06:55:08 2024-12-11 : اخر تحديث
13:23:08 2023-09-14 : نشر في
أنس السالم - شبكة الساعة
تمتد أزمة المياه بين العراق وتركيا لعقود طويلة، وبدأت تطفو هذه المشكلة على السطح بعد أن انحسرت مناسيب الأنهر في بلاد الرافدين، حتى وضعت البلاد على قائمة البلدان المهددة بالجفاف.
أزمة المياه غير واضحة المعالم ودائما ما تتبادل حكومتا بغداد وأنقرة الاتهامات بشأن هذا الملف الشائك، ولعل آخرها تصريحات السفير التركي لدى العراق، علي رضا غوناي، والتي أثارت جدلاً واسعًا بعد أن حمّل غوناي، الحكومة العراقية مسؤولية الجفاف الذي تعاني منه البلاد بسبب "هدر" المياه وعدم استخدامها بالشكل الأمثل.
وفي وقتها، وصفت وزارة الموارد المائية العراقية، تصريحات السفير التركي، بأنها "تهدد السلم المجتمعي في العراق، وأنها محاولة لخلط الأوراق وتقليل حصة البلاد المائية".
وقالت الوزارة في بيان، إن "تركيا ليست وصية على العراق وعليها إطلاق حصة العراق العادلة والمنصفة حسب المواثيق الدولية دون التدخل بسياسة العراق المائية".
وأضافت أن "تركيا دائماً تتحجج بموضوع هدر المياه في محاولة لخلط الأوراق لكي تعطي لنفسها الحق بتقليل حصة العراق المائية وهذا ما يحصل حالياً"، مبينةً أن "الخزن في سدودهم وصل لمناسيب تعتبر جيدة جداً".
وفي أكثر من مرة يعلن العراق وتركيا عن مساع لتفعيل بنود اتفاق جديد حول تقاسُم مياه نهري دجلة والفرات، بما يضمن توزيعًا عادلًا للمياه، على خلفية المباحثات الأخيرة بين البلدين، إلا أنهما لم يتوصلا إلى اتفاق واضح.
بناء السدود
قال رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط، الدكتور أحمد أويصال، لشبكة "الساعة"، "هناك قناعة تركية باستخدام المياه بشكل عادل ومنصف باعتباره حقاً وهذا ما دفعنا إلى الاهتمام الكبير في مسألة التعاون المشترك".
وأضاف أن "الجانبين التركي والعراقي اتفقا على كيفية توسيع وتطوير التعاون بين البلدين الصديقين في ملف المياه".
وأوضح أن "تركيا لم تترك العراق البلد الجار بدون مياه عبر التاريخ، ففي عام 2021 كان العام الأشد جفافاً خلال الـ 76 سنة الماضية، إلا أن تركيا أطلقت المياه من نهري دجلة والفرات إلى العراق وسوريا إلى حد الخزن الميت".
وأكد أن "كميات المياه الواردة إلى سد أليسو لعام 2021 هي (6.1) مليارات م3 وقامت تركيا بتزويد العراق بالمياه من السد بمقدار (7.4) مليارات م3 وهذا يعني أن تركيا أطلقت كميات مياه أكثر مما وردت إلى السد وبدون تردد الى حد الخزن الميت".
وتابع أويصال "كان هناك اتفاق سابق معمول به بشأن نهر الفرات يقضي بإطلاق الجانب التركي 500 متر مكعب بالثانية من المياه كحد أدنى على الحدود التركية – السورية، وتقسم تلك الكميات باتفاق ثانٍ بنسبة 58 % للعراق، و42 % إلى سوريا، لكي يصل عند الحدود العراقية – السورية في منطقة حصيبة نحو 290 مترا مكعبا في الثانية كحد أدنى".
وأشار إلى أن "عدم تحديث أنظمة الري الزراعية التي تستهلك الكثير من المياه، وقلة الاقتصاد في استهلاك المياه اليومي للمواطنين هو السبب الرئيس لشحة المياه في العراق".
ولفت إلى أن "هناك تنسيقا وتعاونا مشتركا بين البلدين الجارين المسلمين في هذا الملف، وقد جاء وفد فني من العراق وقام بزيارة سد أليسو واطلع على كميات الخزن الموجودة فيه".
