صورة الخبر

12:11:05 2025-03-25 : اخر تحديث

12:11:05 2025-03-25 : نشر في

توريط العراق أم رسائل للحوثيين.. ماذا وراء دعوة عبد المهدي لمبدأ وحدة الساحات؟

حجم الخط

سيف العبيدي ـ شبكة الساعة

فيما يسعى العراق للنأي بنفسه عن التصعيد بين الولايات المتحدة وإيران ومحورها في المنطقة لتجنيب البلاد أي ضربات عسكرية أو عقوبات اقتصادية، فاجأ رئيس الوزراء العراقي الأسبق عادل عبد المهدي الجميع بدعوة أطلقها من اليمن للتأكيد على مبدأ وحدة الساحات ومحور المقاومة الذي بنظره بات العراق ركنا رئيسيا فيه إلى جانب إيران واليمن، بعد خروج سوريا من هذا المحور والشلل الذي أصاب "حزب الله" اللبناني جراء الضربات الإسرائيلية.

وجاء حديث عبد المهدي عن وحدة الساحات ليؤكد ما ذهبت إليه غالبية القوى المتنفذة في العراق التي تدين بولائها لطهران، سواء كانت فصائل مسلحة أو أحزاباً سياسية.

وكان العنوان الرئيس لزيارة عبد المهدي إلى اليمن هو المشاركة في أعمال "المؤتمر الدولي الثالث - فلسطين قضية الأمة" الذي ينظمه الحوثيون.

وقال عبد المهدي خلال المؤتمر الذي أقيم في العاصمة اليمنية صنعاء: إن "وحدة الساحات غيرت معادلة الحرب والسلم في المنطقة وفرضت نفسها في جبهات القتال في كل من لبنان والعراق واليمن وإيران".

وأضاف أن "أن لكل ساحة ظروفها العملية، وأنها تخوض معاركها وفق أوضاعها"، وأشار إلى أن "هذه الجبهات قادرة على المطاولة والدخولِ في الحروب الشاملة. 

العراق يرفض وحدة الساحات

وفي رد رسمي من الحكومة العراقية على تصريحات عبد المهدي، أعلن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين أن حكومة بغداد ليست جزءاً مما يعرف بـمحور المقاومة، مؤكداً رفضه لـوحدة الساحات وإيمانه فقط بـالساحة العراقية.

وقال حسين في تصريحات صحفية تابعتها "الساعة": إن "ما قامت به فصائل عراقية مسلحة منذ أشهر أضر بالعراق كثيراً، ولم يفد القضية الفلسطينية".

 ولفت إلى "وجود فرصة للتفاهم مع الفصائل المسلحة لتجنيبها والعراق ضربة عسكرية من جهات خارجية مثل أمريكا أو إسرائيل، فيما عبر عن تخوفه من أن تحل الكارثة على العراق والمنطقة في حال لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق".

وكان حسين قد صرح في وقت سابق أن خطر الضربات "الإسرائيلية" على العراق لم يختفِ وإنما تأجل، وشدد على أن العراق علم بوجود مخطط "لإسرائيل" لضربه وأنهم نجحوا بإبعاد هذا الخطر من خلال التواصل مع واشنطن وعواصم أخرى.

فيما استهجن عراقيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي تصريحات عبد المهدي عن محور المقاومة ووحدة الساحات، إذ وجهت له التهم بمحاولة توريط العراق بالصراع والحرب، فيما ذكروه بمسؤوليته عن قتل مئات المحتجين العراقيين في تظاهرات تشرين عام 2019.

وكانت فصائل عراقية مرتبطة بإيران قد شنت هجمات على الاحتلال الإسرائيلي العام الماضي دعماً لغزة تحت اسم "المقاومة الإسلامية في العراق"، وبعد تهديدات إسرائيلية جدية للعراق، أعلنت هذه الفصائل في كانون الأول/ديسمبر الماضي إيقاف عملياتها العسكرية.

 وحدة الساحات وإقحام العراق فيها

الباحث في الشأن العراقي رمضان البدران حذر من خطورة التصريحات التي أدلى بها عبد المهدي في اليمن والتي من شأنها توريط العراق في الصراع الحالي الدائر مع الولايات المتحدة خاصة وأنه يؤكد أن العراق جزء من محور المقاومة مع إيران، فيما شدد على ضرورة عدم مرور مثل هذه التصريحات الخطيرة مرور الكرام دون محاسبة ومساءلة.

وقال البدران في حديث لشبكة "الساعة": إن "تصريح عبد المهدي ناري وخطير من حيث التوقيت والأسلوب واللغة ويمكن قراءته من أربع زوايا".

ذكر البدران: أن "الزاوية الأولى هي احتمالية أن يكون حديث عبد المهدي حديثاً شخصياً بعد أن وجد نفسه مهمشا بين الأوساط السياسية فمن خلاله حاول العودة بقوة إلى المشهد السياسي".

وأضاف أن "الزاوية الثانية هي أن خطاب عبد المهدي فيه ازدواجية وغموض ولا ينسجم مع موقف العراق الرسمي إذ تسعى الحكومة لأن تكون على الحياد من الصراع الدائر فيما يتبنى عادل عبد المهدي خطابا مغايرا تماما".

