صورة الخبر

10:21:01 2025-10-20 : اخر تحديث

10:21:01 2025-10-20 : نشر في

هبوط أسعار النفط.. هل تتأخر رواتب موظفي العراق؟

حجم الخط

سيف العبيدي ـ شبكة الساعة

وقع المحظور الذي يخشاه أغلب العراقيين، إذ تراجعت أسعار النفط إلى 60 دولارا في الأسواق العالمية مع توقعات باستمرار الانخفاض ليصل إلى 50 دولارا خلال المرحلة المقبلة.

وتتلخص مخاوف الشارع العراقي من تأثير هذا التراجع على الوضع المالي والاقتصادي في البلاد، ووصوله إلى عجز الدولة عن تأمين رواتب الموظفين وتوفير فرص وظيفية على القطاع الحكومي، إلى جانب الخشية من العجز في تمويل المشاريع وغيرها.

واعتمد العراق خلال السنوات الـ 3 الماضية على موازنة وضع فيها سعر النفط بـ 70 دولار، ولكن التراجع في الأسعار تسبب بزيادة العجز في الموازنات ولجوء وزارة المالية إلى الاقتراض الداخلي لتمويل الرواتب والمصروفات الشهرية للدولة.

ويتأثر العراق بشكل مباشر بانخفاض أسعار النفط نظرا لاعتماده بنسبة 95% في تمويل الموازنات، وسط عجز واخفاق حكومي في تأمين مصادر التمويل في القطاعات الأخرى التي من الممكن أن تدعم وبشكل كبير خزينة الدولة ومنها قطاعات الصناعة والزراعة والسياحة والرسوم والجباية، إلى جانب استشراء الفساد المالي والإداري الذي استنزف الموازنات المالية لأكثر من عقدين ماضيين.

وشرعت وزارة المالية العراقية في إعداد الموازنة العامة الاتحادية للسنة المالية لعام 2026 بتحديد سعر 60 دولاراً لبرميل النفط كسعر افتراضي لترشيد الإنفاق العام في البلاد وتوجيهه نحو الأولويات الأساسية.

وقال المستشار المالي في الحكومة العراقية مظهر محمد صالح، في تصريحات صحفية: إن "هناك مشهدين افتراضيين لموازنة عام 2026، إذ يشير المشهد الأول إلى استمرار النهج التوسعي في الإنفاق العام، مما يضمن الحفاظ على زخم المشاريع الاستثمارية ومعدلات التوظيف الحالية، لكنه في المقابل يزيد من الضغوط على المالية العامة عبر اتساع فجوة العجز وارتفاع الحاجة إلى التمويل سواء من خلال الاقتراض الداخلي الذي قد يؤثر في السيولة النقدية أو ربما الخارجي باحتمالات أقل، ما يمكن أن يؤدي إلى رفع مستوى المديونية ويحد من الحيز المالي المستقبلي".

 وبين أن "المشهد الثاني القائم على سعر 60 دولاراً للبرميل، يمثل خياراً أكثر تحفظاً وواقعية وينسجم مع سياسات الضبط المالي وتعزيز الاستدامة، إذ سيؤدي إلى ترشيد الإنفاق العام وتوجيهه نحو الأولويات الأساسية، مع تحفيز الحكومة على توسيع القاعدة الإيرادية غير النفطية وتفعيل أدوات الجباية والكفاءة الضريبية".

وما يصعد من حدة المخاوف، أن العجز في الموازنات العراقية للأعوام الثلاثية الماضية بلغ 35 تريليون دينار، خلال ارتفاع أسعار النفط لنحو 75 دولارا للبرميل، في حين يحذر مراقبون من أن انخفاض أسعار النفط سيزيد من هذا العجز خلال المرحلة المقبلة.

وبالتزامن مع ذلك، أعلن البنك المركزي العراقي أن العجز المخطط في قانون الموازنة العامة الثلاثية التي أقرها مجلس النواب للسنوات (2023، 2024، 2025) بلغ بمقدار 91.5 تريليون دينار، في حين بلغ العجز الفعلي للسنوات الثلاث المذكورة مبلغ 35 تريليون دينار، تمت تغطيتها داخلياً بسندات وحوالات ووفقاً للأبواب الواردة في قانون الموازنة.

وأشار إلى أن الاقتراض الفعلي بلغ نسبة 18,2 % من العجز المخطط الوارد في قانون الموازنة، وأضاف: أن "الديون الخارجية الواجبة السداد لا تتجاوز 13 مليار دولار بعد استبعاد (ديون النظام السابق المعلقة وغير المطالب بها)"، لافتا إلى أن "الدين الداخلي البالغ 91 تريليون دينار، يمثل 56 تريليون دينار المتراكم لغاية نهاية عام 2022، والمبالغ المضافة هي 35 تريليون دینار ديون السنوات (2023، 2024، 2025)، ومعظم الدين الداخلي ضمن الجهاز المصرفي الحكومي".

وتعليقا على بيان المركزي العراقي وانخفاض أسعار النفط حذر الخبير الاقتصادي والنفطي نبيل المرسومي من استمرار تراجع أسعار النفط إلى الـ 50 دولارا.

