صورة الخبر

2024-11-22 10:04:21

هل سينجح التعداد السكاني في معالجة المشاكل الاقتصادية في العراق؟

حجم الخط

سيف العبيدي ـ شبكة الساعة

أعلنت الحكومة العراقية نجاحها في إجراء التعداد العام للسكان والذي يجري على 3 مراحل تتضمن إحصاء أعداد العراقيين في جميع المحافظات لأهداف تنموية مستقبلية.

والتعداد الذي جرى يومي 20 و 21 من شهر تشرين الثاني الجاري هو أول تعداد شامل يجري منذ 37 عاماً، حيث لم تتسنى الفرصة لإجرائه طيلة العقدين الماضيين بسبب تداعيات الغزو الأمريكي والانفلات الأمني فضلا عن الصراعات السياسية والمخاوف من إثارة موضوع المناطق المتنازع عليها بين حكومتي المركز في بغداد وإقليم كردستان.

وأكدت المحافظات العراقية إنها أنجزت التعداد بنسب تراوحت ما بين 80 – 100، فيما وجهت رئاسة الوزراء بتمديد فترة العد ليوم إضافي ليتسنى تسجيل وعد جميع العراقيين وشمولهم في عملية التعداد.

وقال المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي في تصريحات صحفية: إن "الوزارة ستعلن عن النتائج الأولية للتعداد العام للسكان الأسبوع المقبل".

التعداد يؤسس لعراق جديد

وأكد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أن التعداد السكاني الشامل من شأنه التأسيس لعراق جديد.

وقال السوداني: إن "التعداد سيؤسس لعراق جديد مبني على تحليل دقيق وبيانات ستعين صانع القرار في وضع الخطط والبرامج التنموية الاقتصادية والخدمية والاجتماعية، وحتى السياسية".

وبين أن "الحكومة بإجرائها التعداد السكاني، لم تنجز استحقاقاً معطلاً منذ سنوات فحسب، بل كان الإجراء بآليات عمل تنفذ لأول مرّة، استخدمت فيها الوسائل التكنولوجية والطرق الحديثة التي اختصرت الجهد والكلف، وأعطت موثوقية بالنتائج"، لافتا إلى "سلامة ودقة إجراءات تحليل البيانات"، ومشيراً إلى "إلغاء حقل المذهب والقومية، لكون العملية تعداداً تنموياً وليست إحصاء".

لا حاجة للتعداد

وعلى الرغم من أن الحكومة العراقية روجت على أن التعداد السكاني سيكون نقطة للتنمية ومنطلقا لتحسين الخدمات بمختلف الجوانب إلا أن الكثير يرى أن التعداد لن يحقق أي نتائج إيجابية على الصعيد الاقتصادي والخدمي والتخطيط والتنمية، وهو ما أكده البرلماني السابق محمد سلمان.

وقال سلمان في تصريح لشبكة "الساعة": إن "السلطات الحكومية في العراق حققت نجاحا إعلاميا بتسويق أهمية التعداد للأغراض التنموية والتخطيط المقبل في البلاد ولكن في الحقيقة لا يحمل التعداد أي نتائج إيجابية على تلك الأصعدة، حيث أوهمت الحكومة الشعب العراقي بنتائج التعداد الإيجابية التي لا وجود لها".

وأضاف سلمان: أن "التعداد فقرة إضافية لا أهمية لها وهي مشروع يشبه المشاريع والمبادرات الوهمية التي لم تكن لها أي نتائج إيجابية على أرض الواقع"، ولفت إلى أن "الحكومة العراقية أرادت تحقيق مكسبا إعلاميا فقط من خلال إجراء التعداد".

وأكد البرلماني السابق أن "العراق لم يكن بحاجة أصلا إلى إجراء التعداد السكاني على اعتبار أن بيانات العراقيين مثبتة بشكل كامل في قاعدة معلومات وزارتي التجارة والداخلية"، مبينا أن "جميع العراقيين مسجلين في بيانات وزارة التجارة عبر البطاقة التموينية وكذلك بيانات وزارة الداخلية عبر البطاقة الوطنية".

وأشار إلى أن "دول العالم تركت موضوع التعداد بالطريقة البدائية التي اعتمدها العراق في التعداد الأخير منذ مطلع القرن الحالي"، مبينا أن "التقدم العلمي والتكنولوجي يخدم الدول في تعداد السكان دون الحاجة إلى إجراء عملية التعداد كما جرى في العراق".

وأوضح أن "الملاحظات السلبية على التعداد أنه لم يشمل العراقيين في خارج العراق والذين يقدر عددهم بالملايين وأغلبهم من مكون معين وهو المكون العربي السني، إضافة إلى المكونين المسيحي والإيزيدي"، منوها إلى "إجراء التعداد في ظل استبعاد عراقيي الخارج منه سيؤدي إلى تشكيك المجتمع الدولي بنتائجه على الرغم من قبوله في الوقت الحالي كأمر واقع".

