صورة الخبر

10:47:17 2025-06-12 : اخر تحديث

10:42:26 2025-06-12 : نشر في

بين الانسحاب الأمريكي ونشاط "داعش" في سوريا والعراق... ماذا يجري خلف الكواليس؟

حجم الخط

شبكة الساعة

حذر زعماء في منطقة الشرق الأوسط وحلفاء غربيون من احتمال استغلال تنظيم "داعش" لسقوط نظام بشار الأسد للعودة إلى سوريا والعراق، حيث فرض التنظيم المتطرف في وقت سابق سطوته بالإرهاب على الملايين.

ويرى أكثر من 20 مصدرًا، من بينهم مسؤولون أمنيون وسياسيون من سوريا والعراق والولايات المتحدة وأوروبا ودبلوماسيون في المنطقة، أن "هذا هو تحديدًا ما يسعى تنظيم داعش إلى تحقيقه".

وتقول المصادر إن "التنظيم بدأ بإعادة تنشيط مقاتليه في البلدين، وشرع أيضًا في تحديد أهداف محتملة، وتوزيع أسلحة، وتكثيف جهود التجنيد والدعاية".

وقالت عناصر أمنية في سوريا والعراق تراقب تنظيم "داعش"، منذ سنوات في تصريح لوكالة "رويترز"، وتابعته شبكة "الساعة"، إنها "أحبطت ما لا يقل عن 12 مخططًا كبيرًا هذا العام".

وقال 5 من مسؤولي مكافحة الإرهاب في العراق لـ "رويترز" إن "قيادات في تنظيم داعش متحصنة قرب الرقة، أرسلت مبعوثين إلى العراق بالتزامن مع التقدم الذي أحرزته قوات من المعارضة المسلحة في دمشق".

وأضافوا أن "المبعوثين حملا تعليمات شفهية لأتباع التنظيم بشن هجمات، لكن تم القبض عليهما عند نقطة تفتيش أثناء تنقلهما في شمال العراق في الثاني من كانون الأول / ديسمبر".

وبعد مرور 11 يومًا على ذلك، تمكنت قوات الأمن العراقية، بناءً على معلومات حصلت عليها من المبعوثين، من "تعقّب شخص يُشتبه بأنه انتحاري من تنظيم داعش، كان متجهًا إلى مطعم مكتظ في بلدة داقوق شمال البلاد، عبر تتبّع هاتفه المحمول".

وقال المسؤولون إن "القوات أطلقت النار على الرجل وأردته قتيلًا قبل أن يتمكن من تفجير حزام ناسف".

وذكر العقيد عبد الأمير البياتي، من الفرقة الثامنة في الجيش العراقي المنتشرة في المنطقة، أن "الهجوم الذي تم إحباطه أكد شكوك العراق بشأن التنظيم".

ولفت إلى أن "عناصر تنظيم داعش بدأت بإعادة تفعيل نشاطها بعد سنوات من الخمول، مستغلين الفوضى في سوريا".

ووفقًا لبيانات مجموعة "سايت إنتيليجنس"، المعنية بمراقبة نشاط المتشددين عبر الإنترنت، أعلن تنظيم "داعش"، مسؤوليته عن "38 هجومًا في سوريا خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2025، مما يجعل من المتوقع أن يُعلَن عن إجمالي يزيد قليلًا على 90 هجومًا هذا العام".

وتشير البيانات إلى أن "هذا سيمثّل نحو ثلث عدد الهجمات التي أعلن التنظيم مسؤوليته عنها في العام الماضي".

وفي العراق، أعلن التنظيم مسؤوليته عن "4 هجمات في الأشهر الخمسة الأولى من 2025، مقابل 61 هجومًا في المجمل خلال العام الماضي".

وقال مسؤول دفاعي أمريكي ومتحدث باسم رئيس الوزراء العراقي إن "قدرات فلول تنظيم داعش في سوريا والعراق ضعفت إلى حد كبير، إذ لم يتمكنوا من السيطرة على مناطق منذ أن طردهم تحالف قادته الولايات المتحدة وشركاء محليون من آخر معاقلهم في 2019".

وقال المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة، صباح النعمان، إن "العمليات الاستباقية هي التي أدت إلى إبقاء التنظيم تحت السيطرة".

