صورة الخبر

09:17:06 2025-01-07 : اخر تحديث

09:17:06 2025-01-07 : نشر في

الجامعات الأهلية تهدد التعليم في العراق.. دكاكين للربح وغسيل الأموال وتمويل الأحزاب

حجم الخط

فريق التحرير - شبكة الساعة

مشاهد هوليودية في الجامعات العراقية.. هذا ما شهدته العاصمة بغداد خلال حادثة إطلاق النار نفذه أحد الأشخاص داخل جامعة الإسراء الأهلية والتي أسفرت عن إصابة 6 أشخاص بجروح قبل إلقاء القبض على مطلق النار.

ويؤكد أكاديميون عراقيون أن الحادثة الأخيرة تعكس رداءة وانهيار نظام التعليم في العراق ولا سيما في السنوات الأخيرة، كما تعكس هيمنة الجهات السياسية والحزبية على ملف الجامعات الأهلية وتحول تلك الجامعات إلى دكاكين للربح المالي وغسيل الأموال لبعض السياسيين المتنفذين.

وتطال سهام النقد نظام التعليم الأهلي الخاص في العراق، سواء على مستوى الجامعات والمدارس، إذ تفتقر لجودة التعليم والكفاءة العلمية، فضلا عن الهدف الأول والأخير منها جني الأموال.

وبحسب موقع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الإلكتروني، فإن هناك 70 كلية وجامعة أهلية موجودة الآن في العراق، مقارنة بـ38 كلية أهلية فقط في 2013 بحسب بيان سابق للوزارة.

لكن مصادر في وزارة التعليم تؤكد أن عدد الجامعات الأهلية في العراق تجاوز حاليا الـ 100 جامعة، ولا سيما أن هناك استمرارية في فتح الجامعات الخاصة سنويا.

وأمس الأحد، نفذ شخص يدعى (إبراهيم الساعدي) هجوما داخل جامعة الإسراء الواقعة في تقاطع الأندلس ببغداد بواسطة مسدس، فيما كشفت وزارة الداخلية تفاصيل الحادثة، والقبض على المتورط بإطلاق النار، فيما نفت وزارة التعليم العالي أن يكون مُطلق النار داخل حرم إحدى الكليات الأهلية طالب فيها.

 

لمن تعود الجامعات الأهلية؟

وتعود ملكية الجامعات الأهلية في العراق للأحزاب والجماعات المسلحة في البلاد خصوصا مع سيطرة حركة العصائب على وزارة التعليم العالي خلال الحكومة الحالية، فبعض الجامعات تعود لرئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي والآخر لزعيم تيار الحكمة عمار الحكيم وبعضها لزعيم حركة بدر هادي العامري وزعيم كتائب الإمام علي شبل الزيدي.

وتستغل هذه الجهات السياسية أو المسلحة نفوذها في الدولة للحصول على الأراضي والقروض والتسهيلات لإنشاء الجامعات الأهلية، كما أن وجود جهات متنفذة وراء الجامعات يجعلها بعيدة عن الرقابة أو المحاسبة رغم الإخفاق في الجانب التعليمي.

 

مستوى علمي متدنٍ

يؤكد الأكاديمي والتدريسي باسم الكعبي أن نظام التعليم الأهلي في العراق لم يتم إنشاؤه بصورة صحيحة وعلمية، كما أن وجوده أصبح يثقل كاهل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لأن الأسس التي بني عليها هذا النظام تعد أسساً غير صحيحة.

وأضاف الكعبي في حديث لشبكة "الساعة": أن "نظام التعليم الأهلي يفترض أن يكون سانداً للتعليم العمومي أو التعليم الحكومي وبالتالي يفترض أن يكون له نوع من التخطيط الاستراتيجي لمخرجات هذا النظام بحيث يتلاءم مع متطلبات سوق العمل".

وأشار إلى أن إخفاق الجامعات الأهلية يرجع إلى وجود تدخلات سياسية وحزبية تستغل هذا الملف، إذ إن أغلب الجامعات الأهلية تعود لجهات حزبية متنفذة، وبالتالي فهي تفصل التعليمات والإجراءات الخاصة بالتعليم الأهلي وفقا لمزاجها.

وأوضح أن الكليات الأهلية باتت تخرج أفواجا كبيرة من الاختصاصات التي لا تجد لها فرصة عمل في السوق العراقية وبالتالي تثقل كاهل سوق العمل لأن هناك أفواجاً كبيرة من الخريجين العاطلين عن العمل.

كما نوه إلى خريجي هذه الجامعات ليسوا عالة على سوق العمل فحسب، فمستواهم العلمي المتدني يعطي إشارات على أنهم سيكونون عالة على المجتمع بشكل عام، خاصة وأن هناك مستويات متدنية من خريجي هذه الكليات، وعلى سبيل المثال فإن خريج أقسام الترجمة لا يعلم شيئا عن اللغة الإنكليزية، وكذلك الحال بالنسبة للغة العربية، وكذلك بعض خريجي القانون الذين لا يفقهون شيئا عن مبادئ القانون الخاص والعام.

 

أين معايير الجودة العلمية؟

فيما يرى التدريسي والأكاديمي الجامعي عماد العاني أن أكثر الكليات والجامعات الأهلية أنشئت كمشاريع استثمارية وليست مشاريع تعليمية ساندة للتعليم الحكومي في البلاد كما ينبغي.

