صورة الخبر

2024-11-27 10:54:13

العراق البيئة الأخطر للصحفيين.. "الساعة" تكشف تفاصيل الاعتداء على الصحفي جمال البدراني

حجم الخط

فريق التحرير- شبكة الساعة

ما يزال العراق البيئة الأخطر في مجال العمل الصحفي، بسبب الاستهداف المتكرر منذ عقدين ولغاية الآن للصحفيين والإعلاميين.

وعلى الرغم من ضمان الدستور العراقي لحرية التعبير والرأي والعمل الصحفي، غير أن الهجمات ما تزال تتواصل ضد هذه الشريحة، وهو ما يؤكد المؤشر الخطير لوضع الحريات والإعلام في العراق.

ومنذ العام 2003، تنوعت وسائل وأشكال الاستهداف للصحفيين، فتوزعت ما بين القتل والتهديد والاختطاف والتغييب والحبس والملاحقة القضائية في المحاكم، ما جعل أغلب العاملين في المجال الصحفي يتجنبون الكشف عن الحقائق المتعلقة بالفساد والسلاح المنفلت ونفوذ الفصائل وسيطرتها على مؤسسات الدولة ومشاريعها، فضلا عن تجنب انتقاد المسؤولين الذي بات أغلبهم يمتلك جهات مسلحة تعمل على استهداف الخصوم.

وشهد العراق خلال السنوات الأخيرة وخاصة منذ انطلاق تظاهرات تشرين عام 2019، موجة استهدافات طالت الناشطين وأصحاب الرأي والمدونين في مواقع التواصل الاجتماعي في محاولة لإسكات أي صوت يعارض الجهات الحكومية والمسلحة المتنفذة في الدولة.

الساعة تتحرى تفاصيل الاعتداء على البدراني

وسجلت نينوى الأسبوع الماضي حادثة اعتداء على الصحفي جمال البدراني مدير مكتب قناة الشرقية وأحد مؤسسي راديو موصل تايم في نينوى نفذها 3 أشخاص ينتمون إلى فصيل مسلح.

وروى البدراني لشبكة "الساعة" تفاصيل الاعتداء عليه قائلا: إن"3 أشخاص يستقلون سيارة بيك أب تبدو حكومية ومظللة النوافذ لاحقته عندما كان في طريقه إلى العمل في مكتب قناة الشرقية الكائن في حي المالية بجانب الموصل الأيسر"، موضحاً أن "الأشخاص أوقفوه وأنزلوه من سيارته وقاموا بضربه وتوجيه الشتائم له ثم لاذوا بالفرار".

وبين البدراني أنه "تقدم بشكوى في القضاء العراقي على خلفية الاعتداء وأنه مثل أمام محكمة تحقيق نينوى وأدلى بإفادته أمام قاضي التحقيق"، مبينا أن "القضاء آخر القلاع التي يتحصن بها الصحفيون للمطالبة بحقوقهم وردع المعتدين عليهم".

وأكد الصحفي أن "الأشخاص الذين اعتدوا عليه بكل تأكيد ينتمون لأحد الجهات التي تمتلك فصيلا مسلحا ولواء في الحشد ونفوذا ومواقع في البرلمان ومجلس المحافظة، ولولا نفوذهم هذا لما تمكنوا من تنفيذ اعتدائهم".

وعن السبب وراء الاعتداء، أشار البدراني إلى أن "الغرض منه واضح وهو إسكات الأصوات الحرة وتقييد الحريات وتكميم الأفواه ومنع أي جهة إعلامية من تناول عمليات الابتزاز والفساد التي تتورط بها الجهات السياسية وخاصة التي تقف وراءها مجموعات مسلحة".

تورط جهات مسلحة

وكشف ضابط في الأمن الوطني رفض الكشف عن هويته لشبكة الساعة عن تفاصيل التحقيق المفتوح بقضية الاعتداء على البدراني.

وقال الضابط: إن "قوة من الأمن الوطني واستخبارات نينوى وبعد صدور أوامر من القضاء العراقي تحركت للتحقيق في الحادثة، وقامت بتفريغ كاميرات المراقبة، وتوصلت إلى معلومات مهمة في الحادثة".

وأضاف أن "التحقيق أظهر أن السيارة التي استخدمها الأشخاص الثلاثة كانت تراقب البدراني قبل وقوع الاعتداء بـ 24 ساعة، وظلت بالقرب من منزله طيلة الليلة التي سبقت الاعتداء"، مبينا أن "قوة أمنية عندما وجدت السيارة وفيها 3 أشخاص توجهت إليها ووجهت لها السؤال عن سبب التواجد في المنطقة، فأجابوا بأنهم من اللواء 50 في الحشد الشعبي وأنهم في مهمة رسمية بحسب قولهم".

وتابع: أن "الباجات التي عرضها الأشخاص الثلاثة تفيد بانتمائهم إلى اللواء 50 وهو المعروف بلواء بابليون الذي يتزعمه ريان الكلداني".

شكوك بمحاسبة المعتدين

ودعا فرع نقابة الصحفيين في نينوى القضاء العراقي والأجهزة الأمنية بالقبض على الأشخاص المعتدين، واصفين الحادثة بأنها سابقة خطيرة تهدد العمل الصحفي في نينوى، فيما حمل الفرع الحكومة العراقية المسؤولية عن سلامة الصحفي البدراني وباقي الصحفيين.