وأوضح النعمان أن "هذه العمليات أسفرت عن اعتقال أو قتل عناصر إرهابية، ومنعتهم من إعادة تنظيم صفوفهم وتنفيذ عمليات".

وتابع أن "عمليات الاستخبارات العراقية أصبحت أكثر دقة من خلال استخدام الطائرات المُسيّرة وغيرها من التقنيات".

في أوج قوته بين عامي 2014 و2017، سيطر تنظيم "داعش"، على ما يقرب من "ثلث سوريا والعراق، حيث فرض تفسيره المتطرف للشريعة الإسلامية، واشتهر بارتكاب أعمال عنف وحشية صادمة".

ولم يُشر أي من المسؤولين الذين تحدثوا لـ "رويترز" إلى خطر تكرار ذلك، لكنهم حذروا من مغبة استبعاد التنظيم من الحسابات، قائلين إنه "عدو يتمتع بالمرونة ويمكنه استغلال أي فراغ أمني ببراعة".

ويشعر بعض المسؤولين في المنطقة وأوروبا بالقلق من احتمال سفر مقاتلين أجانب إلى سوريا للانضمام إلى جماعات متطرفة.

وقال مسؤولان أوروبيان لـ "رويترز" إن "أجهزة المخابرات رصدت، للمرة الأولى منذ سنوات، وصول عدد محدود من المشتبه في كونهم مقاتلين أجانب من أوروبا إلى سوريا في الأشهر القليلة الماضية، إلا أنهما لم يتمكنا من تحديد ما إذا كان تنظيم الدولة الإسلامية أو جماعة أخرى هي من جندتهم".

استغلال الانقسامات

يأتي ضغط تنظيم "داعش" في وقت حساس للرئيس السوري، إذ يحاول توحيد بلد متعدد الطوائف، ووضع جماعات المعارضة المسلحة السابقة تحت سيطرة الحكومة بعد حرب أهلية استمرت 13 عامًا.

وعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المفاجئ الشهر الماضي برفع العقوبات عن سوريا انتصارًا للرئيس السوري أحمد الشرع، الذي قاد في السابق فرعًا من تنظيم القاعدة، وحارب تنظيم "داعش" لسنوات.

لكن بعض المتشددين الإسلاميين انتقدوا جهود الشرع لكسب ودّ حكومات غربية، وأعربوا عن قلقهم من أنه "قد يرضخ لمطالب الولايات المتحدة بطرد المقاتلين الأجانب وتطبيع العلاقات مع إسرائيل".

وقد استغلت "داعش"، هذه الانقسامات، فنددت بالاجتماع مع ترامب في عدد حديث من نشرتها الإخبارية الإلكترونية "النبأ"، ودعت المقاتلين الأجانب في سوريا إلى "الانضمام إلى صفوفها".

وفي اجتماع عقد في 14 أيار/مايو في السعودية، طلب ترامب من الشرع الإسهام في منع عودة ظهور تنظيم "داعش"، في وقت بدأت فيه الولايات المتحدة عمليات دمج لقواتها في سوريا، وقالت إنها "قد تقلص وجودها العسكري، الذي يبلغ قوامه نحو ألفي جندي، إلى النصف هذا العام".

وقد زاد احتمال الانسحاب الأمريكي من قلق الحلفاء بشأن تمكن تنظيم "داعش"، من "إيجاد طريقة لتحرير نحو 9 آلاف مقاتل وأفراد أسرهم، من بينهم أجانب، محتجزين في سجون ومعسكرات تحرسها قوات سوريا الديمقراطية، التي يقودها أكراد وتدعمها الولايات المتحدة".

ويريد ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن "تتولى الحكومة السورية مسؤولية هذه السجون والمعسكرات".

وتواجه السلطات السورية صعوبات في التصدي لهجمات يشنّها من يُشتبه في موالاتهم للأسد، كما تعاني من اندلاع عنف طائفي، وسقوط قتلى، ومن غارات جوية للاحتلال الإسرائيلي، ومن اشتباكات بين جماعات مدعومة من تركيا وقوات سوريا الديمقراطية، التي تسيطر على نحو ربع البلاد.

