12:47:17 2024-12-13 : اخر تحديث
12:47:17 2024-12-13 : نشر في
فريق التحرير- شبكة الساعة
تشكل العلاقات بين العراق وسوريا حالة فريدة من التشابك السياسي والتاريخي في المنطقة العربية، حيث تجمع بين عوامل تاريخية عميقة تتعلق بالجغرافيا المشتركة والموروث الثقافي، وبين صراعات سياسية أيديولوجية متجذرة أدت إلى تحولات حادة في طبيعة العلاقة بين البلدين عبر العقود.
تميّزت هذه العلاقة بمراحل متقلبة، أثرت فيها التغيرات السياسية والاختلافات الأيديولوجية بين البلدين.
في خضم التقلبات والصراعات البينية التي مر بها العالم العربي أطلت ظاهرة الخصومة الحادة بين سوريا والعراق رغم أنهما محكومان من نفس الحزب ومتلاصقان جغرافيًا ومتشابهان ديموغرافيًا حزب البعث الذي تأسس على يد ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار كان يؤمن بالوحدة العربية، لكنه سرعان ما انقسم داخليًا بين فرعيه السوري والعراقي، كما أشار الباحث ميشيل درايك في كتابه "حزب البعث: انقسام وتنافس إقليمي" فإن الانشقاق بين الفرعين السوري والعراقي كان انعكاسًا لصراع قوى الهيمنة بين بغداد ودمشق.
في سوريا سيطرت اللجنة العسكرية للحزب بقيادة صلاح جديد وحافظ الأسد على السلطة بعد انقلاب عام 1966، مما أدى إلى فصل ميشيل عفلق عن الحزب ونفيه، أما في العراق فقد تبنى الحزب استراتيجية مختلفة بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق عبد الكريم قاسم في عام 1963 وعودت البعث إلى السلطة عام 1968 بقيادة احمد حسن البكر ونائبه صدام حسين ومن ثم احتضنت بغداد ميشيل عفلق، مما زاد من حدة الخلاف مع دمشق.
شهدت العلاقات بين العراق وسوريا محاولات عدة للتقارب من أبرزها دعم العراق لسوريا خلال حرب أكتوبر 1973، وتوقيع "ميثاق العمل الوطني" عام 1978 الذي هدف إلى تحقيق اتحاد بين البلدين.
ومع ذلك انهارت هذه الجهود بعد وصول صدام حسين إلى السلطة عام 1979 حيث أقدم على إعدام عدد من رفاقه بتهمة التواصل مع نظام الأسد وتصاعدت التوترات لاحقًا بسبب دعم حافظ الأسد لإيران خلال حربها مع العراق، حيث أغلقت سوريا أنبوب النفط العراقي الذي يمر عبر أراضيها مما ألحق أضرارًا اقتصادية كبيرة بالعراق وأسهم في زيادة الخلافات بين البلدين.
بعد سقوط نظام صدام حسين في 2003 دخلت العلاقات العراقية السورية مرحلة جديدة، حيث تبنت دمشق سياسة مزدوجة تمثلت في دعم بعض الجماعات المسلحة المناهضة للاحتلال الأمريكي للعراق مما أثار توترات مع الحكومات العراقية الجديدة التي اعتبرت هذه الخطوة تهديدًا لاستقرارها الداخلي.
وفي الوقت ذاته، حافظت سوريا على قنوات اتصال مع القوى السياسية العراقية الناشئة، لا سيما تلك المتحالفة مع النفوذ الإيراني في المنطقة.
لكن وخلال فترة رئيس الوزراء نوري المالكي تصاعدت التوترات بين العراق وسوريا بشكل كبير، خصوصًا بعد التفجيرات التي استهدفت بغداد في 19 أغسطس 2009 وأسفرت عن مقتل 95 شخصًا وإصابة 600 آخرين.
اتهم المالكي النظام السوري بإيواء شخصيات متورطة في هذه الهجمات وقدم شكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي طالب فيها بتشكيل لجنة تحقيق دولية، هذه الخطوة أدت إلى أزمة دبلوماسية كبيرة بين البلدين حيث تم استدعاء السفراء وتصاعدت الاتهامات المتبادلة.
وعلى الرغم من هذه التوترات شهدت العلاقات تحسنًا نسبيًا ثم انتقلت الى مستوى أكثر تماسكا مع اندلاع الثورة السورية.
