14:31:01 2025-01-08 : اخر تحديث
14:31:01 2025-01-08 : نشر في
سيف العبيدي ـ شبكة الساعة
صدمة تلقاها الموظفون والمتقاعدون في العراق بعد الاستقطاع الإجباري من رواتبهم من قبل الحكومة للتبرع بها لغزة ولبنان، إذ إن الرفض لا يرتكز على فكرة التبرع للمتضررين من العدوان الإسرائيلي بقدر الرفض لطريقة فرضه واستقطاع المبالغ دون إرادة المستفيدين من تلك الرواتب.
وقررت الحكومة العراقية الشهر الماضي استقطاع 1% من الرواتب التي تصرف لموظفي الدولة والمتقاعدين للتبرع بها لقطاع غزة وأهالي جنوب لبنان، وقالت الحكومة حينها إن "من يرغب بعد التبرع فعليه تقديم طلب للوزارة المعنية يطالبهم فيه باستثنائه من اقتطاع جزء من راتبه".
ويؤكد موظفون ومتقاعدون عراقيون أن الرواتب الشهرية التي يتقاضونها لا تكفي لسد احتياجاتهم اليومية ولا سيما مع ارتفاع الأسعار السلع والمواد الغذائية.
ويأتي الاستقطاع بالتزامن مع التأخير في عملية صرف رواتب الموظفين والمتقاعدين بسبب وجود أزمة وعجز في تمويل الرواتب من وزارة المالية، فصرف المستحقات المالية تأخر عن موعده المقرر أكثر من أسبوعين، بينما تتحدث أوساط برلمانية عن أزمة قادمة قد تؤدي إلى عدم صرف الرواتب إلا مرة كل 50 يوما.
ويرفض موظفون ومتقاعدون قرار الاستقطاع الإجباري من رواتبهم، وقال الموظف في مديرية تربية الرصافة في العاصمة بغداد علي طالب في حديث لشبكة "الساعة": إن "راتبه الشهري يبلغ 800 ألف دينار، وهو لا يكفي لسد حاجته ومتطلبات عائلته لعشرين يوما".
وأضاف أن "الموظفين كانوا يتطلعون لزيادة في الرواتب لكنهم تفاجأوا باقتطاع جزء من رواتبهم تحت مسمى دعم الشعب الفلسطيني واللبناني"، مبينا أنه "لا أحد من العراقيين يرفض دعم أشقائه العرب المتضررين جراء العدوان الإسرائيلي، ولكنهم لا يقبلون فرض ذلك عليهم بالقوة وكأن رواتبهم تتعرض للسرقة"، حسب وصفه.
ويرى الموظف في وزارة الصناعة محمود القيسي أن "الاستقطاع لم يكن بنسبة 1% من راتبه، فبينما يفترض أن يكون مبلغ الاقتطاع من راتبه لا يزيد عن 10 آلاف دينار تفاجأ بأن الاستقطاع بلغ 33 ألف دينار، ما يعني أكثر من 3%".
ويؤكد القيسي أن "زيادة نسب الاستقطاع عن 1% يعني أن هناك سرقات وتلاعبا يحصل في هذا الملف، داعيا الحكومة العراقية إلى الرقابة الشديدة على هذا الموضوع لأن سرقة أموال التبرعات الخاصة بغزة ولبنان ستعرض العراق إلى فضيحة كبيرة على الصعيد العربي والعالمي".
أما حسين العامري المتقاعد في الشركة العامة لتجارة الحبوب التابعة لوزارة التجارة فيقول إن "غالبية الموظفين والمتقاعدين يشكون في وصول تلك المبالغ إلى المتضررين في غزة ولبنان".
وأضاف أن شريحة المتقاعدين يحذرون من سرقة تلك الأموال من ذات الجهات التي سرقت أموال العراقيين"، مؤكدا أن "الذين لا يؤتمنون على أموال شعبهم لا يمكن أن يكونوا أمناء على التبرعات للشعوب الأخرى".
وبين العامري أن "الموظفين والمتقاعدين تعرضوا لأزمة مالية كبيرة هذا الشهر بسبب تأخر صرف الرواتب وعندما صرفت فإن جزءًا منها استقطع ما زاد من معاناة هذه الشريحة وأزمتها المالية".
وبحسب الباحث الاقتصادي محمد مثنى فإن استقطاع 1% فقط من رواتب الموظفين والمتقاعدين يعني أن قيمة الاستقطاع الكلية ستصل إلى 80 مليار دينار عراقي شهريا.
وقال مثنى في حديث لشبكة "الساعة": إن "مجموع الرواتب التي تصرفها الدولة العراقية لشريحة الموظفين المدنيين والعسكريين والمتقاعدين والرعاية الاجتماعية تصل لنحو 8 تريليون دينار"، وأن استقطاع 1% منها يعني أن الاستقطاع الكلي سيكون بقيمة 80 مليار"، مبينا أن "الاستقطاع من المقرر أن يستمر لـ 6 أشهر على الأقل".
وأوضح أن "مبالغ الاستقطاع ستكون كافية لتمويل الفقراء المعدمين في المجتمع العراقي أو تمويل مشاريع لإنشاء مستشفيات خاصة وأن القطاع الصحي بحاجة لها في ظل النقص الكبير في عدد المستشفيات".
ودعا المثنى السلطات إلى "ضرورة مراجعة قرارها، ووقف القرار الخاص باستقطاع مبالغ من الرواتب، ولا سيما أن هذا الملف عرضة لتدخل يد الفاسدين الذين أخفقت السلطات العراقية في الحد منهم ومحاسبتهم".
