صورة الخبر

17:36:10 2025-07-05 : اخر تحديث

17:36:10 2025-07-05 : نشر في

صمت بغداد على المسيرات يشعل أزمة بين الفصائل وإقليم كردستان

حجم الخط

فريق التحرير- شبكة الساعة

على الرغم من إعلان السلطات في إقليم كردستان العراق التزام الحياد خلال التصعيد الذي شهدته المنطقة طيلة العامين الماضيين، إلا أن حرب المسيرات الخفية التي يشهدها العراق خلال الأيام الاخيرة واستهداف كردستان مثلت محاولة لإقحام الإقليم في الصراع.

وبدأ التصعيد عبر التهم الموجهة لكردستان من جهات مقربة من إيران بوجود قواعد ومقرات إسرائيلية، ورد الأخيرة باتهام فصائل تابعة للحشد الشعبي بتنفيذ الهجمات بالطائرات المسيرة.

الخميس الماضي، تعرضت أربيل إلى هجوم بطائرة مسيرة، وأعلن جهاز مكافحة الإرهاب في كردستان إسقاطها قرب مطار أربيل، وأعقب ذلك أخبار تداولتها منصات ومواقع إيرانية وعراقية مقربة من طهران، تؤكد أن المسيرة استهدفت موقعا إسرائيليا في أربيل.

وردا على ذلك، نفت وزارة الداخلية في حكومة إقليم كردستان صحة الأنباء بشأن تعرض موقع تابع لإسرائيل لهجوم بطائرة مسيرة في أربيل، فيما اتهمت

وقالت الوزارة في بيان: إن "الأنباء التي تحدثت عن شن طائرة مسيرة هجوماً على موقع تابع لإسرائيل في أربيل، عارية تماماً عن الصحة ولا تمتّ إلى الواقع بصلة".

وأكدت الوزارة أنه "لا توجد أي قواعد أو مقار تابعة لإسرائيل في إقليم كردستان"، مشددة على أن "أي عملية من هذا النوع لم تنفذ في الإقليم".

وأوضحت الداخلية أن "ما حدث فعلياً هو سقوط طائرة مسيرة مفخخة في منطقة صحراوية قرب أربيل، دون أن تسفر عن أي أضرار بشرية أو مادية، مرجحة أن يكون الهجوم من تنفيذ جماعة مرتبطة بالحشد الشعبي بهدف خلق حالة من الفوضى والارتباك الأمني، ودعت الجهات المعنية في الحكومة الاتحادية إلى وضع حدٍ لهذه التجاوزات، واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المتورطين".

وفي بيان لاحق لداخلية كردستان، عبرت عن "أسفها بشأن تقاعس حكومة بغداد عن اتخاذ أي إجراءات لحماية إقليم كردستان".

وعبرت الوزارة بحسب البيان، عن "أسفها بوجود نوع من التغطية والتقاعس عن تحمل المسؤولية تجاه تلك الانتهاكات الأمنية التي تُرتكب ضد إقليم كردستان".

وأشارت إلى أن "الإقليم تعرّض خلال السنوات الماضية لعشرات الهجمات عبر الطائرات المسيرة والصواريخ، ورغم أن مصادر تلك الهجمات كانت معروفة في كثير من الأحيان، وأنه تم تشكيل لجان تحقيق مشتركة بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية للكشف عن الحقيقة، إلا أن نتائج التحقيقات لم تُعرض للرأي العام، ولم يُحاسب أي طرف على تلك الاعتداءات غير القانونية، ولم تُتخذ أي خطوات رسمية بحق أي جهة".

وأوضح البيان أن "المواقف السياسية واختلاف وجهات النظر، مهما كانت، لا تعفي المؤسسات الرسمية في كل من الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة إقليم كردستان من مسؤولياتها الأساسية، والمتمثلة في حماية أمن البلد، ومنع تعريض حياة المواطنين والسيادة والاستقرار للخطر".

بالمقابل، رفضت الحكومة العراقية التهم التي وجهتها سلطات الإقليم للحشد الشعبي بخصوص الوقوف وراء هجمات الطائرات المسيرة.

وقال المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة صباح النعمان، في بيان: إن "ما صدر من وزارة الداخلية في حكومة إقليم كردستان العراق من اتهام لمؤسسة أمنية عراقية رسمية أمر مرفوض ومدان وغير مسموح تحت أي ذريعة كانت، خاصة أنه صدر مع غياب الدليل الذي نطالب بتقديمه إن وجد للجهات الحكومية الرسمية".

وأضاف النعمان: أن "الحكومة الاتحادية بمؤسساتها الأمنية، أكدت في أكثر من مناسبة، أنها لم ولن تجامل على حساب أبناء العراق الواحد وأمنهم"، مردفا بالقول إن: "الحكومة لن تتردد في اتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة بحق أية جهة تحاول المساس بالاستقرار، أو الإخلال بالأمن في جميع أنحاء العراق".

وأشار إلى أن التحديات الراهنة تتطلب التعاون والتنسيق من خلال القنوات الرسمية، بدلاً من اللجوء إلى المنافذ الإعلامية بتقارير وتصريحات من شأنها أن تمنح المتربّصين فرصة الإساءة للمؤسسات العراقية التي تحمي وتدافع عن العراق وصيانة أمنه، كما أنها تمنح الجهات المعادية التبريرات للنيل من استقرار العراق"، حسب تعبيره.

