صورة الخبر

10:45:35 2025-01-17 : اخر تحديث

10:45:35 2025-01-17 : نشر في

من المنتصر في حرب غزة بعد إعلان وقف إطلاق النار؟

حجم الخط

سيف العبيدي ـ شبكة الساعة

وأخيرا أوشكت الحرب في غزة على التوقف بعد أكثر من 15 شهرا من الحرب المدمرة التي شنها الاحتلال الإسرائيلي على القطاع بعد هجوم السابع من أكتوبر 2023، بعد الإعلان رسميا عن التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين حماس والكيان الإسرائيلي بوساطة قطرية ومصرية وأمريكية.

وبعد الإعلان عن وقف إطلاق النار، أثير الجدل في الشارع الفلسطيني والـ "إسرائيلي" والعربي والعالمي بشأن الطرف المنتصر في الحرب، فالبعض أن يرى غزة ومقاومتها المتمثلة بحركة حماس انتصرت في نهاية المطاف، في حين يرى البعض الآخر الحديث عن النصر في القطاع مجرد أوهام لا أساس لها من الصحة.

وتسببت الحرب بتدمير شامل لقطاع غزة واستشهاد نحو 50 ألف فلسطيني، وتدمير البنية التحتية والعسكرية لحركة حماس، لكن مراقبين يرون أن الاحتلال الإسرائيلي أخفق في الحرب على اعتبار أنها لم تحقق أيًّا من الأهداف الرئيسية وفي مقدمتها السيطرة التامة على القطاع في مرحلة ما بعد الحرب وإنهاء حماس نهائيا والتوصل للأسرى الإسرائيليين وإطلاق سراحهم دون الرضوخ لشروط حماس وهو ما لم يتم تحقيقه طيلة أشهر العدوان الصهيوني على القطاع.

وخلال الساعات الماضية شهدت مناطق متفرقة من قطاع غزة والأراضي الفلسطينية والعديد من الدول العربية احتفالات بنصر المقاومة في غزة.

حماس تعلن الانتصار

وأعلنت حركة حماس أن اتفاق وقف إطلاق النار مع الاحتلال الإسرائيلي "هو محطة فاصلة من محطات الصراع".

وبعد إعلان اتفاق وقف إطلاق النار، أصدرت حماس بيانا جاء فيه: "اتفاق وقف العدوان على غزة إنجاز لشعبنا ومقاومتنا وأمتنا وأحرار العالم، وهو محطة فاصلة من محطات الصراع مع العدو، على طريق تحقيق أهداف شعبنا في التحرير والعودة".

وأضافت: "هذا الاتفاق يأتي، انطلاقا من مسؤوليتنا تجاه شعبنا الصابر المرابط في قطاع غزة العزة، بوقف العدوان الصهيوني عليه، ووضع حد لشلال الدم والمجازر وحرب الإبادة التي يتعرض لها".

وقال القيادي في حماس خليل الحية إن "إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها المعلنة والسرية في غزة ".

وأوضح أن "الاحتلال حاول منذ بدء العدوان تحقيق العديد من الأهداف، أعلن بعضها وأخفى البعض الآخر، فقال صراحة أنه يسعى لإنهاء المقاومة والقضاء على حماس، واستعادة الأسرى بالقوة العسكرية، وتغيير وجه المنطقة، فيما كان هدفه المبطن، تصفية القضية وتدمير القطاع والانتقام من أهله وتهجيرهم، والقضاء على إرادة الشعب الفلسطيني بالحرية، وتدمير كل معاني الأمل".

أصوات إسرائيلية تقر بالهزيمة

وعلى الجانب الآخر عد وزير المالية الإسرائيلي، بتسائيل سموتريتش أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة صفقة خطيرة بالنسبة إلى أمن إسرائيل.

وقال سموتريتش: إنه "سيصوت ضد الصفقة عند عرضها على الحكومة ووصفها بأنها سيئة وخطيرة بالنسبة لأمن دولة إسرائيل".

وأضاف: "سنبقى في الحكومة فقط في حال حصلنا على تأكيدات أن الحرب ستستمر وبقوة كبيرة".

ورحب الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ مساء الأربعاء بإعلان التوصل لاتفاق هدنة في غزة ووصفه بأنه "الخيار الصحيح" لإعادة الرهائن المحتجزين في القطاع.

من جهته، قال عضو البرلمان الإسرائيلي تسفي سوكوت من حزب الصهيونية الدينية إن "الصفقة كارثية وهي استسلام إسرائيلي لحركة المقاومة الإسلامية حماس".

 وأضاف سوكوت أن "الحزب سيحارب الصفقة من داخل الحكومة"، مشيرا إلى أن "هناك احتمالا كبيرا لانسحاب الحزب من الحكومة، وأن ذلك سيتقرر خلال اجتماع في وقت لاحق".

وقال مقال نشر في صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية إن "إسرائيل تدفع ثمن صفقة شاملة وليست جزئية"، مشيرا إلى أن الاتفاق لا يسمح للجيش باستئناف القتال في شمال قطاع غزة.

