صورة الخبر

13:24:46 2025-01-28 : اخر تحديث

13:24:46 2025-01-28 : نشر في

حزب الدعوة الإسلامي من المعارضة إلى الحكم

حجم الخط

فريق التحرير- شبكة الساعة

تأسس حزب الدعوة الإسلامية في العراق عام 1957 على يد مجموعة من العلماء والمفكرين الإسلاميين الشيعة العراقيين، وعلى رأسهم محمد باقر الصدر، وجاء تأسيس الحزب كرد فعل على انتشار الفكر الشيوعي والقومي العربي الذي كان يسيطر على المشهد السياسي في العراق في ذلك الوقت، حيث سعى الحزب لتقديم الإسلام كبديل فكري وسياسي شامل.

استمد الحزب أفكاره من حركات إسلامية أبرزها حركة الإخوان المسلمين وغيرها من الحركات الإسلامية، مع التركيز على الجمع بين الفكر الإسلامي والعمل السياسي.

ويستند حزب الدعوة في أيديولوجيته على خلفية إسلامية شيعية تهدف إلى بناء نظام سياسي قائم على الشريعة الإسلامية، ويُعد الحزب من أوائل الحركات الإسلامية الشيعية التي تبنت العمل السياسي المنظم كوسيلة لتغيير النظام السابق وتحقيق غايتها.

ولم يقتصر الحزب على العمل السياسي، بل اتجه إلى العمل العسكري في الثمانينات خصوصًا ضد النظام السابق حيث نفذ عمليات عسكرية بالتنسيق مع فصائل معارضة أخرى 

حزب الدعوة بعد 2003

بعد الغزو الأمريكي للعراق وسقوط النظام السابق عام 2003 شهد العراق تحولات جذرية في بنيته السياسية والاجتماعية ففي هذه الفترة المفصلية، برز حزب الدعوة الإسلامية كواحد من أبرز الأطراف التي استفادت من الفراغ السياسي لتعزيز حضورها واستند الحزب إلى خبرته الطويلة في العمل السري والمعارضة، واستثمر شبكاته الفكرية والاجتماعية ليصبح قوة سياسية مؤثرة.

شارك الحزب بفاعلية في الحوار السياسي والعملية الانتخابية ضمن النظام الجديد الذي كان قيد التشكل، متحالفًا مع قوى سياسية شيعية أخرى ضمن "الائتلاف العراقي الموحد"، ومن خلال هذا التحالف بدأ حزب الدعوة حقبة جديدة من النشاط السياسي والحزبي، ما مكنه من تولي الحكم في دورات انتخابية لاحقة.

أداء حزب الدعوة في الدورات الانتخابية

انتخابات 2005

 في انتخابات ديسمبر 2005 استمر حزب الدعوة الإسلامية بالعمل ضمن قائمة الائتلاف العراقي الموحد التي حصدت 128 مقعدًا في البرلمان العراقي، وقد ساهم هذا الأداء في تمكين الحزب من تعزيز حضوره السياسي، حيث أسفر عن تولي نوري المالكي أحد أبرز قياداته منصب رئيس الوزراء ليصبح ذلك نقطة تحول في تاريخ الحزب على الساحة السياسية العراقية.

انتخابات 2010

في انتخابات عام 2010 انفصل حزب الدعوة الإسلامية عن الائتلاف العراقي الموحد وشكّل ائتلاف دولة القانون الذي حصل على 89 مقعدًا في البرلمان، ليصبح القوة الثانية بعد القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي التي حصلت على 91 مقعدًا.

ورغم تقدم القائمة العراقية تمكن نوري المالكي من تشكيل الحكومة مستفيدًا من تفسير المحكمة الاتحادية العليا لمفهوم الكتلة النيابية الأكثر عددًا حيث فسّرت المحكمة هذا المفهوم بأنه يشمل الكتلة التي تتشكل بعد الانتخابات، وليس بالضرورة الفائزة بأعلى المقاعد مما أتاح للمالكي جمع تحالفات برلمانية مكّنته من الحصول على الأغلبية اللازمة لتشكيل الحكومة.

وحظي المالكي بدعم إقليمي ودولي بالإضافة إلى تأييد محلي، مما ساعده في توحيد القوى الشيعية والكردية عبر وعود سياسية لم تُنفذ بالكامل وأدى ذلك إلى تعزيز نفوذ حزبه وإعادة تشكيل موازين السياسة العراقية.

مع ذلك بقي تفسير المحكمة الاتحادية لمفهوم الكتلة الأكبر موضع جدل سياسي يتكرر في كل دورة انتخابية، مما ساهم في ترسيخ مفهوم المحاصصة في النظام السياسي العراقي.

