صورة الخبر

11:52:58 2025-07-02 : اخر تحديث

11:52:58 2025-07-02 : نشر في

هل عجزت السلطات العراقية عن حل لغز هجمات الطائرات المسيرة؟

حجم الخط

فريق التحرير- شبكة الساعة

سجل العراق رابع هجوم عنيف وغامض شنته طائرات مسيرة وصواريخ مجهولة خلال الأسابيع الـ 6 الماضية استهدفت مواقع عسكرية واقتصادية مهمة، دون أن يتم تحديد الجهة التي تقف وراء تلك الهجمات وموقع انطلاق تلك الطائرات والصواريخ.

وسجل العراق فجر أول أمس الاثنين هجوما صاروخيا استهدف قاعدة كركوك العسكرية المجاورة لمطار كركوك، وبعد ذلك بساعات وتحديدا فجر الثلاثاء هاجمت 12 طائرة مسيرة مصفاة بيجي النفطية في محافظة صلاح الدين.

وفي الـ 24 حزيران الماضي، هاجمت طائرات مسيرة قاعدتي التاجي في بغداد والإمام علي في الناصرية وتسببت بتدمير جهازي رادار يتبع لمنظومة الدفاع الجوية العراقية.

وقبل ذلك، وتحديدا في الـ 18 من أيار الماضي هاجمت طائرات مسيرة أحد الأقسام الحساسة والمهمة في مصفاة بيجي النفطية تسببت بتدميرها، بحسب ما أكدت اللجنة البرلمانية التي شكلت للتحقيق في ملابسات الحادث.

والمشترك في الهجمات الأربعة الماضية أنها قيدت ضد مجهول، إذ لم تحدد بشكل صريح هوية الطائرات والجهة المنفذة لتلك الهجمات.

وبالعودة للهجومين الأخيرين على قاعدة كركوك العسكرية ومصفاة بيجي النفطية، شرعت السلطات العراقية بإجراء تحقيق مع قيادات عسكرية وأمنية بارزة.

وأكدت إدارة مطار كركوك الدولي في بيان سقوط 3 مقذوفات مجهولة المصدر في المطار، موضحة أن مقذوفتين سقطتا في الجانب العسكري من المطار، بينما سقطت واحدة في الجانب المدني، ما أدى إلى اندلاع حريق محدود في الحشائش قرب بوابة الجانب العسكري، وقد أُخمد بسرعة من قبل فريق الإطفاء التابع للمطار.

وأكدت الإدارة أن الحادث أدى إلى إصابة شخص واحد بجروح طفيفة، دون أن تُسجل أي أضرار في مدرج المطار أو مرافقه، مشددة على أن جدول الرحلات مستمر كالمعتاد، ولا وجود لأي تهديد أمني.

وبالتزامن أعلنت السلطات الأمنية في إقليم كردستان العراق تعرض مخيم للنازحين في بلدة زاخو، الحدودية مع تركيا، لقصف بطائرة مسيرة مفخخة، سقطت على مدرسة داخل المخيم.

وفي محافظة صلاح الدين، أفادت وسائل إعلام محلية عراقية بإسقاط الدفاعات الأرضية للجيش العراقي طائرة مسيرة، كانت تستهدف مصفاة بيجي النفطية في المحافظة، دون تسجيل خسائر، بينما وردت أخبار أخرى من وكالات محلية بأنّ عدة طائرات مسيّرة نفذت الهجوم محاولة استهداف المصفاة الأهم في العراق، وجرى التصدي لها قبل وصولها إلى المكان.

وقال مسؤول بوزارة الدفاع: إن "السلطات شرعت في تحقيق واسع حول الهجمات، واستدعت ضباطاً وقادة أمن ميدانيين بشأن الاعتداءات".

وأضاف: أنه "من المبكر معرفة الجهة التي نفذت هذه الهجمات، لكن يمكن القول إن داعش غير قادر عسكرياً على تنفيذ هذا النوع من الهجوم بالوقت الحالي، فيما يجري التحقيق بوجود جماعات خارج الدولة مسؤولة عن هذه الاعتداءات"، مؤكداً أن "المواقع المستهدفة عراقية خالصة، ولا تحوي أي أنشطة لقوات التحالف الدولي".