وقال عضو نقابة الصحفيين في نينوى حسان محمد في حديث لشبكة "الساعة": إن "الاعتداء على البدراني هو رسالة لجميع الصحفيين مفادها عدم نشر أي ملف يتعلق بأنشطة الجهات التي تمتلك جهات مسلحة، سواء كانت استيلاء على مشاريع أو هيمنة على مؤسسات الدولة ومواردها أو سرقة المال فضلا عن صفقات الفساد والعمولات".

وأضاف محمد: أن "الوضع الأمني في نينوى في أفضل ما يكون، ولكن الصحفيين ما يزالون يشعرون بالخوف كما كانوا يشعرون بالخوف في حقبة نفوذ تنظيمات القاعدة وداعش قبل 2024، حيث كانوا مهددين بالقتل بسبب عملهم الصحفي".

 وأضاف أن "الصحفي في الموصل لا يستطيع أن يتناول أي موضوع خوفا من ملاحقة الجهات المسلحة التي تسيطر على المدينة"، مشددا على "ضرورة تحرك القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني لإنهاء تواجد المكاتب السياسية والاقتصادية للجهات المسلحة لأنها باتت الخطر الأول الذي يهدد أمن نينوى".

تذكير بأفعال المنظمات الإرهابية

من جهته وصف النائب رعد الدهلكي حادثة الاعتداء على البدراني بأنها تذكر بالأفعال التي كانت تمارسها التنظيمات الإرهابية.

وقال الدهلكي في بيان إن "الاعتداء على البدراني والذي تقف وراءه جهات خارجة عن القانون يعيد إلى الأذهان أفعال التنظيمات الإرهابية، فيما طالب الأجهزة الأمنية إلى ملاحقة الخارجين عن القانون لينالوا جزاءهم العادل".

هل يستمر الإفلات من العقاب؟

إلى ذلك، أكد مركز العراق لحقوق الإنسان أن الاعتداءات على الصحفيين في العراق جعلته يحتل مراكز متأخرة في مجال الحريات الصحفية، حيث احتل المرتبة الـ 168 في هذا المجال.

وقال المتحدث باسم المركز علي العبادي في تصريح لشبكة "الساعة": إن "الاعتداءات المتكررة على الصحفيين تعكس علو صوت الفساد وصوت اللادولة"، كما أنها تؤكد على "عجز الدولة عن حماية السلطة الرابعة".

وأضاف العبادي: أن "العراق يواجه مشكلة خطيرة في ملف حقوق الإنسان وحرية الصحافة والتعبير"، مبينا أن "المشكلة الأبرز تظهر من خلال إفلات الجناة من العقاب في ملف الاعتداء على الصحفيين والناشطين وأصحاب الرأي".

وحذر من أن "استمرار استهداف الصحفيين يمثل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية التي تكفل حرية الصحافة"، مشيرا إلى أنه "يعكس استمرار التحديات والتهديدات التي تواجه الصحفيين في العراق"، داعيا السلطات الأمنية والقضائية إلى "تقديم الجناة في حوادث الاعتداء على الإعلاميين إلى العدالة".

وسجلت نينوى قبل ذلك اعتقال الصحفي زياد السنجري، بسبب نشره انتقادات ضد جهات سياسية ومسلحة، حيث كتب قبيل اعتقاله بساعات منشورات انتقد فيها حركة بابليون بزعامة الكلداني والعصائب بزعامة قيس الخزعلي.

وبحسب مصادر صحفية في نينوى فإن "السنجري اعتقل دون مذكرة قبض قضائية، وقامت الجهات القضائية فيما بعد بإصدار أمر القبض عليه، حيث وجهت له تهم انتحال الصفة والابتزاز وهي تهم نفاها الصحافي المعتقل، عازيا أسباب الاعتقال إلى قيامه بنشر ملفات فساد في محافظة نينوى".

وبالتزامن مع الاعتداء على البدراني، اعتقلت الأجهزة الأمنية في ذي قار الناشطة دعاء الأسدي بسبب مواقفها ومشاركتها في التظاهرات.

والأسبوع الماضي اعتقلت أجهزة الأمن في الناصرية 3 ناشطات هن (ماجدة العبودي، ريام الناصرية، نور الناصري)، تم إطلاق سراح ريام ونور، بكفالة، ولا تزال ماجدة العبودي في السجن حتى الآن.

300 انتهاك ضد الصحفيين

 ووثقت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق أرقاما صادمة للاعتداءات والانتهاكات التي طالت الصحفيين خلال عام واحد فقط.

وقالت الجمعية: إنه "في الفترة بين أيار/ مايو 2023 وأيار/ مايو 2024، تم توثيق أكثر من 300 انتهاك ضد الصحفيين العراقيين.

وتضمنت الانتهاكات 53 حالة اعتقال، و6 إصابات، و12 هجوما مسلحا، و232 حالة منع وعرقلة وضرب، كما تم رفع دعاوى قضائية ضد 22 صحفيا خلال هذه الفترة.

في حين قال نقيب الصحافيين العراقيين مؤيد اللامي في تصريحات صحافية إن "518 صحافيا قتلوا بينهم 36 صحافية منذ عام 2003"، منوها أن "عدد قتلى الصحافيين في العراق هو الأعلى في العالم".

اخترنا لك