10:13:31 2025-06-12 : اخر تحديث
10:13:31 2025-06-12 : نشر في
فريق التحرير- شبكة الساعة
في ورشة صغيرة لتصليح السيارات بمنطقة الدورة جنوب بغداد، يقضي أحمد الذي لم يتجاوز العاشرة من عمره نحو تسع ساعات يوميًا في تنظيف أجزاء محركات مغطاة بالزيت.
أحمد الذي فقد والده قبل أعوام، يعمل مقابل 7 آلاف دينار عراقي فقط في اليوم (نحو 5 دولارات)، ليُسهم في إعالة والدته التي تعمل بأجر متدنٍ في تنظيف المنازل.
ويقول بصوت خافت: "أعمل كل يوم لأساعد أمي، لكنني أتمنى لو كنت أذهب إلى المدرسة وألعب مثل بقية الأطفال".
ليست هذه القصة استثناءً في العراق، بل تمثل حال مئات الآلاف من الأطفال الذين اختُطفت طفولتهم على يد الفقر والعوز ومع حلول اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال في 12 حزيران/يونيو، تعود إلى الواجهة قضية تمس مستقبل البلاد وتكشف هشاشة البنية الاجتماعية والاقتصادية.
في تقرير رسمي صادر عن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقية، بين الوزارة أن عدد الأطفال العاملين في البلاد تجاوز المليون طفل، موزعين على قطاعات الزراعة، والصناعة، والخدمات، والأسواق الشعبية.
وأشارت الوزارة في بيان تابعته شبكة "الساعة" إلى أنه "نحو 4.9% من الأطفال العراقيين منخرطون فعليًا في سوق العمل، وهو ما يفوق المعدل العربي العام البالغ 3%".
أما المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، فقد صنّف العراق في المرتبة الرابعة عربيًا من حيث انتشار عمالة الأطفال، بعد كل من اليمن والسودان ومصر.
ورغم أن قانون العمل رقم 37 لسنة 2015 يحظر تشغيل من هم دون سن 15 عامًا، ويعاقب المخالفين بالسجن أو الغرامة، إلا أن التطبيق على أرض الواقع لا يزال هشًا.
بدوره، بين الناطق باسم وزارة العمل نجم العقابي، في تصريح رسمي، إلى أن "القوانين موجودة لكن ضعف الرقابة وصعوبة الظروف الاقتصادية يجعلان تنفيذها محدود الأثر".
من جهته أفاد وزير التخطيط محمد تميم، بأن 17.5% من العراقيين يعيشون تحت خط الفقر، أي ما يعادل أكثر من 8 ملايين مواطن.
وتؤكد منظمة يونيسف أن الأطفال يشكلون النسبة الأكبر من بين 4.5 مليون عراقي معرضين للفقر بفعل النزاعات وعدم الاستقرار وتُعد هذه الأرقام مقلقة كونها تفسر سبب اضطرار آلاف الأسر لإرسال أطفالهم إلى الشوارع والأسواق بحثًا عن دخل يسد رمق الحياة.
الحروب والنزوح أيضًا كانا من أكبر العوامل التي ساهمت في تفاقم الظاهرة فمنذ اجتياح تنظيم "داعش" لعدة محافظات عراقية عام 2014، اضطرت ملايين الأسر للنزوح وفقدت مصادر دخلها، ما دفع العديد من الأطفال إلى تحمل أعباء الكبار في وقت مبكر.
كما أن العنف الأسري والاضطرابات المجتمعية خلقت بيئة غير آمنة دفعت الأطفال للهروب من منازلهم إلى أماكن العمل القاسية.
وتتعدد أشكال الأعمال التي يُجبر الأطفال على ممارستها في العراق، وغالبًا ما تكون في بيئات خطرة وغير صحية ففي المناطق الصناعية، يعمل الأطفال في ورش تصليح السيارات، وتبديل الزيوت، وتحميل المعدات الثقيلة، دون وسائل حماية أو تدريب، معرضين أنفسهم لحوادث قد تغير مسار حياتهم.
وذكر تقرير لمنظمة "أنقذوا الأطفال" أن "معظم الأطفال العاملين في تلك الورش يعانون من مشاكل صحية مستدامة، مثل آلام العمود الفقري، والحروق، والكسور، واضطرابات النوم".
ويبرز في الشوارع، وجه آخر أكثر قسوة لعمالة الأطفال، وهو التسوّل، حيث أوضح عضو مفوضية حقوق الإنسان السابق، فاضل الغراوي، أن أكثر من 57% من الأطفال المتسولين في العراق هم ذكور، و33% إناث، وأن بعضهم يعمل ضمن شبكات منظمة تستغلهم بشكل ممنهج، وتحقق من ورائهم أرباحًا خيالية.
