صورة الخبر

13:52:57 2025-12-16 : اخر تحديث

09:43:25 2025-12-04 : نشر في

برلمان العراق السادس.. بداية عصر التوازنات الصعبة وهيمنة الفصائل

حجم الخط

صحافة البيانات - شبكة الساعة

تأتي انتخابات مجلس النواب العراقي لعام 2025 بوصفها واحدة من أكثر المحطات الانتخابية تعقيدًا منذ عام 2005، ليس فقط لأنها جرت في ظل بيئة سياسية متحركة ومشهد حزبي شديد التقلّب، بل لأنها تعكس حجم التحوّل في سلوك الناخب العراقي واتجاهات المشاركة العامة.

وشهدت هذه الدورة ارتفاعًا ملحوظًا في نسبة التصويت التي بلغت 56% من مجموع من يحق لهم الاقتراع، وهي نسبة أعلى من العديد من الدورات السابقة، وتُفسَّر – وفق قراءات أولية – باعتبارات تتعلق بتنافس التحالفات، وعودة بعض الفئات المترددة، وتراجع المقاطعة المدنية التي برزت بعد 2019.

بلغ عدد العراقيين الذين يحق لهم التصويت 28,079,889 مواطنًا، فيما بلغ عدد الناخبين المحدَّثين بالنظام البايومتري 21,404,291، وهو ما يشير إلى توسّع قاعدة التحديث وتزايد اعتماد المفوضية على قاعدة بيانات أكثر انضباطًا مقارنة بالدورات السابقة.

أما على مستوى العرض السياسي، فقد شهدت الانتخابات سباقًا واسعًا ضم 7,743 مرشحًا بينهم 5,496 رجلًا و2,247 امرأة، فضلًا عن 53 مرشحًا مستقلًا من الأقليات يشغلون مقاعد الكوتا البالغة 9 مقاعد ضمن مجموع 329 مقعدًا هي مقاعد مجلس النواب.

شارك في السباق كذلك 38 تحالفًا سياسيًا، و31 حزبًا مسجّلًا، و83 قائمة منفردة، ما يعكس تناثرًا كبيرًا في الخريطة السياسية قابلته محاولات للتموضع ضمن تكتلات أكبر.

تعكس هذه المؤشرات – قبل الدخول في تفاصيل النتائج – ملامح نظام انتخابي مزدحم، وتنافسًا متعدد المستويات بين قوى تقليدية وأخرى صاعدة، وبين تحالفات تبحث عن وزن أكبر داخل معادلة الحكم، ومرشحين مستقلين يحاولون استثمار الفضاء السياسي الجديد، وفي ضوء البيانات الرسمية الأولية.

ميزان القوى داخل البرلمان العراقي 2025: من يحكم الكتلة الأكبر في الواقع؟

 

على الرغم من أنّ المنافسة الانتخابية في العراق تُقدَّم عادةً كسباق بين تحالفات وأحزاب، فإنّ قراءة البيانات على مستوى "الهويات السياسية" تكشف أن البرلمان الجديد لعام 2025 يقوم على 4 كتل رئيسية مترابطة بهياكل القوة التقليدية: الشيعية، السنية، الكردية، والقوائم المشتركة، إضافة إلى مقاعد التركمان.

وتُظهر البيانات الرسمية التي جُمعت من نتائج 18 محافظة عراقية أنّ مجموع الأصوات الممنوحة لهذه القوائم في المشهد الانتخابي، بلغ 10.5 ملايين صوت، توزّعت بشكلٍ يكشف حجم التحوّل السياسي الذي تعيشه البلاد:

1. الكتل الشيعية الفائزة: 5.483.465 صوتًا –  189 مقعدًا

 

تمثّل الكتلة الشيعية – بكامل أطيافها وتحالفاتها – أكبر قاعدة انتخابية في العراق، غير أن قراءة أصوات 2025 تكشف تحوّلًا مهمًا: البيت الشيعي لم يعد يتحرك ككتلة واحدة كما حصل في انتخابات 2014 أو 2018، بل يتوزّع اليوم على أربعة أقطاب رئيسية وهي  شيعي عقائدي، شيعي وطني، شيعي مدني وشيعي فصائلي  إلى جانب صعود القوائم الوسطية والخدمية.

