13:47:23 2025-10-23 : اخر تحديث
13:36:45 2025-10-23 : نشر في
أنس السالم - شبكة الساعة
في مشهد يعكس عمق الأزمة التي يعيشها القطاع الصحي في العراق، أعلن مئات الأطباء في عدد من المحافظات عن إضراب جزئي عن العمل، احتجاجاً على ما وصفوه بالإهمال الحكومي المتواصل وتدهور بيئة العمل داخل المستشفيات.
وبدت أروقة بعض المؤسسات الصحية شبه خالية من الكوادر، بينما اقتصرت الخدمات على الحالات الطارئة فقط، في خطوة أثارت قلق المواطنين وأعادت الجدل حول أوضاع الأطباء ومستقبل الرعاية الصحية في البلاد.
ووفقاً لبيان نقابة الأطباء العراقية، فإن قرار الإضراب جاء بعد سلسلة من المطالبات التي لم تجد استجابة من الجهات الرسمية، وفي مقدمتها عدم تعيين أطباء دفعة 2024، الذي أعاق تطبيق قانون التدرج الطبي المعمول به منذ سنوات طويلة، زيادة ساعة العمل التي قد تصل في بعض المستشفيات إلى 500 ساعة في الشهر الواحد.
وأدى الإضراب إلى إرباك واضح في بعض المستشفيات، حيث تم تأجيل مواعيد الفحوصات والعمليات لكثير من المواطنين المرضى في المستشفيات الحكومية التي تعتمد عليها الطبقات الفقيرة.
وبعد ذلك، أعلنت وزارة الصحة العراقية عن توزيع أطباء التدرج من خريجي دفعة 2021-2022، مبينة أن التوزيع جرى وفق المجموعات والفروع الطبية المعتمدة، إلا أن هذه الخطوة لم تكن كفيلة بحل مشكلة الأطباء.
وقال الدكتور محمد سليمان الحوري، رئيس نقابة الأطباء في نينوى، في تصريح خاص لشبكة "الساعة"، إن "مطالبة خريجي كليات الطب للأعوام 2024 و2025 بالتعيين هي مطالبة مشروعة، لأن التعيين حقٌّ مكفول لهم وفق قانون التدرج الطبي المعمول به في العراق منذ تأسيس الدولة".
وتابع أن "هذا القانون يضمن تعيين الطبيب مباشرة بعد تخرجه كطبيب مقيم دوري في المستشفيات لمدة سنتين، ثم ينتقل إلى مرحلة التدرج ليصبح طبيباً اختصاصياً فيما بعد".
وأشار إلى أن "تعطيل هذا القانون ينعكس سلباً على استمرارية الخدمات الطبية في المستشفيات، لأن التدرج الطبي يعتمد على مبدأ تسليم المهام من دفعة إلى أخرى، مثل سباق التتابع".
وأضاف الحوري، أن "غياب التعيينات لخريجي عامي 2024 و2025 تسبب بإرباك واضح في المؤسسات الصحية، وأثر أيضاً على خريجي دفعات 2022 و2023 الذين أنهوا فترة الإقامة الدورية ويحتاجون إلى الانتقال للمرحلة التالية"، مبيناً أن "استمرار هذا التعطيل يعني تعطيل العمل في المستشفيات والمراكز الصحية".
وأوضح أن "الإضراب غير مسموح به قانوناً في مؤسسات الدولة العراقية، وأي موظف يشارك في إضراب يعرض نفسه للمساءلة القانونية والعقوبات الوظيفية".
ولفت إلى أنه "للأطباء حقاً مشروعاً في المطالبة بحقوقهم عبر الوسائل السلمية كعقد اللقاءات مع وزارة الصحة أو تنظيم وقفات احتجاجية قانونية".
وزاد أن "المشكلة الأساسية التي تعيق تنفيذ قانون التدرج الطبي هي عدم توفر السيولة المالية، فوزارة المالية أعلنت عجزها عن تخصيص المبالغ اللازمة لتعيين الأطباء الجدد".
وبين أن "نقابة الأطباء تواصل الدفاع عن حقوق الأطباء وتسعى لإيجاد حلول عاجلة، لأن استمرار هذا الوضع سيؤثر بشكل مباشر على جودة الخدمات الصحية في البلاد".
وختم الحوري حديثه بالقول: إنه "نتمنى أن تُحل الأزمة قريباً وأن يتم تفعيل قانون التدرج الطبي لما فيه من مصلحة للأطباء وللمرضى وللمنظومة الصحية العراقية بشكل عام".
من جهته قال الدكتور سعد العايد، وهو ممثل أطباء نينوى - دفعة 2024، لشبكة "الساعة"، إن "مطالبنا تتلخص بتعيين الأطباء من خريجي دفعة 2024 فورًا، ومن دون تأخير، وتوزيع أطباء الإقامة الدورية من الدفعة 2023 إلى مناطق التدرج الطبي (الأقضية والنواحي)، توزيع أطباء التدرج من الدفعة 2022 على فروع الإقامة القدمى".
