صورة الخبر

12:17:39 2025-01-06 : اخر تحديث

12:12:56 2025-01-06 : نشر في

السوداني يرفض التغيير.. هل تم تهديد العراق فعليا بالتغيير الشامل؟

حجم الخط

فريق التحرير- شبكة الساعة

في ظل التصعيد الذي يشهده الشرق الأوسط بعد أحداث غزة، وما رافقه من انهيار للنفوذ الإيراني في لبنان وسوريا، والحديث عن تغييرات مقبلة تشمل العراق واليمن وربما تطال النظام الإيراني، خرج رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ليؤكد رفض حكومته لأي تغييرات تفرض على العراق من أي جهة كانت.

ويبدو أن تصريحات السوداني تأتي ضمن سياقات ثلاثة، الأول مرتبط بمدى تلقي العراق تهديدات حقيقية بتغيير منظومة الحكم الحالية، والثاني سعي السلطات العراقية على إرسال رسائل للشارع العراقي تفيد بعدم وجود أي مخطط للتغيير خلال المرحلة الحالية، أما الثالث فهو محاولة خلق العدو لتوظيف مقدرات الدولة نحوه، وهو أسلوب لجأت إليه الطبقة السياسية الحاكمة في العراق خلال العقدين الماضيين.

 السوداني: لا نقبل فرض التغيير

وأكد رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني رفض العراق لأي محاولة لفرض التغيير في البلاد، فيما أشار إلى أن الحديث عن التغيير ما هو إلا مجرد أوهام.

وقال السوداني في كلمة خلال مشاركته في الحفل التأبيني الذي أقيم في بغداد بمناسبة ذكرى مقتل الرئيس السابق للمجلس الأعلى في العراق محمد باقر الحكيم: إن "العراق حرص منذ بداية الأحداث في سوريا على النأي بالعراق عن الانحياز لجهة أو جماعة".

وأضاف أن "هناك من حاول ربط التغيير في سوريا بالحديث عن تغيير النظام السياسي في العراق، وهو أمر لا مجال لمناقشته"، لافتاً إلى أن "المنطقة شهدت منذ أكثر من سنة تطورات مفصلية نتجت عنها تغيرات سياسية مؤثرة".

وتابع السوداني: أن "العراق يمتلك حاليا نظاما ديمقراطيا تعدديا يضم جميع الفئات والمكونات ويضمن التداول السلمي للسلطة، ويسمح بالإصلاح وتصحيح الخلل تحت سقف الدستور والقانون"، وشدد على أنه ليس من حق أحد أن يفرض على العراق التغيير والإصلاح في أي ملف، اقتصادياً كان أم أمنياً، مع إقراره بوجود حاجة لعملية الإصلاح في مختلف المفاصل".

وأكد رئيس الوزراء أن "حكومته عملت على تجنيب العراق أن يكون ساحة للحرب خلال الأشهر الماضية، وبذلت جهوداً بالتشاور مع الأشقاء والأصدقاء، وبدعم متواصل من القوى السياسية الوطنية للحكومة في هذا المسار".

لا وجود لتهديدات وخطاب السوداني لطمأنة الشارع

يؤكد الخبير والباحث السياسي سرمد البياتي أن تأكيدات السوداني الأخيرة بشأن رفض تغيير النظام تأتي بينما لا توجد أي تهديدات حقيقية من الجانب الدولي لتغيير النظام.

وقال البياتي إن "الجانب الأمريكي والإسرائيلي لم يتحدثوا أو يهددوا بتغيير النظام السياسي في العراق رغم التصعيد خلال المرحلة الماضية"، مبيناً إلى أن "الكيان الإسرائيلي هدد بصراحة باستهداف الفصائل العراقية الموالية لإيران وهو ذات الخطاب الذي يحمله الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب دون أن يتم الإشارة إلى استهداف النظام الحالي".

وأشار إلى أن "النظام الحالي في العراق هو نظام ديمقراطي بشكل عام، سواء أكانت ديمقراطية حقيقية أو ديمقراطية مشوهة، مبينا أن تصريحات السوداني الأخيرة التي تشير إلى رفض فرض التغيير تأتي كرسالة موجهة للشارع العراقي بأن أي تغيير لن يحصل".

وأكد البياتي أن "السوداني والطبقة السياسية في العراق يعلمون جيدا أن أي تهديد بفرض التغيير الشامل غير موجود من الجانب الدولي"، منوها إلى أن "رسالة السوداني تأتي لتغيير الرأي السائد لدى الشارع الذي بات مقتنعا في الأشهر الأخيرة من اقتراب التغيير في البلاد أسوة بما يجري في المنطقة".

 تهديدات حقيقية بالتغيير

لكن الناشط والباحث السياسي العراقي عبد القادر النايل يرى أن السوداني والطبقة الحاكمة ما كانت لتتحدث بهذا الخطاب لولا أنها استشعرت وجود رغبة دولية حقيقية للتغيير في البلاد.

