صورة الخبر

14:58:55 2024-12-11 : اخر تحديث

11:58:38 2024-11-08 : نشر في

حصار الفلوجة.. عندما عجزت أمريكا عن ترويض المقاومة

حجم الخط

فريق التحرير- شبكة الساعة

في 7 نوفمبر 2004، بدأت القوات الأمريكية حصارًا خانقًا على مدينة الفلوجة في إطار عملية عسكرية كبيرة سُميت "عملية الفجر" أو "معركة الفلوجة الثانية"، وكان الهدف هو استعادة السيطرة على المدينة التي أصبحت رمزًا للمقاومة ضد الاحتلال.

جاء هذا الحصار بعد حادثة مقتل 4 متعاقدين أمريكيين في 31 مارس 2004، حيث تم التمثيل بجثثهم علنًا، مما أشعل الرغبة في تنفيذ عملية كبيرة للانتقام من المقاومة داخل المدينة.

بداية الحصار

في اليوم الأول من الحصار، أعلنت الحكومة العراقية المؤقتة حالة الطوارئ لمدة 60 يومًا، تمهيدًا للهجوم الشامل على المدينة، وكان هذا الإعلان بمثابة البداية لحصار خانق قطع السبل عن المدينة، ليضع الآلاف من سكانها في مواجهة نقص حاد في المواد الأساسية.

الهجوم العسكري

في 8 نوفمبر 2004، شنت القوات الأمريكية، التي شاركت بقوام يقارب 10 آلاف جندي، معظمهم من مشاة البحرية "المارينز"، هجومًا جويًا ومدفعيًا مكثفًا على أحياء الفلوجة، حيث واجهت مقاومة شديدة من حوالي ألف مقاتل متحصنين داخل المدينة.

ورغم شراسة القصف، تصدى المقاومون للهجوم بشجاعة، داخل ما تبقى من مساجدهم ومنازلهم المتواضعة، في حين استمرت المعارك على مدار عدة أيام، ووصلت ذروتها في 13 نوفمبر عندما أعلنت القوات الأمريكية سيطرتها على معظم أجزاء المدينة، لكن جيوب المقاومة واصلت الصمود، ما حال دون تحقيق السيطرة الكاملة.

نتائج المعركة

تسببت هذه المعركة في تدمير واسع، شمل حوالي 60 مسجدًا و700 إلى ألف منزل، وتركت الفلوجة في حالة من الخراب، أُزهقت أرواح آلاف من المدنيين وقتل 71 جنديًا أمريكيًا وأكثر من ألف مقاوم، وتم أسر ما يقرب من ألف آخرين.

الوضع الإنساني

تفاقمت الأوضاع الإنسانية داخل الفلوجة بشكل مأساوي نتيجة الحصار، حيث أجبر آلاف المدنيين على النزوح وترك منازلهم التي تحولت إلى أطلال، وواجهوا نقصًا في الغذاء والماء والدواء، مشاهد الألم والمعاناة التي خلفتها المعركة باتت جزءًا من حياة الناجين، الذين عاشوا فصولًا قاسية من الألم والصمود.

استخدام الأسلحة المحرمة والثقيلة

أثناء معركة الفلوجة الثانية، أفادت تقارير متعددة أن القوات الأمريكية لجأت إلى استخدام أسلحة ثقيلة وأخرى محرمة دوليًا، مما ضاعف من حجم الدمار ومعاناة السكان، وكان أبرز تلك الأسلحة الفسفور الأبيض، الذي يُسبب حروقًا شديدة ويمتد تأثيره البيئي والصحي بشكل واسع.

كما استخدمت القوات الأمريكية المدفعية الثقيلة لقصف متواصل على الأحياء، كما دعمت الهجوم بالدبابات والطائرات الحربية والمروحيات التي أمطرت المدينة بالقصف الجوي.

لم تقتصر القوة المدمرة على ذلك، بل استخدمت الدبابات لاختراق التحصينات في مختلف المناطق، مما أدى إلى تدمير العديد من المنازل والمساجد والبنية التحتية للمدينة.

الآثار الصحية

تسببت الحرب بزيادة معدلات التشوهات الخلقية بين المواليد الجدد في مدينة الفلوجة حيث سجلت المدينة بحسب دراسات 147 حالة تشوه خلقي بين كل ألف مولود وهي نسبة تفوق تلك المسجلة في "ناجازاكي" و "هيروشيما" بعد القصف النووي كما سجلت المدينة زيادة ملحوظة في أمراض سرطان الدم والثدي وأورام الدماغ بنسبة 38 مرة أكثر من تلك المسجلة في "هيروشيما".

الفلوجة رمزاً للصمود

بقيت معركة الفلوجة الثانية رمزًا لإرادة الشعب العراقي وصلابته أمام المحن، ورغم حجم الدمار وصعوبة إعادة الإعمار، ظلت الفلوجة شاهدة على بطولة أهلها، الذين لم يثنهم الحصار والقصف عن التمسك بأرضهم وكرامتهم. وبرغم عودة المدينة تدريجيًا إلى الحياة، لم تُمحَ آثار تلك الأيام من ذاكرة سكانها، ليبقى اسم الفلوجة شاهدًا حيًا على قصة المقاومة والصمود في وجه الغزو الأمريكي للعراق.

اخترنا لك