وأضاف أن "تحركاتنا الاولى تمثلت باللجوء إلى الطرق الرسمية، بلقاءات بأشخاص أصحاب مناصب في الدولة وأعضاء في مجلس النواب، ولم نحصل على نتيجة".
وتابع أنه "بعدها لجأنا إلى تنظيم وقفات احتجاجية داخل المستشفيات ونقابات الأطباء، مع إلقاء بيانات ونشرها اعلاميًا، ولكن لم يصل الصوت إلى اصحاب الشأن، ولم نلقَ أية استجابة لمطالبنا؛ فاضطر الأطباء إلى استعمال طريقة أكثر تصعيداً وشدة لإيصال صوتهم نتيجة إحساسهم بالخطر وقرب الانتخابات".
وبشأن المشكلة المستجدة في قانون التدرج الطبي، أوضح العايد، أن "قانون التدرج ملزم بتعيين كافة الأطباء والمهن الصحية والطبية، إلا أن الأمر الذي استجد هو زيادة أعداد الخريجين من باقي المهن عدا الأطباء، الذين تصف الدول بعض أصنافهم على أنها دخلت مرحلة الاكتفاء منهم، وأصبحت أعدادهم فائض عن الحاجة".
وأردف: "أما الطب العام فما زالت الدولة بحاجة لكل أعدادهم، وما زلنا لم نصل لمرحلة الاكتفاء العالمي حسب منظمة الصحة العالمية وفق النسب القياسية اللي هي 1.8 طبيب لكل ألف نسمة من أجل أقل خدمة صحية"، مبيناً أن "بعض الدول يصل عدد الأطباء من 5 - 4 أطباء لكل ألف نسمة".
وقال الدكتور مضر العمري، استشاري الجراحة العامة ومدير مستشفى السلام التعليمي في الموصل، في منشور على منصة "فيسبوك" طالعته شبكة "الساعة"، إن "ما يجري اليوم في الساحة الصحية ليس مجرد إضراب وظيفي، بل هو صرخة ألم وطلب إنصاف بعد سنوات من المعاناة والصبر على ظروف معيشية ومهنية صعبة".
وتابع أن "الطبيب العراقي، الذي ظل يؤدي واجبه في أصعب الظروف، يستحق أن تُحترم حقوقه وأن تُقدّر تضحياته، لا أن يُترك دون تعيين أو دعم".
وأضاف أن "الأزمة الحالية تعود إلى تراكم الإهمال الإداري وتأخر تعيين خريجي كليات الطب، خصوصاً دفعة 2024، إضافة إلى غياب رؤية واضحة لتوزيع الكوادر الطبية على المحافظات".
وأشار إلى أن "ما يحدث اليوم هو نتيجة مباشرة لخلل في إدارة ملف التدرّج الطبي وتجميد تطبيق القوانين التي تضمن استمرارية الخدمات الصحية".
وزاد العمري قائلاً: إن "إضراب الأطباء ليس مواجهة مع الدولة، بل دعوة صريحة لإصلاح النظام الصحي وبناء حوار فعّال بين الحكومة والمؤسسات المهنية". لافتاً إلى أن "الأمن الصحي جزء أساسي من الأمن الوطني، ولا يمكن لأي دولة أن تستقر إذا فقدت ثقة كوادرها الطبية".
ولفت إلى أن "الحل يبدأ بتعيين فوري للأطباء الجدد، وتفعيل قانون حماية الأطباء، وتعديل نظام التدرج الطبي بما يضمن العدالة في توزيع الكوادر وتحقيق بيئة عمل آمنة ومنصفة"، مشدداً على ضرورة "إنشاء صندوق خاص لدعم الطبيب العراقي وتأمين المخصصات المالية العادلة".
وختم العمري حديثه بالقول: إن "كرامة الطبيب من كرامة الدولة، والإضراب يجب أن يُفهم كوسيلة للمطالبة المشروعة بالحقوق لا كتهديد للخدمة الصحية"، مؤكدًا ضرورة وجود "إصلاح حقيقي يعيد الثقة بين الطبيب والدولة، لأن نهضة الوطن تبدأ من حماية من يداوي جراحه".
ليصلك المزيد من الأخبار والتقارير والتحليلات
اشترك بقناتنا على التليكرام2024-07-24 11:29:54
محامية عراقية ضمن حملة ترامب!
2024-07-24 11:25:30
الحكومة العراقية تنفي صلتها بصفحات "التطبيل"
2024-07-24 11:21:23
طائرات مسيرة تجوب سماء العاصمة بغداد وتقصف مخزن أسلحة يتبع فصيلا مسلحا
2024-07-24 11:17:27
اتهامات للسياسيين السنة بالمتاجرة بنازحيهم