تغطية انتخابات مجلس النواب العراقي 2025
صورة الخبر

17:01:30 2025-10-04 : اخر تحديث

17:01:30 2025-10-04 : نشر في

كيف تحوّل المندلاوي من نائب محدود الأصوات إلى ملياردير مثير للجدل؟

حجم الخط

شبكة الساعة

في عراق ما بعد 2003، كثيرًا ما ارتبطت السياسة بالمال، لكن حالة محسن المندلاوي، النائب الأول لرئيس مجلس النواب، أخذت بعدًا أكثر إثارة للجدل، فمن نائب محدود الأصوات بالكاد عُرف اسمه في الشارع السياسي، تحوّل إلى ملياردير متهم باستثمار موقعه ونفوذه لتعزيز ثروته، وسط حملات رقمية وإعلامية غير مسبوقة وضعت صورته في قلب الجدل السياسي والشعبي.

بداية محدودة وصعود مثير

وكشف موقع أعمال متخصص عبر تقرير استقصائي موسع من 30 صفحة نشرته منصة "ENODO Global" وترجمته شبكة "الساعة" إلى أن "المندلاوي دخل البرلمان دون أن يستند إلى قاعدة جماهيرية واسعة أو حضور بارز في الخطاب العام ومع ذلك تمكن من شق طريقه إلى موقع نائب رئيس مجلس النواب، ثم تولي رئاسة المجلس بالوكالة لعدة أشهر، وهو موقع منحه نفوذًا واسعًا في رسم التوازنات السياسية وإدارة الملفات الحساسة".

وأضاف أن "هذا الانتقال المفاجئ من الهامش إلى قمة الهرم السياسي فتح الباب أمام أسئلة مشروعة: كيف لنائب محدود الأصوات أن يصبح لاعبًا رئيسيًا في السلطة، وأن تُنسج حوله روايات عن ثروة متنامية بمليارات الدولارات؟".

الثروة المريبة وعلاقتها بالسلطة

أوضح أن "الهجوم على المندلاوي لم يقتصر على البعد السياسي، بل ارتبط بخطاب شعبي ركّز على تضخم ثروته بشكل مفاجئ بالتوازي مع موقعه البرلماني".

وأردف التقرير: "وجّهت له اتهامات بالاستفادة من عقود حكومية مشبوهة، والسيطرة على أراضٍ وعقارات، إضافة إلى ارتباط اسمه بمشاريع وهمية وشركات يُعتقد أنها مرتبطة بالمال العام".

ووُصفه بأنه "ملياردير معلن ذاتياً راكم ثروة غير مبررة خلال سنوات عمله البرلماني، من استخدام الطائرات الخاصة واقتناء الساعات الفاخرة التي تتجاوز قيمتها نصف مليون دولار، إلى حصول عائلته على جوازات سفر تجارية وجنسية سانت لوسيا"، مبيناً أنه "رغم أن هذه الاتهامات لم تثبت قضائيًا، فإنها تحوّلت إلى مادة أساسية في الحملات ضده، ورسخت صورته كنائب ملياردير يستخدم السلطة كممر للمال".

النفوذ والامتداد الاقتصادي

وكشف التقرير أن "المندلاوي لم يكتفِ بموقعه السياسي، بل أسس شبكة نفوذ اقتصادي مرتبطة بشكل وثيق بالسلطة فهو يترأس مجلس إدارة جامعة الفراهيدي الأهلية والمستشفى الدولي للجراحة التخصصية، وهما مؤسستان تعتمدان بشكل مباشر على التنظيم والدعم الحكومي".

واعتبر التقرير أن "هذا الجمع بين السلطة والاقتصاد يمثل تضاربًا صارخًا في المصالح، إذ استُخدمت الجامعة والمستشفى كقنوات لتوسيع النفوذ والتمويل سواء عبر ما اعتُبر رشوة انتخابية من خلال المنح والحوافز الأكاديمية، أو عبر تعاقدات وامتيازات مرتبطة بالقطاع العام".

وبين أنه "بهذا المعنى فقد تحولت مؤسسات يفترض أن تكون تعليمية وصحية إلى أدوات سياسية تخدم صعود المندلاوي"، وتؤسس لما وصفه التقرير بـ"إمبراطورية مالية مشبوهة".

