15:35:10 2025-10-22 : اخر تحديث
15:35:10 2025-10-22 : نشر في
فريق التحرير- شبكة الساعة
داخل أحد الأحياء الشعبية في العاصمة بغداد، تعيش أم دعاء صراعًا يوميًا لا يراه كثيرون: ابنتها المراهقة لم تعد تلك الطفلة التي تعرفها فقد تغيرت ملامحها وسلوكياتها وحتى طريقة حديثها، لم تعد تهتم بدراستها ولا تجلس مع العائلة، بل تقضي ساعات طويلة خلف شاشة الهاتف، غارقة في عوالم "تيك توك" السريعة والمليئة بالأوهام.
تقول الأم بحسرة لشبكة "الساعة": "ابنتي أصبحت غريبة عنّا.. تصحو وتنام على صوت التنبيهات، وتعيش وكأن حياتها الحقيقية هي عدد الإعجابات والمشاهدات التي تحصل عليها، بالبداية كنا نعتبره تسلية، لكنها أصبحت مهووسة بالبث، تضع مكياجًا مبالغًا فيه، وتقلّد فتيات أكبر منها".
وتتابع: "حاولت أسحب منها الهاتف، لكن صارت تبكي وتغضب، وصارت تهدد بأنها ستترك البيت إن منعتها فأنا ضائعة بين خوفي عليها وبين عدم قدرتي على السيطرة".
الباحثة الاجتماعية شهلاء صبّار ترى أن تطبيق "تيك توك" تجاوز حدود الترفيه إلى التأثير المباشر على بنية الوعي والسلوك لدى المراهقين، لا سيما في مجتمعات تعاني من هشاشة التعليم وضعف الرقابة الأسرية.
وتوضح صبّار لشبكة "الساعة"، أن "ما يحدث مع الفتيات مثل دعاء هو نتيجة طبيعية لبيئة غير منظمة رقميًا والمراهقة لا تملك نضجًا كافيًا لتمييز الزائف من الواقعي فتجد نفسها تلاحق نماذج استعراضية عبر التطبيق دون وعي بعواقب ذلك على صورتها الذاتية".
وبينت أن "المحتوى الشائع على تيك توك يعزز مفاهيم مثل: الجمال الخارجي، الشهرة اللحظية، والاهتمام مقابل المظهر، مما يُنتج هوية مشوشة ومزيفة حتى لا تعود تعرف من هي خارج هذا العالم، وهذا ما يدفعها للعزلة، والتمرد على أسرتها، والابتعاد عن الدراسة أو الهوايات الواقعية".
وأضافت أن "هناك ارتفاعًا ملحوظًا في حالات اضطرابات الأكل والقلق والاكتئاب بين المراهقات اللواتي يرتبطن بهذا النوع من التطبيقات ارتباطًا مفرطًا"، مؤكدةً أن "الطفلة ترى نفسها غير كافية لأنها لا تملك ما تملكه المشهورات من ملابس ومكياج وحياة ظاهرية، هذه المقارنات المؤذية تنخر في نفسيتها بصمت".
وأشارت إلى أن "المنصة تخلق تصورًا زائفًا بأن قيمة الإنسان تُقاس بعدد المشاهدات والهدايا الرقمية، وهذا خطر اجتماعي حقيقي يُعيد تشكيل منظومة القيم عند الجيل الجديد".
من جانبه، يربط اختصاصي علم النفس كاظم الحمداني بين استخدام "تيك توك" والإدمان السلوكي، مؤكدًا أن تأثيره على المراهقين قد يصل إلى مستويات خطيرة تشبه الإدمان الكيميائي.
ويقول الحمداني لشبكة "الساعة": "خوارزمية تيك توك مبنية على ضخ متواصل من الفيديوهات القصيرة السريعة، وهذا يجعل الدماغ معتادًا على الإشباع الفوري، ويفقد قدرته على التركيز والتحمل والصبر".
وأضاف: "نشاهد الآن جيلاً يعاني من التشتت، تقلبات المزاج، ضعف النوم، والعنف اللفظي، وهي كلها مؤشرات نفسية على خلل في مناطق التنظيم والانضباط داخل الدماغ".
ويحذر من أن "الاستخدام المفرط للتطبيق قد يؤدي إلى اضطرابات في العلاقات الاجتماعية والعائلية، ويؤثر في قدرة المراهق على بناء صورة ذاتية مستقرة، وهو ما يؤدي إلى الشعور بالفراغ، الانعزال، وحتى التفكير في الانتحار في بعض الحالات، كلها نتائج موثقة لحالات إدمان على وسائل التواصل، خاصة لدى من لم يتلقوا توعية مسبقة".
ويختتم الحمداني حديثه بدعوة الأهالي إلى "استخدام لغة الحوار بدلًا من المنع القسري، وفتح قنوات ثقة مع الأبناء، مع ضرورة دعمهم في بناء هوايات واقعية خارج العالم الافتراضي".
وتشير تقارير عالمية إلى أن متوسط استخدام "تيك توك" بين المراهقين يتجاوز 3 ساعات ونصف يوميًا، فيما تغيب الأدوات الفعالة للرقابة الأبوية والتشريعية في أغلب الدول، ومنها العراق.
ويؤكد الخبراء أن مواجهة هذه الظاهرة تتطلب شراكة بين الأسر، والمدارس، ووزارة الاتصالات، إضافة إلى إدراج مفاهيم التربية الرقمية ضمن المناهج الدراسية.
أما أم دعاء، فما زالت تقف وحيدة في وجه منصة اجتاحت عقل طفلتها تقول وهي تحبس دموعها: "بس أريد بنتي ترجع، مو بس تترك "تيك توك".. أريد ترجع تضحك، ترسم، تحضني مو تلفونها".
ليصلك المزيد من الأخبار والتقارير والتحليلات
اشترك بقناتنا على التليكرام: كلمات مفتاحية
2024-07-24 11:29:54
محامية عراقية ضمن حملة ترامب!
2024-07-24 11:25:30
الحكومة العراقية تنفي صلتها بصفحات "التطبيل"
2024-07-24 11:21:23
طائرات مسيرة تجوب سماء العاصمة بغداد وتقصف مخزن أسلحة يتبع فصيلا مسلحا
2024-07-24 11:17:27
اتهامات للسياسيين السنة بالمتاجرة بنازحيهم