وعدّ المقال أن "الجيش الإسرائيلي فشل بشكل واضح في تفكيك الجناح العسكري لحركة حماس بعد أكثر من 15 شهرا من القتال"، معربا عن "أمله أن يكون دونالد ترامب قد قدم وعودا جادة لمصلحة إسرائيل، وأن تكون لديه النية للوفاء بها".

ويقول المحلل السياسي الإسرائيلي تسفيكا يحزقيلي: إن "إسرائيل حصلت على صفقة جزئية مقابل حصول حركة حماس على صفقة شاملة".

ويرى يحزقيلي أن "حماس حصلت على مساعدات إنسانية وفيرة وعادت إلى وضعها السابق في قطاع غزة واستعادت قوتها الفتاكة التي شاهدها الجميع في الشمال خلال الأسابيع الماضية".

ومن هذه المنطلق، يعتقد يحزقيلي أن "المشكلة حاليا تتمثل في أن حماس أصبحت واقفة على قدميها بينما تل أبيب لا تمتلك أي وسائل للضغط عليها مجددا، ليس هذا وحسب، بل إن إسرائيل كما يقول تواجه مشكلة أخرى كبيرة تتمثل في تصاعد المواجهات بالضفة الغربية".

وبناء على هذه المعطيات، يعتقد يحزقيلي أن "الأمر المؤلم يتمثل في أن إسرائيل سيكون عليها مواجهة المقاومة مستقبلا دون أن تكون موجودة في غزة، وهو ما يعني أنها فشلت في تحقيق أهداف الحرب بسبب الضغوط التي مارستها عليها حماس".

وبموجب الاتفاق، فإنه من المقرر أن تنسحب القوات الإسرائيلية من المناطق السكنية في غزة لكي تتمركز على عمق 700 متر من الحدود. وفي اليوم السابع ستبدأ الانسحاب من طريق الرشيد الساحلي ومحور نتساريم باتجاه شارع صلاح الدين.

وسيستغرق الأمر 22 يوما سيحتفظ خلالها الاحتلال الإسرائيلي بمنطقة عازلة بعمق 700 متر داخل القطاع، مع تمركز قواتها في 5 نقاط بعمق 110 أمتار. وفي المرحلة الثانية التي تمتد 42 يوما ستكون كافة القوات قد غادرت القطاع.

وتعليقا على وضع الانسحاب الإسرائيلي عسكريا من غزة خلال مراحل تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، قال الخبير العسكري العميد إلياس حنا إن الاتفاق منح المقاومة في حماس فرصة ترتيب أوضاعها ويجعل بقاء إسرائيل داخل قطاع غزة دفاعيا وليس هجوميا.

ويؤكد العميد حنا أن "الانسحاب الإسرائيلي من محور غزة في نتساريم وفيلادلفيا يمثل تنازلا عسكريا كبيرا لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو".

من جانبه يؤكد اللواء احتياط في جيش الكيان غيورا آيلاند عرَّاب أن "إسرائيل فشلت في تحقيق كل أهدفها التي قاتلت لأجلها، لأنها لم تتمكن من القضاء على حماس ولا من استعادة الأسرى ولا من الإطاحة بحكم الحركة في القطاع".

 الكيان يخفق في تحقيق أهدافه

وهناك من يطرح مجموعة تساؤلات، ويرى أن عدم تحقيق "إسرائيل" أيًّا منها يؤكد فشلها في المعركة من جهة وانتصار المقاومة الفلسطينية من جهة أخرى.

وأبرز هذه التساؤلات هي، هل تم القضاء على حركة المقاومة في غزة أو في الضّفة الغربية؟ هل تم تهجير الفلسطينيين من أرضهم مرة أخرى؟ هل رفعوا راية الاستسلام؟.

يقول الكاتب أحمد مولانا في مقال منشور في موقع الجزيرة نت إن "المسؤولين الإسرائيليين كانوا دوما يؤكدون أنهم لن يقبلوا بصفقة تبدد إنجازات الحرب، والصفقة الوحيدة المقبولة هي استسلام من بقي من حماس، وتحرير المختطفين، وهي تصريحات تتسق مع ما أفصح عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي في أكثر من مناسبة، ومنها في خطابه أمام الكونغرس الأميركي الذي أشار إلى أن الحرب في غزة ستنتهي فقط إذا استسلمت حماس وألقت سلاحها وأعادت الأسرى".

ويضيف مولانا: أن "نتنياهو شدد في خطابه أيضا على أن الجيش الإسرائيلي سوف يبقى في غزة كي لا تشكل أي تهديد عسكري، مشيرا إلى إمكانية تشكيل إدارة مدنية في غزة يقودها فلسطينيون لا يعادون إسرائيل، ومؤكدا رفض تسليم القطاع للسلطة الفلسطينية تحت شعار "لا حماستان ولا فتحستان"، ثم عزز نتنياهو موقفه بتأكيد الاحتفاظ بمحوري نتساريم وفيلادلفيا زاعما أن محور فيلادلفيا أصبح قضية وجودية وأن التواجد فيه أصبح استراتيجية لا غنى عنها لأمن إسرائيل".

