صورة الخبر

12:27:29 2025-03-22 : اخر تحديث

12:27:29 2025-03-22 : نشر في

من بزيبز إلى جرف الصخر.. نازحون عالقون بين الوعود الكاذبة والسلاح المنفلت

حجم الخط

فريق التحرير- شبكة الساعة

ما يزال نازحو مخيم بزيبز بمحافظة الأنبار من الفئات العراقية المنسية والتي تواجه مأساة الحياة وويلاتها لوحدها بعيدا عن دعم الحكومة العراقية والمجتمع الدولي، رغم مرور نحو 10 سنوات على استعادة السيطرة على المدن وانتهاء العمليات العسكرية ضد تنظيم "داعش".

وتستمر معاناة نازحي مخيم بزيبز الذي يضم آلاف النازحين من مناطق جرف الصخر وقرى شمالي بابل على الرغم من تعهدات ووعود قطعتها جميع الحكومات المتعاقبة بإنهاء ملف النزوح وإعادة النازحين إلى مناطقهم ومن بينهم نازحو ناحية جرف الصخر.

ويتوزع النازحون في مخيم بزيبز على 7 قطاعات تضم 1400 عائلة يسكنون الخيام، وبعضهم شيد مساكن من الطين ومن الخشب، وهم في غالبيتهم من الطبقات الفقيرة وكانوا يعملون في الزراعة قبل نزوحهم، ويواجهون اليوم أوضاعا متردية داخل المخيم.

وبعد أحداث حزيران 2014 خرجت مناطق شمالي بابل وجرف الصخر عن سيطرة الحكومة العراقية، قبل أن تستعيدها قبل خريف العام ذاته، ومن ثم سيطرة فصائل مسلحة قريبة من إيران عليها منذ ذلك التاريخ ولغاية اليوم، حيث ترفض تلك الفصائل إخلاء المنطقة والخروج منها بعد أن حولتها إلى معسكرات ومخازن كبيرة للأسلحة التي تصلها من الحرس الثوري الإيراني.

وفاة طفلة نازحة

وآخر فصول المأساة التي يعيشها نازحو بزيبز تمثلت بوفاة الطفلة النازحة من ناحية الجرف نازك أمين التي لا يتجاوز عمرها 3 سنوات، بعد احتراق عدد من الخيام المتهالكة في المخيم جراء تماس كهربائي، وتعرض النازحون قبل ذلك إلى غرق خيامهم بسبب موجة الأمطار الأخيرة التي اجتاحت البلاد.

مأساة ومعاناة في بزيبز

ويضاف إلى ما سبق معاناة القاطنين في المخيم بسبب برودة الطقس لا سيما مع انخفاض درجات الحرارة لما دون الصفر في موجة البرد التي ضربت العراق نهاية شباط الماضي، فضلا عن حياتهم المأساوية في فصل الصيف في ظل ارتفاع درجات الحرارة فوق الخمسين درجة وسط انقطاع الكهرباء وحتى الماء الصالح للشرب.

وتؤكد شهادات النازحين في مخيم بزيبز غياب المساعدات الإغاثية لوزارة الهجرة، كما تشير إلى تجاهل واضح من السلطات لملف إعادتهم لمناطقهم.

يقول النازح خضر عامر أحد سكان منطقة جرف الصخر لشبكة "الساعة": إن "النازحين في المخيم يمر عليهم رمضان الحادي عشر وهم يعانون من انعدام الخدمات الأساسية فضلا عن غياب الماء الصالح للشرب والخيام الصالحة للسكن والمواد الغذائية".

ويضيف: أن "خيامهم المتهالكة لا تصمد أمام برد الشتاء أو حر الصيف، ففي الشتاء يعانون من دخول مياه الأمطار إلى داخلها وفي الصيف يشكون من لهيب الصيف الحارق مع انعدام الكهرباء".

أما النازح محمود الجنابي فيدعو السلطات العراقية إلى وضع حل جذري لمشكلة الساكنين في مخيم بزيبز إما بالعودة إلى ديارهم أو بتخصيص مناطق وأراضي جديدة لهم من قبل الدولة ليتسنى لهم مواصلة حياتهم بشكل طبيعي.

وقال في حديث لشبكة "الساعة": إن "الحكومات المتعاقبة لم تقدر إلا على إطلاق الوعود الكاذبة بإعادتهم لمناطقهم بينما في الحقيقة هي إما عاجزة عن ذلك أو إنها متواطئة مع مغتصبي مناطقهم من الفصائل المسلحة التي تعلن جهارا ونهارا أنها لن تغادر من ناحية جرف الصخر".

تجاهل وتقصير حكومي

ويحمل ناشطون عراقيون الحكومة العراقية المسؤولية عن فصول الحياة الكارثية لسكان المخيم طيلة السنوات الـ 10 الماضية، بسبب عدم شمول المخيم بمخيمات وزارة الهجرة المشمولة بالإعانات والمساعدات الحكومية، الأمر الذي يعكس تمييزا في التعامل الحكومي حتى في ملف النازحين ذي الأبعاد الإنسانية.

ولا تعترف وزارة الهجرة بوجود مخيمات لها في محافظة الأنبار، إذ تقول إنها أغلقت جميع المخيمات وأن مخيم بزيبز هو من المخيمات العشوائية في تبرير لعدم شموله في المساعدات الإغاثية الحكومية.

