صورة الخبر

12:46:06 2025-01-10 : اخر تحديث

12:46:06 2025-01-10 : نشر في

هل ستختار الفصائل المقاومة أم الدولة؟ ماذا بعد اختيار خامنئي العراق جبهة للمواجهة؟

حجم الخط

فريق التحرير- شبكة الساعة

يبدو أن تصريحات المرشد الإيراني علي خامنئي ستلقي بظلالها الثقيلة على العراق، ولا سيما أنها تأتي بالتزامن مع التصعيد الذي تشهده المنطقة، كما أنها تأتي خلافا للرغبة الدولية التي فرضت نفسها في تغيير معادلة الشرق الأوسط.

وأكد المرشد الإيراني علي خامنئي ضرورة إخراج القوات الأميركية من الأراضي العراقية، مشدداً على أن حضورها هناك "في العراق" غير شرعي ويتعارض مع مصالح العراق وشعبه.

وأضاف خامنئي: أن "ثمة شواهد ومؤشرات تدل على محاولة الأميركيين تثبيت وتوسيع حضورهم في العراق ويجب الوقوف بجدية أمام هذا الاحتلال"، مشدداً على أن "الحشد الشعبي يمثل أحد المكونات المهمة للقوة في العراق، ويجب بذل مزيد من الجهد للحفاظ عليه وتعزيزه"، كما دعا خامنئي إلى "التصدّي للاحتلال الأمريكي بجدّية"، حسب تعبيره.

وجاءت تصريحات المرشد الإيراني خلال استقباله رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في طهران.

واللافت في تصريحات مرشد إيران أنها خالفت البيان الصادر عن مكتب رئيس الوزراء العراقي بخصوص اللقاء، والذي لفت إلى أن السوداني أكد لخامنئي أن الحكومة العراقية تتحرك انطلاقاً من مصالح العراق العليا، وبما يضمن الحفاظ على السيادة، ولم يتطرق البيان العراقي إلى ملف الحشد الشعبي.

في حين أفادت مصادر سياسية عراقية بأن زيارة السوداني إلى إيران جاءت لإقناع الإيرانيين بضرورة حل الفصائل الولائية، على اعتبار أن قرار حلها أو إبقائها مرهون بالقرار الإيراني وليس العراقي.

وأثارت تلك التصريحات ردود فعل سياسية واسعة في العراق تخوفاً من أن تكون كإشارة أو فتوى دينية إلى الفصائل المسلحة الموالية لإيران لاستئناف هجماتها على القواعد والمصالح الأمريكية في البلاد.

من جانب آخر، يرى مراقبون للأوضاع في العراق أن موقف المرشد يأتي ضمن محاولة توريط العراق وتأليبه على المجتمع الدولي، كما يراها البعض إشارة إلى الالتفاف على المطالب الأمريكية بحل الفصائل الشيعية الموالية لإيران، وذلك من خلال عدم ذكر خامنئي تسمية الفصائل أو المقاومة كما اعتاد سابقا أن يسميهم، لكنه ركز على قوات الحشد الشعبي، بينما يراها البعض أنها خطوة إيرانية لجس النبض الأمريكي إزاء ملف مستقبل الفصائل العراقية التابعة لهم.

تصريحات المرشد: إهانة لحكومة العراق وفتوى لقتال الأمريكيين

ووصف النائب السابق والسياسي العراقي ظافر العاني تصريحات المرشد الإيراني بأنها إهانة للحكومة العراقية.

وقال العاني في منشور على حسابه في منصة "X" إن "تصريحات خامنئي بأن العراق تحت الاحتلال الأميركي وأنه تجب مقاومته هي إهانة للحكومة العراقية التي لديها اتفاقيات رسمية مع الولايات المتحدة"، مشيراً إلى أن "تزامن التصريحات مع زيارة رئيس الوزراء محمد شياع الى طهران الغرض منها إشعار المجتمع الدولي بوجود وصاية إيرانية على العراق".

 

فيما يرى الصحفي العراقي علي الذبيحاوي أن تصريحات المرشد الإيراني بمثابة الفتوى للفصائل العراقية التي تدين له بالولاء بإعلان الحرب على القوات الأمريكية في هذا التوقيت الراهن، ما يعني توريط العراق في حرب وصراع مقبل، فيما أكد في تغريدة على منصة "X" على ضرورة تجنيب العراق الحروب والصراعات في المرحلة الحالية والمقبلة.

إيران تحاول توريط العراق؟

ومنذ تفكيك "حزب الله" في لبنان بالعمليات العسكرية الإسرائيلية، وإنهاء حكم بشار الأسد في سوريا والإطاحة بالنفوذ الإيراني فيها، توجهت البوصلة الدولية نحو العراق، حيث أشارت جميع التقارير والتسريبات بوجود تحرك دولي لتغيير الأوضاع في العراق وتنفيذ ضربة عسكرية قوية في حال لم يستجب للمطالب الدولية.

وأكد مسؤولون عراقيون أن الولايات المتحدة دعت العراق إلى حل الفصائل الولائية وحصر السلاح بيد الدولة وإنهاء النفوذ الإيراني، كما أشاروا إلى أن الرسائل الأمريكية تضمنت تهديد العراق بإجراء التغيير بالقوة العسكرية إذا رفض الخضوع لتلك المطالب.

وبعد خسارة إيران نفوذها في سوريا ولبنان، يبدو أنها تتجه لاستخدام ثقلها في العراق في المواجهة المقبلة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، كما يرى الباحث والخبير الاستراتيجي فراس إلياس.