في الأثناء، كشف عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية علي البنداوي، عن اجتماع هام ستعقده اللجنة الأسبوع المقبل لمناقشة الخروقات المتكررة من قبل طائرات مسيرة مجهولة الهوية استهدفت منشآت عسكرية ومدنية في عدد من المحافظات العراقية.

وقال البنداوي في تصريحات صحفية تابعتها شبكة "الساعة": إن "اللجنة قررت عقد اجتماع مهم لمناقشة الخروقات الأخيرة واختراق الأجواء العراقية وقيام الطائرات المسيرة باستهداف رادار الدفاع الجوي في معسكر التاجي".

وأضاف أن "الطائرات المسيرة كررت عملها العدواني باستهداف مطار كركوك ومحاولة استهداف مصفى بيجي في صلاح الدين".

وأكد أن "اللجنة النيابية ستعقد اجتماعها بعد العاشر من شهر محرم في الأسبوع المقبل، وستتم استضافة المسؤولين في الحكومة ووزارة الدفاع للوقوف على ملابسات هذه الخروقات والإجراءات التي اتخذتها الحكومة بهذا الصدد".

ويتوقع الخبير الأمني والاستراتيجي أحمد الشريفي أن تكون الجهات المنفذة للهجمات الأخيرة محلية نفذت هجماتها من داخل الحدود العراقية ولأغراض سياسية.

وقال الشريفي في حديث لشبكة "الساعة": إن "السلطات الحكومية مطالبة إلى التعامل بحزم وقوة مع تلك الهجمات والتي بدأت تسقط فرضية النأي بالنفس الذي تبنته الحكومة العراقية"، مبينا أن "تشكيل لجان التحقيق وإحالة تلك الهجمات إليها لم تعد مقنعة للرأي العام العراقي".

وأضاف أن "المعلومات التي يمكن استنتاجها من الهجمات الأخيرة تشير إلى أنها لم تنفذ من خارج الحدود، وإنما من الداخل العراقي ونفذتها جهات محلية، خاصة وأن الصواريخ التي أطلقت على قاعدة ومطار كركوك (مزدوج الاستخدام مدنيا وعسكريا) تؤكد أن موقع الانطلاق لم يكن من خارج العراق".

وأشار الشريفي إلى أن "الدوافع وراء تلك الهجمات هي دوافع سياسية، لكن لا توجد أي مبررات له، والذي يفترض أن يتم عبر الطرق السياسية في حل الخلافات"، محذرا من أن "استخدام العنف في حل النزاعات السياسية الداخلية سيجر العراق إلى المخاطر خاصة وأن ذلك يعد تهديدا للأمن والسلم الدوليين في حال استمرت مثل تلك الهجمات دون أن تردعها السلطات العراقية"، منوها إلى أن "هذا الأمر قد يدفع إلى تعرض العراق إلى عقوبات أو عمليات عسكرية دولية لإنهاء تلك الهجمات".

وتابع أن "عدم كشف نتائج التحقيق يثير الاستغراب ولا سيما أن موقع انطلاق الطائرة وهويتها يكون عبر الاطلاع على التصميم والخوارزميات الخاصة بمتابعة تلك الطائرات"، مؤكدا أن "مهاجمة مصفاة بيجي بعد المخاض العسير في إعادة إعماره وتشغيله يؤكد أن الجهات المنفذة ولاؤها عابر للحدود وليس للعراق ويريدون أن يوصلوا البلاد إلى المجهول والهاوية عبر تلك الأفعال".

ومع استمرار الصمت الحكومي تجاه الهجمات، كشف النائب ماجد شنكالي عن معلومات تفيد بتورط جهة سياسية تمتلك فصيلا مسلحا بتلك الهجمات.

وقال النائب ماجد شنكالي في تصريح صحفي تابعته شبكة "الساعة": إن "الجهة الأقرب إلى تنفيذ الهجمات بالمسيرات والصواريخ هي الفصائل المسلحة"، مؤكدا أن "الغرض من ذلك سياسي واقتصادي لغرض إبعاد شبهات الفساد عن الجهة المستثمرة لمصفاة بيجي والتي هي ذاتها شكلت لجنة تحقيقية بحادثة حريق مصفاة بيجي في أيار الماضي، وادعت بأنه هجوم بطائرات مسيرة بسبب الفساد الكبير للجهة المستثمرة والذي تسبب بالفشل في تشغيل المصفاة وانفجار أحد الخزانات الرئيسية فيها".