وأضاف الغراوي في بيان تابعته شبكة "الساعة" فإن "الظاهرة اتخذت أبعادًا أخطر، بعدما تبيّن وجود أطفال من جنسيات أجنبية ضمن تلك الشبكات، ما يشير إلى ارتباطها بجرائم الاتجار بالبشر".
وإلى جانب أن هذه الأعمال مرهقة بدنيًا فهي تترك أثرًا نفسيًا بالغًا على الأطفال، حيث يقول سجاد من محافظة البصرة الذي يبلغ من العمر 15 عامًا، إنه "ترك المدرسة منذ 4 سنوات ليعمل في محل لزيوت السيارات"، مبيناً أن "العمل صعب جدًا وأتعرض للإهانات والتعب وبدأت مؤخراً بالتدخين لأتجاوز الضغط".
ورغم التحركات المتفرقة للحكومة، يرى مراقبون أن الجهود لا تزال دون المستوى المطلوب.
وقال المتحدث باسم وزارة العمل، نجم العقابي، أن "الوزارة شكّلت 10 لجان ميدانية في عموم العراق لرصد حالات عمالة الأطفال" مشيراً إلى "تسجيل أكثر من 600 حالة انتهاك في بغداد وحدها خلال عام 2024".
ولفت العقابي إلى "خطة تشمل تقديم إعانات مالية للأسر الفقيرة مقابل سحب أطفالهم من سوق العمل".
لكن الناشط الحقوقي مصطفى سعدون، مدير المرصد العراقي لحقوق الإنسان، وصف تلك الجهود بأنها "لا تكفي لمواجهة أزمة بهذا الحجم"، معتبرًا أن "عمالة الأطفال في العراق تمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان".
وانتقد سعدون في أكثر من مناسبة تأخر البرلمان العراقي في "تمرير قانون حقوق الطفل الذي يُفترض أن يُشكل أساسًا قانونيًا لحماية الطفولة".
من جانبها طالبت عدة منظمات محلية ودولية بـ "ملاحقة عصابات استغلال الأطفال خاصة في ملف التسوّل وطرح بعضها إدراج تلك العصابات تحت قانون مكافحة الإرهاب نظرًا لبشاعة ما ترتكبه من جرائم".
ويشير الباحث النفسي والاجتماعي الدكتور أحمد مهودر إلى "تداعيات خطيرة اجتماعية ونفسية تترتب على اليتيم، من الممكن أن تضعه في مسارات مهلكة إذا لم يحظ بالاهتمام المناسب سواء على المستوى الاجتماعي، أو الصحي، أو الاقتصادي، أو التربوي وغير ذلك".
ولفت إلى أن "اليتيم قد يعاني من التلكؤ الدراسي، أو التهرب من المدرسة، وقد يضطر الطفل إلى الدخول في بعض الأعمال التي لا تتناسب مع عمره ولا تتناسب مع طبيعة تكوينه، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، ونجد أن هؤلاء الأطفال على عاتقهم مسؤولية كبيرة وجسيمة جدا".
بدورها، حذرت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، من اتساع ظاهرة عمالة الأطفال في الأسواق المحلية، حيث سجلت حالات تسرب كبيرة للتلاميذ من مقاعدهم الدراسية نتيجة لتدهور الوضع الاقتصادي.
في ظل التزامات العراق الدولية، خصوصًا اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، واتفاقيات منظمة العمل الدولية الخاصة بحظر أسوأ أشكال عمالة الأطفال، تُطرح تساؤلات جدية حول فاعلية التنفيذ في الداخل العراقي.
وبين تقرير لمنظمة العمل الدولية أن "إنهاء عمالة الأطفال ممكن فقط إذا عولجت جذورها الاقتصادية وعلى رأسها الفقر والبطالة وجرى توفير التعليم المجاني والدعم للأسر الهشة".
2024-07-24 11:29:54
محامية عراقية ضمن حملة ترامب!
2024-07-24 11:25:30
الحكومة العراقية تنفي صلتها بصفحات "التطبيل"
2024-07-24 11:21:23
طائرات مسيرة تجوب سماء العاصمة بغداد وتقصف مخزن أسلحة يتبع فصيلا مسلحا
2024-07-24 11:17:27
اتهامات للسياسيين السنة بالمتاجرة بنازحيهم