وأشار إلى أن "التصريح يقرأ أيضا من زاوية أنه قد يكون رسالة من الفصائل المسلحة العراقية وهذا الأمر يحمل من المخاطر الكثير على العراق في الوقت الحالي الذي يشهد تصعيدا أمريكيا وغربيا ضد المحور الإيراني"، منوها إلى أن "ما جاء به عبد المهدي يمكن أن يكون رسالة إيرانية تهدف إلى إلقاء وزر العمل الحوثي على العراق بعد أن تبرأت إيران منه في ظل الضغوط الدولية".

وأكد البدران أن "الحديث عن وحدة الساحات وتبني شخصية كعادل عبد المهدي الذي لا يعد شخصا هامشيا بل كان رئيسا لوزراء العراق والدفاع عن محور المقاومة في ظل الأوضاع الحالية ينبغي ألا يمر بدون تحقيق ومحاسبة ومساءلة عن سبب هذه التصريحات والدوافع التي تقف وراءها والرسالة منها".

هل نقل عبد المهدي رسالة إلى الحوثيين؟

وأفاد مقربون من القوى السياسية العراقية بأن زيارة عبد المهدي إلى اليمن ربما تحمل رسائل إلى الحوثيين من حكومة بغداد، أو الفصائل المسلحة، أو إيران أو أطراف غربية كالولايات المتحدة أو فرنسا التي يحمل جنسيتها.

لكن مصدراً حكومياً نفى لشبكة "الساعة" أن "تكون الحكومة العراقية قد أوفدت عبد المهدي إلى اليمن لنقل رسائل معينة"، كما استبعد أن "يكون حاملا لرسائل غربية إلى الحوثيين على اعتبار أن رسائل الغرب يحملها من يثق بهم الغرب من أصدقائه في الخليج كسلطنة عمان والتي ليس لها مشاكل مع الحوثيين في نفس الوقت".

في حين قال السياسي إبراهيم الصميدعي المستشار السابق للحكومة العراقية الحالية إن "واشنطن اختارت عبد المهدي ليكون رسولها إلى اليمن بهدف التفاوض مع الحوثيين".

 وأضاف الصميدعي أن "عمق المحافظ الشيعي العراقي قد حسم خلافاته مع أميركا، والأمور تسير باتجاه التطبيع واستقرار الدولة، وإيران قد نقلت ملف الحوثي إلى العراقيين للوصول إلى تسوية مع الصديق الأميركي، ولضمان بقاء وجود سياسي لها في اليمن، ولكي تخفف العبء عن نفسها في مفاوضاتها المزمعة مع ترامب".

وكتب ليث شبر، الناشط السياسي والمقرب سابقاً من عادل عبد المهدي، أن "البريطانيين اتصلوا بعادل عبد المهدي لغرض نقل رسالة إلى الحوثيين مفادها لكم البر ولنا البحر والملاحة مقابل السلطة، بعد أن أعطى الإيرانيون الضوء الأخضر للوساطة".

ويؤيد أستاذ العلوم السياسية في جامعة المستنصرية عصام الفيلي أن يكون الغرض من زيارة عبد المهدي إلى اليمن هو لنقل رسالة إلى الحوثيين من الجانب الإيراني مفادها أن الإيرانيين لم يعودوا قادرين على دعم أنشطة الحوثيين في اليمن بسبب التصعيد الأمريكي الخطير.

وقال الفيلي في حديث لشبكة "الساعة": إن "فكرة وحدة الساحات الذي كان ترتكز عليه لكل العمليات لفصائل ما تعرف بمحور المقاومة بعد أحداث غزة باتت تمثل شكلاً من أشكال الضعف، فيما نشهد من الناحية العملية تفكك ساحات المقاومة بطريقة دبلوماسية بعد انهيار حزب الله في لبنان وتغيير النظام في سوريا والذي كان أبرز وأهم مرتكزات القوى في توحيد الصفوف في اتجاه وحدة الساحات".

وأضاف الفيلي: أن "التهديدات الأمريكية ودخول ترامب على خط الأزمة دفع فصائل محور المقاومة بإعادة النظر في طبيعة القراءة والتهديدات"، مبينا أن "إيران تريد معالجة الأمور بأقل الخسائر بفعل التهديدات الأمريكية بعد أن حمّل ترامب طهران المسؤولية عن أي صاروخ يطلق من اليمن".

وأشار إلى أن "التهديدات الأمريكية باستهداف أي محور أو ساحة في حال التحرك بصورة مفاجئة ضد المصالح الأمريكية يتمثل واحد من التحديات بالنسبة للدولة العراقية خاصة مع وجود فصائل مسلحة كانت تهدد المصالح الأمريكية".

وتابع الفيلي: أن "حديث عبد المهدي أعطى خصوصية لكل ساحة في المعركة ومن المرجح أن يكون ذهابه إلى اليمن لنقل رسالة بصورة غير مباشرة تفيد بأن طبيعة الموقف بالنسبة لإيران يكاد يكون في حال إعادة قراءة ولا يمكن لإيران أن تذهب لمزيد من الدعم للحوثيين والذين عليهم أن يتحملوا مسؤولية التصعيد المقبل على اعتبار أن إيران تبحث عن بصيص للحل للخروج من أزمتها الحالية".

اخترنا لك