صورة الخبر

11:57:52 2025-01-27 : اخر تحديث

11:57:52 2025-01-27 : نشر في

هل ستمتد سياسة إيران في التضحية بالأذرع لتشمل الفصائل العراقية؟

حجم الخط

فريق التحرير- شبكة الساعة

يبدو أن إيران بدأت بتجرع كأس السم مضطرة أمام حملة عالمية لا هوادة فيها من خلال التضحية بأذرعها وفصائلها في دول المنطقة، وهو ما يذكر بوصف أطلقه المرشد الإيراني السابق عن تجرع السم عند الموافقة على وقف إطلاق النار مع العراق 1988.

وأثبتت التطورات الأخيرة في لبنان وسوريا وخروج البلدين من النفوذ الإيراني الذي استمر لعقود طويلة تخلي نظام إيران عن أذرعها وحلفائها المتمثلين بحزب الله في لبنان ونظام الأسد في سوريا مقابل الإبقاء على نظام طهران في ظل حملة دولية تستهدف كسر المشروع الإيراني في الشرق الأوسط.

في حين لم يكن من الغريب أن تضحي إيران بحلفائها مقابل ضمان بقائها بعد أن أصبح التغيير في المنطقة أمرا واقعا.

وخلال العامين الماضيين، كان النظام الإيراني في موقع قوي، حيث كان يتم تعزيز قدراته النووية كل يوم، وكان حلفاؤه الإقليميون يمارسون ضغوطًا على الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي ودول الخليج العربي.

ويواجه حكام إيران الآن خيارات محدودة، فهم يواجهون في الوقت نفسه أزمة اقتصادية حادة، وتدهورًا غير مسبوق في قيمة العملة المحلية، وأزمة طاقة ساهمت في تأجيج الاحتجاجات الشعبية، وفقدانًا لقوتهم الإقليمية، التي كانت سابقًا تُجبر الأعداء على التراجع.

وهم الآن أمام مفترق طرق؛ إما أن يسعوا للحصول على سلاح نووي لضمان أمنهم، وإما أن يتنازلوا أمام الرئيس الأميركي دونالد ترامب ويعرضوا هويتهم المعادية للإمبريالية للخطر.

وسيعتمد اختيار طهران بين هذين الخيارين على سياسة ترامب تجاه إيران التي كانت قد خططت، حسب وكالات الاستخبارات الأميركية، لاغتياله كما أن ترامب، الذي شكّل إدارته القادمة من معارضين متشددين للنظام الإيراني، كان قد هدد إيران سابقًا بالدمار الكامل؛ ردًا على خططها لاغتياله.

ويوفر الضعف الحالي للنظام الإيراني فرصة غير مسبوقة للولايات المتحدة لوضع طهران أمام خيار صعب: إما أن تتخلى عن دعم حلفائها الإقليميين، وإما أن تواجه خطر المواجهة العسكرية.

ولم يتبقَ من حلفاء إيران في المنطقة سوى جماعة الحوثيين في اليمن والفصائل المسلحة في العراق، وباتت هاتان المجموعتان هدفا قائما للولايات المتحدة والاحتلال الإسرائيلي، ومن المتوقع شن الهجمات عليهما في أي وقت. 

إيران تضحي بالأذرع من أجل بقائها

ومؤخرا، كشف قائد قوات أبو الفضل العباس أوس الخفاجي، أن إيران تبنت سياسة التضحية بحلفائها الإقليميين، من بينهم الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وسوريا، من أجل الحفاظ على كيانها الداخلي ومصالحها الاستراتيجية.

وقال الخفاجي في تصريح تابعته شبكة "الساعة": إن "طهران طالما ركزت على حماية قلبها وهذا يعني أن إيران لن تتردد في اتخاذ قرارات صعبة قد تؤدي إلى خسارة أطراف مهمة من نفوذها في المنطقة".

وأضاف أن "إيران مستعدة للتضحية بأطرافها، حتى وإن كانت تمثل يدها اليمنى، من أجل ضمان بقاء الكيان الأم"، مؤكداً أن "هذه السياسة تُظهر أن طهران تُقدم مصالحها القومية على أي اعتبارات أخرى، بما فيها الإسلام الذي ترى أنه محصور في كيان الجمهورية الإيرانية".

وأوضح قائد قوات أبو الفضل العباس أن "إيران لطالما سعت للحفاظ على تماسكها الداخلي كأولوية قصوى، بينما تُعد مصالحها الخارجية امتدادات يمكن الاستغناء عنها عند الضرورة".