أدى اندلاع الثورة السورية في عام 2011 إلى تغييرات جذرية في العلاقة بين البلدين، حيث وقفت الحكومة العراقية بجانب نظام بشار الأسد معتبرة أن سقوطه قد يزعزع استقرار العراق نفسه، وقدمت بغداد دعمًا سياسيًا ولوجستيًا للنظام السوري.
ولعبت الفصائل المسلحة العراقية الموالية لإيران دورًا محوريًا في دعم نظام الأسد هذه الفصائل مثل "كتائب حزب الله" و"عصائب أهل الحق" شاركت بشكل مباشر في المعارك داخل سوريا مما عزز من قدرة النظام السوري على الصمود أمام المعارضة المسلحة، وجاء هذا الدعم في سياق التحالف الإقليمي الذي تقوده إيران والذي يشمل العراق وسوريا ولبنان.
في المقابل اتخذت بغداد موقفًا معارضًا من دعم المعارضة السورية مفضلة الحفاظ على استقرار النظام القائم في دمشق، خاصة أن سقوط الأسد كان يُنظر إليه على أنه تهديد مباشر للأمن الإقليمي ودور العراق ضمن محور المقاومة الذي تقوده إيران.
في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024 أعلنت المعارضة السورية المسلحة سيطرتها على العاصمة دمشق والإطاحة بنظام بشار الأسد منهيةً حكم الأسد الذي استمر 5 عقود، اما الفصائل العراقية المسلحة الموالية لإيران فانسحبت من منطقة البوكمال في سوريا وتوجهت نحو مدينة القائم العراقية الحدودية تنفيذًا لأوامر تهدف إلى تجنب الاشتباك مع الفصائل المسلحة السورية وانقطع طريق طهران بيروت.
مع تزايد التهديدات الإقليمية التي تواجه الفصائل العراقية وتراجع نفوذ "حزب الله" اللبناني بعد معركته الأخيرة مع الاحتلال الإسرائيلي جاء القرار الأمني العراقي الرسمي واضحًا ومؤكدًا على عدم رغبة العراق أو الفصائل المرتبطة به في الانخراط في صراع مباشر مع الأطراف السورية أو تقديم دعم لنظام بشار الأسد في معركته الأخيرة ضد قوات المعارضة، خاصةً مع انسحاب الجيش السوري من المدن وتدهور وضعه.
وفي الوقت ذاته عزز العراق قواته العسكرية على الحدود المشتركة مع سوريا، في إطار حماية أمنه القومي ومراقبة التطورات في المناطق الحدودية.
بعد سقوط نظام بشار الأسد وتولي حكومة الإنقاذ الوطني زمام الحكم في سوريا تبنت العلاقات العراقية السورية نهجًا أكثر واقعية يتماشى مع المتغيرات الجديدة، فيما أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني على أهمية احترام إرادة الشعب السوري الحرة ودعم خياراته بما يعكس تطلعاته المستقبلية.
من جانبها عبّرت الحكومة السورية الانتقالية عن امتنانها للعراق لاستئناف بعثته الدبلوماسية في دمشق مشيدةً بمواقفه تجاه الشعب السوري، ومعربةً عن تطلعها إلى تعزيز العلاقات الثنائية وتعزيز أواصر الأخوة بين البلدين.
على الصعيد الأمني تُعد حماية الحدود ومكافحة التنظيمات الإرهابية خاصة مع استمرار تهديد تنظيم "داعش" الذي يعد من أبرز الأولويات المشتركة بين العراق وسوريا، فيما أكد اللواء يحيى رسول الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية أن "الحدود مع سوريا تخضع لسيطرة مشددة مع تعزيز التواجد العسكري لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة".
مستقبل العلاقات العراقية السورية بعد رحيل بشار الأسد يعتمد بشكل أساسي على طبيعة الحكومة السورية القادمة ومدى استقرار العراق وسوريا داخلياً، ويمكن أن تكون هناك فرصة لبناء علاقة شراكة حقيقية إذا تم التركيز على المصالح المشتركة وتجاوز الضغوط الإقليمية والدولية.
: كلمات مفتاحية
2024-07-24 11:29:54
محامية عراقية ضمن حملة ترامب!
2024-07-24 11:25:30
الحكومة العراقية تنفي صلتها بصفحات "التطبيل"
2024-07-24 11:21:23
طائرات مسيرة تجوب سماء العاصمة بغداد وتقصف مخزن أسلحة يتبع فصيلا مسلحا
2024-07-24 11:17:27
اتهامات للسياسيين السنة بالمتاجرة بنازحيهم