشكيل التحالف السني الجديد واضحة وتتمثل في الاستعداد للانتخابات البرلمانية المقبلة، وبالتالي فإن الكتل والشخصيات السياسية تسعى لإيجاد مظلة تقول إنها الأكبر تمثيلا للمكون أو الطائفية التي ينطلق منها هذا التحالف أو ذاك".

وأضاف أن "التحالف الأخير يأتي ليشكل خط صد سني يواجه خط الصد الشيعي خصوصا بعد انهيار تحالف السيادة الذي كان يجمع الحلبوسي والخنجر معا"، مبيناً أن "التجمع الأخير وضع نفسه في مواجهة تحالف تقدم بزعامة الحلبوسي وذلك يظهر من خلال طبيعة التحالف الذي غاب زعيم تقدم عنه".

وأشار إلى أن "الحلبوسي وهو اليوم يمتلك العدد الأكبر من أعضاء مجلس النواب على صعيد الكتل السنية، كما أنه يمتلك العدد الأكبر لأعضاء مجالس المحافظات ولذلك فإن التحالف الجديد يسعى لأن يكون كخط صد لمواجهة الحلبوسي"، لافتاً إلى أن "ذلك كله يأتي في إطار سعي خميس الخنجر لجمع أكبر عدد من الشخصيات السنية لتصدر المشهد السياسي السني في المرحلة الراهنة والمقبلة".

وعن إمكانية دخول المكون السني الانتخابات المقبلة بقائمتين يقود إحداهما الخنجر والثانية الحلبوسي، قال عزو إن "قانون الانتخابات هو من يحدد شكل التحالفات ودخول القوى السنية في الانتخابات المقبلة، إذ إن طبيعة التعديل على القانون هي من تحدد دخول السنة بقائمتين أو أكثر".

ولفت أستاذ العلوم السياسية إلى أن "التطورات في المنطقة لها انعكاس في العراق خاصة وأن التدخل التركي في سوريا كان واضحا في رسم المشهد في سوريا وذلك يدفع الكتل العراقية السنية التي ترى نفسها منسجمة مع تركيا بمحاولة أخذ دور أكبر في المرحلة المقبلة".

وأشار إلى أن "التطورات المقبلة لا يمكن التنبؤ بها ولا سيما أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سيتسلم الرئاسة بعد أيام، وبعدها سيكون للولايات المتحدة سياسية أخرى تجاه العراق والمنطقة فمن الممكن أن هذه التطورات هادئة أو متسارعة".

تكريس للطائفية

غير أن الكاتب والمحلل السياسي عبد الجبار الجبوري يصف الإعلان عن التحالف الأخير بأنه تكريس وتعزيز للطائفية السياسية في البلاد.

وقال الجبوري في حديث لشبكة "الساعة": إن "تحالف القيادة السنية الموحدة طائفي وجاء على غرار ائتلاف الإطار التنسيقي الشيعي الطائفي والذي تم تشكيله من شخصيات بعضها محسوب على الإطار التنسيقي مثل محمود المشهداني ومثنى السامرائي".

وأضاف الجبوري: أن "هكذا ائتلافات تكرس واقعا سياسيا طائفيا، ليس فيه مصلحة لكلا الطائفتين ولا سيما بعد أن عانت الطائفتان الأمرّين من نظام المحاصصة الطائفية المقيت الذي أوصل البلد إلى حضيض الفشل والتشرذم والطائفية".

وأكد الجبوري أن "التطلعات كانت نحو توحد القوى الوطنية العراقية لإنقاذ العراق وتجنيبه عاصفة التغيير التي تمر بالمنطقة وليس عبر تشكيل تحالفات تعزز الطائفية السياسية في البلاد".

اخترنا لك