صورة الخبر

2024-11-30 07:06:47

ضياع 40 ملياراً بسرقة القرن في ديالى.. لماذا يستمر الفساد وسرقة المال في العراق؟

حجم الخط

فريق التحرير - شبكة الساعة

لا يغلق ملف فساد في العراق حتى يفتح ملف آخر، ويبدو أن الدور عاد  الآن إلى محافظة ديالى التي أسدل الستار فيها عن صفقة فساد أطلق عليها سرقة القرن الجديدة، والتي تخص الاستيلاء مبالغ كبيرة من أموال التعويضات المخصصة لضحايا الإرهاب والعمليات العسكرية.

ويشكل القاسم المشترك في ملفات الفساد في العراق أنها تنتهي دون محاسبة الرؤوس الكبيرة التي دفعت وخططت واستفادت من تلك الصفقات، كما تشترك بوجود قناعة شعبية بأن الفساد سيستمر دون توقف بسبب انعدام الرادع والعقوبة لمنع تكرار هذه الجرائم.

وتعود بداية صفقة الفساد الأخيرة في ديالى لأكثر من 6 أشهر حين كشف عن سرقة مبلغ يصل إلى 9 مليارات دينار من مبالغ التعويضات لضحايا الإرهاب والعمليات العسكرية، كما حصل في سرقة الأمانات الضريبية مع الفارق في المبلغ، حيث سرق في الحادثة الأخيرة نحو مليارين ونصف المليار دولار.

 

سرقة 40 مليار من تعويضات ضحايا الإرهاب

لكن الجديد في سرقة مبالغ تعويضات ديالى، أن رقم المبلغ المسروق لم يقف عند حدود الـ 9 مليارات دينار عراقي، فبحسب النائب عن المحافظة أحمد الموسوي فإن حجم السرقة ارتفع إلى 40 مليار دينار.

وقال الموسوي: "ننتظر من الجهات المختصة بالتحقيق الكشف عن سرقة ما يقارب الـ 40 مليار دينار حسب المعلومات التي وصلت لنا"، وأوضح أن القضاء وهيئة النزاهة في ديالى أمام امتحان كبير لإيضاح التفاصيل عن هذه السرقة والمتورطين بها.

ودعا البرلماني الذي ينتمي لحركة العصائب إلى متابعة الموضوع والإشراف على سير التحقيق بصورة مباشرة وإرجاع هذه الأموال بأسرع وقت ومحاسبة السراق وإنزال أشد العقوبات بحقهم.

وتابع الموسوي: أن "سرقة أموال طائلة تثير أربعة تساؤلات، وهي كيف تم سحب تلك الأموال من حسابات محافظة ديالى؟ ماذا كانت تفعل الحكومة المحلية السابقة؟ وكم احتاجوا من الوقت لسرقة هذه الأموال الطائلة؟ ولماذا يتم تكفيل بعض المتهمين وإخراجهم من السجن؟"، لافتا إلى أن هذه التساؤلات تحتاج إلى إجابات وبشكل موضوعي.

وفي نيسان/ أبريل الماضي كشف نواب عن محافظة ديالى عن سرقة نحو 9 مليارات دينار من الأموال المخصصة لتعويضات ضحايا الإرهاب في محافظة ديالى.

وحينها قال النائب عن ديالى رعد الدهلكي: إن "جريمة السرقة شارك فيها موظفون من ديوان محافظة ديالى وفي وضح النهار وكانت نتيجتها اختلاس مبلغ تجاوز التسعة مليارات دينار من الديوان"، ولفت إلى أن المتورطين في الجريمة هربوا إلى جهة مجهولة.

وأوضح أن حيثيات الجريمة وحبك أدوارها بشكل مدروس وسهولة تنفيذها يحيطها بالعديد من علامات الاستفهام عن الجهات التي تقف خلفها، منوها إلى أن لجنة النزاهة النيابية ستعمل على فتح تحقيق عاجل في تفاصيل هذه الجريمة والتنسيق مع الجهات المعنية في هيئة النزاهة للوصول الى الجهات المتورطة فيها.

ولكن الجهات الحكومية والنزاهة والسلطات القضائية لم تعلن لغاية الآن عن إجراءات بشأن ضبط المتورطين بالسرقة، وعلاوة على ذلك فإن المعلومات التي تم الكشف عنها مؤخرا تؤكد أن السرقة أكبر بكثير مما جرى الحديث عنه سابقا.

 

تحقيقات لأشهر دون نتيجة

وتأكيدا لتصريحات النائب أحمد الموسوي أعلن رئيس لجنة النزاهة في مجلس ديالى تركي العتبي أن سرقة القرن بالمحافظة تعادل ثلاثة أضعاف ما أعلن عنه في نيسان.

وقال العتبي إن "سرقة القرن في ديالى والتي تم اكتشاف ملامحها في بداية الأمر في نيسان الماضي ما تزال تحمل مفاجآت مع كل يوم يمر".

وأضاف: أن "هذه السرقة تعادل ثلاثة أضعاف ما أعلن عنه من أرقام، أي أن المبالغ التي سرقت تبلغ قيمتها 40 مليار دينار".