وقال إلياس في تصريح لشبكة "الساعة": إن "المتتبع للمواقف الصادرة عن المرشد الإيراني علي خامنئي على هامش زيارة السوداني إلى طهران، يجد أن إيران ليست بوارد التراجع في العراق، بل أظهرت إصراراً واضحاً على المواجهة".

وأضاف إلياس: أن "ذلك هو ما سيجعل العراق جبهة المواجهة الرئيسية بين طهران وواشنطن في المرحلة القادمة".

وأكد الباحث العراقي أن "الولايات المتحدة هي من قررت جعل إيران قوية في المنطقة بعد عام 2003، وهي من تقرر اليوم جعلها ضعيفة بعد 7 أكتوبر، وبين أن إيران لم تكن دولة صاحبة قرار، بل مؤدياً لوظيفة أرادتها الولايات المتحدة أن تكون كذلك".

 وأشار إلى أنه "بالنهاية كل ما يجري في المنطقة اليوم، وما يراد له أن يكون في العراق، سيكون قراراً أمريكياً، وليس لإيران أن تقبل أو ترفض ذلك".

وقبيل زيارة السوداني إلى إيران، أوفدت الأخيرة قائد فيلق القدس في الحرس الثوري إسماعيل قاآني إلى بغداد والذي بدوره التقى قيادات الفصائل والأحزاب الشيعية الإطارية.

وبحسب وسائل إعلام عراقية \نقلت عن مصادر سياسية القول: إن "زيارة قاآني ركزت على ملف حل الفصائل المسلحة ودمجها في الحشد الشعبي من أجل ضمان تجنب العمليات العسكرية والضربات المرتقبة على إيران والعراق".

فصائل مقاومة أم حشد شعبي؟

ومع اختيار إيران رسميا التصعيد خلال المواجهة بينها وبين أمريكا وإسرائيل عبر العراق، فإن اللغز في الداخل العراقي ما يزال قائما بشأن موقف الفصائل من الخيار الإيراني، كما أن الموقف بشأن حل الفصائل ما يزال رماديا، فلم يتخذ القرار بحل الفصائل القريبة من إيران أو حل الحشد الشعبي ودمجه بالمؤسسة العسكرية من الجيش والشرطة، كما لم يتبين إمكانية دمج الفصائل الولائية في الحشد الشعبي والمؤسسة العسكرية بغية تجنب التصعيد الأمريكي تجاه العراق.

ويرى الباحث السياسي العراقي مجاهد الطائي أن خطاب خامنئي بشأن العراق يأتي في سياق محاولة جس النبض الأمريكي تجاه مستقبل الحشد الشعبي والفصائل القريبة من طهران، فيما لفت إلى أن المرحلة المقبلة لا تتحمل بقاء الفصائل العراقية في المنطقة الرمادية وفي حالة قدم في الدولة وقدم في اللادولة.

وقال الطائي في حديث لشبكة "الساعة"، إن "العراق أصبح خط الدفاع الأول والأخير للنفوذ الإيراني في المنطقة بعد الأحداث الأخيرة في سوريا ولبنان، ولكن هناك حالة جديدة تواجه إيران بسبب تعقيدات الوضع العراقي ما ولد حالة من التخبط وإرسال الرسائل المبطنة من أجل جس النبض الأمريكي".

 وبين أن "الخطاب الإيراني لا يتطابق ولا يتناسب مع الممارسة السياسية الواقعية، على اعتبار أن إيران عندما ترى نفسها ضعيفة تتراجع كما رأينا في كل الهزائم التي لحقت بنفوذها في المنطقة".

وأضاف الطائي: أن "تصريحات المرشد تأتي ضمن سياق جس النبض بالنسبة للحشد والفصائل العراقية".

ترامب لن يقبل بمواقف الفصائل الرمادية

ونوه الطائي إلى أن "الفصائل العراقية تارة تضع نفسها في الدولة من خلال تقديم نفسها على أنها جزء من الحشد الشعبي المؤسسة العسكرية الرسمية التي تأتمر وتتبع القائد العام للقوات المسلحة، وتارة أخرى تضع نفسها في موقع المقاومة ووحدة الساحات والمحور الإيراني"، مشددا على أن "اللعب في المنطقة الرمادية وحالة وضع قدم في الدولة وقدم في اللادولة لا يمكن أن يستمر في عهد الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب".

وأوضح أن "الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي يشنان حاليا حربا على المحور الإيراني الذي يبدأ من لبنان وسوريا، ثم العراق واليمن، ثم إيران، ولذلك فإن أي محاولة للتلاعب بالمصطلحات وتقديم الفصائل على أنها حشد رسمي مرة وأنها فصائل مقاومة مرة أخرى من المستحيل أن يستمر".

ولفت الطائي إلى أن "الولايات المتحدة أدركت أن عددا من الفصائل لم تستطيع الحكومة ترويضها عكس فصائل أخرى تم ترويضها ودمجها في الدولة ومؤسساتها"، مبينا أن "تلك الفصائل ما تزال تمارس أنشطة مختلفة خارج سلطة الدولة كمهاجمة القوات الأمريكية وتهريب الدولار إلى إيران وهو الأمر الأخطر الذي لن تسكت عن الإدارة الأمريكية في المرحلة المقبلة".

وتوقع أن "يتم التوصل إلى صفقة معينة من شأنها ترويض الفصائل المسلحة الشيعية وإجبارها على ترك السلاح وقطع العلاقة بطهران، مبينا أن ذلك ما تسعى إليه واشنطن إذ إن تعديل مسار الفصائل وتصحيحه سيكون كفيلا بوقف التصعيد من الجانب الأمريكي خلال الفترة المقبلة".

اخترنا لك