صورة الخبر

2024-11-27 08:51:38

جريمة بلا عقاب.. الذكرى الخامسة لمجزرة جسر الزيتون

حجم الخط

فريق التحرير- شبكة الساعة

يستذكر أهالي الناصرية مركز محافظة ذي قار ومعهم العراقيون جميعا مرور 5 سنوات على مجزرة جسر الزيتون التي استهدفت متظاهرين عزل خلال تظاهرات تشرين عام 2019 وراح ضحيتها عشرات القتلى ومئات المصابين.

وارتُكبت مجزرة جسر الزيتون على مدار 3 أيام، وبدأت مساء الثامن والعشرين من نوفمبر / تشرين الثاني 2019 قرب جسر الزيتون في مدينة الناصرية بعد هجوم مسلح شنته قوات الأمن العراقية ضد المتظاهرين استمر يومي التاسع والعشرين والثلاثين، وخلف 70 قتيلا، ونحو 500 مصاب.

جاءت الحادثة وما تبعها من عمليات استهداف للمتظاهرين في ذي قار، عقب يوم واحد من اقتحام وحرق القنصلية الإيرانية في محافظة النجف. 

لا حساب للقتلة

ورغم إصدار القضاء العراقي حكماً بالسجن المؤبد بحق المقدم عمر نزار من قوات الرد السريع، المتهم بقيادة الحملة على المتظاهرين عند جسر الزيتون، عادت محكمة التمييز الاتحادية لاحقاً لتصدر قراراً بإلغاء الحكم الصادر بحقه.

 وجاء قرار التمييز استناداً إلى عدم كفاية الأدلة المتحصلة، مما أدى إلى الإفراج عن الضابط وإخلاء سبيله، في خطوة أثارت تساؤلات واسعة حول آلية محاسبة المتورطين في قتل المتظاهرين.

وتؤكد إحصائيات رسمية في محافظة ذي قار أن الهجوم الأول الذي استهدف المتظاهرين قرب جسر الزيتون أسفر عن مقتل 50 متظاهرا، وخلال اليومين اللاحقين للمجزرة قتل 20 متظاهرا آخر بهجمات متفرقة استهدفت المتظاهرين الغاضبين عند موقع المجزرة ومحيط قيادة شرطة المحافظة.

وكانت مجزرة الزيتون السبب المباشر وراء استقالة رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي، الذي أعلن في 29 تشرين الثاني 2019 نيته تقديم استقالته إلى البرلمان والتي وافق عليها مجلس النواب عقب يومين لتكون أول استقالة يتقدم بها رئيس وزراء في عراق ما بعد 2003.

وكانت حادثة استهداف متظاهري الناصرية حلقة ضمن مسلسل استهداف تظاهرات تشرين التي راح ضحيتها أكثر من 800 قتيل وأكثر من 25 ألف مصاب، أغلبهم من العاصمة بغداد ومحافظة ذي قار جنوبي العراق.

من استهدف المتظاهرين؟

ووجهت التهم باستهداف المتظاهرين لثلاث جهات، الأولى تتمثل بقوات الأمن العراقية بمختلف التشكيلات من الشرطة ومكافحة الشغب وسرايا سوات والرد السريع والشرطة الاتحادية، والثانية بأمن الحشد الشعبي الذي وجهت له التهم بشكل كبير في العاصمة بغداد، أما الجهة الثالثة فتتمثل بالفصائل المسلحة التي استهدفت بالقتل والاغتيال والاختطاف المتظاهرين والناشطين طيلة فترة الاحتجاجات التي استمرت لأشهر.

دعوة للسوداني

مركز النخيل للحقوق والحريات الصحفية دعا رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى الإيفاء بما ألزم به نفسه بإعلان نتائج التحقيق بالأحداث التي رافقت تظاهرات تشرين 2019.

