صورة خبر

تفوق محمد شياع السوداني.. حين يصبح الاستقرار أهم من التغيير

2025-11-14 17:13:19

الكاتب: أسماء صباح الكبيسي

شهدت الانتخابات العراقية تفوّقاً ملحوظاً لمحمد شياع السوداني وتحالفه، في مشهد أثار كثيراً من التساؤلات حول سرّ هذا التقدّم، رغم تراجع الثقة الشعبية تجاه العملية الانتخابية.

فالرجل الذي يُعَدّ أحد أبناء المنظومة القديمة، نجح في تحويل حالة السخط العام إلى فرصة انتخابية، مستنداً إلى مجموعة من نقاط القوة السياسية والإدارية التي استغلّها بذكاء لتأمين تفوّقه في صناديق الاقتراع.

أولاً: شعبوية الإنجاز الملموس

اعتمد السوداني على سياسة الإنجاز المرئي، فالمشاريع الخدمية التي أُطلقت خلال ولايته — من طرق وجسور ومحطات كهرباء — تحوّلت إلى أدوات انتخابية أكثر منها برامج حكومية.

وبذلك رأى المواطن المُنهَك من الإهمال في تلك الصور ما يبرّر له التصويت، دون أن يسأل عن عمق هذه الإنجازات أو استدامتها.

ثانياً: استثمار غياب البديل

ضعف المعارضة وتشتّت القوى الرافضة للواقع خلق فراغاً سياسياً ملأه السوداني بسهولة.

فبين قوى منقسمة ومشاريع إصلاح بلا قيادة موحّدة، ظهر السوداني كخيار “أقل سوءاً” في نظر كثيرين، مستفيداً من غياب مشروع وطني حقيقي يمكن أن ينافسه في الشارع.

ثالثاً: خطاب “الاستقلالية” وادعاء التوازن

روّج السوداني لنفسه على أنه رجل الدولة القادر على الموازنة بين المحاور الإقليمية، لا سيّما بين إيران والولايات المتحدة.

هذا الخطاب الوطني “المحايد” لاقى قبولاً لدى شريحة واسعة من الناخبين الباحثين عن استقرارٍ ولو زائف، بعد سنوات من الصراع السياسي والأمني الذي جعل العراق ساحة لتصفية الحسابات.

رابعاً: تحالف متعدد الطوائف

حرص السوداني على جمع مرشحين من السنّة والشيعة ضمن تحالفه الانتخابي، ممّا مكّنه من استقطاب أصوات واسعة من مختلف الطوائف.

هذه الخطوة الاستراتيجية جعلت قاعدة أصواته أكثر اتساعاً وصعوبة في منافسته، لأنها ضمنت تمثيلاً متوازناً وأشبه بمحاولة خلق “خيارات مقبولة للجميع” داخل التحالف نفسه.

خامساً: التوظيف والترضيات السياسية

في بلد يرزح تحت بطالة مزمنة، استخدم السوداني ملف التوظيف الحكومي كأداة كسب سياسي، عبر استحداث وظائف أو عقود في مؤسسات الدولة لكسب الولاءات، ممّا عزّز نفوذه في الأوساط الشعبية.

سادساً: تعب الشعب واستسلامه

الواقع العراقي بات يفرز نمطاً جديداً من السلوك الانتخابي، حيث يصوّت المواطن لا عن قناعة، بل عن تعب.

الناس تريد “استقراراً” بأي ثمن، ولو كان ذلك على حساب التغيير، فكان السوداني المستفيد الأكبر من هذا المزاج العام الذي فضّل الركود على المجهول.

وفي الخلاصة، تفوق محمد شياع السوداني لم يكن نتاج مشروعٍ وطني حقيقي، بل حصيلة استثمارٍ ذكي في تعب الناس وضعف خصومه.

ولا يعني فوزه إلا أن الشعب اختار طريق الاستقرار المؤقت على حساب التغيير الحقيقي، وما لم تتبدّل معادلة الوعي الشعبي، سيبقى كل تفوّق انتخابي في العراق مجرد إعادة إنتاجٍ للأزمة ذاتها، بأسماءٍ ووجوهٍ مألوفة.

اخترنا لك