شراء الولاءات والتأثير على البرلمان

واتهم التقرير المندلاوي بـ"تطبيع ثقافة الفساد السياسي من خلال شراء ولاءات نواب مستقلين عبر تقديم سيارات دفع رباعي فاخرة لهم"، مشيراً إلى "تدخله في ملاحق موازنة 2024 التي بلغت قيمتها نحو 6 مليارات دولار"، واستُخدمت – بحسب التقرير – "لتعزيز موقعه داخل البرلمان".

وأضافت الوثائق أن "أنشطته تجاوزت حدود الصفقات البرلمانية لتمتد إلى عقود مشبوهة في وزارات الكهرباء والاتصالات وهيئة التقاعد وأمانة بغداد، كما ارتبط اسمه بخمس شركات صرافة يشتبه باستخدامها في غسل الأموال والالتفاف على العقوبات الدولية، وهو ما يعزز المخاوف من شبكة مالية عابرة للحدود".

رفاهية شخصية في بلد مأزوم

في بلد يواجه أزمات اقتصادية حادة، وثّق التقرير: "مظاهر البذخ في حياة المندلاوي"، فقد أشار إلى "استخدامه طائرات خاصة في تنقلاته، واقتنائه ساعات فاخرة قيمتها مئات آلاف الدولارات، فضلاً عن حصول عائلته على جنسية سانت لوسيا".

وبين أن "هذه المظاهر لم تعد مجرد تفاصيل شخصية، بل تحولت إلى رموز بصرية استخدمت في الحملات الرقمية ضده، حيث باتت الصور والقصص حول ثرائه علامة على الفجوة المتزايدة بين الطبقة السياسية والمجتمع العراقي".

البعد الطائفي والسياسي

وأوضح أن "الانتقادات التي طالت المندلاوي لم تتوقف عند ثرائه ونفوذه الاقتصادي، بل امتدت إلى الانقسام الطائفي والسياسي فقد رأت أطراف سياسية أن بقاؤه في منصبه يمثل استحواذًا شيعيًا على مؤسسات الدولة، بينما اعتبرت قوى شيعية أخرى أن الدفاع عنه ضرورة لحماية التوازنات داخل الإطار التنسيقي".

وأشار الموقع إلى "استدعاء البعد الإيراني في اتهامات بارتباطه بصفقات تصب في مصلحة حلفاء طهران"، لافتاً إلى أن "هذا التشابك بين الثروة والسلطة والانتماء الطائفي حوّله من مجرد نائب إلى رمز لصراع مركّب يجمع بين الفساد والانقسام السياسي".

تحالفات انتخابية وطموحات أكبر

ويرأس المندلاوي تحالف الأساس العراقي الذي شارك في الانتخابات البرلمانية، وحصل على 5 مقاعد في انتخابات مجالس المحافظات ويعكس هذا الحضور طموحه في أن يكون لاعبًا محوريًا في معادلة السلطة المقبلة، مستفيدًا من الثروة والشبكات التي بناها على مدى السنوات الماضية.

وبحسب التقرير، فإن "هذا الطموح الانتخابي ليس منفصلاً عن إمبراطوريته الاقتصادية، بل يقوم على تداخل واضح بين المال والسياسة، وهو ما يثير المخاوف من أن يتحول المندلاوي إلى نموذج متكرر من السياسيين الذين يجمعون بين السلطة والمال في العراق".

البعد الدولي وتحذيرات العقوبات

وحذّر التقرير من أن "أنشطة المندلاوي المالية قد تضعه تحت طائلة قوانين مكافحة غسل الأموال الأمريكية"، مشيراً إلى أن "الشبكات المالية التي يديرها قد تخضع لتتبّع دولي، ما يفتح الباب أمام فرض عقوبات صارمة عليه، في حال ثبوت هذه الاتهامات".

وأكد أن "المندلاوي يجسد صورة الفساد المتجذر في العراق، حيث يلتقي النفوذ السياسي مع الثروة الشخصية، ويصبح نائب محدود الأصوات لاعبًا مثيرًا للجدل في معادلة معقدة تشمل المال والسلطة والطائفة والعلاقات الدولية".

ليصلك المزيد من الأخبار والتقارير والتحليلات

اشترك بقناتنا على التليكرام

اخترنا لك