وكان النائب في تحالف الإطار التنسيقي ثائر مخيف، قد دعا البرلمان العراقي، إلى عقد جلسة طارئة لمناقشة ما وصفه بـالخرق الأمني الخطير المتمثل بوجود عناصر للموساد في إقليم كردستان.

وقال مخيف، في تصريح صحفي تابعته "الساعة": إن "المعلومات الأمنية تشير إلى وجود عناصر من جهاز الموساد الإسرائيلي داخل إقليم كردستان، وأن هذا الوجود يشكل تهديدا مباشرا لأمن وسيادة العراق ككل، ويعد تجاوزا خطيرا لا يمكن السكوت عنه، وأن حكومة بغداد عاجزة عن محاسبة الإقليم".

لكن الباحث والمحلل السياسي محمد زنكنة يؤكد أن هناك العديد من الأدلة على تورط بعض الفصائل المرتبطة بالحشد بتنفيذ الهجمات ضد إقليم كردستان، فيما شدد على أن الحديث عن وجود قواعد ومقرات إسرائيلية في الإقليم لا أساس له من الصحة وأن التهم بهذا الصدد جاءت كرسائل من إيران والفصائل القريبة منها في محاولة للظهور بموقف القوي القادر على استهداف الجانبين الأمريكي والإسرائيلي.

وقال زنكنة في حديث لشبكة "الساعة": إن "الحرب الأخيرة بين إيران وإسرائيل بينت وأوضحت أين تتواجد مقرات الموساد الإسرائيلي، حيث أظهرت الحرب الأخيرة أن تلك المقرات تتواجد في إيران وتنشط فيها حتى أنها تمكنت من تنفيذ عمليات كبيرة في الداخل الإيراني تمثلت بتوجيه ضربات بطائرات مسيرة وقتل قيادات عليا من منظومة الدفاع الإيرانية".

وأضاف: أن "محاولة اتهام كردستان باحتضان قواعد إسرائيلية تسعى إليه إيران والفصائل المسلحة العراقية، إذ أن الأخيرة تحاول اثبات أنها ما تزال مؤيدة لإيران بعد الانتقادات التي وجهت لها من بعض الأطراف الإيرانية، كما تسعى طهران للتأكيد على أنها ما تزال تسيطر على الواقع العسكرية وأنها وأتباعها قادرون على توجيه الضربات للمصالح والأهداف الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة".

وشدد زنكنة على أن "تبني وسائل الإعلام الإيرانية والمنصات التابعة للفصائل  والميليشيات هو أكبر دليل على أن الاستهداف الأخير للإقليم نفذته الجهات الإيرانية بذريعة استهداف قواعد الموساد في أربيل".

وعن موقف الحكومة العراقية تجاه أربيل، أوضح زنكنة أن "حكومة بغداد لا تستطيع أن تتحدث بما يحدث لأنها مكبلة من مختلف الجهات كما أنها عاجزة عن الرد على الانتهاك المتكرر للسيادة العراقية"، مشيرا إلى أن "المواقف الأخيرة تبين أن الفصائل هي التي تفرض سيطرتها على الحكومة وليس العكس".

ويبدو أن التزام الحكومة العراقية الصمت وعدم كشفها للجهات المنفذة للهجمات بالطائرات المسيرة التي شهدتها مناطق مختلفة من البلاد قد دفع إلى التصعيد الإعلامي بين كردستان والفصائل المسلحة وحكومة بغداد.

وكان العراق شهد الأسبوع الماضي عدة هجمات بواسطة طائرات مسيرة ومقذوفات صاروخية استهدفت مواقع مدنية وعسكرية وأخرى للطاقة، كان أبرزها: مطار كركوك الدولي ومصفاة بيجي النفطية ومخيم نازحين وحقل غاز في محافظات كركوك وصلاح الدين والسليمانية، وبلدة زاخو ضمن إقليم كردستان.

ويرى الكاتب والباحث السياسي جورجيس توما أن صمت بغداد تجاه الانتهاكات التي نفذتها الطائرات المسيرة تسبب بخلط الأوراق وقاد إلى التصعيد بين بغداد وأربيل.

وقال توما في حديث لشبكة "الساعة": إن "هجمات الطائرة المسيرة التي شهدها العراق مؤخرا تقف ورائه إحدى جهتين: الأولى إسرائيل والثانية الفصائل المسلحة"، مبينا أن "صمت بغداد وعدم تحديد الجهة الفاعلة دفع وزارة الداخلية في كردستان إلى توجيه التهم للجهة الفاعلة والتي بادرت بتوجيه التهم لكردستان باحتضان قواعد ومقرات إسرائيلية".

ورجح توما مصداقية البيانات الصادرة عن داخلية كردستان، عازيا ذلك إلى أن "احتمالية توجيه الضربات من الجانب الإسرائيلي كان سيدفع بغداد إلى توجيه التهم لها وتقديم شكاوى في مجلس الأمن على أقل تقدير بشأنها".

اخترنا لك