وأضاف: أن "لجنة النزاهة تتابع عن كثب مجريات التحقيقات وتأمل بانتهائها قريبا وكشف حقيقي لهوية من تورطوا بجريمة نهب المال العام"، لافتا إلى عدم إمكانية كشف كل التفاصيل.

وأشار العتبي إلى أن المال العام خط أحمر وسرقة القرن هي بداية لكشف كل الفساد في مؤسسات الدولة وفتح المزيد من الملفات لمعرفة مصير الأموال أين ذهبت ومن المتورط بسرقتها؟

 

مصير التحقيقات بسرقة ديالى

ومؤخرا كشف مصدر مطلع عن الوصول إلى أهم المتورطين بسرقة أموال تعويضات ضحايا الإرهاب في ديالى.

وقال المصدر: إن "فريق التحقيق المشترك الذي شكل للنظر في ملف اختفاء مليارات الدنانير في أحد أقسام ديوان محافظة ديالى والتي كشف ملامحها المحافظ السابق وكالة علي كريم آغا في مؤتمر صحفي بنيسان الماضي توصل إلى أهم المتورطين بعد تعقب دام لأشهر".

وأضاف: أن "اعتقال أهم الأسماء المتورطة ستشكل انتقاله في فهم مجريات ما حصل وما هو مصير مليارات الدنانير التي لايزال مصيرها مجهولا"، مؤكدا أن الملف لم يغلق حتى الآن والمستجدات الأخيرة أعطت زخما آخر للاستمرار في كشف طلاسم قضية أثارت الراي العام في ديالى بعد تسميتها بسرقة القرن".

وأشار إلى أن  كشف نتائج التحقيقات طيلة الأشهر يبقى قرار بغداد وديالى معا لكن بشكل عام يمكن القول إن التحقيقات وصلت إلى مراحل متقدمة.

 

تشكيك بجدية شعار محاربة الفساد

ويشكك الناشط من ديالى أحمد العزاوي بمحاسبة الجهات التي تقف وراء عملية سرقة مبالغ التعويضات في  المحافظة.

وقال العزاوي في تصريح لشبكة "الساعة": إن "ملفات الفساد لا تأتي بمجرد رغبة الموظفين الصغار بالسرقة والاختلاس ولكن بناء على دفع من جهات متنفذة تمتلك النفوذ والسلطة في الدولة".

وأشار إلى أن السلطات عجزت أن تصل إلى سراق 10 مليارات دينار من أموال ضحايا الإرهاب منذ فتح التحقيقات بالحادثة قبل نحو 6 أشهر، ولفت إلى أنها ستبقى عاجزة عن ضبط المتورطين بالحادثة ومحاسبتهم خلال الفترة المقبلة، فيما توقع الإطاحة بموظفين صغار من أجل الظهور أمام الرأي العام بمظهر النزاهة ومحاربة الفساد دون الوصول إلى الجهة الحقيقية التي دفعت باتجاه تلك السرقة.

وبين العزاوي أن غياب الردع والعقوبات الصارمة بحق الفاسدين وسراق المال العام شجع الكثير على مواصلة أنشطتهم الفاسدة، وبالتالي فإن عمليات السرقة لن تتوقف ما دام الرادع غائبا بحق الفاسدين.

 

لماذا يستمر الفساد في العراق؟

أما الباحث والمحلل السياسي مصطفى العبيدي فوصف سرقة المال العام في ديالى  بالحالة الطبيعية في العراق، على اعتبار أن صفقات الفساد تجري في كل مكان وبمبالغ تفوق بكثير التي تم سرقتها في ديالى.

وقال العبيدي في حديث لشبكة "الساعة": إن "ما يجري في العراق سرقة ممنهجة للمال العام تشترك فيه جميع الجهات السياسية التي لها حضور في الحكومات المحلية والمركزية السابقة والحالية".

وأضاف: أن "العراق رفع شعار محاربة الفساد على الورق فقط ودون أي تنفيذ على أرض الواقع، ودليل ذلك أن العالم كله لم يسمع بحالة واحدة لمحاسبة مسؤول حكومي أو سياسي كبير كانت قد وجهت له التهم بسرقة وهدر واختلاس المليارات من الدولارات من أموال العراق طيلة العقدين الماضيين".

وشدد على أن غياب الإدارة السياسية في محاربة الفساد وخضوع السلطات للمحاصصة الحزبية وعلو الجهات السياسية ولا سيما التي تمتلك الفصائل المسلحة على الدولة جعل من ملف محاربة الفساد أمرا مستحيلا، مؤكدا أن معالجة المحاور السابقة سيكون كفيلا لمحاربة الفساد والحد منه بشكل لافت.

 

حسم سرقة القرن دون حساب

وتزامن الكشف عن صفقة القرن في ديالى مع إعلان القضاء العراقي حسم الدعاوى الخاصة بسرقة الأمانات الضريبة.

وقال المجلس في بيان الأسبوع الماضي: إن "الحسم تمثّل بإصدار حكم بالسجن غيابيا على المتهم الأول الرئيسي نور زهير مدته 10 سنوات، والسجن غيابيا 6 سنوات لرائد جوحي المدير السابق لمكتب رئيس الوزراء المقيم حاليا خارج العراق، وعدد من الموظفين المدانين بالجريمة، والحبس 3 سنوات بحق عضو مجلس النواب السابق هيثم الجبوري.

اخترنا لك