صورة الخبر

12:54:41 2025-03-11 : اخر تحديث

12:54:41 2025-03-11 : نشر في

اجتماع دول الجوار السوري.. هل أدرك العراق خطأ تأخره في الانفتاح على سوريا؟

حجم الخط

سيف العبيدي ـ شبكة الساعة

يبدو أن العراق أدرك مؤخرا أهمية الانفتاح على الجانب السوري والتعاون بفاعلية مع المحيط الإقليمي للتعامل مع المتغيرات التي شهدتها المنطقة خلال الأشهر الماضية، حيث وصفت بغداد بأنها آخر المنفتحين على دمشق رغم حساسية الملفات التي تربط الجانبين ولا سيما المتعلقة بالملف الأمني وتأمين الحدود ومواجهة مخاطر تنظيم "داعش".

وفي انعكاس لذلك، شارك العراق في اجتماع رباعي ضم دول جوار سوريا إلى جانب الأخيرة والذي احتضنته العاصمة الأردنية عمان، وجاء ترجمة لرغبة تركية في تعزيز التعاون الأمني لدول الجوار السوري لمواجهة مخاطر الإرهاب على البلدان المشاركة.

ومثل العراق في الاجتماع نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية فؤاد حسين ووزير الدفاع ثابت العباسي ومدير جهاز المخابرات حميد الشطري، إلى جانب وزراء خارجية ودفاع ومدراء مخابرات سوريا، وتركيا، والأردن ولبنان.

البيان الختامي لاجتماع دول الجوار السوري

الاجتماع أكد على دعم سوريا والتنديد بالاعتداءات الإسرائيلية عليها، كما اتفقت الدول المشاركة على تأسيس غرفة عمليات لمواجهة تنظيم داعش.

وشدد البيان الختامي لاجتماع دول الجوار السوري على دعم الشعب السوري في جهود إعادة بناء وطنه، بما يضمن أمن سوريا واستقرارها ووحدة أراضيها، واعتبار أمن سوريا واستقرارها عنصراً أساسياً لاستقرار المنطقة.

كما أكد على إدانة عدوان الكيان الإسرائيلي على الأراضي السورية، ورفض أي محاولات للتدخل في الشأن السوري، وإدانة الإرهاب بجميع أشكاله والتعاون المشترك في مكافحته عسكرياً وأمنياً وفكرياً، مع إطلاق مركز عمليات مشترك لتنسيق الجهود في محاربة تنظيم "داعش".

وتضمن البيان الختامي العمل مع دول المنطقة والمجتمع الدولي لتهيئة الظروف التي تتيح العودة الآمنة والمستدامة للاجئين السوريين، والاتفاق على عقد جولة ثانية من الاجتماعات في تركيا الشهر المقبل لمتابعة تنفيذ مخرجات الاجتماع واتخاذ القرارات اللازمة بشأنها.

اجتماع يتزامن مع تمرد مسلح في الساحل السوري

وجاء اجتماع دول الجوار السوري بالتزامن مع تطورات أمنية في الساحل السوري وعمليات تنفذها الدولة السورية لضبط الأمن ومواجهة التمرد واحتواء مجاميع مسلحة وصفت بأنها تابعة لإيران أو فلول نظام الأسد السابق نفذت عمليات مسلحة وقتلت عناصر من القوات الأمنية السورية.

وقال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني في مؤتمر صحفي مشترك عقب الاجتماع: إن "بلاده تحمي كل مكونات الشعب السوري ولا تميز بينها، ولن تسمح بتكرار مآسي الشعب السوري".

وأكد الشيباني: "استعداد سوريا للاستمرار في العمل المشترك من أجل مستقبل أفضل للمنطقة"، كما رحب بـ"الدعم الذي أكده الاجتماع بالدعوة لرفع العقوبات عن سوريا والوقوف بجانبها".

مخاوف عراقية من "داعش"

من جانبه أكد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين أن الاجتماع ناقش آليات التعاون لمكافحة إرهاب تنظيم "داعش"، وبناء آليات عملية استناداً إلى المعلومات المتوفرة لدى الأجهزة الأمنية لمحاربة التنظيم.

وحذر وزير الخارجية في مؤتمر صحفي مشترك عقب الاجتماع من أن "استمرار وجود تنظيم داعش يشكل تهديدًا لأمن العراق والمنطقة"، مشددًا على "ضرورة الدعم الإقليمي والدولي في مواجهته".

 وأشار إلى "أهمية تبادل المعلومات بين دول جوار سوريا لمحاربة تنظيم داعش، وضرورة فتح حوار شامل بين مختلف المكونات السورية لتحقيق الاستقرار في البلاد".

أما وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي فأوضح أن "هدف اجتماع سوريا ودول الجوار هو بحث آليات للتعاون في محاربة الإرهاب وتهريب المخدرات والسلاح، ومواجهة التحديات المشتركة الأخرى".

تركيا تقود حراكا ضد "داعش" والعمال الكردستاني

في حين دعا وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى مواصلة مكافحة تنظيم "داعش" ووضع خطة تشمل غرفة عمليات مشتركة لمواجهة الإرهاب.

ونوه فيدان إلى مخاطر حزب العمال الكردستاني على العراق وسوريا وتركيا قائلاً إن "العدو المشترك للعراق وسوريا وتركيا هو حزب العمال الكردستاني"، مبيناً أن "حزب العمال لا يمثل الأكراد وهو ليس مشكلة تركية فحسب، بل وفي سوريا والعراق أيضا".

