2025-11-14 17:13:19
الكاتب: أسماء صباح الكبيسي
شهدت الانتخابات العراقية تفوّقاً ملحوظاً لمحمد شياع السوداني وتحالفه، في مشهد أثار كثيراً من التساؤلات حول سرّ هذا التقدّم، رغم تراجع الثقة الشعبية تجاه العملية الانتخابية.
فالرجل الذي يُعَدّ أحد أبناء المنظومة القديمة، نجح في تحويل حالة السخط العام إلى فرصة انتخابية، مستنداً إلى مجموعة من نقاط القوة السياسية والإدارية التي استغلّها بذكاء لتأمين تفوّقه في صناديق الاقتراع.
اعتمد السوداني على سياسة الإنجاز المرئي، فالمشاريع الخدمية التي أُطلقت خلال ولايته — من طرق وجسور ومحطات كهرباء — تحوّلت إلى أدوات انتخابية أكثر منها برامج حكومية.
وبذلك رأى المواطن المُنهَك من الإهمال في تلك الصور ما يبرّر له التصويت، دون أن يسأل عن عمق هذه الإنجازات أو استدامتها.
ضعف المعارضة وتشتّت القوى الرافضة للواقع خلق فراغاً سياسياً ملأه السوداني بسهولة.
فبين قوى منقسمة ومشاريع إصلاح بلا قيادة موحّدة، ظهر السوداني كخيار “أقل سوءاً” في نظر كثيرين، مستفيداً من غياب مشروع وطني حقيقي يمكن أن ينافسه في الشارع.
روّج السوداني لنفسه على أنه رجل الدولة القادر على الموازنة بين المحاور الإقليمية، لا سيّما بين إيران والولايات المتحدة.
هذا الخطاب الوطني “المحايد” لاقى قبولاً لدى شريحة واسعة من الناخبين الباحثين عن استقرارٍ ولو زائف، بعد سنوات من الصراع السياسي والأمني الذي جعل العراق ساحة لتصفية الحسابات.
حرص السوداني على جمع مرشحين من السنّة والشيعة ضمن تحالفه الانتخابي، ممّا مكّنه من استقطاب أصوات واسعة من مختلف الطوائف.
هذه الخطوة الاستراتيجية جعلت قاعدة أصواته أكثر اتساعاً وصعوبة في منافسته، لأنها ضمنت تمثيلاً متوازناً وأشبه بمحاولة خلق “خيارات مقبولة للجميع” داخل التحالف نفسه.
في بلد يرزح تحت بطالة مزمنة، استخدم السوداني ملف التوظيف الحكومي كأداة كسب سياسي، عبر استحداث وظائف أو عقود في مؤسسات الدولة لكسب الولاءات، ممّا عزّز نفوذه في الأوساط الشعبية.
الواقع العراقي بات يفرز نمطاً جديداً من السلوك الانتخابي، حيث يصوّت المواطن لا عن قناعة، بل عن تعب.
الناس تريد “استقراراً” بأي ثمن، ولو كان ذلك على حساب التغيير، فكان السوداني المستفيد الأكبر من هذا المزاج العام الذي فضّل الركود على المجهول.
وفي الخلاصة، تفوق محمد شياع السوداني لم يكن نتاج مشروعٍ وطني حقيقي، بل حصيلة استثمارٍ ذكي في تعب الناس وضعف خصومه.
ولا يعني فوزه إلا أن الشعب اختار طريق الاستقرار المؤقت على حساب التغيير الحقيقي، وما لم تتبدّل معادلة الوعي الشعبي، سيبقى كل تفوّق انتخابي في العراق مجرد إعادة إنتاجٍ للأزمة ذاتها، بأسماءٍ ووجوهٍ مألوفة.
2025-11-14 09:13:19
تفوق محمد شياع السوداني.. حين يصبح الاستقرار أهم من التغيير
أسماء صباح الكبيسي
2025-10-10 05:22:26
الطاقة الشمسية.. كيف يمكن أن توفّر للعراق أكثر من 200 مليار دولار؟
مأمون العاني
2025-08-30 11:25:20
العراق على مفترق قانوني: هل تنهار وحدة الدولة تحت عباءة "المدونات المذهبية"؟
أسماء صباح الكبيسي
2025-05-30 11:42:21
الرباط المحمدي: منابر التصوف أم أذرع ناعمة لنفوذ طهران؟
سعد عواد
2023-03-20 00:58:01
بعد 20 عاما من الغزو الأمريكي.. العراق في أي حال؟
رائد الحامد
2023-03-09 01:57:33
صورة ضبابية لمستقبل حكومة "الإطار التنسيقي"
رائد الحامد
2023-01-01 10:04:24
العراق.. لماذا يتم تهريب الدولار؟
عبد الحسين الهنين