صورة الخبر

16:02:23 2024-12-11 : اخر تحديث

14:35:25 2024-11-23 : نشر في

بعد اتهامات العرب والتركمان.. هل يشعل تعداد كركوك أزمة سياسية في العراق؟

حجم الخط

سيف العبيدي ـ شبكة الساعة

على الرغم من استبعاد خيار القومية والمذهب من التعداد العام للسكان الذي شهده العراق خلال الأيام الماضية، إلا أن التعداد أثار مشاكل في محافظة كركوك أبرز المناطق المتنازع عليها بين حكومتي بغداد وأربيل.

تكمن مشكلة التعداد في كركوك بحسب المكونين التركماني والعربي بسبب مخاوفهما من التغيير الديمغرافي الذي قادته الأحزاب الكردية بدعم من سلطات إقليم كردستان، وذلك سعياً منها لضم كركوك إلى الإقليم خلال المرحلة المقبلة، وهي التهم التي يرفضها الكرد وينفي صحتها.

الموقف التركماني

الجبهة التركمانية العراقية كشفت عن استقدام آلاف العائلات من خارج كركوك إلى المحافظة للمشاركة في التعداد بهدف تغيير التركيبة السكانية لكركوك.

وقال رئيس الجبهة حسن توران في تصريحات صحفية تابعتها شبكة "الساعة": إنه "تم استقدام 260 ألف شخص من خارج محافظة كركوك وتسجيلهم في سجل سكان المحافظة قبل إجراء التعداد السكاني العام بهدف تغيير التركيبة السكانية لكركوك".

وأضاف أنه "تم رصد استقدام أعداد كبيرة من العائلات من محافظتي أربيل والسليمانية (من الأكراد) إلى مدينة كركوك قبيل إجراء التعداد السكاني".

وتابع أن "التركمان يؤيدون التعداد السكاني في العراق، فقد شهدت كركوك تغييراً ديمغرافياً بعد عام 2003، ولكن ما حصل أن 260 ألف شخص من الكرد تم جلبهم من خارج المدينة وتسجيلهم في سجل سكان كركوك"، مشيراً إلى أن "هناك محاولات خطيرة للتأثير على التركيبة الديمغرافية لكركوك وتشويه هويتها التركمانية"، حسب تعبيره.

وشدد توران على أن "موقف الجبهة التركمانية هو المطالبة بإلغاء نتائج التعداد وعدم اعتمادها في كركوك فقط لحين مراجعة سجلات التعداد لعام 1957".

الموقف العربي

ويتطابق مع موقف المكون التركماني المكون العربي، الذي طالب هو الآخر بإلغاء نتائج التعداد في كركوك بسبب الخروقات الكبيرة التي تم تسجيلها أثناء وقبيل التعداد.

وقال رئيس هيئة الرأي العربية ناظم الشمري في تصريح لشبكة "الساعة": إن "المكون العربي كان يأمل أن يجري التعداد دون خروقات، ولكن ما حصل أنه تم التدخل في شؤون كركوك من الجهات السياسية الكردية وإقليم كردستان".

وأضاف أن "الجبهة التركمانية والقوى العربية حذرت سابقا من تدخلات القوى في إقليم كردستان في شؤون كركوك وتلاعبها بسجل الناخبين لكن دون جدوى".

وأكد الشمري أن "آلاف العائلات الكردية من إقليم كردستان تدفقت إلى محافظة كركوك وهذه العائلات لا ترجع في الأصل إلى كركوك وليست من سكنة المحافظة ولا تمتلك بطاقات السكن فيها".

وأشار إلى أن "مطلب المكون العربي يتلخص في وقف إجراءات التعداد في كركوك وعدم اعتماد نتائجه على اعتبار أن المحافظة تشهد صراعا على الهوية وسط مساعي وطموح من قبل الإقليم لضم كركوك إليه والسيطرة عليها".

ولفت الشمري إلى أنه "لغاية العام 2003 كان عدد سكان كركوك لا يتجاوز الـ 800 ألف، منوها إلى أن الزيادة في السكان بكركوك إلى مليون و 800 ألف يؤكد مخاوف العرب والتركمان بخصوص وجود عمليات تغيير ديمغرافي نفذتها القوى الكردية خلال سيطرتها على زمام الأمور في المحافظة بعد 2003".

وأوضح الشمري أن "اعتقال الضباط في نقاط التفتيش والسيطرات بين كركوك والإقليم قبيل التعداد العام يثير علامات استفهام عديدة حول حدوث خروقات وتدخلات من الإقليم في إدخال العائلات الكردية إلى المحافظة".

خروقات لصالح الكرد

وفي السياق كشف مسؤول منظمة بدر فرع الشمال محمد مهدي البياتي عن توافد مئات العوائل الكردية من أربيل والسليمانية إلى كركوك بهدف التسجيل في التعداد السكاني.