هذا التفتت لا يقلل من حجم النفوذ، لكنه يسحب من القطب الواحد قدرة "الحسم المبكر" في تشكيل الحكومة، ويجعل أي معادلة سياسية لاحقة رهينة مفاوضات معقّدة بين أجنحة متقاربة في الحجم، لكنها مختلفة في الأولويات والتمثيل الاجتماعي.

تقسم الكتل الشيعية على قسمين، يمثل القسم الأول القوائم الشيعية الهوياتية أو ذات الطابع العقائدي والتي تتكون من قيادة ومرشحين من المكون الشيعي فقط، بينما يمثل القسم الثاني القوائم الشيعية الوطنية ذات الطابع المدني وتتكون من قيادة شيعية ومرشحين من مكونات وأقليات مختلفة مثل السني والكردي والإيزيدي. 

أ- الكتلة الشيعية العقائدية: 4،072،147 صوتًا - 135 مقعدًا 

أسفرت الانتخابات الأخيرة عن هيمنة واضحة للقوائم الشيعية العقائدية التقليدية، مع تفاوت كبير في توزيع الأصوات والمقاعد بين القوائم الكبرى والمتوسطة والصغرى. 

تصدّر ائتلاف دولة القانون بقيادة نوري المالكي النتائج بعد أن حصل على 706,062 صوتًا و29 مقعدًا، وفي المركز الثاني جاءت حركة الصادقون برئاسة قيس الخزعلي بعدد 674,031 صوتًا و27 مقعدًا.

وحصلت منظمة بدر بقيادة هادي العامري على 535,592 صوتًا و18 مقعدًا، فيما نال تحالف قوى الدولة الوطنية برئاسة عمار الحكيم 505,727 صوتًا و18 مقعدًا، في موقف متقارب مع بدر، ما يعكس التأثير المستمر لهذه القوائم الكبرى على المشهد الشيعي.

أما القوائم المتوسطة، فقد أظهرت تأثيرًا معتدلًا في الانتخابات؛ إذ حصل ائتلاف الأساس العراقي بقيادة محسن المندلاوي على 8 مقاعد مع أكثر من 285 ألف صوت، فيما حصلت إشراقة كانون برئاسة حيدر المطيري على نفس عدد المقاعد بعدد أصوات يقارب 192 ألفًا، مما يعكس انتشارها الإقليمي وقدرتها على التأثير في بعض المحافظات. 

وتمكنت حركة حقوق برئاسة حسين مؤنس من الحصول على 6 مقاعد، وحصل تحالف خدمات برئاسة شبل الزيدي على 5 مقاعد، مؤكدين حضورهم في المناطق التي تمثلها قوائمهم.

أما القوائم الصغرى، فقد حصلت بعض القوائم مثل أبشر يا عراق وواسط الأجمل بالخدمات على 4 مقاعد لكل منهما، فيما نالت حركة سومريون مقعدين فقط. وهناك عدد من القوائم حصلت على مقعد واحد فقط، مثل تحالف صلاح الدين الموحد، تحالف ديالى أولاً، تحالف شراكتنا في صلاح الدين، ثابتون، حركة إدراك، كتلة دعم الدولة،

  •  الفصائل المسلحة: تكتل صلب داخل البيت الشيعي العقائدي 111  مقعدًا 2٬777٬326 صوتًا  (تحتسب ضمن مقاعد الكتل الشيعية الفائزة)

 

الصوت المنبثق من الفصائل المسلحة يظل أحد أقوى التيارات داخل المكوّن الشيعي، سواء من خلال قوائم مستقلة تحمل أسماءها، أو عبر اندماجها داخل تحالفات أكبر، ويُظهر تفكيك بيانات الفصائل في انتخابات 2025 ما يلي:

  • - الفصائل التي دخلت بكيانات صريحة

خاضت عدد من الفصائل المسلحة الانتخابات بكيانات صريحة تمثلها سياسيا ولتكون بذلك صاحبة قرار داخل قبة البرلمان ومؤثرة في تشكيل الحكومة القادمة، حصدت الفصائل ذات التمثيل السياسي المستقل، 68 مقعدًا في مجلس النواب، بينما بلغ عدد ناخبيها 2،074،387 ناخبًا.

