صورة الخبر

09:45:10 2025-01-15 : اخر تحديث

09:45:10 2025-01-15 : نشر في

الجواز الدبلوماسي يمنح بالجملة.. المسؤولون يتركون للعراقيين الجواز الاعتيادي سيء الصيت

حجم الخط

سيف العبيدي ـ شبكة الساعة

على خلاف ما معمول به في أغلب دول العالم بشأن منح الجوازات الدبلوماسية، باتت تلك الجوازات متاحة أمام عشرات الآلاف من المسؤولين في الدولة العراقية وعائلاتهم، وإن لم يكونوا ضمن العاملين في السلك الدبلوماسي الذين يفترض أن تنحصر ميزة حمله بهم.

وتثير طريقة منح الجوازات الدبلوماسية في العراق انتقادات واسعة، خاصة مع الحديث عن منحه لأعضاء البرلمان الحالي والأعضاء في الدورات السابقة مع عائلاتهم مدى الحياة، فضلا عن منحه لمسؤولين تنفيذين بأعداد كبيرة إلى جانب منحه لشخصيات أخرى لا علاقة لها بالعمل الحكومي أو المهام الدبلوماسية.

وصوت مجلس النواب العراقي، يوم الاثنين الماضي على مقترح قانون التعديل الأول لقانون جوازات السفر رقم 32 لسنة 2015.

وفي السابق، يمنح العاملون في السلك الدبلوماسي وعائلاتهم الجواز الدبلوماسي وهذا الأمر معمول به في معظم بلدان العالم، لكن الغريب إضافة الوزراء ووكلائهم وأعضاء مجلس النواب الحالي وللدورات السابقة مع عائلاتهم هذا الجواز، إلى جانب كبار المسؤولين في رئاسة الجمهورية ومجلس القضاء الأعلى والمستشارين في رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية.

وأكدت عضو مجلس النواب إخلاص الدليمي أن تعديل قانون جوازات السفر الذي صوت عليه البرلمان أمس سيؤدي إلى منح آلاف الشخصيات للجواز الدبلوماسي، مشيرة إلى أن هذا الأمر يعد تأسيسا لأمر خاطئ خلال المرحلة المقبلة.

وقالت الدليمي في حديث لشبكة "الساعة": إنها "رفضت الفقرة الخاصة بتعديل قانون الجوازات ولم تصوت على منح الجوازات الدبلوماسية للمسؤولين والنواب على اعتبار أنها ترفض الطريقة التي جرى فيها التصويت على هذا التعديل داخل البرلمان".

وأضافت الدليمي: أن "التعديل الذي صوت عليه البرلمان سيؤدي إلى منح أعضاء مجلس النواب وعائلاتهم الجوازات الدبلوماسية مدى الحياة كما يجري العمل مع الوزراء الحاليين والسابقين وعائلاتهم".

وأوضحت أن "ذلك يعني منح 1500 جواز دبلوماسي لأعضاء مجلس النواب في كل دورة برلمانية، ما يعني منح 7500 جواز سفر دبلوماسي على اعتبار أن هناك 4 دورات سابقة".

وشددت الدليمي على أن "منح هذا النوع من الجوازات مدى الحياة أمر خاطئ، ورفضته قبل ذلك وزارة الخارجية"، مبينة أن "منح هذه الجوازات يفترض أن تكون فقط للوزراء والنواب دون عائلاتهم، وخلال فترة خدمتهم الوظيفية ولا تشمل فترة خروجهم على التقاعد".

وتشير إحصاءات لجنة النزاهة البرلمانية إلى أن عدد الجوازات الدبلوماسية العراقية التي مُنحت بعد عام 2003، تتجاوز 45 ألف جواز دبلوماسي، منها 10 آلاف منحت لأشخاص لا يعملون بالسلك الدبلوماسي.

كما أقرت وزارة الداخلية التي يقع على عاتقها إصدار الجوازات بمنح ما بين 4 آلاف إلى 4200 جواز سفر دبلوماسي منذ الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2021 ولغاية الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2022.

وفي وقت سابق أكدت عضو مجلس النواب سروة عبد الواحد أن عدد الجوازات الدبلوماسية التي تم منحها لغاية الآن تزيد عن 45 ألف جواز، كاشفة عن أن جوازات دبلوماسية منحت لـ"موديلز" وعارضات أزياء ومشاهير على تطبيق تيك توك.

 وأشارت إلى أن الجواز الدبلوماسي العراقي بات بلا أهمية ولا احترام بين دول العالم، فيما لفتت إلى تعديل قانون الجوازات الأخير يعني منح الجواز الدبلوماسي لفئات كبيرة ومن الممكن أن يشمل غالبية العراقيين خلال الفترة المقبلة.

وعد المعترضون من أعضاء مجلس النواب العراقي تعديل هذا القانون وفق هذه الكيفية يتنافى مع مبادئ العدالة الاجتماعية التي تقتضي تحقيق المساواة في التعامل بين المواطن والمسؤول، بل ويعمل هذا التشريع على زيادة أزمة الثقة بين الحكومة والمواطن.

وانتقد النائب المستقل أمير المعموري تعديل قانون الجوازات الذي يمنح امتيازات إضافية للمسؤولين وعوائلهم جواز دبلوماسي مدى الحياة.

