2023-12-26 10:08:57

سباق عربي – كردي على إدارة كركوك والتركمان يقترحون تدوير منصب المحافظ

عامر العبدالله ـ شبكة الساعة

+ حجم الخط -

يبدو أن المنافسة على منصب محافظ كركوك ستكون الأشد على صعيد المحافظات العراقية عقب الانتخابات المحلية، فالصراع القديم يتجدد اليوم بين العرب وحلفائهم التركمان من جهة، والكرد من جهة أخرى الذي يحاولون استعادة المنصب الذي هيمنوا عليه منذ العام 2003 ولغاية العام 2017.

وتصدرت محافظة كركوك المحافظات العراقية في نسبة المشاركة في الانتخابات المحلية التي جرت في الـ 18 كانون الأول الجاري، وهي نسبة تعكس التنافس بين مكونات كركوك القومية من العرب والتركمان والكرد والمسيحيين التي لجأت أغلبها إلى الاستقطاب القومي والتحذير من انعكاس عدم المشاركة على مستقبل وجود المكون في المحافظة.

 

نتائج انتخابات كركوك

لم تحسم القوى المشاركة في الانتخابات موضوع الأغلبية، فالكتل العربية التي دخلت في ثلاث قوائم حصلت على 6 مقاعد من أصل 16 مقعداً، بينما حصل الأكراد على 7 مقاعد والتركمان على مقعدين والمكون المسيحي على مقعد واحد، وكما يلي:

- الاتحاد الوطني الكردستاني الذي تصدر نتائج الانتخابات من خلال حصوله على 5 مقاعد

- الحزب الديمقراطي الكردستاني وحصل على مقعدين

- التحالف العربي في كركوك وحصل على 3 مقاعد

 - تحالف القيادة (تحالف تقدم والسيادة) وحصل على مقعدين

- تحالف العروبة وحصل على مقعد واحد

- الجبهة التركمانية وحصلت على مقعدين

- المكون المسيحي مقعد واحد

ولغاية الآن لم يحسم المقعد الخاص بالمكون المسيحي والذي يتنافس عليه طرفان، الأول مرشح عربي مسيحي مدعوم من القوى العربية، والثاني مرشح مسيحي مدعوم من كتلة بابليون بزعامة ريان الكلداني.

ومع تقرير مصير مقعد المسيحيين في كركوك ستتضح شكل الجهة التي ستدير المحافظة في السنوات الأربعة المقبلة، فستكون عربية إن فاز المرشح المسيحي أمبر بطرس الحليف للعرب، بينما ستكون خاضعة للتوافقات في حال فوز كتلة بابليون بمقعد المكون المسيحي.

 

حراك نحو التحالفات

بدأت القوى السياسية الفائزة في كركوك حراكها من أجل بلورة التحالفات المقبلة لتشكيل الأغلبية في مجلس المحافظة، وبحسب مراقبين للأوضاع في كركوك فإن القوى العربية والتركمانية حسمت أمرها في تحالف قريب مكون من 8 مقاعد، يشكل نصف أعضاء مجلس المحافظة.

أما الجانب الكردي، فحسم هو الآخر أمره في تحالف شبه معلن بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني يشكل 7 أعضاء في المجلس المقبل.

وقبيل إعلان النتائج النهائية تجري القوى العربية محاولات لاستمالة كتلة بابليون ضمن تحالفها لضمان تحقيق الأغلبية في مجلس المحافظة وبالتالي تشكيل الحكومة المحلية في كركوك بقيادة عربية وبالتفاهم مع المكون التركماني.

بينما تحاول القوى الكردية ضم مرشح المكون المسيحي ضمن تحالفها لضمان الوصول إلى 8 مقاعد (نصف الاعضاء) وبالتالي رهن تشكيل الحكومة المقبلة في المحافظة بالتوافقات السياسية بين جميع الأطراف.

 

موقف القوى العربية

التحالف العربي في كركوك أكد قرب تحالف القوى العربية مع الجبهة التركمانية في تحالف موحد لتشكيل الأغلبية في مجلس المحافظة المقبل.

وقال عضو التحالف برهان العاصي في حديث لشبكة "الساعة": إن "القوى العربية بدأوا بالتحرك فعليا للتحالف مع الجبهة التركمانية التي نالت مقعدين في مجلس المحافظة لتشكيل الكتلة الأكبر والاحتفاظ بمنصب المحافظ.

وأضاف العاصي: أن "تشكيل الحكومة المحلية في كركوك أمر في غاية الحساسية، ولا يمكن التصريح بحسم تحقيق الاغلبية لحين الإعلان عن نتائج الانتخابات نهائيا وحسم مقعد المكون المسيحي".

وبحسب مصادر محلية في كركوك فإن القوى العربية والتركمانية تصر على عدم عودة منصب المحافظ إلى القوى الكردية، محذرة من تدخلات وضغوطات قد تفرض على كركوك من قبل بغداد وأربيل بشأن تحقيق تسوية تخص منصب المحافظ.

من جهته رجح القيادي في تحالف القيادة العربي فلاح العزي أن تفضي التوافقات إلى ذهاب منصب محافظ كركوك للمكون العربي.

وقال العزي في حديث لشبكة "الساعة": إن "المفاوضات تجري حاليا بشأن منصب المحافظ ورئاسة مجلس المحافظة"، مبينا أن "العرب حسموا ملف تحالفهم من الجانب التركماني، كما أن الكرد حسموا تحالفهم فيما بينهم".