وقال "تشارلز ليستر"، الذي يرأس برنامج سوريا في معهد الشرق الأوسط، وهو مؤسسة بحثية أمريكية، إن "الحكومة المؤقتة منهكة أمنيًا، ولا تمتلك القوة البشرية الكافية لتعزيز السيطرة على كامل البلاد".

وردًا على طلب للتعليق، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن "من الضروري أن تستعيد الدول مواطنيها المحتجزين من سوريا، وأن تتحمل جزءًا أكبر من عبء تأمين المعسكرات وتكاليف تشغيلها".

وقال مسؤول الدفاع الأمريكي إن "واشنطن لا تزال ملتزمة بمنع عودة تنظيم داعش ولا يزال شركاؤها السوريون الموثوقون موجودين في الميدان".

وأضاف أن "الولايات المتحدة ستراقب بيقظة حكومة الشرع، التي تقول وتفعل الصواب حتى الآن".

وبعد 3 أيام من اجتماع ترامب مع الشرع، أعلنت سوريا أنها "داهمت مخابئ لتنظيم داعش في حلب، ثاني أكبر مدن البلاد، وقتلت 3 مسلحين واعتقلت 4، وضبطت أسلحة وأزياء عسكرية".

وقال مسؤول دفاعي أمريكي آخر، ومسؤولان سوريان لـ"رويترز"، إن "الولايات المتحدة تتبادل معلومات استخباراتية مع دمشق في حالات محدودة".

وبيّن المسؤول الأمريكي الثاني أن "بغداد أبدت سرًا اهتمامها بإبطاء انسحاب نحو ألفين و500 جندي أمريكي من العراق عندما أصبح من الواضح أن الأسد سيسقط".

تنشيط الخلايا النائمة

تقدّر الأمم المتحدة أن تنظيم "داعش" يمتلك ما بين ألف و500 إلى 3 آلاف مقاتل في البلدين، لكن بيانات موقع "سايت" تظهر أن أنشط فروعه موجودة في إفريقيا.

وقال مسؤول دفاعي كبير للصحفيين إن "الجيش الأمريكي يعتقد أن الزعيم السري للجماعة هو عبد القادر مؤمن، الذي يتزعم ذراع التنظيم في الصومال".

وحذّرت "ريتا كاتز"، مديرة موقع "سايت"، من "مغبة اعتبار تراجع هجمات التنظيم في سوريا علامة على الضعف"، قائلةً: "المرجح إنه دخل مرحلة إعادة صياغة استراتيجيته".

وقالت 3 مصادر أمنية و3 مسؤولين سياسيين في سوريا لـ "رويترز" إن "تنظيم داعش يعمل على تنشيط خلايا نائمة، ومراقبة أهداف محتملة، وتوزيع أسلحة وكواتم صوت ومتفجرات منذ سقوط الأسد".

وأشارت المصادر الأمنية إلى أن "التنظيم نقل أيضًا مقاتلين من صحراء سوريا التي كانت محل تركيز الضربات الجوية للتحالف إلى مدن منها حلب وحمص ودمشق".

وقال وزير الداخلية السوري، أنس خطاب، في لقاء متلفز إن "تنظيم داعش من أخطر التحديات الأمنية التي نواجهها اليوم".

وفي العراق، بين مستشار في قوات الأمن العراقية، علي الساعدي، لـ"رويترز" أن "عمليات الاستطلاع الجوي ومصادر الاستخبارات على الأرض رصدت نشاطًا متزايدًا لتنظيم داعش في تلال حمرين شمال البلاد، التي شكّلت ملاذًا منذ فترة طويلة، وعلى طول طرق رئيسية".

ويعتقد مسؤولون عراقيون أن "تنظيم داعش استولى على كميات كبيرة من الأسلحة التي تركتها قوات الأسد، ويخشون تهريب بعضها إلى العراق".

وقال وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، إن "بغداد على اتصال مع دمشق بشأن تنظيم داعش"، مشيرًا إلى أن "التنظيم ينمو وينتشر في مزيد من المناطق".

وأضاف: "نأمل أن تكون سوريا مستقرة في المقام الأول، وألا تكون ملاذًا للإرهابيين، خصوصًا إرهابيي تنظيم داعش".

اخترنا لك