انتخابات 2014

 أما في انتخابات 2014 فحقق ائتلاف دولة القانون بقيادة حزب الدعوة الإسلامية تقدماً ملحوظاً بحصوله على 92 مقعدًا، مما جعله الكتلة الأكبر في البرلمان ورغم ذلك وبسبب التحديات السياسية والأمنية التي واجهها العراق في تلك الفترة تم اختيار حيدر العبادي العضو البارز في حزب الدعوة، لتولي منصب رئيس الوزراء خلفًا لنوري المالكي. 

جاء هذا التغيير استجابةً للضغوط الداخلية والخارجية الداعية إلى تشكيل حكومة أكثر شمولية وقادرة على مواجهة الأزمات المتصاعدة، خاصة مع تصاعد تهديدات تنظيم "داعش" وسيطرته على أجزاء واسعة من البلاد.

انتخابات 2018

 وفي انتخابات 2018 فقد تراجع نفوذ حزب الدعوة الإسلامية بشكل ملحوظ نتيجة انقسامه بين قائمتين: تحالف النصر بقيادة حيدر العبادي الذي حصل على 42 مقعدًا، وائتلاف دولة القانون بقيادة نوري المالكي الذي حصل على 25 مقعدًا. 

هذا الانقسام أضعف تأثير الحزب في البرلمان مقارنةً بإنجازاته في الانتخابات السابقة، وأدى إلى تقليص دوره في تشكيل الحكومة وإدارة المشهد السياسي العراقي.

انتخابات 2021

 في انتخابات 2021 استمر تراجع نفوذ حزب الدعوة الإسلامية، حيث حصل ائتلاف دولة القانون بقيادة نوري المالكي على 37 مقعدًا فقط مما يعكس ضعف تأثير الحزب مقارنةً بالسنوات السابقة في المقابل، برزت قوى سياسية جديدة ومؤثرة مثل التيار الصدري الذي تصدّر النتائج بحصوله على 73 مقعدًا مما عزز من حضوره في المشهد السياسي العراقي، كما شهدت الانتخابات صعودًا لحركات ناشئة ومستقلين، مما يشير إلى تغير في توجهات الناخبين ورغبتهم في تجديد الطبقة السياسية.

تحليل الأداء الانتخابي

شهد حزب الدعوة الإسلامية، الممثَّل حاليًا في ائتلاف دولة القانون، تحوّلًا كبيرًا بعد سقوط النظام السابق عام 2003، واستطاع في البداية ترسيخ وجوده مستفيدًا من الظروف السياسية الجديدة، ومع ذلك، بدأ نفوذه يتراجع منذ 2005 لعدّة أسباب، أبرزها سوء الإدارة في الملفات السياسية والاقتصادية والأمنية، فضلًا عن الإخفاق في توفير الخدمات الأساسية والتباطؤ في مكافحة الفساد.

ويرى البعض أنّ الانشقاق عن الائتلاف الوطني ساهم في هذا التراجع، لكنّ آخرين يؤكّدون أنّه لا يمثّل سوى عامل ثانوي بالمقارنة مع ضعف الأداء الحكومي وعدم القدرة على تلبية تطلّعات الناخبين، وقد تفاقمت الأزمة في عام 2018 عندما برز الانقسام الداخلي الذي كشف عن ضعف في القيادة وعجز عن مواكبة التحوّلات السياسية، الأمر الذي انعكس سلبيًا في انتخابات 2021، إذ تراجع تمثيل الحزب إلى 37 مقعدًا فقط.

ورغم هذه الإخفاقات، لا يزال الحزب يتمتع بتأثير شعبي ملموس وسطوة على المشهد السياسي، وإن كان بريقه قد خفت مقارنة بفترة ذروته، ويظلّ سوء الإدارة والأداء الحكومي المتذبذب في أثناء وجوده في السلطة من أهم العوامل التي أسهمت في تآكل قاعدته الشعبية على مدى السنوات الماضية.

إعادة التموضع

يسعى ائتلاف دولة القانون حالياً الى إعادة ترتيب صفوفه وخلق تحالفات سياسية جديدة للانتخابات القادمة وذلك لمواكبة التغيرات المستمرة في الساحة السياسية، خاصة مع بروز منافسين جدد ومؤثرين ومن أبرز هذه الأسماء رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني الذي كانت له بداياته السياسية داخل حزب الدعوة وائتلاف دولة القانون، إلا أن السوداني أعلن استقالته من الحزب والائتلاف في عام 2019، ولاحقاً في عام 2021 أسس السوداني تيار الفراتين في خطوة شكلت تحولاً كبيراً في مسيرته السياسية. 

في ظل هذه التطورات، يواجه حزب الدعوة الإسلامية تحديات كبيرة في استعادة نفوذه السابق والتكيف مع المتغيرات السياسية والمنافسين الجدد في العراق.

اخترنا لك