وأوضح العزي أنه وبحسب التفاهمات الحالية فإن "منصب المحافظ سيكون من حصة المكون العربي، ونائب المحافظ سيكون للمكون التركماني، بينما سيكون منصب رئاسة مجلس المحافظة للمكون الكردي".

 

الموقف التركماني

الجبهة التركمانية العراقية، شددت على ضرورة عدم تفرد أي طرف بمنصب محافظ كركوك خلال المرحلة المقبلة، وقدمت مقترحا يتضمن تدوير منصب المحافظ بين المكونات الثلاث (العرب والتركمان والكرد) لضمان مشاركة الجميع في إدارة المحافظة من جهة، ولضمان عدم حصول أي مشاكل أو تصعيد سياسي في المحافظة.

وقال عضو المكتب السياسي للجبهة التركمانية ماردين تحسين گوك قايا في حديث لشبكة "الساعة": إن "أي طرف من مكونات كركوك لا يستطيع التفرد بتشكيل الحكومة المحلية في كركوك وإدارتها بشكل منفرد، لأن الفقرة الرابعة من المادة 35 الخاصة بانتخابات مجلس كركوك تنص على ضرورة تقاسم السلطة عبر تقسيم عادل بين المكونات بغض النظر عن نتائج الانتخابات".

وأضاف تحسين گوك قايا أنه "ونتيجة لنص قانون الانتخابات فإن منصب محافظ كركوك لا يمكن حسمه لأي طرف لأن ذلك سيدخل كركوك في مشاكل تنعكس سلبا على استقرار المحافظة".

وطالب عضو المكتب السياسي في الجبهة التركمانية: "بتداول السلطة في كركوك بين المكونات الثلاثة الرئيسية عبر التوافق بين ممثلي هذه المكونات"، مبينا أن "المقترح التركماني يتضمن منح منصب المحافظ لمدة عام ونصف للمكون العربي وعام ونصف للمكون التركماني، فيما يكون العام الأخير من حصة المكون الكردي".

 

الموقف الكردي

في المقابل، أكد الاتحاد الوطني الكردستاني أن منصب محافظ كركوك هو من حصة الكرد ولن يتخلى عنه.

وقال القيادي في الحزب، برهان الشيخ رؤوف في حديث لشبكة "الساعة: إن "منصب المحافظ هو من حصة القوى الكردية وخاصة الاتحاد الوطني الذي حصل على أعلى المقاعد"، مبينا أن  "شكل الإدارة المقبلة في كركوك سيكون بمشاركة الجميع".

وأشار رؤوف إلى أن "حصول الاتحاد الوطني الكردستاني على أكثر المقاعد في مجلس محافظة كركوك يجعله صاحب الحق في تقديم مرشحه لمنصب المحافظ، وذلك من خلال التوافق مع القوى الأخرى وتحقيق الأغلبية"، لافتا إلى أن "الاتحاد سيبدأ مفاوضاته مع الأطراف السياسية، وسيبدأ قبل كل شيء التفاوض مع الحزب الديمقراطي لتوحيد البيت الكردي، وبعدها مع المكونات الأخرى"، مؤكدا أن "القوى الكردية مع معقد المكون المسيحي ستحقق 8 مقاعد وهي نصف أعضاء المجلس وستعمل على تحقيق الأغلبية للوصول إلى منصب المحافظ من جديد".

 

مخاض عسير

من جهته توقع الإعلامي والصحفي الكركوكي أتيلا الأغا أن تشكيل حكومة محلية في كركوك وفق هذه النتائج سيكون صعبا، وستشهد ولادتها مخاضا عسيرا بسبب غياب الأغلبية في مجلس المحافظة المقبل.

وقال الأغا في حديث لشبكة "الساعة": إن "خارطة التحالفات السياسية لم تحسم بشكل نهائي لكن معالمها تبدو واضحة فيما يخص القوى العربية والتركمانية والكردية".

وأضاف: أن "القوى الكردية ستدخل في تحالف بين الاتحاد والديمقراطي، فيما ستدخل القوى العربية والتركمانية في تحالف آخر، بينما سيبقى المقعد الخاص بالمكون المسيحي هو من يحسم الأغلبية، لاسيما للتحالف العربي – التركماني".

وأشار الأغا إلى أن "ذهاب مقعد المسيحيين إلى كتلة بابليون سيؤدي إلى توازن المقاعد في الأرجح، على اعتبار أن بابليون أقرب للتحالف مع الاتحاد الوطني الكردستاني، لكنه لم يستبعد تحالف بابليون مع القوى العربية بسبب الخلاف القائم بين الحركة والحزب الديمقراطي الكردستاني".

وتتسم كركوك بخصوصية من بين المحافظات العراقية، إذ تعد من المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل وفق المادة 140 من الدستور المُقَر عام 2005، فضلا عن أنها تضم 6 حقول نفطية عملاقة تقدر احتياطاتها بنحو 13 مليار برميل.

والانتخابات المحلية التي جرت في كركوك مؤخرا هو الأولى منذ 18 عاما، فلن تشهد كركوك انتخابات محلية منذ العام 2005 والتي بموجبها سيطر الاتحاد الوطني على السلطة المحلية لغاية عمليات فرض القانون في أكتوبر 2017 والتي أسفرت عن انتقال المنصب إلى المكون العربي.

اخترنا لك