إيران وأزمة المياه
استشهد مدير مركز دراسات الشرق الأوسط، بتصريح سابق للمتحدث الرسمي لوزارة الموارد المائية العراقية السابق، عون ذياب (وزير الموارد المائية الحالي) قوله، إن "إيران ومن دون تنسيق مع العراق، أنشأت العديد من السدود على الأنهر المغذية لنهر ديالى منها نهر سيروان، الأمر الذي سيؤدي إلى مواجهة صعوبات في تأمين المياه لمحافظة ديالى، فضلاً عن إنشاء سدود على الأفرع التي تغذي نهر الزاب الصغير وعلى الفروع التي تغذي سدّي دوكان ودربندخان شمالاً".
وأضاف أويصال، أن "مختلف مناطق العراق تواجه مشكلة مائية جدّية، نتيجة قيام جارته إيران بإغلاق كافة منابع المياه المنسابة تجاه البلد، كخطوة لتدارك أزمة مائية تعاني منها إيران".
وأوضح أن "الجفاف وشح الأمطار خلال العامين الماضيين فاقم المشكلة المائية أمام العراقيين، حيث أدّى ذلك إلى زيادة نسبة التصحر في مناطق واسعة من البلاد وانخفاض مناسيب المياه في الأنهر والسدود والآبار وجفاف بعضها بالكامل، ما اجبر سكان بعض القرى والنواحي لترك مناطقهم بحثاً عن أماكن أغنى مائيا"ً.
وبين أن "الحكومة العراقية أكثر من مرة اعتزمت رفع شكوى رسمية إلى محكمة العدل الدولية ضد إيران بشأن هذه القضية".
تقارب تركي عراقي
يرى أويصال، أن "هناك تقاربا تركيا عراقيا واضحا وجادا حول حل إشكالات المتعلقة في ملف المياه، ونحتاج لتحديث منظومات الري في تركيا والعراق للحفاظ على المياه، ونرى إمكانية سقي مساحات واسعة بكميات مياه قليلة من خلال تبديل أنظمة الري إلى أنظمة حديثة تعتمد على الرش بالتنقيط".
وتابع أن "تركيا قامت بإعداد دراسات في هذا المجال وتوصلت إلى قناعة بأهمية وضرورة تغير نظام الري في العراق وخاصة في محافظتي البصرة والعمارة فضلا عن ذلك فإن توفير المياه الصالحة والكافية للمواطن هي إحدى المهام الأساسية للدولة ومن هذا المنظور فإن مياه الشرب تحظى بأهمية كبرى ومن الضروري توفير كميات مياه نقية وكافية للمواطن".
ونقل أويصال عن مبعوث الرئيس التركي لشؤون المياه إلى العراق فيصل اراوغلو قوله، إن "إجراءاتنا بهدف إنشاء المركز البحثي العراقي التركي قد انتهت، ونحن على قناعة بأن هذا المركز ستكون له فوائد كبيرة جداً، وسنقوم بتوسيع تعاوننا أكثر ونحن على قناعة بأنه يجب أن نتشارك المياه بشكل عادل ومنصف وأن يكون الماء هو محور تنمية الدولتين".
العراق دولة مصب
في السياق، قال الخبير المائي رمضان حمزة، لشبكة "الساعة"، إن "انخفاض مناسيب المياه في بحيرات العراق الطبيعية وخزانات السدود؛ بسبب تحكم دول التشارك المائي تركيا وإيران وكذلك مواسم الجفاف، تصيب شرايين الحياة في العراق بالانسداد".
وأضاف أن "العراق ومستقبل سكانه في خطر محدقّ؛ بسبب كون العراق دولة مصب وفي المرتبة الخامسة من الهشاشة للتصدي لتغير المناخ، بينما تركيا وإيران دول أعالي النهرين تأخذ كميات أكبر من مياه النهرين كل عام مما توفره الطبيعة الأم للنهرين ويخزنوها في خزانات سدودهم وتنقل إلى مسافات شاسعة داخل حدودهم السياسية لإرواء مشاريع زراعية خارج أحواض هذين النهرين".
وأكد أن "هذه تصرفات منافية لكل الأعراف والقوانين الدولية وحسن الجيرة، وكذلك هو اختلال ناتج عن القرارات السياسية التي اتخذت بصدد مقايضة العراق على مواردها النفطية، ومما زاد الطين بلة هو تزايد وتيرة التغير المناخي في المنطقة".
وتابع حمزة "ابتداءً من أواخر عام 1999، دخلت المنطقة فترة جفاف مستمرة غير عادية، مما تسبب في انخفاض تدفقات الأنهار بنسبة 20٪ في نهاية القرن العشرين، ومستمرة بالانخفاض إلى اليوم في الوقت الذي استمرت الدولتان ببناء العديد من خزانات السدود الضخمة لحجز مياه النهرين".
