16:05:50 2025-07-04 : اخر تحديث
16:05:50 2025-07-04 : نشر في
فريق التحرير- شبكة الساعة
تواجه محافظة البصرة جنوبي العراق كارثة حقيقية تتمثل بارتفاع نسبة الملوحة في المياه ما خلق أزمة في توفير المياه للسكان بدأت مطلع حزيران الماضي، ووصلت ذروتها بداية تموز الجاري.
وتتكرر أزمة المياه في البصرة سنويا، لكنها على ما يبدو ستكون هذا العام الأشد، منذ أزمة الملوحة عام 2018 والتي انتهت بتظاهرات عارمة اجتاحت البصرة وتطورت لحرق مقرات الأحزاب والفصائل المسلحة ثم القنصلية الإيرانية.
وتنذر مشكلة المياه الحالية بتظاهرات شعبية كبيرة إذا لم تتدارك السلطات العراقية الأمر وتبادر بحلول جادة ترضي الشارع البصري بعد الغليان الشعبي الأخير.
وبدأت أزمة المياه في البصرة جراء ارتفاع نسبة الأملاح في المياه بما يعرف بامتداد اللسان الملحي نحو شط العرب صعودا إلى مركز البصرة ووصولا إلى شمالها، وذلك نتيجة زيادة ترسبات الأملاح الناتجة عن قلة المياه الواردة من نهري دجلة والفرات والأنهر الفرعية القادمة من الجانب الإيراني، إلى جانب ارتفاع معدلات التلوث بسبب تصريف مياه المجاري والتي تحتوي على مخلفات المصانع والملوثات من المواقع الصحية وغيرها في شط العرب.
وتشير التقديرات إلى أن نسبة الملوحة في شط العرب بلغت 30 ألف جزء من المليون في منطقة الفاو و19 ألفا في مركز البصرة، وتراوحت ما بين بين 5 آلاف و800 و6 آلاف في شمال الهارثة، علماً أن المعايير التي وضعتها منظمة الصحة العالمية تشترط ألا تتجاوز نسبة الملوحة في مياه الشرب ألف جزء في المليون على مقياس TDS".
وكان لوقع أزمة البصرة الصدى الكبير في العاصمة بغداد، إذ زار رئيس الوزراء محمد شياع السوداني البصرة على رأس وفد يضم عدداً من الوزراء والمستشارين لمتابعة الإجراءات الخاصة بمعالجة مشكلة شح المياه.
وتقول مصادر في البصرة: إن "تحرك السوداني إلى البصرة يأتي في إطار متابعة أزمة الملوحة وتلوث المياه التي تشهدها المحافظة، وسط تصاعد الشكاوى المحلية من تدهور نوعية مياه الشرب وتضرر الأراضي الزراعية والثروة الحيوانية في عدد من الأقضية والنواحي".
كما قرر مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة تخصيص 18 مليار دينار لمعالجة أزمة المياه في البصرة، تشمل صيانة مشاريع الري ومحطات الضخ في إجراء أولي لمعالجة مشكلة المياه، ولو بشكل جزئي، رغم أن تجاوز المشكلة لن يتم إلا عبر مشاريع تحلية المياه، التي وعدت بها جميع الحكومات المتعاقبة دون تنفيذ لغاية اليوم.
محافظ البصرة، أسعد العيداني أكد أن اللسان الملحي وصل إلى منطقة الهارثة، أولى مناطق شمال المدينة، مع انحسار إمدادات الفرات والكارون الى مستوى (الصفر) وقلة الإيرادات عبر نهر دجلة.
وقال العيداني في تصريح صحفي تابعته شبكة "الساعة": إن "إدارة البصرة وضعت خطة لتوزيع المياه القادمة من قناة البدعة بطريقة المراشنة ودعمها بـ 100 حوضية بالتنسيق مع وزارة الداخلية".
وأعلن العيداني عن قرب تنفيذ مشروع تحلية مياه البحر كحل استراتيجي لأزمة ملوحة المياه في المحافظة، فيما أكد أن المشروع سيزود البصرة بأكثر من مليون متر مكعب من المياه يوميا عند تشغيله، ما يغطي احتياجات المحافظة وينهي معاناة شح المياه وارتفاع الملوحة.
إلا أن الشارع البصري شكك بفعالية هذا الإجراء، ولا سيما أنه مجرد وعود تتكرر منذ أكثر من 7 سنوات، حسب وصف مواطنين من البصرة.
وشهدت المحافظة خلال الأسبوع الماضي، العديد من التظاهرات والاحتجاجات للمطالبة بمعالجات حقيقية لمشكلة ملوحة المياه، وفيما رفع المتظاهرون شعارات شككوا فيها بالوعود الحكومية بهذا الخصوص، دعوا إلى استبدال النفط بالماء الصالح للشرب والاستهلاك البشري، في تعبير عن حجم الأزمة التي يواجهونها.
بينما يرى مدير مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في البصرة، مهدي التميمي إن "الحكومة المحلية أعلنت مجددا عن مشروع محطة التحلية العملاقة دون أن يكون هناك أي إجراء فعلي على الأرض، وهو إعلان يتكرر سنويا منذ سبع سنوات عند اشتداد الأزمة".
وقال التميمي في حديث لشبكة "الساعة": أن "هذا المشروع طالبت به جماهير البصرة في تظاهراتهم، كما دافعت عنه أطراف عديدة، وأصدر بشأنه مكتب المفوضية أكثر من 100 بيان رسمي، لكن جميع تلك المطالبات قوبلت بعدم مبالاة واضحة واستخفاف رسمي متكرر".