وتابع: أنه "في المقابل التزمت حماس بأن أسرى الاحتلال لن يفرج عنهم دون اتفاق تبادل وتمسكت الحركة بـ3 شروط لقبول أي صفقة وهي: عودة السكان لشمال غزة دون استثناء الرجال، والوقف الدائم لإطلاق النار، والتعهد بالانسحاب الإسرائيلي من القطاع".

وأكد الكاتب في المقالة أنه "وبالفعل انتهت الحرب الطويلة لاتفاق ينص على الانسحاب الإسرائيلي تدريجيا من غزة، بما في ذلك محور نتساريم الذي يفصل شمال القطاع عن جنوبه، ومحور فيلادلفيا على الحدود المصرية الفلسطينية، والإفراج عن الأسرى وفق اتفاق تبادل، مع عدم التطرق إلى مستقبل حكم القطاع داخل الاتفاق".

وتابع الكاتب: أن "نتنياهو ماطل طويلا في عقد صفقة لوقف الحرب، وطرح شروطا على المقاومة أقرب إلى الاستسلام، وراهن على أن الضغط العسكري المكثف وارتكاب المجازر في غزة سيحسن شروط الصفقة؛ فيما عمل جيش الاحتلال على تحويل قطاع غزة إلى منطقة غير قابلة للمعيشة، بهدف دفع السكان عند أول فرصة لمغادرته".

وأردف: "لكن في المقابل، صمدت حماس رغم ضخامة الثمن، ولم ترفع راية الاستسلام، وأعلنت أنها لن تقبل اقتراحات جديدة من إسرائيل، وأنها تطالب بتنفيذ الاتفاق السابق الموافق عليه من الطرفين عليه منتصف عام 2024 استنادا إلى رؤية بايدن وقرار مجلس الأمن، دون قبول تعديلات كتلك التي تشترط بقاء الاحتلال في محوري فيلادلفيا ونتساريم، وتفتيش العائدين إلى شمال القطاع من السكان.

وأشار إلى أن "المقاومة نجحت بتوليد قناعة لدى الأطراف كافة بما فيها واشنطن باستحالة القضاء على المقاومة عسكريا"، وهو ما أقرّ به وزير الخارجية الأميركي بلينكن قائلا إن "حماس جندت خلال الحرب مقاتلين أكثر ممن فقدتهم".

وزاد: أنه "مع هدوء غبار المعركة، ستصبح المسيرة السياسية لنتنياهو في خطر، إذ ستتشكل لجان تحقيق لتحديد أوجه القصور ومحاسبة المسؤولين عنها، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء الذي أشغل الرأي العام الإسرائيلي بتعديلاته القانونية التي أحدثت شرخًا مجتمعيا وأضعفت الاحتلال أمام خصومه، في وقت تتعالى فيه الأصوات في إسرائيل بأن الصفقة الأخيرة هي ذاتها التي عرقلها نتنياهو في منتصف عام 2024، وها هو ذا يقبل بها بعد أن دفعت إسرائيل ثمنا أكبر، وخاضت شهورا إضافية من القتال بلا طائل".

لفت مولانا إلى أن "عملية طوفان الأقصى أثبتت استحالة تحقيق الاحتلال الإسرائيلي للأمن مع استمرار انتهاكاتها للفلسطينيين واحتلالها لأراضيهم، كما أعادت طرح ملف الاحتلال على الأجندة السياسية العالمية، وأحدثت زلزالا جيوسياسيا بالمنطقة، ظهرت أولى تداعياته في لبنان وسوريا، ووضعت إسرائيل تحت مطرقة الحصار الدولي رغم مظلة الحماية الأميركية، حيث أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه غالانت، في حين اعترفت النرويج وإسبانيا وأيرلندا بالدولة الفلسطينية".

وختم مقالته بالقول: إنه "لا شك أن حرب الإبادة الإسرائيلية أحدثت دمارا هائلا في غزة بشريا وماديا، وتركت ندوبا غائرة تحتاج زمنا طويلا للتعافي، لكن الحقيقة الأكيدة أنها فشلت في تحقيق أهدافها، والأهم أنها لم تكفل الأمن لإسرائيل. لقد خرجت دولة الاحتلال من الحرب أكثر توحشا، لكنها في الوقت نفسه أكثر ضعفا وهشاشة، والأهم أن تداعيات هذه الهزيمة الاستراتيجية لإسرائيل لا تزال في بدايتها، وربما يتطلب الأمر سنوات قبل أن يدرك الإسرائيليون حقيقة ما فعله نتنياهو بدولتهم حين أوهمهم أن بإمكانه تحقيق الأمن من خلال تدمير غزة وإبادة شعبها".

اخترنا لك