وعن مساهمة التعداد في معالجة الأوضاع الاقتصادية المتردية والفقر والبطالة، أكد البرلماني العراقي أن "ذلك كله مجرد أحاديث لا أساس لها من الصحة، حيث إن العراق لا يمتلك فائض في الموازنات لكي يستخدمها في معالجة تلك المشاكل".

وأوضح أن "العراق يعاني أصلا من مشكلة اقتصادية ومالية، ولن يستيطيع معالجها ووضع الخطط اللازمة لمعالجة البطالة والفقر وفقا للتعداد الأخير".

تكاليف مالية

وعن التكلفة الاقتصادية لإجراء التعداد السكاني، فبحسب الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي فإن التكلفة بلغت 951 مليار دينار، أي ما يقترب من 700 مليون دولار أمريكي.

وقال المرسومي في منشور على "فيسبوك" تابعته شبكة "الساعة"، إن "الكلفة المالية المباشرة للتعداد بلغت 459 مليارا فيما بلغت كلفة تعطيل الدوام الرسمي 492 مليار دينار". 

وبيّن أن "المتضرر الأكبر هم الفئات العامة الذين يعتمدون في الأوقات العادية على كسب قوتهم بشكل يومي ولا يقومون بادخار أي موارد تعينهم أثناء الحظر".

وأضاف أنه "كان يمكن إجراء التعداد السكاني من دون الحاجة إلى فرض منع تجوال شامل في البلاد حتى لو أدى ذلك الى إطالة مدة جمع البيانات لعدة أسابيع أخرى توفيرا للكلفة ومراعاة الفئات الهشة والعاملين في القطاع الخاص".

التعداد لا يعالج الفقر

أما عضو مجلس النواب الحالي شيروان الدوبرداني فأكد أن تحسين الأوضاع الاقتصادية في العراق لا يتوقف على التعداد السكاني، بل على تطوير الموارد واستغلالها ومحاربة الفساد وعدم هدر المال العام.

وقال الدوبرداني في تصريح لشبكة "الساعة": إن "نسبة الفقر في العراق معروفة مسبقًا من قبل وزارة التخطيط، ولا تحتاج إلى التعداد السكاني لإثباتها وأن هذه النسب لم تلقَ الاهتمام اللازم ولم تُعالج بشكل فعّال".

وأضاف أن "نسب الفقر في العراق موجودة في بيانات وزارة التخطيط ووزارة الهجرة والمهجرين ووزارة التجارة، وكل محافظة تمتلك تقريرًا سنويًا يحتوي على نسب الفقر فيها، وهذه التقارير واضحة ومؤشرة مسبقًا".

وأشار إلى أن "أحد الأسباب الرئيسية لانتشار الفقر في البلاد هو الفساد المتفشي"، فضلا عن "عدم توزيع الثروات على الشعب بشكل عادل، وعدم الاهتمام الكافي بالمحافظات التي تعاني من فقر شديد".

وشدد على "ضرورة القضاء على الفساد من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية في البلاد"، لافتاً إلى أن "استغلال الموارد في البلاد وأبرزها النفط وتوزيع واردتها بشكل عادل على الشعب العراقي كفيل بالقضاء على الفقر في عموم البلاد".

وأوضح الدوبرداني أن "التعداد السكاني الذي ستعلن نتائجه في الأيام القليلة المقبلة، لم يعالج موضوع العراقيين المهاجرين في الخارج، ما يثير تساؤلات حول كيفية احتسابهم في التعداد".

إخفاق التعداد

كما سجلت ملاحظات أخرى على عملية التعداد أبرزها عدم وصول فرق الإحصاء لجميع المناطق وصرف الأموال الكبيرة له وتطبيق الحظر على التجوال لمدة يومين كاملين.

وقال الباحث في الشأن العراقي أمير الدعمي في تصريح لشبكة "الساعة" إن "التعداد السكاني لن يحقق النجاح لا سيما وأنه أخفق خلال عملية تنفيذه".

وأضاف الدعمي: أن "التعداد أخفق قياساً بالأموال المرصودة والحظر الذي استمر يومين ومع ذلك هناك مناطق وفي قلب العاصمة بغداد وليس مناطق نائية ولم يصلها العدادين".

وتابع الدعمي: أنه "قياساً بتعداد 1997 الذي واكبناه آنذاك، فإن هذا التعداد فاشل بكل المقاييس قياساً بالتبشير الحكومي والشغف الشعبي لنتائجه"، مشيرا إلى أن "الإخفاق كان واضحا جداً خصوصاً بما يثار من أموال مرصودة واستعدادات ادعتها وزارة التخطيط قبل سنة من البدء بالتعداد".

اخترنا لك