وحذر التميمي من أن "البصرة تواجه كارثة مائية وأوضاعاً إنسانية متدهورة نتيجة تفاقم أزمة تلوث المياه، فيما دعا السلطات إلى إعلان حالة الطوارئ وضبط نسبة الإطلاقات ووقف التجاوزات".
وتابع أن "ملف المياه من أكثر الملفات خطورة، ولا يمكن التعامل معه بهذا التباطؤ، خاصة في ظل توفر الأموال والقدرات والإمكانيات اللازمة للمعالجة السريعة، قبل تفاقم الأضرار الصحية والبيئية في المحافظة".
واستدرك: أن "الكارثة الإنسانية التي تمر بها البصرة في معظم أقضيتها نتيجة شح وتلوث وملوحة المياه لم تشهدها أي مدينة في العالم، الأمر الذي يستوجب استنفاراً حكومياً شاملاً"، مبينا أن "الحكومتين المركزية والمحلية مطالبتين بإعلان حالة الطوارئ في البصرة، مع إيقاف كافة المشاريع عدا مشاريع المياه، واتباع إجراءات صارمة وجادة لوقف التجاوزات على الحصص المائية وضبط نسب الإطلاقات، على أن تكون تحت إشراف مباشر من رئيس الوزراء".
وأوضح التميمي أن "هناك حاجة ملحة للاتجاه نحو استيراد محطات تحلية متنقلة تعتمد على تقنيتي الترشيح الدقيق (UF) والتناضح العكسي (RO)، والتي يمكن نصبها سريعاً في المناطق المتضررة، لحين إنجاز المحطة الكبرى، بما يسهم في تقليل آثار الكارثة كما حصل في دول أنقذت من الجفاف بهذه الآليات".
من جانبه يؤكد الناشط البيئي عبد الأمير الزيدي عدم وجود إرادة حقيقية للحكومات العراقية لحل مشكلة المياه والملوحة في البصرة، مشيرا إلى أن تجاوز المشكلة يتطلب 4 خطوات رئيسية.
وقال الزيدي في حديث لشبكة "الساعة": إن "التقارير الواردة تفيد بأن ارتفاع نسب الملوحة والتي وصلت في منطقة الهارثة شمالي البصرة لنحو 10 آلاف درجة من مقياس (تي دي إس)"، مبينا أن "هذه الأرقام تهدد بتفاقم أزمة المياه، مع ارتفاع درجات الحرارة التي تجاوزت 53 درجة مئوية، مما ينذر بكارثة بيئية وصحية قد تعيد سيناريو 2018، عندما أُدخل أكثر من 118,000 شخص إلى المستشفيات بسبب تلوث المياه".
ونوه إلى أن "غياب اتفاقيات مائية ملزمة مع تركيا وإيران، التي قلصت تدفق المياه بنسبة 80% يفاقم الأزمة"، مشيرا إلى أن "تلوث المياه بالنفايات الصناعية ومياه الصرف الصحي يزيد من تركيز المعادن السامة، مما يرفع معدلات أمراض الكلى بنسبة 72% خلال الأعوام الأخيرة".
وشدد الزيدي على أن "معالجة مشكلة الملوحة يكون عبر 4 خطوات رئيسية، الأولى عبر إنشاء محطات لتحلية المياه وفق التجربة المعمول بها في دول الخليج العربي، والثانية بمنع إعادة مياه الصرف وشبكات المجاري ومخلفات المصانع والمستشفيات إلى الأنهر وشط العرب، والثالثة من خلال الضغط الدبلوماسي العراقي على إيران وتركيا لزيادة كميات الإطلاقات المائية من المياه، إلى جانب العمل على إنشاء سدود سواء صغيرة بالقرب من شمال البصرة أو كبيرة في مناطق أخرى من البلاد لكنها تضمن توفير إطلاقات مائية في مواسم الجفاف لمعالجة ارتفاع الأملاح في شط العرب".
ودفعت الأزمة الأخيرة للمياه في البصرة جمعية الهلال الاحمر العراقي إلى تقديم المياه بعد نصب محطات تصفية وتحلية للمياه في المحافظة.
وقال الهلال الأحمر العراقي في بيان ورد لشبكة "الساعة": إنها "قامت سابقا بنصب (16) محطة تصفية وتحلية المياه RO في مناطق (أبو الخصيب وسفوان وشط العرب والزبير، والعشار، وحي الرسالة، ومناوي باشا، وحي الحكيم) وعدد من القرى في المناطق النائية البعيدة عن مركز المحافظة)، وتعمل هذه المحطات بقدرة انتاجية تصل إلى أكثر من 50 ألف لتر في الساعة ويتجاوز عدد المستفيدين منها أكثر من 60 ألف شخص".
: كلمات مفتاحية
2024-07-24 11:29:54
محامية عراقية ضمن حملة ترامب!
2024-07-24 11:25:30
الحكومة العراقية تنفي صلتها بصفحات "التطبيل"
2024-07-24 11:21:23
طائرات مسيرة تجوب سماء العاصمة بغداد وتقصف مخزن أسلحة يتبع فصيلا مسلحا
2024-07-24 11:17:27
اتهامات للسياسيين السنة بالمتاجرة بنازحيهم