ويحمل كلام شنكالي اتهاما غير مباشر للنائب علاء الحيدري وحركة العصائب من أجل التغطية على الفساد في إعادة تأهيل واستثمار وتشغيل مصفاة بيجي.

ورغم عدم تبني أي جهة لتلك الهجمات، وإعلان الحكومة العراقية فتح تحقيق لجلاء ملابسات هذا القصف، فإن تزامن الاعتداءات على مواقع حساسة في العراق مع هذه التوترات الإقليمية يشير إلى تحديات كبيرة أمام سيادة الدولة واستقرارها.

ويؤكد الباحث والمحلل السياسي هلال العبيدي أن الدلالة الأبرز على الهجمات المتكررة تتمثل في أن الوضع الأمني في العراق ما يزال هشا، وأن السيادة الجوية العراقية ما تزال غائبة، فيما توقع أن يشهد العراق ضربات من هذا النوع خلال الفترة المقبلة.

وقال العبيدي في حديث لشبكة "الساعة": إن "دلالات الهجمات الأخيرة تشير إلى هشاشة الوضع الأمني في العراق وعدم السيطرة على الأجواء العراقية، وهو ما يدفع لترجيح تكرار مثل هذه الهجمات خلال الفترة المقبلة".

وأضاف العبيدي: أن "الجهات المتورطة في تلك الهجمات تحاول زعزعة الداخل العراقي لإشغال الوضع من أجل خدمة مصالح خارجية، خاصة وأن العراق ليس في حالة حرب أو طرفا في الحرب الدائرة حاليا".

 وبين أن "ما حدث من استهداف المؤسسات العسكرية والاقتصادية العراقية يأتي على غرار الاختراق في الداخل الإيراني، في إشارة إلى تورط جهات مدعومة من الكيان الإسرائيلي في تلك الهجمات، رغم أنه لم يستبعد الفصائل الموالية لإيران في تنفيذها".

وتابع: أن "الهجمات من هذا النوع ستتطور مستقبلا، وستمهد العمليات الحالية لأخرى في فترات لاحقة، خصوصا وأن الجولة الأولى من الحرب الإيرانية – الإسرائيلية انتهت دون تحقيق الهدف منها وهو تغيير النظام الإيراني"، موضحا أن "الجولة الثانية من الحرب متوقع حصولها لتغيير النظام الإيراني".

وشدد العبيدي على أن "الهجمات أثبتت العجز الحكومي بردع تلك الانتهاكات أو كشفها على الأقل، دون معرفة مدى عجز السلطات أهو عجز عن معرفة الجهة المهاجمة، أو العجز عن كشف الحقائق وتشخيص الجهة الفاعلة"، منوها إلى أن "كل تلك الممارسات والأنشطة تأتي في سياق تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يتبنى التطبيع مع الكيان الإسرائيلي بعد تفتيت النظام الإيراني والذي سيؤثر بشكل طبيعي على مستقبل الفصائل العراقية الموالية لإيران".

وفي وقت سابق، كشف المحلل السياسي المقيم في الولايات المتحدة نزار حيدر عن حصوله على معلومات من مستشارية الأمن القومي في بغداد تفيد بأن جميع الطائرات المنفذة للهجمات على معسكري التاجي والإمام علي هي طائرات بعيدة المدى، وجاءت من جهة الحدود العراقية الإيرانية.

وأضاف حيدر: أن "الإيرانيين أكدوا أنه لم يكن أي نشاط عسكري في هذه الفترة على الحدود، حيث تأكد للجانب العراقي أن الطائرات أطلقها عناصر الموساد من داخل إيران، لتنظيف الأجواء العراقية من كل ما يعيق الصواريخ، والطائرات الإسرائيلية، المستخدمة في القصف الجوي المحتمل لاغتيال قادة الفصائل الذين شاركوا بالحرب".

اخترنا لك