صورة الخبر

09:15:12 2025-04-10 : اخر تحديث

09:15:12 2025-04-10 : نشر في

هل تُشعل رواتب المعلمين شرارة احتجاجات كبرى في العراق؟

حجم الخط

سيف العبيدي ـ شبكة الساعة

تعيد تظاهرات الكوادر التربوية في العراق إلى الأذهان الشرارة الأولى لانطلاق تظاهرات تشرين عام 2019، فالاحتجاجات الحالية سرعان ما اتسعت وشملت العديد من المدن العراقية منها بغداد والناصرية والبصرة وكربلاء وبابل وديالى والسماوة.

وتلخصت مطالب التربويين المحتجين بشمولهم بتخصيص قطع أراضي سكنية وزيادة الرواتب وصرف مستحقات مالية للنقل وتعديل السلم الوظيفي وغيرها من المطالب التي ترى شريحة المعلمين والمدرسين أنهم يتعرضون للغبن والظلم فيها.

ومنذ الأحد الماضي، بدأ عدد كبير من التدريسيين والمعلمين بإضراب عن الدوام في المدارس الحكومية احتجاجا على تجاهل السلطات لمطالبهم، في خطوة تصعيدية تهدف إلى الضغط على الحكومة من أجل تحسين أوضاعهم المعيشية وزيادة مخصصاتهم المالية، وسط تحذيرات أطلقتها وزارة التربية من تأثير هذا الإضراب على سير الخطة التعليمية وإتمام العام الدراسي الحالي.

فيما شهدت مدينة الناصرية انتهاكات واعتداءات على الكوادر التعليمية ما تسبب بتسجيل إصابات في صفوف المتظاهرين واعتقال العديد منهم قبل أن تبادر الأجهزة الأمنية بإطلاق سراحهم.

ولقيت حالة الاعتداء على المحتجين من المعلمين والمدرسين حالة من الرفض والغضب والاستنكار الشعبي والرسمي الواسعين، فيما تصاعدت الأصوات الداعية لتجنب العنف والقوة ضد المتظاهرين الذين يعبرون عن آرائهم ومطالبهم بطريقة سلمية ووفق القانون.

وتداول ناشطون صوراً من موقع التظاهرات بمدينة الناصرية أظهرت تعرض عدد من التربويين لاعتداءات بدنية، مع ظهور بقع دماء في المكان، فيما تحولت صورة امرأة كبيرة في السن كانت تشارك في الاحتجاجات إلى ما يشبه أيقونة رمزية، بعد تعرضها لاعتداء، حيث لاقت انتشاراً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، وعبّرت عن حجم الغضب الشعبي، والتعاطف مع مطالب المعلمين.

واستنكر النائب محسن السعيدي استخدام العنف والانتهاكات التي حصلت ضد الكوادر التربوية في محافظة ذي قار.

وقال السعيدي في تصريح لشبكة "الساعة": إن "ما حصل ضد الكوادر التربوية المتظاهرين للمطالبة بحقوقهم المشروعة اعتداء سافر يجب أن لا يمر دون محاسبة الجهات التي اعتدت وأعطت الأوامر للاعتداء على المعلمين".

ودعا السعيدي رئيس الوزراء ووزير الداخلية بإجراء بتحقيق فوري بما حصل من اعتداء خلال تظاهرات التربويين السلمية في الناصرية"، مبينا أن "التظاهرات خرجت بعد استحصال الموافقات الرسمية من الجهات الحكومية وكان ينبغي على القوات الأمنية حماية التظاهرات بدل الاعتداء والتجاوز على المحتجين".

وفي محاولة لاحتواء موجة الاحتجاجات، استضاف مجلس الوزراء نقيب المعلمين وأصدر حزمة مقررات تتعلق بالكوادر التربوية والتعليمية، تضمنت المضي بإجراءات توزيع قطع الأراضي، وتفعيل فقرات قانون حماية المعلم، إلى جانب صرف مبالغ لإدارات المدارس، ومنح قروض بفوائد بسيطة وإنشاء الأحياء السكنية الخاصة بالكوادر التربوية والتعليمية وصرف أجور النقل للمشرفين التربويين وصرف مبلغ (100) ألف دينار لتسيير عمل إدارات المدارس.

ورغم الترحيب الأولي بهذه المقررات، إلا أن شريحة واسعة من المعلمين ترى أنها لا ترتقي إلى مستوى المطالب الأساسية، خاصة ما يتعلق بتعديل سلم الرواتب، وتحقيق العدالة بين موظفي التربية والعاملين في وزارات أخرى يتمتعون بمخصصات وامتيازات أعلى.

وردت نقابة المعلمين العراقيين، على مقررات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بشأن مطالب المعلمين المحتجين، وذلك عقب حضور نقيبها جلسة مجلس الوزراء، وقررت تنفيذ اعتصام داخل المدارس يوم غد الخميس، داعية في الوقت ذاته البرلمان العراقي إلى عقد جلسة طارئة لمناقشة مطالب الكوادر التعليمية، فيما أعربت عن استنكارها لحادث الاعتداء على تربويين في محافظة ذي قار.