وقال البياتي في بيان: إن "هذا التحرك يعد مؤشراً واضحاً ورسالة إلى الكتل السياسية والنظام السياسي في العراق بأن مشكلة كركوك لا يمكن حلها عبر مواد دستورية فقط أو فرض أمر واقع".

وأضاف أنه "لا يوجد تحسس من وجود أي مكون في كركوك، ونحترم كل مكونات العراق، ولكن نعتقد أن مثل هذه الإجراءات قد تؤثر سلباً على التعايش السلمي واستقرار المدينة، خاصة ونحن نعيش منذ 11 شهراً بحالة عدم اكتمال نصاب حكومة كركوك".

الموقف الكردي

وردا على تلك التهم، نفى الاتحاد الوطني الكردستاني وجود تدخلات كردية وتدفق للعائلات إلى كركوك من خارج المحافظة للمشاركة في التعداد.

وقال القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني غياث السورجي في تصريح لشبكة "الساعة": إن "هذه التهم عارية عن الصحة، وأن العائدين إلى كركوك هم العائلات الكركوكية التي كانت تسكن في مدن الإقليم والذين تعود نفوسهم إلى المحافظة ولكن تم ترحيلهم في زمن النظام السابق أو من الذين يعملون خارج كركوك وعادوا للمدينة لتسجيل بياناتهم في التعداد".

وأضاف السورجي: أن "عودة هذا الكم الكبير من العوائل هو لعدم ثقة، وبالتالي هنالك خشية من تأثير هذا التعداد على المستقبل، كي لا يكون وثيقة رسمية كما حصل في تعداد عام 1957 مع أهالي كركوك والمناطق المتنازع عليها ولم يعد أي مواطن كردي من خارج نفوس كركوك إطلاقا".

محاولة لعرقلة التعداد

في الأثناء اتهم محافظ كركوك ريبوار طه بعض الجهات بمحاولة عرقلة عملية التعداد السكاني في المحافظة.

وأعلن طه نجاح الخطة الأمنية الخاصة بإجراء التعداد العام للسكان في المحافظة، مؤكدا أن عدد السكان في المحافظة وصل إلى حوالي مليون و900 ألف نسمة.

وقال المحافظ في مؤتمر صحفي: إن "التعداد السكاني نجح بشكل متكامل بنسبة 100% لتغطية الأسر، وإرسال المعلومات إلى المركز العام في وزارة التخطيط".

ولفت إلى أن "مكونات كركوك من التركمان والعرب والمسيحيين والكرد قدموا صورة مميزة لإنجاح التعداد السكاني الذي سوف يساهم في توفير خارطة تنموية واقتصادية ويرفع نسبة الموازنة المخصصة للمحافظة ومن أجل مستقبل كركوك التنموي والاقتصادي".

وأكد طه أن "بعض الجهات حاولت عرقلة التعداد، ولكن رغم ذلك نجحت محافظة كركوك في إجرائه وإنجاحه".

اعتقالات تثير الشكوك

وبشأن اعتقال الضباط في السيطرات ما بين كركوك وإقليم كردستان، نفت وزارة الداخلية العراقية التقارير التي تحدثت عن اعتقال عشرات الضباط والمنتسبين وعلاقة هذا الأمر بإجراء التعداد السكاني.

وقالت وزارة الداخلية العراقية في بيان: إنها "حققت مع 18 ضابطا ومنتسبا فقط ثبتت بحقهم قضايا فساد مالي في نقاط التفتيش، وجرى توقيفهم فيما بعد".

وأضاف البيان أن "هذا الموضوع ليس له علاقة بعملية التعداد السكاني وإنما جاء على خلفية قضايا تنظيمية وإدارية وأخرى تحقيقية من قبل وزارة الداخلية"، مشيراً إلى أن "نقاط التفتيش في محافظة كركوك يتواجد فيها ضباط ومنتسبون يقومون بواجباتهم بشكل اعتيادي وفق السياقات المعتمدة".

والأربعاء الماضي، دعت الجبهة التركمانية في العراق، وزير الداخلية إلى فتح تحقيق عاجل مع قائد شرطة محافظة كركوك بشأن الأسباب التي أدت إلى اعتقال مسؤول سيطرات الشرطة قبل يوم واحد فقط من إجراء التعداد العام للسكان.

وقالت الجبهة في بيان: إن "320 ضابطا ومنتسبا من نقاط تفتيش مناطق أخرى محاذية لمحافظتي أربيل والسليمانية، التابعتين لإقليم كردستان اعتقلوا مع المسؤول".

واعتبرت الجبهة هذا الإجراء بغير المبرر ويثير تساؤلات عدة، لا سيما أنه أتاح المجال لدخول آلاف العوائل من دون تدقيق إلى محافظة كركوك للتأثير على نزاهة عملية التعداد العام للسكان في المحافظة.

وأجرت السلطات العراقية يومي الأربعاء والخميس أكبر عملية للتعداد العام للسكان والمنازل انطلقت في كافة أنحاء العراق لأول مرة منذ نحو 37 عاما.

اخترنا لك