تأخر عراقي في الانفتاح على سوريا

ويرى مراقبون للشأن العراقي أن التطورات الأخيرة في الساحل السوري مثل جرس إنذار للحكومة العراقية، حيث تزداد المخاوف في العراق من احتمالية توسع دائرة التمرد وتدهور الأوضاع الأمنية ولا سيما في المناطق القريبة من الحدود السورية – العراقية وبالتالي يشكل ذلك خطرا مباشرا على الأمن العراقي.

الباحث في الشأن السياسي العراقي مصطفى العبيدي يؤكد أن مشاركة العراق في اجتماع دول جوار سوريا يؤكد المخاوف العراقية من تداعيات أي انهيار أمني في سوريا على الوضع الأمني في العراق، لكنه أشار إلى أن بغداد ما تزال مترددة في التعامل المباشر مع سوريا وهذا الأمر له تداعيات سلبية على العراق خاصة وأن هناك ملفات حساسة بالنسبة للطرفين لا يمكن معالجتها دون التعاون والانفتاح المباشر بين بغداد ودمشق.

وقال العبيدي في حديث لشبكة "الساعة": إن "الموقف العراقي تجاه سوريا ما يزال يتسم بالتردد وعدم الوضوح بالرغم من أهمية التعاون المباشر بين الجانبين بالنسبة للعراق خاصة في قضايا الحدود وتأمينها والتعامل مع خطر مسلحي داعش ووجود سجون مقاتلي التنظيم في سوريا وكذلك مخيم الهول الذي يضم عشرات الآلاف من عائلات المسلحين".

وأضاف: أن "التردد العراقي بشأن سوريا يرجع إلى الضغوط الإيرانية وضغوطات الأطراف السياسية القريبة من طهران من جهة، ولغياب الإرادة والرغبة العراقية للانخراط في مواجهة الأزمات في المنطقة وانتظار الحلول والبرامج التي يقدمها الآخرون".

العراق ينتظر المبادرات من الآخرين

وأضاف العبيدي أن المشاركة العراقية في اجتماع دول الجوار السوري والذي جاء بدعوات تركية يمثل خطوة إيجابية وإن كانت متأخرة، وكان ينبغي أن يكون العراق أول من يدعو إليها نظرا لأن العراق أكثر المتضررين في حال انهيار الأوضاع في سوريا، ولكن ما لاحظناه أن العراق بقي يتفرج على المشهد من بعيد واضطر إلى المشاركة في الاجتماع خشية إغلاق أبواب التعاون مستقبلا مع سوريا وتضرر الجانب العراقي وخاصة في ملف سجون داعش والحدود".

وأشار الباحث العراقي أن "دول جوار سوريا كانت حريصة على الاستفادة من مخرجات الاجتماع، إذ إن الأردن يسعى لطي صفحة تهريب المخدرات ولبنان تسعى لإنهاء مشكلة تهريب السلاح، أما العراق فهو أيضا يشعر بمخاطر حقيقية سببها تنظيم داعش ولذلك عليه أن يقدم المبادرات ويقودها لتعزيز التعاون الأمني مع سوريا ولا سيما أن هناك ملفات مشتركة تدفع الطرفين للتقارب وهي تأمين الحدود ومحاربة تنظيم داعش".

ولفت العبيدي إلى أن "تركيا تسعى عبر الاجتماع وما بعده لتأسيس تحالف إقليمي بقيادة أنقرة يتولى محاربة الإرهاب المتمثل بحسب وجهة نظر تركيا بتنظيم داعش وحزب العمال الكردستاني"، مبينا أن "الولايات المتحدة وفي ظل التغييرات في الشرق الأوسط ربما تدخل في صفقة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تفضي لرفع يد واشنطن عن دعم القوات الكردية وبالتالي تركيا تحاول أن تكون سيدة الموقف خلال المرحلة المقبلة على صعيد قيادة التنسيق الأمني الإقليمي".

تأثر العراق بالموقف الإيراني من سوريا

وإلى فترة قريبة، كان الموقف العراقي بشأن سوريا متأثرا بالموقف الإيراني برأي أغلب القراءات التحليلية، التي تؤكد أن التصعيد الأخير لبعض الأطراف العراقية القريبة من إيران ضد الإدارة الجديدة في سوريا جاء نتيجة توصيات وضغوط من طهران.

وفي تصريح سابق لشبكة "الساعة" أكد المحلل السياسي والعسكري السوري أحمد حمادة أن "الهيمنة الإيرانية على القرار في العراق هي من دفعت حكومة بغداد والأطراف المتنفذة في الدولة للقطعية مع دمشق بل والتصعيد ضدها".

وقال حمادة إن "الجانب السوري ينظر إلى العراق بعين الاهتمام الكبير على اعتباره أنه أحد أهم الدول العربية، ولكن الهيمنة الإيرانية على القرار العراقي دفع الجانب العراقي لاتخاذ مواقف معادية من الثورة السورية والإدارة السورية الجديدة وقبل ذلك موقفا داعما لنظام الأسد عبر الدعم المالي والعسكري الذي قدمته الفصائل العراقية القريبة من إيران".

اخترنا لك