وأردف "لكن مجرد الإشارة إلى الجفاف يغفل المشكلة الأساسية وهي الإدارة المتكاملة للمياه، وتأمين الحصص المائية للعراق كدولة مصب وكحق شرعي وقانوني قبل كل شيء، لكن مع الأسف الشديد القواعد التي تحكم استخدام الأنهار الدولية لا تزال بعيدة عن التطبيق في حوضي نهري دجلة والفرات".
وأضاف أن "تركيا وإيران لا يطلقان مياه أكثر مما يتدفق في قاع النهر وهو ما يعرف بالجريان البيئي حتى في السنوات الأكثر رطوبة، وهذه الصيغة من التعامل مع الموارد المائية المشتركة تبدو مقفلة للغاية في نظام غير عادل لحقوق المياه".
وذكر أن "دول أعالي النهرين تأخذ كل ما في وسعهم بينما أولئك الذين هم في موقع مصب النهرين لم يحصلوا على شيء في كثير من الأحيان".
وبين أن "العديد من المحافظات الجنوبية هي الأولى في مرحلة الحرمان من الحصص المائية عندما يتعلق الأمر بنقص المياه - أي في السنوات التي تقل فيها المياه عن حساب قواعد التوزيع الاعتيادية، فإنها تقلل من استخدامها، وتؤجل لمن لديهم حقوق أكبر، والأسوأ من ذلك، أن العديد من سكان الأهوار، وكذلك الأسماك والطيور والجاموس، تفتقر إلى أي حقوق قانونية معترف بها للمياه على الإطلاق".
تراكمات قديمة
يزيد حمزة في قوله، إنه "منذ 20 عامًا أو يزيد، ومع انخفاض تدفقات الأنهار، لم يعمل القائمون على الشأن المائي العمل معًا لتطوير وتنفيذ سلسلة من التغييرات الجريئة والمبتكرة للقواعد التي عفا عليها الزمن، ونتيجة لذلك لم يتمكن المزارعون وسكان المدن بتحسين كفاءة استخدامهم للمياه، وزراعة المزيد من المحاصيل بمياه أقل، بل يسيرون على نفس الأصول مما فعلوا في القرن العشرين، ولم ينجحوا في فصل النمو الاقتصادي الحضري والنمو السكاني عن استخدامات المياه".
وأوضح أن "سكان معظم المدن الرئيسية الآن يستخدمون كمية مياه أكثر مما كانت عليه قبل 20 أو 30 عامًا رغم إضافة النمو السكني المتزايد، لذلك لا يرى على أرض الواقع أية تحسينات في الكفاءة على خفض استخدام المياه ولو بحوالي10٪، وهذه النسبة غير كافية لتعويض الانخفاض البالغ 20٪ في إمدادات المياه".
إجراءات إضافية
يوصي الخبير المائي رمضان حمزة، بـ "اتخاذ إجراءات إضافية غير عادية، وحث المستخدمين على خفض استخدامهم للمياه بنسبة تصل إلى الثلث - علاوة على التخفيضات الحالية التي سببتها مواسم الجفاف المتتالية بدءًا من هذا العام".
وأشار إلى أن "العراق يعاني الحالة الأسوأ في تاريخه المعاصر من نقص في الواردات المائية من دول الجوار وتفاقم تغير المناخ، لأن هذه التخفيضات السريعة والكبيرة، يمكن أن تخفض مستويات المياه لدرجة أن تشغيل السدود وتوليد الكهرباء تواجه تحدياً كبيراً بسبب قرب انتهاء الخزين".
ودعا حمزة "أصحاب الحقوق المائية الرئيسيين للاتفاق على خطة إجماع من شأنها تقسيم الأضرار بحيث لا تؤثر عليهم جميعًا، والبدء الفوري بطلب المفاوضات من تركيا وإيران؛ وإجراءات إدارية لتطبيق التعليمات بخصوص التجاوزات وغيرها من الأمور التي تعرقل تطبيق مبادئ الإدارة المتكاملة للمياه".
جفاف الأهوار
قال الخبير المائي، تحسين الموسوي، في تصريح خاص لشبكة "الساعة"، إن "موقف العراق بالنسبة للموارد المائية صعب جداً وحرج، للسنة الرابعة على التوالي تشهد البلاد موسما للجفاف صعبا جداً؛ إذ شهد ارتفاع مستوى الجفاف والتصحر بنسبة 90% وفقدان للتنوع الأحيائي وجفاف للأهوار والبحيرات".
