صورة الخبر

11:55:15 2025-08-04 : اخر تحديث

11:55:15 2025-08-04 : نشر في

"خور مور".. الحقل الذي غيّر معادلة الطاقة في كردستان العراق

حجم الخط

فريق التحرير- شبكة الساعة

يقع حقل "خور مور" الغازي في ناحية قادر كرم التابعة لقضاء جمجمال ضمن محافظة السليمانية، شمال شرقي العراق ويمتد الحقل على مساحة تقارب 33 كيلومترًا طولًا و4 كيلومترات عرضًا، ويُعد من الحقول النادرة التي تحتوي على غاز طبيعي حرّ في المنطقة. 

ورغم أنه اكتُشف مبكرًا في أواخر عشرينيات القرن الماضي (عام 1928 أو 1930)، إلا أن الحقل ظل مُهمَلًا لعقود، دون أن تُنفذ فيه أي عمليات تطوير فعلية حتى العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وكان يُعرف سابقًا باسم "حقل الأنفال" قبل أن يُعاد تسميته ضمن جهود ربطه بالهوية الجغرافية المحلية.

 انطلاق مشروع التطوير في 2007

شهد عام 2007 تحولًا محوريًا في تاريخ الحقل، حين وقّعت حكومة إقليم كردستان اتفاقية شراكة مع ائتلاف من الشركات الدولية لتطوير "خور مور" واستخراج الغاز منه.

تتصدر المشروع شركتا دانة غاز الإماراتية ونفط الهلال، وتمتلك كل منهما 35% من الحصص، بينما تتوزع الحصص المتبقية بين شركات أوروبية هي MOL وOMV وRWE بنسبة 10% لكل منها، وتحتفظ حكومة الإقليم بـ 10% فقط.

وتولت شركة "بيرل بتروليوم"، التي تضم هذه الأطراف، إدارة المشروع وتشغيل الحقل فعليًا، مع الإشراف على البنية التحتية والعمليات التقنية والنقل والتوزيع.

إنتاج واحتياطيات هائلة

يضمّ حقل «خور مور» أكثر من 7 تريليونات قدم مكعّبة من الغاز الطبيعي، وهو ما يضعه ضمن الحقول العملاقة في العراق والمنطقة.
بحسب بيانات شركة "بيرل بتروليوم" (آذار/مارس 2025)، بلغ متوسط الإنتاج اليومي:

525 مليون قدم مكعّبة قياسية من الغاز الطبيعي

15,200 برميل من المكثّفات

1,070 طن متري من الغاز البترولي المُسال

وتمثّل هذه الأرقام زيادةً بنحو 100 مليون قدم مكعّبة يوميًا مقارنةً بمعدّل عام 2022، ما يعكس تقدّم أعمال التوسعة وتحسين كفاءة الآبار وخطوط المعالجة. تُستخدم الكميات المنتَجة أساسًا لتوليد الكهرباء داخل إقليم كردستان، ما يجعل الحقل شريانًا حيويًا في منظومة الطاقة ويوفّر للإقليم درجةً ملموسة من الاستقلال الطاقي عن الحكومة الاتحادية.

الطموحات المستقبلية: نحو مضاعفة الإنتاج

تخطّط الشركات المشغّلة لرفع الإنتاج إلى 750 مليون قدم مكعّبة يوميًا خلال الأعوام القليلة المقبلة، وهو ما سيعزّز مكانة "خور مور" كمصدرٍ رئيسي للغاز محليًا وربما إقليميًا إذا تمّ تطوير مشاريع التصدير. فتحقيق هذا الهدف سيوفّر وقودًا أوفر للمصانع، ويوسّع شبكة الكهرباء، وقد يمهّد لتصدير الفائض إلى دول الجوار متى ما تم تجاوز الإشكاليات السياسية والتقنية.

الهجمات والتهديدات

في 25 كانون الثاني/يناير 2024، استهدفت طائرةٌ مسيّرةٌ حقلَ "خور مور" فأضرمت النار في أحد خزّانات المكثّفات وأوقفت الضخّ مؤقتًا، ما أدى إلى انخفاض إنتاج الكهرباء في إقليم كردستان بنحو 2,800 ميغاواط في ذروة الشتاء، قبل استئناف التشغيل بعد ساعات قليلة.

بعد ذلك بثلاثة أشهر، في 26 نيسان/أبريل 2024، أسفر هجوم مماثل عن مقتل أربعة عاملين وافدين وتعليق الإنتاج مجددًا، مسببًا انخفاضًا يُقدَّر بحوالى 2,800 ميغاواط من قدرات التوليد، وفق ما أعلنته حكومة الإقليم ومستشاروها.

أما أحدث هجوم موثق، فوقع فجر 2 شباط/فبراير 2025، حين أصابت مسيّرةٌ الحقل دون أن تُلحِق أضرارًا بالمنشآت أو توقف الإنتاج، بحسب وزارة الموارد الطبيعية في كردستان ومصادر أمنية.

ومنذ ذلك التاريخ، لم تُسجَّل أي اعتداءات جديدة حتى 4 آب/أغسطس 2025، لكن تكرار الاستهدافات بالصواريخ والمسيّرات خلال العامين الماضيين يسلّط الضوء على هشاشة البنية التحتية الطاقية وضرورة تعزيز إجراءات الحماية لتفادي انقطاع واسع قد يهدّد استقرار الإمدادات وسوق الكهرباء في الإقليم.

جدل قانوني مستمر بين بغداد وأربيل

رغم أن "خور مور" يقع داخل أراضي إقليم كردستان، إلا أن ملف الغاز لا يزال محل نزاع دستوري وقانوني بين بغداد وأربيل، في ظل غياب قانون نفط وغاز موحد، وتأخر المحكمة الاتحادية في حسم الصلاحيات المتعلقة بتوقيع العقود وتوزيع العائدات.

وتعتبر الحكومة الاتحادية أن الحقول الغازية هي ملك وطني، بينما ترى حكومة الإقليم أنها تقع ضمن صلاحياتها الإدارية والاقتصادية، هذا الجدل القانوني يؤثر مباشرة على مستقبل الاستثمار الأجنبي وعلى قدرة الشركات العاملة في الحقل على التوسع دون عراقيل سياسية.

 حقل اقتصادي بامتياز في بيئة سياسية مضطربة

لا يقتصر دور حقل "خور مور" على إنتاج الطاقة فقط، بل يتجاوز ذلك إلى كونه مؤشرًا على مدى قدرة الإقليم على إدارة موارده الطبيعية واستثمارها اقتصاديًا في بيئة مليئة بالتحديات.

ورغم الإمكانات التقنية والإنتاجية المتوفرة، إلا أن مستقبل الحقل سيظل رهينًا بالتطورات السياسية في العلاقة بين المركز والإقليم، وبمدى قدرة إقليم كردستان على تحقيق الأمن والحماية لموارده الحيوية في ظل التهديدات المتكررة.

اخترنا لك