  •  الفصائل التي دخلت عبر تحالفات كبرى: (مقاعدها تُحتسب ضمن الكتل الكبرى لكنها تمثل امتدادًا مباشرًا للفصائل)

فصائل أخرى اختارت خوض العملية الانتخابية ضمن تحالفات سياسية كبيرة مثل تحالف النهج الوطني وحركة المنتصرون، اللذين  انضما تحت لواء دولة القانون وقوى أخرى، بينما اختار حزب أراك الانضمام لتحالف قوى الدولة، فيما التحقت حركة الأوفياء وحركة العطاء وحركة سومريون بائتلاف الإعمار والتنمية، وانضمت حركة الجهاد والبناء إلى القوى الوطنية. 

وحصدت الفصائل التي دخلت عبر تحالفات كبرى 43 مقعدًا في مجلس النواب بكتلة انتخابية بلغت 683،527 ناخبًا. وتُظهر البيانات أن إجمالي مقاعد الفصائل المباشرة وتلك التي حصلت عليها عبر التحالفات، بلغ ما يقارب 111 - 112 مقعدًا داخل البرلمان، وهو رقم يضعها في موقع الكتلة الضاغطة الثانية داخل البيت الشيعي. 

رغم تشتتها الحزبي وتعدد قوائمها، إلا أن شبكة الارتباط بين قيادات مثل قيس الخزعلي وهادي العامري وفالح الفياض وأبو آلاء الولائي تمنحها قدرة عالية على التفاهم السريع والاصطفاف المشترك في لحظة تشكيل الحكومة.

يتوزع ثقل هذه القوى على ثلاث دوائر رئيسية: الجنوب بثقله الاجتماعي والانتخابي، بغداد بثقله السياسي واللوجستي، ثم الطوق الشمالي في نينوى وصلاح الدين حيث ظهر توسع نوعي واضح في انتخابات 2025. 

هذا الحجم من الحضور يجعل الفصائل اليوم ليست مجرد طرف في المعادلة، بل محورًا حاكمًا لا يمكن تجاوزه، ما يضع القوى الشيعية الأخرى أمام خيار واضح: التفاهم معها أو خسارة القدرة على تشكيل كتلة برلمانية فاعلة في البرلمان المقبل.

بـ  -  القوائم الوطنية: : 1.665.242 صوتًا – 54 مقعدًا - قيادة شيعية ومرشحين من مختلف المكونات

تمثّل القوائم الوطنية المفاجأة الأكبر في انتخابات 2025؛ إذ كسرت ثنائية الاصطفاف الهوياتي التقليدي، وقدّمت نفسها بوصفها بديلًا سياسيًا قائمًا على البرامج والخدمات بدل الانتماء الطائفي. 

هذا التحوّل تجسّد في عدة قوائم بارزة، أبرزها ائتلاف الإعمار والتنمية بزعامة محمد شياع السوداني، الذي جاء أولًا على مستوى العراق بحصيلة بلغت 1,290,815 صوتًا موزعة على 12 محافظة عبر 469 مرشحًا، انتهت بفوز 46 مرشحًا، وحقق الائتلاف حضورًا واسعًا في بغداد والبصرة ونينوى، بفضل طبيعة خطابه الإداري والخدمي وقدرته على جمع أصوات من مختلف الهويات.

وفي البصرة تحديدًا، برز تحالف تصميم بزعامة المحافظ اسعد العيداني بحصيلة 170,385 صوتًا مكّنته من حصد 6 مقاعد من أصل 50 مرشحًا، ليصبح واحدًا من أكثر التحالفات المحلية التي استطاعت تحويل رصيدها الخدمي إلى قوة انتخابية مباشرة. 

إلى جانب هذه القوائم الكبرى، ظهر تحالف الفاو–زاخو بقيادة عامر عبد الجبار الذي نال 55,654 صوتًا وحصل على مقعد واحد، فضلا عن تحالف القضية الايزيدية ذات القيادة الشيعية والذي حصد 46،868 صوتًا ومقعدًا واحدًا، فيما حصل تحالف البديل بقيادة عدنان الزرفي على 69,626 صوتًا دون أن يتمكن من عبور العتبة الانتخابية.

هذه القوائم – رغم اختلاف أحجامها – تشترك بصفة جوهرية: أغلبها يضم مزيجًا من مرشحين سنة وشيعة وكرد، أو يتحرك بخطاب يتجاوز البعد العقائدي لصالح معالجة ملفات الخدمات، البنى التحتية، والحوكمة المحلية، وقد استفادت بشكل مباشر من تصويت الشباب، وبيئات المدن المختلطة، والمناطق التي فقدت الثقة بالاصطفافات القديمة، فضلا عن صعود مرشحي الخدمات الذين أعادوا تعريف العلاقة بين المرشح وناخبيه.