وقال النايل في حديث لشبكة "الساعة": إن "انتقال الحديث عن تغيير العملية السياسية في العراق التي فشلت أحزابها طوال 21 عاما في خلق نظام سياسي حقيقي على عكس ما فعلته الإدارة الجديدة في سوريا خلال 30 يوما عندما حصرت السلاح بيد الدولة وبالتالي كلام مواقع التواصل الاجتماعي الذي أشار إلى تغيير العملية السياسية انتقل إلى تصريحات رئيس الحكومة السوداني والفاعلين الرئيسين في العملية السياسية".

وأضاف النايل أن "انتقال الخطاب إلى هرم السلطة في العراق يؤكد أن مناقشات دولية تجري على التغيير في العراق"، مؤكدًا أنه "لولا استشعار خطورة التغير لما تحدث السوداني بشكل صريح بهذا الشأن".

وتابع أن "المطلوب من السوداني اتخاذ قرارات لحل الحشد والفصائل المسلحة وإنهاء السيطرة الإيرانية ودخول الجيش العراقي إلى القواعد العسكرية الإيرانية في جرف الصخر وبادية السماوة ومعسكر مجاهدي خلق في ديالى وسنجار وعكاشات غرب الأنبار والدلائل واضحة بعدم قدرة السوداني على تنفيذ خارطة الاستقرار في العراق مما دفعه إلى التحدث بعدم التغيير الذي أيضا تحدث به بشار الأسد سابقا ورفضه لكنه في النهاية حدث".

وأضاف النايل: أن "التغيير في العراق هدف أساسي للمجتمع الدولي، والشعب العراقي يطمح بذلك بشكل كبير بجميع مكوناته لأننا أصبحنا تحت حكم السلاح المنفلت واللادولة والعالم يريد استقرار العراق لأنه مصدر طاقة مهم جدا لها ولا سيما أن ملامح الأزمة الصينية الأمريكية على تايوان تلوح بالأفق مما سيجعل العالم على أبواب الحرب العالمية الثالثة والاقتصاد سيكون على المحك".

وتوقع الناشط والباحث السياسي: "انطلاق التظاهرات في العراق ولا سيما المحافظات الجنوبية بشكل أكبر لأن أزمة الرواتب وانكماش الاقتصاد العراقي وغلاء المعيشة ملفات ضاغطة أنهكت المواطن وأن القرارات المقبلة التي سيوقعها ترامب قاسية وتشمل العراق".

ثقافة خلق العدو واستغلاله

من جهة أخرى، أكد الباحث والمحلل السياسي فراس إلياس أن الطبقة السياسية في العراق تحاول من خلال هذه التصاريح خلق العدو الذي تستغله فيما بعد، لأنها لا تستطيع العيش دون ثقافة العدو.

وقال إلياس في حديث لشبكة "الساعة": إن "مشكلة الطبقة السياسية في العراق أنها لا تستطيع العيش دون ثقافة العدو الذي يتربص بها من كل جانب، وكأنها محور الكون وتحاول دائماً صياغة عدو توظف مقدرات الدولة حياله، لحماية النظام وليس الدولة".

وأضاف إلياس: أن "الطبقة السياسية التي تفكر بهذا المنطق، ستنهار وتنهار الدولة معها عاجلاً أم آجلاً، لأنها لم تؤسّس لدولة عادلة وقادرة، بل دولة عاجزة ومفككة". وأكد أنه "بدل الحديث عن محاولات تغيير النظام التي لا تستند لأرضية صلبة، وتهديدات الإرهاب الذي أصبح عاجز وغيرها، فإن الأجدر وضع برامج اقتصادية وسياسية طموحة، تنقذ البلاد مما قد يواجهها في قادم الأيام".

تقارير تتحدث عن قرب التغيير

وفي وقت سابق، أكد إبراهيم الصميدعي مستشار رئيس الوزراء أن الولايات المتحدة أبلغت العراق بضرورة حل الحشد والفصائل المسلحة وإنهاء أي دور إيراني مقبل داخل العراق، وأشار إلى أن رفض حكومة السوداني للطلبات الأمريكية سيعرضها للاستهداف الغربي والتغيير عبر القوة العسكرية.

كما تحدثت تقارير دولية وعربية وسياسيون مقربون من مراكز صنع القرار أن التغيير في العراق هو الحلقة القادمة في الشرق الأوسط الجديد، فيما تؤكد تلك التقارير أن المرحلة الأولى للتغيير ستكون عبر إنهاء النفوذ الإيراني ودور الفصائل المسلحة، وإن لم تستجب حكومة بغداد لذلك فإن التغيير الشامل سيكون المرحلة التالية.

وما زاد من أهمية تلك المعلومات ومصداقيتها التغيير الذي حصل في لبنان، حيث وجهت ضربة قاضية لإيران ونفوذها هناك عبر "حزب الله"، كما تم إنهاء ذلك النفوذ بشكل نهائي في سوريا عبر الإطاحة بنظام بشار الأسد، فضلا عن التحرك الدولي الأخير لاستهداف جماعة الحوثي في اليمن.

وفي وقت سابق أكد مدير مركز التفكير السياسي إحسان الشمري في حديث لشبكة "الساعة": أن التغيير المتوقع في العراق لن يكون تغييرا شاملا، وإنما سيكون تغييرا جزئيا وممسوكا من شأنه إنهاء نفوذ إيران وإبعاد الفصائل المسلحة عن المشهد وتغييرات أخرى في المشهد السياسي.

اخترنا لك