وقال العاني في حديث لشبكة "الساعة": إن "الهم الأول والأخير للجامعات الأهلية وكذلك المدارس الأهلية هو الكسب المادي، على اعتبار أنها باتت مشاريع ناجحة لجلب الأموال لكنها مشاريع فاشلة في تقديم المخرجات الطلابية من الناحية العلمية".

وأضاف: أن "نفوذ الأحزاب في الحكومة وسيطرتها على قرارات الدولة هي السبب في هبوط مستوى التعليم الخاص"، مبينا أن وزارة التعليم العالي تتحمل المسؤولية الأكبر في هذا المجال على اعتبار أنها هي من تضع الشروط والالتزامات والضوابط التي تبنى عليها هذه الجامعات.

وأكد العاني على ضرورة اتخاذ الإجراءات العاجلة التي من شأنها وقف الانهيار العلمي في الجامعات الأهلية، كما دعا إلى ضرورة إخضاع الكليات والجامعات الأهلية إلى معايير الجودة، لافتا إلى أن اعتماد معايير الجودة في تسجيل الجامعات الأهلية أو قبول الكوادر التدريسية وكذلك المراقبة المستمرة على أداء هذه الجامعات سيؤدي خلال فترة قصيرة إلى إغلاق أغلب الجامعات الأهلية التي تعمل حاليا لافتقارها لمعايير الجودة العلمية.

أما التدريسي والأكاديمي المتقاعد ميسر الحمداني فيشير إلى أن تحول الجامعات الأهلية إلى دكاكين ومواقع لغسيل الأموال لكبار المسؤولين والسياسيين وقادة الجماعات المسلحة في البلاد.

ويقول الحمداني في حديث لشبكة "الساعة": إنه "على الرغم من العدد الكبير للجامعات الأهلية  إلا أنه في الواقع العلمي يشهد انتكاسة كبيرة بسبب مصالح الأحزاب السياسية والمليشيات كونها تحولت إلى مصادر لتمويل هذه الجهات.

وأوضح أن هذه الكليات تعمل أما كواجهة لغسيل الأموال التي سرقت من المال العام في البلاد من قبل الطبقة السياسية، وإما أنها تستخدم مصدرا للتمويل المالي للأحزاب والجهات المتنفذة في الدولة.

وأكد الحمداني أن الجامعات الأهلية في العراق عبارة عن مشاريع تمويل للأحزاب والمليشيات النافذة في البلد، ومن يديرها هم أدوات وواجهات تابعة لهم.

وأوضح الأكاديمي المتقاعد أن أقساط الطلبة في هذه الكليات مرتفعة للغاية، إذ تبدأ من أكثر من مليون دينار في الموسم الواحد وذلك في أدنى الاختصالات، بينما تصل لـ 10 ملايين دينار للاختصاصات الطبية والصحية.

وتابع الحمداني: أن "الجامعات الأهلية تدر ملايين الدولارات على السياسيين والزعامات رغم أنها أصبحت مصدرا لتخريج العاطلين في البلد، ورغم ذلك لا أحد يستطيع أن يغلقها أو يوقف منح الإجازات الرسمية لافتتاحها".

 

النزاهة تصوب نحو قانون التعليم الأهلي

وفي أغسطس / آب الماضي، أصدرت هيئة النزاهة الاتحادية، تقريرا حول الكليات الأهلية في العراق، مشيرة إلى أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، لم تعلق القبول في (34) جامعة وكلية أهلية، بالرغم من أنها لم تسدد حصة الإيرادات السنوية منذ العام 2016. 

ودعت النزاهة إلى تعديل قانون التعليم العالي الأهلي رقم (25 لسنة 2016) ليتناسب مع الواقع العملي للجامعات والكليات الأهلية ومعالجة المشكلات الناتجة عن تطبيق القانون بما يؤدي إلى توسيع صلاحيات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي التي تتيح لها المتابعة والإشراف والمراقبة والتوجيه بخصوص أداء الجامعات.

وأشار تقرير النزاهة إلى أن القانون رقم (25 لسنة 2016) أضعف صلاحيات الوزارة في المتابعة والإشراف التي تسمح بالتدخل ومراقبة أدائها، وعدم تمكينها من متابعة الشؤون الإدارية والمالية، بالإضافة إلى أن القانون تم تمريره بعد إزالة وتغيير كثير من المواد والفقرات المهمة التي تستدعي الحاجة تشريعها مما أدى إلى تقييد أداء وصلاحيات الوزارة.

وأوصى التقرير بمراعاة التخطيط النوعي عند استحداث الكليات والجامعات الأهلية على ضوء احتياجات سوق العمل وفق دراسة جدوى فنية واقتصادية، وتأليف لجان تدقيق ومراجعة للكليات المستحدثة سابقا تتولى تدقيق الأبنية والمساحات وطبيعة العقار، والطاقة الاستيعابية والهيئات المؤسسة والكادر التدريسي وتشخيص المخالفات، وتعليق القبول فيها في حال وجود مخالفات، فضلاً عن وضع رؤية جادة لاستحداث جامعات حكومي، بما يتماشى مع الحاجة حسب التوزيع الجغرافي السكاني، وتعزيز دور وزارتي التخطيط والصحة عند استحداث الجامعات، والتأكيد على عدم الموافقة على استحداث أي جامعة أو كلية أو أقسام تابعة لها إلا بعد استكمال متطلبات الاستحداث كافة.

 

اخترنا لك