وقال المرسومي في حديث لشبكة "الساعة": إن "المقلق في بيان المركزي العراقي عن العجز والديون أن يكون هناك عجز فعلي في الموازنة العامة بأكثر من 35 ترليون دينار خلال السنوات الثلاث الأخيرة في الوقت الذي كان فيه متوسط اسعار النفط بنحو 75 دولارا للبرميل وبصادرات أكثر من 3.3 مليون برميل يوميا وفي الوقت الذي كان هناك فائض من الأموال في وزارة المالية بأكثر من 22 ترليون دينار"، موضحاً أن "المقلق أكثر أن هذا العجز تم تمويله من الاقتراض الداخلي الذي أصبح الأعلى في تاريخ العراق بأكثر من 91 ترليون دينار".

ووصف تراجع أسعار النفط بـالسقوط الحر لأسعاره، مشددا على "ضرورة تشكيل خلية أزمة حكومية لمعالجة الوضع المالي في العراق".

وتابع: أن "سعر خام البصرة الثقيل بلغ 59.59 دولار للبرميل وسعر خام البصرة المتوسط 60.74 دولار"، متوقعا: "تراجع أسعار النفط واحتمال انهيار الأسعار إلى مستوى 50 دولارا لارتباط ذلك بضعف الطلب وفائض الإمدادات الوشيك بعد الاتفاق بين الرئيسين الأمريكي والروسي على الاجتماع ومناقشة إنهاء الحرب في أوكرانيا"، لافتا إلى أن "ذلك سيخفف من اضطراب الإمدادات فضلا عن الحرب التجارية القائمة بين الصين والولايات المتحدة التي أضعفت الطلب العالمي على النفط مما ينذر بمزيد من الأخبار السيئة لأسعار النفط".

كما حذر المرسومي من "تداعيات استمرار التراجع في أسعار النفط أو التعويل الحكومي لعودة ارتفاعه، لأن كل المؤشرات توضح أن السنوات المقبلة ستشهد تراجعا مستمرا في سوق النفط العالمية"، مؤكدا أن "أبرز تلك التداعيات تتمثل بعجز الدولة عن تأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين والرعاية الاجتماعية والنفقات الأخرى".

وأوضح أن "هذا الانهيار سيؤدي إلى اضطرار السلطات لإعادة تنفيذ الورقة البيضاء والتي تتضمن تغيير سعر صرف الدولار من جديد وتخفيض قيمة الدينار أمام الدولار، وتحرير أسعار المشتقات النفطية وزيادة الرسوم والضرائب، وهو ما سيؤدي في النهاية إلى دفع المواطن العادي ولاسيما شريحة الفقراء لثمن هذه الإجراءات والتي ستؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع وتفشي الغلاء".

من جانبه أكد الخبير والباحث في الشأن الاقتصادي أحمد عيد أن العراق يخسر نحو 10 مليارات دولار سنويا من كل تراجع بمقدار 10 دولارات لبرميل النفط، داعيا إلى اصلاح اقتصادي عاجل وسريع يتضمن عدة إجراءات لتجاوز الأزمة التي يتوقع أن يقبل العراق عليها بسبب تراجع أسعار النفط.

وقال عيد في حديث لشبكة "الساعة": إن "انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية وتحديد سعره افتراضيا من الجانب العراقي بـ 60 دولارا في الموازنة المقبلة يمثل تحديا كبيرا وخطيرا على الاقتصاد الوطني لاسيما وأن النفط يمول 95% من إيرادات الموازنة وقرابة 70% من الناتج المحلي الإجمالي".

وأضاف: أن "كل انخفاض يطرأ على سعر النفط بمقدار 10 دولارات يؤدي الى خسارة العراق ما يقارب الـ 10 مليار دولار سنويا"، مبينا أن "هذا الأمر يخلق عجز كبير في ميزان الاقتصاد العراقي ويصعب تعويضه في ظل ضعف القطاعات الإنتاجية الأخرى وسينعكس أيضا على تأمين الرواتب التي تعاني أصلا من مشكلة تمويل حاليا، لا سيما وأنها تستهلك أكثر من 45% من الموازنة، كما رجح أن تؤثر الأزمة على تمويل المشاريع وعلى الاحتياطي النقدي للبنك المركزي مما يخلق ضغطا على سعر صرف الدينار ويزيد من التضخم".

وشدد عيد على "ضرورة إطلاق الدولة بشكل عاجل وسريع اصلاحا اقتصاديا يشمل تنويع الإيرادات المالية ودعم قطاعات الزراعة والصناعة والسياحة وتحسين البيئة الاستثمارية والحد من الانفاق على الجوانب غير المنتجة، إلى جانب الحد من الفساد المالي والإداري لضمان استقرار الوضع الاقتصادي وإمكانية مواجهة تقلبات السوق العالمية في أسعار النفط".

ليصلك المزيد من الأخبار والتقارير والتحليلات

اشترك بقناتنا على التليكرام

اخترنا لك