وأضاف أن "هناك موتا تجريبيا لأكثر من ثلاث أرباع للخطة الزراعية ليصل لمرحلة غياب حتى مياه الشرب في بعض المناطق"، فضلاً عن "نفوق للحيوانات وتضرر الثروة السمكية".
وتابع أن "موقف العراق مع الدول المتشاطئة سلبي جداً خاصة مع الجانب التركي ولم تجد المفاوضات التي جرت معهم أي نفع على مدار كل هذه السنين وآخرها اتفاق عام 2014 الذي لم ينفذ لغاية الآن وازداد تعسف الجانب التركي مع العراق وصل للانقطاع التام للموارد العراقية".
وبين أن " يتوجب على العراق في هذه المرحلة اتخاذ موقف آخر ويكون شديدا وحازما بالذهاب إلى المجتمع الدولي واختيار مفاوض قوي بدرجة عالية مثل الاتحاد الأوربي أو البنك الدولي والضغط بصورة أكبر".
وأكد الموسوي، أن "العراق الآن يتعرض لحرب اقتصادية لها أضرار كبيرة ولابد من استخدام جميع أوراقه مثل التجارة والأمن باعتبار أن تركيا تهدد الأمن القومي للعراق"، لافتاً إلى أن " استمرار هذه الحالة سيتبعها مجاعة وارتفاع في نسب الملوثات".
واختتم الخبير المائي قوله، إن "العراق أخفق ولديه الكثير من العيوب في استخدام المياه ولحد الآن يستهلك المياه بنظام الري القديم وغياب مشاريع الري المغلقة ولا توجد إعادة تدوير للمياه ورفع الملوثات".
ويعاني العراق منذ سنوات من انخفاض متواصل في الإيرادات المائية عبر نهري دجلة والفرات، وتفاقم أزمة شح المياه وتدني كميات الأمطار الساقطة في البلاد على مدى الأعوام الماضية.
وخلال مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ أكد رئيس الجمهورية السابق، برهم صالح، في كلمته، أن "7 ملايين عراقي تضرروا من الجفاف والنزوح الاضطراري بسبب نقص المياه"، مبينًا أن "التصحر أثر على 39% من مساحة العراق، وأن 54% من الأرض الخصبة مُعرّضة لخطر فقدانها زراعياً بسبب الملوحة الناتجة عن تراجع مناسيب دجلة والفرات".
فيما أفادت الأمم المتحدة، بانخفاض مناسيب المياه في نهري دجلة والفرات بنسبة تصل إلى 73%، جراء انحسار الأمطار.
يذكر أن إيران قطعت المياه بشكل كامل عن العراق، مما أثر على المناطق الحيوية المهمة في مناطق بمحافظة ديالى (شرقي البلاد)، إضافة إلى شط العرب، وفق تصريحات رسمية أدلى بها وزير الموارد المائية العراقية عون ذياب.
وسبقها إعلان لوزارة الزراعة والموارد المائية في إقليم كردستان العراق، عن قيام إيران بقطع إمدادات المياه عن الإقليم بنسبة 100%.
وقطع إيران لمياه الأنهار عن العراق يتم وفق خطة حكومية بدأت منذ عام 2003؛ حيث أقدمت السلطات الإيرانية على قطع المياه عن أكثر من 42 رافداً وجدولاً موسمياً كانت تغذي الأنهار والأهوار في العراق، أهمها أنهار الكرخة والكارون والطيب والوند والزاب الصغير وسيروان، وآخرها نهر هوشياري الذي يغذي محافظة السليمانية.
ويعتمد العراق في تأمين المياه بشكل أساسي على نهري دجلة والفرات، وروافدهما، والتي تنبع جميعها من تركيا وإيران وتلتقي قرب مدينة البصرة جنوب العراق، لتشكل شط العرب الذي يصب في الخليج.
: كلمات مفتاحية
2024-07-24 11:29:54
محامية عراقية ضمن حملة ترامب!
2024-07-24 11:25:30
الحكومة العراقية تنفي صلتها بصفحات "التطبيل"
2024-07-24 11:21:23
طائرات مسيرة تجوب سماء العاصمة بغداد وتقصف مخزن أسلحة يتبع فصيلا مسلحا
2024-07-24 11:17:27
اتهامات للسياسيين السنة بالمتاجرة بنازحيهم