وبذلك تشكّل القوائم الوطنية اليوم إحدى أهم الكتل داخل البرلمان، ليس فقط لحجم تمثيلها، بل لأنها غير مقيدة بمحاور الطوائف، مما يجعلها الكتلة الأكثر قدرة على ترجيح كفة التحالفات في لحظة تشكيل الحكومة المقبلة، القوائم المشتركة، سواء أكانت عابرة للطوائف أو مزدوجة التمثيل الجغرافي، حققت أداءً غير متوقع بفضل:

- تصويت الشباب

- المدن المختلطة

- المناطق التي فقدت الثقة بالاصطفافات القديمة

- صعود مرشحي الخدمات

- التوجه نحو "سياسة ما بعد الهويات" في بعض المحافظات

هذه الكتلة مرشّحة لتكون بيضة القبان داخل البرلمان بحكم استقلالها عن المحاور الطائفية، لكن يرافق هذا الصعود مخاوف حقيقية من تفككها على غرار ما حدث لقائمة النصر عام 2018، إذ إن تماسكها بعد إعلان النتائج سيكون أصعب من تحقيق الفوز نفسه.

2. الكتل السنية الفائزة : 2,554,381 صوتًا – 72 مقعدًا:

تقدّم الكتلة السنية في انتخابات 2025 نفسها كأحد أهم مراكز الثقل في البرلمان، بعد سنوات من الانقسام والتراجع، فقد ارتفع المزاج التصويتي السني مقارنة بانتخابات 2021، خصوصًا في الأنبار ونينوى وصلاح الدين، مع ميل واضح نحو القوائم التي طرحت برامج خدمية وإعمارية، هذه العودة أعادت السنة إلى موقعهم التقليدي بوصفهم “بيضة القبان” بين الكتلتين الشيعية والكردية، مع توسّع في عدد القوائم وتوزيع النفوذ داخل المحافظات السنية.

محور الحلبوسي – حزب تقدم والقوائم المتفرعة:

يمثل حزب تقدم بقيادة محمد الحلبوسي القوة الأكبر في الساحة السنية، إذ حصل على 923 ألف صوت و27 مقعدًا موزعة على 6 محافظات. وإلى جانبه ظهرت قوائم أخرى متحالفة أو قريبة منه في الأنبار، مثل قائمة الأنبار هويتنا التي جمعت 126 ألف صوت وحققت 3 مقاعد، فضلا عن تحالف قمم الذي جمع 96 ألف صوت وثلاثة مقاعد، كما ظهرت قائمة صغيرة باسم القيادة لكنها لم تفز بأي مقعد رغم حصولها على نحو 8 آلاف صوت، ويمثل هذا المحور البنية الأكثر تنظيمًا وانتشارًا انتخابيًا داخل الأنبار وامتدادًا مؤثرًا في نينوى وصلاح الدين.

محور الخنجر – سيادة:

عاد خميس الخنجر بواجهة جديدة عبر تحالف سيادة – تشريع الذي حصد أكثر من 311 ألف صوت وحقق تسعة مقاعد موزعة على 5 محافظات. وإلى جانبه استمرت قوائم محسوبة عليه مثل المشروع العربي الذي جمع 53 ألف صوت وفاز بمقعد واحد، والتحالف العربي في كركوك الذي حصل على 51 ألف صوت ومقعد واحد، يمثل هذا المحور الامتداد الجديد للخنجر بعد مرحلة تفكك تحالف سيادة القديم، مع حضور لافت في كركوك ونينوى.

محور مثنى السامرائي:

قدّم مثنى السامرائي واحدًا من أكثر التحالفات توسعًا في 2025 عبر تحالف عزم الذي جمع نحو 476 ألف صوت و15 مقعدًا موزعة على 6 محافظات. وإلى جانبه برز تحالف التفوق الذي حقق 82 ألف صوت ومقعدين في محافظتين، هذا المحور يعتمد على حاضنة انتخابية قوية في صلاح الدين وامتدادات في ديالى ونينوى.