وأكد مشاركون في التظاهرات عزمهم على مواصلة الاحتجاجات والاعتصامات والإضراب عن الدوام لحين الاستجابة لمطالب الكوادر التعليمية.

وقال عضو نقابة المعلمين العراقيين عمار الأسدي في تصريح لشبكة "الساعة": إن "الكوادر التربوية في غالبية المحافظات عازمة على مواصلة الاحتجاجات لحين استجابة السلطات للمطالب المتمثلة بزيادة الرواتب وتعديل السلم الوظيفي وتخصيص قطع أراضٍ للمعلمين والمدرسين".

وأشار إلى أن "الكوادر التربوية ترفض قطعياً الاعتداء الذي حصل على التظاهرات في ذي قار"، مبينا أن "تلك الاعتداءات ستدفع نحو المزيد من التصعيد في حين أن المطالب التي خرج بها المتظاهرون محدودة ومشروعة".

 وبين أن "المعلمين سيطرقون جميع الخيارات القانونية من الاعتصام والإضراب والتظاهر من أجل الحصول على المطالب التي خرج من أجلها المحتجون".

وتخشى أوساط عراقية من اتساع رقعة الاحتجاجات خلال الأيام المقبلة، خاصة مع دخول فئات وظيفية جديدة على خط التظاهر، كما حصل في محافظة واسط، إذ أعلن عدد من موظفي بلدية الكوت الإضراب عن العمل تضامناً مع المعلمين، في خطوة عُدت مؤشراً على تنامي السخط العام تجاه السياسات المالية، وغياب العدالة في توزيع المخصصات بين موظفي الدولة.

ومع اقتراب فصل الصيف، تزداد المخاوف من تحوّل الاحتجاجات التربوية إلى شرارة لموجة أوسع من التظاهرات في مناطق أخرى تعاني من ضعف الخدمات الأساسية، مثل الماء والكهرباء، وهو ما شكّل، في السنوات الماضية، مصدر قلق متكرر للحكومات العراقية، في ظل ارتباط ارتفاع درجات الحرارة بتصاعد الغضب الشعبي، واتساع رقعة الاحتجاجات المطلبية.

من جهته، لم يستبعد الصحفي والباحث السياسي محمد السالم أن تتطور تظاهرات الكوادر التربوية الحالية إلى تظاهرات شبيهة بالتي حصلت في تشرين 2019، لكنه رهن ذلك بكيفية تعامل السلطات مع مطالب المتظاهرين.

وقال السالم في حديث لشبكة "الساعة": إن "تظاهرات الكوادر التربوية لن تكون الأخيرة، فمن المحتمل خروج العديد من التظاهرات والاحتجاجات التي تطالب بالخدمات ولاسيما الكهرباء والوظائف وفرص العمل تارة أخرى"، مبينا أن "السلطات الحكومية ينبغي أن تتعامل بحذر مع مطالب المحتجين وأن تبتعد عن سياسة القمع وتكميم الأفواه".

ولفت إلى أن "لجوء السلطات إلى العنف وتجاهل المطالب سيؤدي إلى إشعال فتيل تظاهرات أوسع والتي قد تتطور إلى تظاهرات تطالب بتغييرات وإصلاحات في شكل النظام السياسي القائم".

أما الباحث في الشأن الاقتصادي محمد مثنى فيشير إلى أن التظاهرات الأخيرة تضع الحكومة في موقف محرج بسبب الضغوطات الاقتصادية التي تواجهها ولا سيما مع احتمالية حدوث أزمة في تمويل الرواتب خلال الفترة المقبلة بسبب تراجع أسعار النفط.

وقال مثنى في حديث لشبكة "الساعة": إن "تظاهرات الكوادر التربوية تمثل حقا مشروعا لشريحة المعلمين وينبغي على الدولة الاستجابة لها والتعامل معها بإيجابية كونها المسؤولية عن الوضع الذي يعيشونه".

وأوضح أن "جميع المؤشرات تدل على أن السلطات الحكومية ستحاول تسويف المطالب وإطلاق الوعود ولكنها في الحقيقية عاجزة عن تلبية معظم تلك المطالب"، لافتا إلى أن "الدولة ينبغي أن تقدم مجموعة حلول منطقية منها تقديم دعم للمعلمين وباقي المواطنين في مجال السكن والعمل على تخصيص الأراضي السكنية وبيعها من قبل الدولة بأسعار مناسبة ومنح القروض الشرعية وغيرها من الإجراءات والحلول".

وبين مثنى أن "العراق يواجه خطر الأزمة في تمويل الرواتب بسبب عجز الموازنة وتراكم الديون فضلا عن تراجع أسعار النفط، وذلك كله قد يدفع إلى اضرار الحكومة إلى تسريح جزء كبير من الموظفين أو تقليص رواتبهم أو تغيير سعر صرف الدولار كما حصل عام 2021 خلال جائحة كورونا، وهذا من شأنه إضعاف قيمة الدينار وبالتالي تراجع قيمة راتب الموظف العراقي".

اخترنا لك