وتكمن المشكلة في ملف نازحي مخيم بزيبز بأن ساكنيه من ناحية جرف الصخر وأن الناحية حولتها الفصائل الولائية ولا سيما حزب الله إلى منطقة منزوعة السكان ومعسكرات كبيرة ومواقع لتخزين الأسلحة، حيث تعجز السلطات الحكومية عن دخول المنطقة فضلا عن إعادة النازحين إليها، بحسب تأكيدات رسمية عراقية من مسؤولين وبرلمانيين.

دعوات لإعادة نازحي الجرف

وأطلق مجلس محافظة الأنبار دعوات للحكومة المركزية بإعادة نازحي مخيم بزيبز إلى مناطقهم وأغلبهم من ناحية جرف الصخر لطي ملف النزوح في المحافظة.

وقال عضو المجلس سعد غازي في تصريح لشبكة "الساعة": إن "النازحين في مخيم بزيبز يواجهون معاناة كبيرة خصوصا مع انخفاض درجات الحرارة في فصل الشتاء وارتفاعها في الصيف".

وأوضح أن "النازحين يعانون أيضا من نقص واضح في الأدوية والمواد الغذائية"، مبينا أن "الحكومة المحلية في الأنبار تعمل مع منظمات إنسانية على إيصال المساعدات الممكنة لهم رغم أنها لا تكفي لسد الحاجة".

وشدد غازي على "ضرورة أن تبادر الحكومة العراقية بإجراءات واضحة لإنهاء ملف النزوح وإعادة سكان مخيم بزيبز إلى مناطقهم وخاصة في جرف الصخر وقرى شمالي بابل".

قضية الجرف تتحول إلى "دولية"

لكن عودة النازحين من مخيم بزيبز ليست بالأمر اليسير، إذ أن عودتهم تصطدم بمخططات الفصائل المسلحة التي تفرض سيطرتها على ناحية جرف الصخر ما يجعل الحكومة العراقية عاجزة عن إعادتهم.

وأكدت عضو مجلس النواب مها الجنابي في تصريح صحفي تابعته شبكة "الساعة" عجز الحكومة في إعادة سكان الجرف وشمالي بابل من مخيمات النزوح أو المناطق التي نزحوا إليها رغم أن الحكومة ترغب بإعادتهم.

وقالت الجنابي: إن "قضية إخراج الفصائل وإعادة النازحين إلى جرف الصخر تحولت إلى قضية دولية وليست محلية"، في إشارة إلى أن حلها يكمن بيد إيران وليس العراق.

وأضافت الجنابي: أن "رئيس الوزراء وخلال الاجتماعات معه أكد رغبة الحكومة بإنهاء ملف نازحي جرف الصخر وإعادتهم لمناطقهم وشكل لجانًا بهذا الصدد"، لكنها توقعت أن ذلك لا ينهي المشكلة على اعتبار أنها تتطلب وجود القرار الحازم والجريء للحكومة العراقية في إعادة السكان النازحين إلى مناطقهم.

 لا عودة لنازحي الجرف قبل تفكيك الميليشيات

أما الصحفي والباحث في الشأن العراقي عمر الجنابي فيؤكد أن عودة النازحين العراقيين وإنهاء ملف المناطق منزوعة السكان والتي استحوذت عليها الفصائل الموالية لإيران مرهون بتوجيه ضربة قوية على غرار ما حصل في الأذرع الإيرانية في سوريا ولبنان واليمن.

وقال الجنابي في حديث لشبكة "الساعة": إن "التقارير الدولية تحدثت مؤخرا عن المناطق منزوعة السكان في ديالى وصلاح الدين والأنبار وشمال بابل التي تحولت معسكرات تدريب وتصنيع للأسلحة وتجهيز الفصائل الموالية لإيران كـ(فاطميون) الأفغانية و(زينبيون) الباكستانية والحوثيين اليمنية والتي تعمل جميعها تحت الوصاية والأوامر الإيرانية".

وأضاف: أن "النائب والسياسي عدنان الجنابي الذي ذهب بوفد إلى ايران لحل مشكلة نازحي جرف الصخر فأبلغته إيران أن حل الموضوع في لبنان لدى حزب الله في محاولة إيرانية للتنصل من مسؤوليتها عن الملف، وذلك كله يؤكد أن موضوع نازحين الجرف والمناطق منزوعة السكان ليس بيد السلطات العراقية وإنما بيد إيران".

وأشار الجنابي إلى أن "العراق بعد الأحداث التي شهدها الشرق الأوسط أصبح محطة حقيقية للتدريب والتجهيز للفصائل المسلحة التابعة لإيران، بينما أصبحت جرف الصخر منطقة بارزة في هذا الموضوع".

ولفت إلى أن "مشكلة المناطق منزوعة السكان أن سكانها من العرب السنة وأنها تحولت إلى مناطق خاضعة لسيطرة إيران وفصائلها"، فيما نوه إلى أن "ما يجري في العراق هو تكريس للحكم والسلطة الطائفية التي باتت أمرا واقعا وبسببها بات تهجير السكان أمرًا طبيعيًا يجري وسط تجاهل من الجهات العراقية والمنظمات الدولية والدول الإقليمية".

وتابع: أنه "ما لم تتعرض الفصائل لهزة حقيقية فلن يعود السكان لمناطقهم وستبقى مشكلة المناطق منزوعة السكان وستبقى خاضعة للفصائل"، مؤكدا أن "الحكومات المتعاقبة كلها تعهدت بإعادة النازحين إلى مناطق شمالي بابل ولكن لم تفِ بوعودها ومنها حكومة السوداني لم تعد نازحا واحدا إليها".

اخترنا لك