وقال المركز في بيان تلقته شبكة "الساعة": إن "المركز يستذكر بكل ألم في مثل هذا اليوم الذكرى السنوية الرابعة لمجزرة جسر الزيتون في محافظة ذي قار إبان تظاهرات تشرين والتي راح ضحيتها عشرات الضحايا والجرحى في أسوأ موجة عنف شهدتها التظاهرات".

وذكّر المركز رئيس مجلس محمد شياع السوداني بما ألزم به نفسه بإعلان نتائج التحقيق بأحداث التظاهرات وقتل المحتجين والصحفيين قبل نهاية العام الحالي 2023، معرباً عن "أمله بأن تكون نتائج التحقيق منصفة وتدين جميع المتورطين بما جرى خلال تلك الفترة". 

تشكيك بجدية الحكومة

ومنذ سنوات تطالب منظمات دولية وعراقية وناشطون عراقيون بتقديم قتلة المتظاهرين إلى المحاكمة، وسط شكوك بقدرة الدولة العراقية متمثلة بالحكومة والقضاء بالقيام بذلك.

ويشكك ناشطون من محافظة ذي قار بجدية السلطات العراقية أو قدرتها على محاسبة المتورطين بارتكاب جرائم القتل التي طالت المتظاهرين في الناصرية وباقي المدن العراقية.

وقال الناشط والصحفي من مدينة الناصرية حسين العامل لشبكة "الساعة": إن "الجهد الحكومي منذ سنوات تجاه قضية قتلة المتظاهرين يتميز بالمماطلة والتسويف، فلغاية اليوم لم يقدم أحد من كبار المسؤولين عن تلك الجرائم"، مؤكداً أنه "ما يزال مرتكبو مجزرة الزيتون فالتين من العقاب".

وأكد العامل على أن "السبب في عدم محاسبة مرتكبي جرائم قتل المتظاهرين والتي يمكن أن ترقى إلى عمليات إبادة جماعية يرجع إلى أن الجهات المتنفذة الحاكمة اليوم من الأحزاب والفصائل المسلحة هي ذاتها التي نفذت عمليات القتل بحق محتجي تشرين".

وأشار الناشط الناصري إلى أن "الحكومة الحالية ورغم قرارها بإعادة تفعيل اللجنة المشكلة بمتابعة ضحايا متظاهري الناصرية، غير جادة وغير قادرة على محاسبة من يقف وراء مجازر استهداف المتظاهرين".

وشدد العامل على أن "السلطات الحكومية والقضائية غالبا ما تسجل القضايا الخاصة بقتل المتظاهرين ضد مجهول لإغلاق الملف وعدم فتحه ثانية، موضحا أنهم لو توصلوا للقاتلين الفعليين فلا أحد يجرؤ على محاسبته، كما حصل مع قتلة الناشط سجاد العراقي الذين هم معروفون للجميع وصدرت بحقهم أوامر قضائية لكنهم حاليا في إيران لا يمكن لأحد إحضارهم وتنفيذ الحكم الصادر بحقهم".

ولفت إلى أن "مواطنين وناشطين في ذي قار فقط قدموا أكثر من 700 شكوى لدى القضاء العراقي بشأن عمليات قتل المتظاهرين، لكن القضاء تركها على الرفوف ولم ينظر إلا في عدد قليل منها".

ونوه إلى أن "تعامل السلطات مع ملف ضحايا التظاهرات بهذا الشكل أفقد أهالي ذي قار ثقتهم بالسلطات الحكومية في محاسبة المتورطين بدماء أبنائهم ودماء باقي المحتجين في ثورة تشرين".

ودعا العامل في ختام حديثه إلى "تشكيل محكمة جنائية خاصة تنظر بقضايا قتل المتظاهرين، على أن تشارك في التحقيق جهات أممية ومحاكم دولية لضمان تنفيذ الأحكام الصادرة عنها الخاصة بمحاسبة قتلة المتظاهرين الذي ما يزالون طلقاء بعد 4 سنوات على ارتكابهم تلك المجازر".

اخترنا لك