محور الجماهير الوطنية:

تمكن أحمد عبدالله الجبوري المعروف بـ أبو مازن، عبر الجماهير الوطنية من تثبيت حضوره التقليدي في صلاح الدين عبر 103 آلاف صوت و3 مقاعد موزعة على محافظتين، ويُعد هذا المحور من القوى المتجذّرة التي تعتمد على نفوذ عشائري وقدرة تنظيمية محلية.

القوائم الشبابية الصاعدة

ضمن هذا الفضاء ظهر تيار شاب مثل قائمة صقورنا بقيادة يزن مشعان الجبوري التي جمعت 38 ألف صوت دون أن تتمكن من الفوز بأي مقعد، لكنها تمثل امتدادًا لحضور شبابي يحاول تثبيت قدمه في نينوى وصلاح الدين واستغلال نفوذ وامكانيات والده "مشعان الجبوري".

ثابت العباسي وتحالف الحسم:

شهدت نينوى بروز قوة جديدة بقيادة ثابت العباسي عبر تحالف الحسم الوطني الذي حصل على أكثر من 221 ألف صوت وخمسة مقاعد موزعة على 5 محافظات، فضلًا عن قائمة نينوى لأهلها التي جمعت 108 آلاف صوت و3 مقاعد، ويُعد العباسي أحد أبرز الوجوه الصاعدة التي كسرت احتكار القوى التقليدية في نينوى.

رغم التشتت الواسع في القوائم السنية لعام 2025، إلا أن المحصلة النهائية—أكثر من 2.6 مليون صوت و72 مقعدًا—تعكس عودة القوة التصويتية السنية إلى مستويات مؤثرة لم تشهدها منذ عام 2010.

كما تكشف الأرقام أن القوى السنية اعتمدت على تعدد القوائم لزيادة مجموع الأصوات بدل التمركز في تحالفات كبيرة، وهو ما أعطاها انتشارًا أوسع وتأثيرًا أشد في مفاوضات تشكيل الحكومة المقبلة.

القوائم المحلية – نفوذ مناطقي

ظهرت قوائم محلية ذات تأثير محدود لكنها تعكس توزع النفوذ داخل نينوى وصلاح الدين، مثل قائمة مدنيون بقيادة أحمد الجبوري التي حصلت على 12 ألف صوت دون أي مقعد في نينوى، وقائمة "الشرقاط لأهلها" المدعومة من الجبوري أيضا، والتي حصلت على 6,600 صوت دون تمثيل في صلاح الدين.

ظهرت عدد من القوائم الصغيرة ذات الوزن المحدود، مثل حزب اللواء الوطني الذي حصل على 1,500 صوت فقط، وحزب الرفعة الوطني بـ 181 صوتًا، وحزب العمران الذي حصل على 3,300 صوت موزعة على سبع محافظات دون أي مقعد.

هذه القوائم لا تمتلك تأثيرًا سياسيًا مباشرًا، لكنها جزء من حالة التشتت التي اتسم بها المشهد السني، ورغم محدودية نتائجها، إلا أنها تعكس استمرار القواعد العشائرية والمناطقية في بعض الأقضية.

3. الكتل الكردية الفائزة: 2,045,626 صوتًا – 56 مقعدًا

 

تدخل الساحة الكردية انتخابات 2025 في أكثر مراحلها حساسية منذ 2005. ورغم أن الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني ما زالا يحصدان الحصة الأكبر من المقاعد، فإن تراجع الثقة داخل الإقليم بدا واضحًا، خصوصًا في السليمانية ودهوك، حيث برزت قوى جديدة وأخرى منافسة تقضم تدريجيًا من رصيد الحزبين التقليديين. 

المعادلة الجديدة تجعل الإقليم يتصرف بوصفه "كتلًا متوازية" لا كتلة واحدة، مع توجه كل قوة نحو بغداد برؤية تفاوضية مختلفة ودرجة استقلال أعلى مما كان عليه الحال سابقًا.

الحزب الديمقراطي الكردستاني (KDP) – القوة الأولى

حافظ الحزب الديمقراطي بقيادة مسعود البارزاني على موقع الصدارة بأكثر من مليون صوت و26 مقعدًا، مستندًا إلى نفوذ قوي في دهوك وأربيل وأجزاء من نينوى، ومع ذلك، شهدت هذه الدورة صعود نواب كرد من قوائم الكوتا المسيحية المرتبطة بالحزب الديمقراطي، وهو مؤشر واضح على توسيع شبكة النفوذ الكردي خارج الإقليم التقليدي، والاستفادة من المقاعد المخصصة للأقليات لتعزيز التمثيل البرلماني للبيت الكردي.