وفي وقت سابق، حذر عضو اللجنة القانونية النيابية محمد جاسم الخفاجي من وجود نية لتعديل قانون الجوازات ليتضمن الاحتفاظ بالجواز الدبلوماسي من قبل حامليه هم وأسرهم مدى الحياة لا بل يتجاوز الأمر الى إعادته بأثر رجعي، واصفا هذا الأمر بالخطير.

بالمقابل يؤكد أعضاء مجلس النواب العراقي المؤيدون لتعديل قانون منح الجوازات أن جواز السفر الدبلوماسي العراقي حق لأي مسؤول أو موظف بدرجة عالية، على اعتبار أنه وثيقة رسمية مشروطة بعمل دبلوماسي أو سيادي، كما استغربوا الاعتراض على منحه مدى الحياة ولا سيما أنه سيمنح لأشخاص قدموا وضحوا من أجل البلاد، حسب تعبيرهم.

فيما نفى عضو اللجنة القانونية في البرلمان محمد عنوز صحة المعلومات التي تحدثت عن منح جوازات سفر دبلوماسية للمسؤولين الحكوميين السابقين بأثر رجعي.

وقال عضو اللجنة محمد عنوز: إن "الحديث عن منح جوازات سفر دبلوماسية للمسؤولين الحكوميين السابقين بأثر رجعي بحسب التعديل الأخير الذي تم التصويت عليه الاثنين الماضي، غير صحيح ولا يوجد هكذا نص".

وأضاف عنوز: أن "من ضمن التعديلات أن أي مسؤول سابق لديه جواز سفر دبلوماسي، عند خروجه من مهام وظيفته يتم التجديد له بشكل طبيعي، له فقط وليس لعائلته، وأي كلام عن منح كل المسؤولين بأثر رجعي غير صحيح إطلاقاً".

من جانبه يرى الدبلوماسي السابق ومدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل أن على السلطات العراقية العمل على تعزيز ثقة العالم بالجواز العراقي الذي يأتي في مراكز متأخرة بدل منح الجوازات الدبلوماسية لفئات عديدة من المسؤولين الحكوميين والنواب.

وقال فيصل في تصريح لشبكة "الساعة": إنه "من المفترض عدم منح الجواز الدبلوماسي للفئات التي شملت به مدى الحياة باستثناء السفراء الذين يجب أن يمنحوا هذا الحق بعد إحالتهم على التقاعد".

وأضاف أن "باقي الفئات من المسؤولين الحكوميين والنواب فمن المفترض أن يمنحوا جواز الخدمة بدل الجواز الدبلوماسي"، لافتا إلى "وجود جهل كبير بالقانون الدولي الدبلوماسي والحصانات الدبلوماسية ووظيفة ومهام الجواز الدبلوماسي وما يقدمه من حصانات".

وأكد أن "منح جواز السفر الدبلوماسي للمسؤولين في العراق لا يعني أنهم سيمنحون الحصانة الدبلوماسية في الخارج، لأن تلك الحصانة تمنح فقط للعاملين ضمن البعثات الدبلوماسية للدولة في الخارج".

ولفت فيصل إلى أن "شمول النواب والمسؤولين بالجواز الدبلوماسي غرضه منح هؤلاء فرصة للحصول على فيزا وتأشيرة الدخول لدول مختلفة من الصعب الحصول على تأشيرتها بالجواز الاعتيادي العراقي".

وبين أنه "من الأولى على المسؤولين العراقيين ومجلس النواب العمل على تعزيز ثقة العالم بجواز السفر العراقي بدل السعي للحصول على الجواز الدبلوماسي من أجل تسهيل تنقلهم بين دول العالم والحصول على تأشيرات الدخول لتلك الدول".

وجوازات السفر في العراق على 4 أنواع وفق القانون، وهي: دبلوماسي وخاص وجواز خدمة وعادي، يمنح الأول من قبل رئيس الحكومة أو وزير الخارجية للوزراء والنواب والعاملين في السلك الدبلوماسي، بقصد تسهيل أدائهم لمجموعة من الأعمال المهمة التي تخدم مصالح الدولة".

وللمهمات الرسمية يمنح جواز السفر الخاص، ويشمل رجال السلك الإداري في وزارة الخارجية، بناء على طلب كتابي من الوزير المختص لموظفي المرتبة السابعة فما فوق، الذين ينتدبون إلى الخارج في مهمات رسمية مؤقتة لا تزيد على 6 أشهر.

ويمنح جواز سفر الخدمة لكبار ضباط الجيش والشرطة والشخصيات العسكرية والأمنية، ممن يرسلون ضمن وفود إلى دول أخرى بهدف التدريب أو للمشاركة في دورات أو مؤتمرات أو ورشات.

أما جواز السفر العادي فيمنح للمواطنين العاديين، ويكون نافذا لمدة 8 سنوات، وقابلا للتجديد وفق الشروط والضوابط المعمول بها.

وبحسب اتفاقية فيينا المقرة في عام 1961 للعلاقات الدبلوماسية لا يمكن منح الجواز الدبلوماسي، إلا لمن يستحقه.

ويحتل الجواز العراقي المرتبة 108 عالمياً وفقاً لمؤشر "جايد" لترتيب جوازات السفر، إذ يتيح جواز السفر العراقي لحامليه السفر بدون تأشيرة إلى 30 دولة، في حين أنهم سيحتاجون إلى الحصول على تأشيرة مسبقة قبل السفر إلى 153 دولة.

اخترنا لك