صورة الخبر

2024-10-22 06:39:12

أزمة سياسية يفاقمها صراع المناصب.. هل تنجح الفصائل بفرض واقع جديد في نينوى؟

حجم الخط

سيف العبيدي ـ شبكة الساعة

يشتد الصراع بين الكتل السياسية في نينوى على المناصب الإدارية (إدارة المؤسسات التنفيذية والوحدات الإدارية)، لكن هذا الصراع لا يمثل إلا حلقة من مسلسل النفوذ والهيمنة التي تحاول فرضها جهة معينة داخل مجلس المحافظة، بحسب ما يرى نواب ومسؤولون من المحافظة.

وعلى الرغم من عودة مجلس محافظة للانعقاد بعد تعطيل استمرت لأكثر من 3 أشهر، إلا أن السبب الرئيس لتعطيل عمل المجلس ما يزال قائما، فالأزمة السياسية التي ضربت المجلس المحلي وعطلته عن العمل لم تنتهِ لغاية الآن.

ومنذ حزيران الماضي تعطل عمل مجلس محافظة نينوى بسبب مقاطعة كتلتي نينوى الموحدة والديمقراطي، ورغم انتهاء مقاطعة الكتلتين غير أن العودة إلى المقاطعة باتت خيارا واردا في حال استمرت الأزمة السياسية الحالية.

وبالتزامن مع استمرار الأزمة السياسية الحالية، يحذر ناشطون من الموصل من أزمات مقبلة، وذلك بسبب سعي جهات سياسية لإجراء تغييرات في إدارة المؤسسات الحكومية وفقا للمحاصصة الحزبية.

بدأت الأزمة في مجلس نينوى في حزيران الماضي، عندما صوت المجلس على تعيين واستبدال رؤساء الوحدات الإدارية في المحافظة في جلسة انفردت بها قوى الإطار التنسيقي (كتلة نينوى المستقبل) وقاطعتها القوى السنية (كتلة نينوى الموحدة) والكردية (كتلة الديمقراطي الكردستاني).

وشملت التغييرات رؤساء الوحدات الإدارية في 7 أقضية وهي (سنجار والبعاج والحضر ومخمور وتلعفر وتلكيف والحمدانية) و12 ناحية وهي (الشورة وحمام العليل وبعشيقة والتل والنمرود والقراج والقيارة وبرطلة والشمال والعياضية وزمار ووانة).

ويتكون مجلس نينوى من 3 أطراف رئيسية، القوى الإطارية (نينوى المستقبل) والقوى العربية السنية (نينوى الموحدة) والقوى الكردية (الحزب الديمقراطي الكردستاني)

وتمتلك قوى كتلة نينوى المستقبل 16 مقعدا في مجلس المحافظة من أصل 29 مقعدا، وهو ما يجعلها أغلبية في المجلس تمكنها من اتخاذ القرارات والتصويت عليها بعيدا عن موقف كتلة الديمقراطي الكردستاني التي تمتلك 4 مقاعد، وكتلة نينوى الموحدة التي تمتلك 9 مقاعد.

وعقد مجلس محافظة نينوى مطلع شهر أكتوبر / تشرين الأول الجاري أولى جلساته بعد المقاطعة، وشاركت فيها كتلتي نينوى الموحدة والديمقراطي رغم تأكيدهما على أن الخلافات ما تزال مستمرة ولم تحل لغاية الآن وأن المشاركة جاءت لتمرير قرارات تحمل منافع اجتماعية واقتصادية للمحافظة.

تفرد الإطار بالقرارات

رئيس كتلة نينوى الموحدة في مجلس نينوى مهند نجم الجبوري أكد أن عودة كتلته لجلسات المجلس تقتصر على التصويت لتقديم الخدمات والمنافع الضرورية للمحافظة، فيما أشار إلى أن الخلاف مع نينوى المستقبل بشأن رؤساء الوحدات الإدارية لم يحسم لغاية الآن.

وقال عضو المجلس مهند نجم الجبوري في حديث لشبكة "الساعة": إن "كتلة نينوى الموحدة قررت حضور جلسات مجلس المحافظة مع تأكيدها أن قرار الحضور سيقتصر على التصويت فقط في المسائل المتعلقة بملف المخاتير والمنافع الاجتماعية والملفات الخدمية الضرورية".

ولا تقتصر المشكلة على رفض القوى العربية السنية والكردية لتعيين رؤساء الوحدات الإدارية من قبل كتلة نينوى المستقبل (القوى الإطارية)، لكنها تشمل بصورة عامة تفرد قوى الإطار في عمل مجلس نينوى والقرارات المهمة فيه ومصادرة مواقف القوى الأخرى، وهو ما أكده الجبوري.

وتابع: أن "كتلة نينوى الموحدة كانت تمثل الأغلبية في بداية تشكيل المجلس لكنها رفضت تمرير أي قرار من أجل الحفاظ على التوافق السياسي في عمل المجلس وعدم إقصاء القوى المشكلة له"، مبينا أن "كتلة نينوى المستقبل عملت عكس الشيء بعدما أصبحت تملك الأغلبية في المجلس بعد الانشقاقات التي ضربت كتلة نينوى الموحدة والتحاق بعض الأعضاء بكتلة نينوى المستقبل".

وأضاف أن "الأزمة الأخيرة سببها الحقيقي هو سعي القوى الإطارية إلى فرض نفوذها واتخاذ القرارات بعيدا عن التوافق السياسي"، مبينا أن "كتلة نينوى الموحدة لن تسمح باستمرار الوضع بهذا الشكل وستتخذ الإجراءات كافة لضمان تمثيل كافة القوى السياسية في اتخاذ القرارات وتمريرها داخل المجلس".