الاتحاد الوطني الكردستاني (PUK) – مركز قوته السليمانية

جمع الاتحاد الوطني بقيادة بافل طالباني أكثر من نصف مليون صوت و15 مقعدًا، مع بقاء السليمانية مركز ثقله الأساسي. ورغم ثبات قاعدته، إلا أنه واجه تآكلًا في بعض مناطقه بسبب صعود قوى جديدة مثل الجيل الجديد وتيار الموقف الوطني.

صعود قوى منافسة داخل الإقليم

إلى جانب الحزبين الكبيرين، برزت قوى أخذت بتحويل المنافسة الكردية إلى ساحة متعددة الأقطاب:

- تيار الموقف الوطني بقيادة علي حمه صالح حصد أكثر من 140 ألف صوت و5 مقاعد، معتمدًا على خطاب نقدي ضد الطبقة الحاكمة في السليمانية.

- الاتحاد الإسلامي الكردستاني حصل على نحو 156 ألف صوت و4 مقاعد، مستمرًا في تقديم نفسه كخيار إسلامي معتدل.

- الجيل الجديد بزعامة شاسوار عبد الواحد حقق نحو 96 ألف صوت و3 مقاعد، معتمدًا على قواعد شبابية غاضبة من الأحزاب التقليدية.

- جماعة العدل الكردستانية بقيادة علي بابير حصدت 44 ألف صوت ومقعدًا واحدًا، محافظة على حضور ثابت رغم محدوديته.

- قوى صغيرة أخرى مثل جبهة شعبنا والحزب الاشتراكي الديمقراطي الكردستاني لم تتمكن من الفوز، رغم حصولها على عدد ملحوظ من الأصوات.

امتدادات خارج الإقليم – "اتحاد أهل نينوى"

سجّل الاتحاد الوطني حضورًا خارج الإقليم عبر قائمة اتحاد أهل نينوى التي حصلت على أكثر من 55 ألف صوت ومقعدين، في مؤشر على توسع النفوذ الكردي في مناطق مختلطة، خصوصًا سهل نينوى، مع استمرار تأثير النواب الكرد من قوائم الكوتا المسيحية على التوازنات البرلمانية.

تكشف نتائج 2025 أن البيت الكردي لم يعد قائمًا على قطبين فقط، بل على شبكة من القوى المتوازية التي أعادت رسم الخريطة السياسية داخل الإقليم. ورغم بقاء الديمقراطي والاتحاد في الصدارة، فإن صعود نواب كرد من قوائم الكوتا المسيحية والقوى البديلة يجعل القرار الكردي أكثر تشتتًا، وأكثر اعتمادًا على التفاهمات البينية قبل الذهاب إلى بغداد.

5. التركمان: 65,809 صوتًا – مقعدان:

على الرغم من أن مجموع الأصوات التركمانية بلغ 65,809 أصوات فقط، فإن حضورهم السياسي يتجاوز حجمهم العددي. فقد استحوذت جبهة تركمان العراق الموحّد بقيادة أرشد الصالحي على الحصة الأكبر بواقع 64,196 صوتًا ومقعدين، بينما حصلت الجبهة التركمانية العراقية على 1,613 صوتًا دون أن تنال تمثيلًا برلمانيًا.

رغم محدودية المقاعد، يبقى الصوت التركماني عنصرًا مؤثرًا في تسويات كركوك والمناطق المتنازع عليها وتقاسم النفوذ شمالًا، وغالبًا ما يتحوّل إلى صوت مرجّح في اللحظات الحاسمة.

أما تحالف إنقاذ تركمان كركوك بقيادة عمّار كهية، فبرغم حصوله على 31,894 صوتًا دون تحقيق أي مقعد، فإن أصواته تُسجَّل فعليًا ضمن الخزان الشيعي نظرًا لطبيعة قيادته وشبكة نفوذه والدعم السياسي الذي تلقّاه داخل كركوك، ما يجعله امتدادًا للثقل الشيعي أكثر مما هو تمثيل تركماني مستقل.

