صورة الخبر

17:33:33 2025-06-20 : اخر تحديث

17:33:33 2025-06-20 : نشر في

نازك الملائكة.. رائدة الشعر الحر وأيقونة الأدب العربي الحديث

حجم الخط

فريق التحرير- شبكة الساعة

وُلدت نازك صادق الملائكة عام 1923 في بغداد لعائلة أدبية عُرفت بالثقافة والفكر؛ فوالدها كان شاعراً ومحققاً لغوياً، أما والدتها فهي الكاتبة سلمى عبد الرزاق التي كتبت باسم مستعار.

نشأت نازك في بيئة تُشجّع على التعلّم والاطلاع، وبرزت موهبتها الأدبية منذ طفولتها حيث التحقت بـدار المعلمين العالية في بغداد، وهناك بدأت أولى خطواتها الجادة في عالم الشعر والنقد.

الشعر الحر وقصيدة "الكوليرا"

يُعدّ ظهور قصيدتها الشهيرة الكوليرا (1947) لحظة فاصلة في تاريخ الشعر العربي؛ إذ تناولت فيها مأساة تفشي الوباء في مصر، مستخدمة أسلوباً جديداً في الشكل والإيقاع وقد اعتُبرت هذه القصيدة من أوائل المحاولات المؤسسة لما عُرف لاحقًا بـالشعر الحر.

لكن الجدل بقي دائراً لعقود حول الأسبقية بين نازك الملائكة وبدر شاكر السياب، إذ نشر الأخير قصيدة هل كان حبًا؟ في نفس العام وقد دافع السياب لاحقاً عن تجربته في مقالات نشرت في الصحافة العراقية، بينما أشارت نازك في كتابها قضايا الشعر المعاصر إلى أنها بدأت النشر أولاً، مؤكدة أن الشعر الحر ثورة على الجمود الموسيقي لا على الشعر العربي.

التعليم والانفتاح الثقافي

حصلت نازك على منحة لدراسة الأدب المقارن في جامعة "ويسكونسن – ماديسون" في الولايات المتحدة، حيث تعرّفت على تيارات الأدب العالمي والفلسفات المعاصرة، مما ترك بصمة واضحة في شعرها، خاصة من حيث المضمون الوجودي واللغة الرمزية المكثّفة.

أبرز أعمالها الشعرية والنقدية

من دواوينها الشعرية:

  • عاشقة الليل (1947)
  • شظايا ورماد (1949)
  • قرارة الموجة (1957)
  • مأساة الحياة وأغنية الإنسان (1977)

أما أبرز كتبها النقدية:

  • قضايا الشعر المعاصر (1962)
  • التجزيئية في المجتمع العربي (1974)
  • سايكولوجية الشعر (1992)
  • الصومعة والشرفة الحمراء (1965)

التأثير والأثر الأدبي

كان لشعر نازك تأثير كبير على الأجيال اللاحقة، إذ ألهمت الكثير من الشاعرات العربيات، مثل فدوى طوقان وسلمى الخضراء الجيوسي وسعاد الصباح، في شق طريقهن وسط مناخ أدبي ذكوري كما ناقش أدباء ونقاد مثل إحسان عباس، وجبرا إبراهيم جبرا، ويوسف سامي اليوسف، تجربة نازك بعمق، فاعتبرها بعضهم رائدة مترددة في التجديد، بينما رأى آخرون أنها أرست أعمدة مدرسة شعرية متفردة تجمع بين الرومانسية والرمزية والتأمل الوجودي.

ورغم أن النقاد كثيراً ما وضعوا اسم السياب في الصدارة، إلا أن نازك كانت أول من أسس لبنية نظرية للشعر الحر ودافعت عنها فكرياً، بينما اقتصر دور بعض الشعراء على التجريب.

حياتها الشخصية وعزلتها الأخيرة

تزوجت من الدكتور عبد الهادي محمّد رضى، وعملت أستاذة في جامعتي بغداد والكويت وفي سنواتها الأخيرة، اختارت العزلة في القاهرة، متفرغة للكتابة والتأمل، حتى توفيت عام 2007 عن عمر ناهز 84 عاماً.

إرثها الثقافي

تركت نازك الملائكة إرثاً أدبياً خالداً لا يقتصر على قصائدها، بل يشمل كتاباتها النقدية ونضالها لتأكيد دور المرأة المثقفة في المجتمع العربي، ورغم تراجع الاهتمام النقدي بها في بعض المراحل، فإن إرثها ما زال يُدرّس في الجامعات العربية ويُناقش في الأوساط الأدبية والأكاديمية.

وفي واحدة من قصائدها، عبّرت عن همّ الشاعر بصورة مدهشة تقول فيها:

"أني لأهرب من جراح العالمِ… في ظلمة الشعر الحزين وأعتزلْ"

بهذا الصوت، وهذه التجربة المتفرّدة، كانت نازك الملائكة أكثر من شاعرة… كانت ضمير جيل، وصوت ألم، وجرس حداثة خجول.

اخترنا لك