موقف الديمقراطي

أما موقف الحزب الديمقراطي الكردستاني فلا يتخلف كثيرا عن كتلة نينوى الموحدة، فهو يرهن تفعيل عمل المجلس من جديد وإنهاء الأزمة الحالية بإنهاء حالة التفرد باتخاذ القرارات من جهة واحدة.

وقال عضو مجلس نينوى عن الحزب الديمقراطي الكردستاني أحمد الكيكي في تصريح لشبكة "الساعة": إن "مشاركة حزبه في جلسة المجلس لا تعني انتهاء الخلافات داخل المجلس بشأن تعيين واستبدال رؤساء الوحدات الإدارية".

وأضاف الكيكي: أن "عقد الجلسات لا يعني القبول بما جرى سابقا بشأن تفرد نينوى المستقبل بقرار وتعيين رؤساء الوحدات الإدارية".

وتابع أن "المشاركة جاءت من أجل التصويت على المنافع الاجتماعية لأنها تصب في مصلحة نينوى وغير قابلة للتأجيل والتصويت على تشكيل لجنة التدقيق للمخاتير من أجل التصويت عليهم".

نينوى المستقبل تنفي

لكن كتلة نينوى المستقبل (القوى الإطارية) نفت التهم الموجهة لها، ونفت نيتها فرض هيمنتها داخل المحافظة، لكنها أكدت أن الخلافات بشأن مناصب رؤساء الوحدات الإدارية لم تحسم بعد.

وقال رئيس كتلة نينوى المستقبل في مجلس نينوى محمد هريس في تصريح لشبكة "الساعة": إن "الخلافات ما تزال مستمرة بين قوى المجلس بشأن الوحدات الإدارية"، لكنه أشار إلى أن تلك الخلافات شكلية وليست جوهرية ويمكن تجاوزها بالحوار والتفاهمات وتقريب وجهات النظر بين المختلفين".

وأشار إلى أن "كتلته قدمت تنازلات لصالح نينوى الموحدة عن إدارة ناحيتي تل عبطة وحمام العليل من أجل دفع الأمور نحو الحل وإنهاء الأزمة في مجلس المحافظة".

تدخلات من خارج نينوى

ويبدو أن الخلاف الدائر في نينوى يدار من قوى سياسية من خارج المحافظة، وهو ما أكده عضو مجلس النواب عن نينوى لقمان الرشيدي.

وقال الرشيدي في تصريح لشبكة "الساعة": إن "التدخلات السياسية من خارج المحافظة، تسببت في تعطيل عمل مجلس المحافظة خلال الفترة الماضية".

وأضاف أن "تدخلات الجهات السياسية كانت السبب الأبرز في خلق الأزمة السياسية التي شهدها مجلس المحافظة وأدت إلى تعطيله طيلة الفترة الماضية"، مشددا على أنه لولا التدخلات الخارجية في شؤون نينوى لما حدث الخلاف والتعطيل في عمل مجلس المحافظة.

ودعا الرشيدي أعضاء مجلس نينوى إلى تفعيل الحوار وتجاوز كافة الخلافات السابقة، والبدء بمرحلة جديدة وخلق مجلس قوي قادر على إصدار القرارات والتشريعات التي تصب في مصلحة المحافظة.

السلاح يفرض واقعا جديدا في نينوى

لكن عضو مجلس النواب عن نينوى شيروان الدوبرداني يرى أن بعض القوى في نينوى تحاول فرض واقع جديد مستغلة نفوذها في بغداد وامتلاكها للسلاح والفصائل.

وقال الدوبرداني وهو نائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني في تصريح لشبكة "الساعة": إن "القوى السياسية الجديدة في نينوى والتي لم يمض على تأسيسها سوى عامين أو ثلاثة لا يمكن لها أن تفرض واقعا سياسيا جديد في نينوى عبر سياسي ليّ الأذرع وفرض الإرادات من خلال امتلاك الميليشيات والفصائل المسلحة".

وأضاف أن "الحزب الديمقراطي يرفض هذه السياسة ويؤكد على ضرورة تحقيق التوافق السياسي بين جميع الأطراف السياسية في نينوى، على اعتبار أن العملية السياسية في البلاد لا يمكن لها أن تسير دون هذه التوافقات".

ولفت الدوبرداني أن "الحزب الديمقراطي ليس طرفا في الأزمة الحالية وأن السبب الرئيس فيها هو تفرد قوى الإطار التنسيقي بالقرارات وخاصة فيما يخص تغيير وتعيين رؤساء الوحدات الإدارية في المحافظة".

أزمات مقبلة

ويتوقع الناشط في الشأن الموصلي محمد السالم أن نينوى مقبلة على جملة من المشاكل السياسية ولا سيما مع محاولة بعض قوى المجلس إجراء تغييرات في المناصب الإدارية واستبدال مديري الدوائر في المحافظة.

وقال السالم في حديث لشبكة "الساعة": إن "قوى الإطار المنضوية في نينوى المستقبل تسعى بعد تمريرها لرؤساء الوحدات الإدارية إلى استبدال مديري الدوائر مستغلين أغلبيتهم في مجلس المحافظة".

وتابع أن "العديد من إدارات الدوائر الحكومية سيتم شمولها بالتغييرات"، مبينا أن "تأخير هذه التغييرات سببه الأزمة الأخيرة التي تعطل بسببها عمل المجلس بعد مقاطعة كتلتين كبيرتين من كتل المجلس".

اخترنا لك