6. كوتا المكوّنات: 270,066 صوتًا – 9 مقاعد:

1. الإيزيديون – 32,169 صوتًا (مقعد واحد)

يمثّل المقعد الإيزيدي ثقلاً يتجاوز حجمه العددي، نظرًا لارتباطه بملف سنجار والوجود الدولي في حماية الأقليات، وغالبًا ما يدخل هذا المقعد في تسويات تتعلق بالأمن المحلي وإدارة المناطق المحررة.

2. الشبك – 17,158 صوتًا (مقعد واحد)

يمتاز المقعد الشبكي بحساسية سياسية عالية، كونه مرتبطًا بسهل نينوى وتنافس النفوذ بين القوى الشيعية والكردية، لذلك يُعدّ مقعدًا “ترجيحيًا” في لحظات تشكيل التحالفات.

3. الصابئة المندائيون – 27,457 صوتًا (مقعد واحد)

هذا المقعد غالبًا ما يُستخدم كصوت توازني في اللجان الفنية والتشريعية، نظرًا لطبيعة المجتمع الصابئي وابتعاده عن الاستقطاب السياسي، وجوده يمنح بعض الحكومات هامش مناورة إضافيًا.

4. الكرد الفيليون – 39,055 صوتًا (مقعد واحد)

يُنظر إلى المقعد الفيلي باعتباره صوتًا “مرجّحًا” في قضايا الجنسية، التعويضات، وتمثيل المناطق الحدودية، وغالبًا ما يدخل في مفاوضات حادة بين الأحزاب الشيعية والكردية.

5. المسيحيون – 154,227 صوتًا (5 مقاعد)

الكتلة الأكبر ضمن كوتا المكوّنات، وتمثل مقاعد المسيحيين دور "بيضة القبان" في لحظات التصويت على لجان دائمة أو قرارات حساسة، كما ترتبط بملفات دولية ومحلية مؤثرة مثل حماية الأقليات، إدارة الكنائس، والوجود المسيحي في بغداد ونينوى.

على الرغم من أن مجموع مقاعد الكوتا لا يتجاوز 9 من أصل 329 مقعدًا، إلا أن أثرها السياسي كبير، كونها تتحرك غالبًا خارج الاصطفافات الطائفية التقليدية، وتملك حرية أعلى في إبرام التفاهمات، وبسبب حساسيات الملفات المرتبطة بها (نينوى، كركوك، الأقليات، المناطق المتنازع عليها)، يمكن أن تتحول في لحظات حرجة إلى مفاتيح ترجيحية تُغيّر اتجاه التصويت داخل البرلمان.

ما الذي تكشفه هذه الأوزان؟

نهاية زمن "الحسم داخل البيت الواحد"

لا توجد كتلة طائفية ( شيعية كانت أو سنية أو كردية قادرة على تشكيل الحكومة وحدها؛ إذ هناك توازن جديد يجعل أي حكومة مستقبلية تحتاج التالي:

1- جناحًا شيعيًا رئيسيًا

2- دعمًا سنيًا محوريًا

3- وشريكًا كرديًا ثابتًا أو قوائم مشتركة تعوّض هذا الدور

انتقال ثقل المشاركة نحو المحافظات المتوسطة

محافظات الوسط والجنوب لم تعد صاحبة النفوذ الوحيد. نينوى والأنبار وصلاح الدين – بمستوى المشاركة الجديد – أصبحت حجر زاوية في بناء الائتلافات.

صعود "الخدمات" على حساب "الإيديولوجيا"

أكثر من 1.5 مليون صوت ذهبت لقوائم مشتركة أو محلية أو خدمية مثل الإعمار والتنمية؛ وهذا تحول جوهري بعد 20 عامًا من السياسة الطائفية.

برلمان موزّع على 4 كتل كبرى

1-الشيعة:  190-189 مقعدًا 

-  الشيعة العقائديون: 136 - 135 مقعدًا

- قوائم مشتركة بقيادة شيعية : 54 مقعدًا

2- السنة: 72 مقعدًا

3- الكرد: 56 مقعدًا

4- التركمان: مقعدين

ختامًا نصل إلى أن البرلمان منقسم على 4 دوائر نفوذ، بدون كتلة مهيمنة، مما قد يجعل التفاوض لتشكيل الحكومة هو الأطول منذ 2005، ذلك وفق المؤشرات والمعطيات التي كشفت عنها انتخابات الدورة السادسة لمجلس النواب 2025. 

 

ليصلك المزيد من الأخبار والتقارير والتحليلات

اشترك بقناتنا على التليكرام

اخترنا لك