في الأثناء، قدم عضو لجنة النزاهة النيابية، هادي السلامي، شكوى إلى جهاز الادعاء العام مطالبًا فيها بإلغاء استقطاع رواتب الموظفين والمتقاعدين، مؤكدا أن قرار الاستقطاع لا يوجد له سند قانوني.
وقال السلامي في كتاب موجه إلى جهاز الادعاء العام: إن "قرار الحكومة باستقطاع الرواتب ليس له سند قانوني أو دستوري، ما يعني أنه مخالفة واضحة للقانون والدستور".
وأضاف: أن "مجلس الوزراء فرض الاستقطاع على رواتب الموظفين والمتقاعدين في عموم العراق باستثناء إقليم كردستان"، داعيا إلى "التدخل لإلغاء القرار ووقف الاستقطاع من الرواتب".
من جانبها أكدت عضو مجلس النواب سروة عبد الواحد رفضها لقرار استقطاع مبالغ من رواتب المتقاعدين، واصفة القرار بأنه استهداف مباشر للمواطن والموظف العراقي.
وقالت سروة عبد الواحد في تصريح تابعته شبكة "الساعة": إن "القرار مرفوض ويجب وقف العمل به لأنه يستهدف المواطن العراقي في قوته وزرقه".
وأضافت: أن "الحكومة العراقية حولت المواطن العراقي إلى (مكفخة) من خلال هذه الاستقطاعات وغيرها من الأمور والتي أوصلت بالنهاية إلى التجاوز على حقوقهم البسيطة"، مبينة أن "مصير هذه التبرعات المفروضة على الموظفين والمتقاعدين ما يزال مجهولا لغاية الآن"، حسب وصفها.
ويؤكد الخبير القانوني أمير الدعمي أن قرار مجلس الوزراء الخاص بالاستقطاع الإجباري من الرواتب يعد مخالفة للقانون والدستور العراقيين.
وقال الدعمي في حديث لشبكة "الساعة": إن "الدستور العراقي ينص في المادة 28 على عدم فرض الضرائب ولا الرسوم أو الجباية إلا بالقانون وبالتالي فإن هذا الاستقطاع هو اعتداء على المال العام وحرية المواطن".
وأضاف أن "الاستقطاع يفرض عبر الإجبار وليس عبر الرغبة وبالتالي فإنه يحق لجميع المتضررين التقدم بشكوى على هيئة التقاعد العامة ووزارة المالية والحكومة العراقية بسبب هذا القرار وتنفيذه ولو كان يستقطع دينار واحدا".
وطالب مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في البصرة الهيئة الوطنية للتقاعد بمراجعة وتدقيق نسب الاستقطاع من رواتب الموظفين والمتقاعدين ضمن ملف التبرع الطوعي بنسبة 1%، والذي طُبِّق بأثر رجعي لمدة شهرين.
وأوضح المكتب في بيان أن "الاستقطاع بلغ ألف دينار عن كل 100 ألف دينار، و10 آلاف دينار عن كل مليون دينار".
وأشار إلى "ورود شكاوى من متقاعدين تفيد باستقطاع مبالغ تفوق نسبة 1%، واستمراره لشهرين، مما يستدعي تدخلاً عاجلاً من وزارة المالية وديوان الرقابة المالية".
وحذّر المكتب من "أن استمرار هذه الاستقطاعات يفاقم الأوضاع المعيشية الصعبة لشريحة تعاني أصلاً من تدني الرواتب، والتي لا تصل حتى إلى الأمن الغذائي".
ويتزامن مع موضوع الاستقطاع من الرواتب، تأخر في صرف الرواتب الناتج عن أزمة حقيقية في التمويل، وهو ما أشار إليه النائب مصطفى سند.
وبحسب سند فإن "العراق يواجه أزمة مالية بسبب الأخطاء في الموازنة الثلاثية التي قدمتها حكومة السوداني"، مبينا أن "هذه الأزمة قد تدفع بتأجيل دفع الرواتب في عموم البلاد حيث من المتوقع أن يكون صرف الرواتب كل 45 أو 50 يوما".
من جهته يشير الباحث والمحلل السياسي الناصر دريد أن المشكلة اليوم في العراق تتمثل في تأخر صرف الرواتب بسبب عجز السيول وفق ما ذكر النائب مصطفى سند.
وقال دريد في حديث لشبكة "الساعة": إن "الحكومات في الدول الديمقراطية تتكفل بنشر الجداول المالية بشفافية ومصداقية، ولكن في العراق لا يحصل مثل هذا الشيء".
وأشار إلى "انتشار الإشاعات في العراق بسبب غياب الشفافية والكذب الحكومي والتزوير، فالحكومة تدعي شيئًا والنواب يدعون شيئًا آخر بخصوص الموازنات والعجز في التمويل".
ولفت دريد إلى أن "أزمة حكومة السوداني منذ تشكيلها تتمثل في الموازنات الكبيرة التي ألزمت نفسها بها وبالتالي فهي تواجه أزمة اليوم في تأمين هذه الموازنات".
: كلمات مفتاحية
2024-07-24 11:29:54
محامية عراقية ضمن حملة ترامب!
2024-07-24 11:25:30
الحكومة العراقية تنفي صلتها بصفحات "التطبيل"
2024-07-24 11:21:23
طائرات مسيرة تجوب سماء العاصمة بغداد وتقصف مخزن أسلحة يتبع فصيلا مسلحا
2024-07-24 11:17:27
اتهامات للسياسيين السنة بالمتاجرة بنازحيهم