كما نوه الخفاجي إلى "وجود استقلالية بين المقاومة الفلسطينية في غزة وإيران، وهو ما دفع بالنتيجة إلى عدم قدرة إيران على التضحية بحماس كما فعلت مع حزب الله ونظام الأسد وبالتالي صمود حماس وخروجها من حرب طاحنة دون أن تتمكن إسرائيل من هزيمتها أو تحقيق أي من أهدافها".

المصلحة الإيرانية تؤدي للتخلي عن الحلفاء

من جانبه يؤكد الكاتب العراقي ناجي الغزي في مقال منشور في موقع "ألواح طينية" إن "تصريحات الخفاجي حول موقف إيران تحمل رسائل متعددة الأبعاد".

وأوضح الغزي أن "طهران وفي سعيها للحفاظ على كيانها، لا تتردد في التضحية بحلفائها أو حتى بأذرعها القوية إذا استدعت مصلحتها العليا ذلك".

وأشار إلى أن "تصريحات الخفاجي وتشبيه حسن نصر الله باليد اليمنى لإيران التي تُضحى بها لصالح القلب، يعكس فهماً عميقاً لطبيعة السياسة الإيرانية التي تقوم على براغماتية مفرطة، حيث لا حليف دائم، بل مصلحة دائمة"، كما لفت إلى أن "هذا التصريح يحمل اتهاماً مباشراً لطهران بالبراغماتية المفرطة، التي تجعلها مستعدة للتخلي عن حلفائها إذا اقتضت مصالحها العليا ذلك".

الفصائل العراقية آخر أوراق إيران ولن تضحي بها بسهولة

وعلى الرغم من أن العديد من القراءات ترى أن المرحلة المقبلة ستكون مرحلة التضحية الإيرانية بالفصائل العراقية من أجل تجاوز الضغوطات الأمريكية، غير أن الباحث في الشأن السياسي العراقي غانم العابد يرى عكس ذلك.

وقال العابد في تصريح لشبكة "الساعة": إن "إيران ورغم خسارة أوراقها في لبنان وخسارة حليفها الأولى وهو نظام بشار الأسد، إلا أنها لم تصل لمرحلة التخلي عن كل حلفائها في المنطقة من أجل الإبقاء على نظامها".

وأوضح أن "إيران اليوم تمتلك ورقتين للضغط في المنطقة الأولى وهي ورقة الميليشيات العراقية والثانية هي ورقة الحوثيين التي تنظر إليها طهران باهتمام أقل من الفصائل العراقية".

وأشار العابد إلى أن "المعروف عن إيران وسياستها أنها لا تدخل في حالة التصعيد وهي في مرحلة ضعف، وهي في هذه المرحلة تلجأ إلى التفاوض من أجل كسب الوقت، وهو ما تحاول إيران فعله اليوم"، مبينا أن "إيران في المرحلة القادمة لن تستلم بهذه السهولة وهذا يعني أنها لن تتخلى بسهولة عن ما تبقى من أذرعها في العراق واليمن".

وتابع: أن "إيران ستلعب على ورقتين في العراق الأولى ورقة داعش، حيث ستسعى إيران لإطلاق سراح قيادات داعش الموجودين في سجون قسد على الحدود العراقية – السورية من أجل خلق الفوضى على الحدود وقد تمكنها هذه الفوضى من المناورة في المفاوضات مع أمريكا اقتصاديا، أما الورقة الثانية فهي الإبقاء على الفصائل العراقية من أجل جعلها ورقة ضغط في المرحلة المقبلة".

ونوه العابد إلى أن "خسارة إيران لسوريا من جهة والعقوبات الأمريكية الاقتصادية على طهران سيجعل إيران تصب تركيزها على العراق في الفترة المقبلة"، مشيراً إلى أن "الجميع يتحدث عن خطط أمريكا تجاه إيران، ولكن لا أحد يذكر خطط إيران في مواجهة الخطط الأمريكية".

وأكد أن "إيران حسمت أمرها وقررت جعل العراق ساحة للمواجهة القادمة مع الولايات المتحدة، في حين ستكون الفصائل العراقية هي الأداة التي تستخدمها إيران في هذه المواجهة"، لافتا إلى أن "ما يعزز هذا الافتراض هو رفض إيران حل الفصائل العراقية خاصة وأن قرار حلها مرهون بقرار المرشد الإيراني وليس السلطات العراقية".

اخترنا لك