صورة الخبر

15:26:32 2024-12-11 : اخر تحديث

12:36:17 2024-10-29 : نشر في

لماذا اختارت "إسرائيل" الأجواء العراقية لمهاجمة إيران؟

حجم الخط

فريق التحرير- شبكة الساعة

على الرغم من التزام الحكومة العراقية الحياد في الصراع القائم في المنطقة بين إيران ومحورها من جهة والاحتلال "الإسرائيلي" من جهة أخرى، إلا أنه يُقحم في الصراع من خلال استخدام أجوائه في القصف المتبادل بين الجانبين.

فالاحتلال الإسرائيلي استخدم مؤخرا الأجواء العراقية في عبور طائراتها لضرب إيران، التي شنت مطلع تشرين الأول الجاري عبر الأجواء العراقية هجمات صاروخية على الكيان الإسرائيلي.

وبعيد الضربة على إيران أشارت التوقعات باستخدام الأجواء العراقية رغم الصمت الحكومي خلال الساعات الأولى التي أعقبت الهجوم الإسرائيلي.

وقصف جيش الاحتلال الإسرائيلي فجر السبت، مواقع تصنيع صواريخ في إيران، ردّا على الهجوم الإيراني بالصواريخ البالستية في الأول من أكتوبر على "إسرائيل"، والذي جاء ردا على اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله (أهم حلفاء إيران) في الضاحية الجنوبية لبيروت.

مذكرة احتجاج

وبعد يوم من الغموض بشأن ما إذا كانت الطائرات الإسرائيلية انتهكت الأجواء العراقية، أعلنت بغداد تقديم مذكرة احتجاج رسمية إلى الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي، تضمّنت إدانة ما أسمته "الانتهاك الصارخ" الذي ارتكبته إسرائيل بخرق طائراتها "المعتدية" أجواءَ العراق وسيادته، واستخدام المجال الجوي العراقي لتنفيذ الاعتداء على الجمهورية الإيرانية.

وقال بيان للحكومة العراقية: إن "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وجّه وزارة الخارجية بالتواصل مع الجانب الأميركي، بشأن هذا الخرق، طبقاً لبنود اتفاق الإطار الاستراتيجي الثنائي، والتزام الولايات المتحدة تجاه أمن وسيادة العراق".

وأضاف البيان أن "الحكومة العراقية تؤكد التزامها الثابت بسيادة العراق واستقلاله وحُرمة أراضيه، وأنها تعمل على مختلف الصُّعد لمواجهة هذه الانتهاكات، وتُشدّد على عدم السماح باستخدام الأجواء أو الأراضي العراقية للاعتداء على دول أخرى، خصوصاً دول الجوار التي تجمعها بالعراق علاقات احترام ومصالح مشتركة".

ولفت إلى أن "هذا الموقف يعكس حرص العراق على اتباع سياسة الحفاظ على استقرار المنطقة، من خلال منع أي استغلال لأراضيه في صراعات إقليمية، ودعمه حلَّ النزاعات عبر الحوار والتفاهم المتبادل".

اتهامات إيرانية

كما اتهمت إيران "إسرائيل" باستخدام المجال الجوي العراقي لشن هجومها الأخير على مواقع داخل الأراضي الإيرانية.

وجاء في بيان للبعثة الإيرانية في الأمم المتحدة أن "الطائرات الإسرائيلية هاجمت مواقع عسكرية ورادارية إيرانية من المجال الجوي العراقي، على بعد حوالي 70 ميلاً من الحدود الإيرانية".

وكانت هيئة الأركان في القوات المسلحة الإيرانية ذكرت في وقت سابق أن الطائرات الإسرائيلية استخدمت المجال الجوي العراقي المتاح للجيش الأميركي لإطلاق عدد من الصواريخ المحمولة جوا البعيدة المدى والمجهزة برؤوس حربية خفيفة للغاية نحو إيران في هجومها.

مراجعة العلاقة مع واشنطن

بالتزامن مع الخروقات الإسرائيلية للسيادة الجوية العراقية، بدأت اللجنة الحكومية المسؤولة عن ملف العلاقة مع الولايات المتحدة بمراجعة العلاقة مع واشنطن وفقاً لاتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة بين البلدين عام 2008.

وشددت خلال اجتماع لها على ضرورة الانتقال بالعلاقة مع واشنطن إلى شراكة اقتصادية، وعدم التركيز على الشأن العسكري.

ودفع الاختراق الإسرائيلي للأجواء العراقية إلى تعالي الأصوات المطالبة بإعادة تنظيم العلاقة مع الولايات المتحدة التي يفترض أن تتحمل مسؤولية الحفاظ على سيادة الأجواء العراقية وفقا لاتفاقية الإطار الاستراتيجي وعلاقة الشراكة الأمنية بين بغداد وواشنطن.

العراق والمنظومة الدفاعية

وأكد مهدي الآمرلي رئيس كتلة بدر في البرلمان العراقية (تابعة لهادي العامري) ضرورة رفض أن يكون العراق ساحة معركة للآخرين.

وقال الآمرلي في تصريح لشبكة "الساعة": إن "الاتفاقية بين الحكومة العراقية والولايات المتحدة يجب أن تتضمن عدم استخدام الأجواء العراقية لضرب دول الجوار"، محذرا من أن "ذلك من شأنه أن يؤدي إلى إرباك الوضع ويجعل العراق ساحة للصراع".

وشدد على "ضرورة التزام الحكومة العراقية ببنود الاتفاقية وتنفيذها بشكلها الصحيح أو تلغي الاتفاقية، حتى لا تستمر الحصانة الممنوحة للجانب الأمريكي على الأراضي العراقية".

وكشف الآمرلي عن "توجه العراق قريبا لعقد اتفاقية مع إحدى الدول الكبرى لشراء أسلحة متطورة لحماية الأجواء العراقية بشكل كامل من الخروقات المستمرة".

وأشار إلى أن "العراق يمتلك رادارات عالية الكشف، ومن خلال الاتفاقية الجديدة سيتملك العراق أسلحة متطورة لمعالجة الخروقات المتكررة في الأجواء العراقية".

انتقاد لحكومة السوداني

في الأثناء ألقت أطراف برلمانية باللوم على الحكومة العراقية في اختراق سيادته الجوية من جانب الكيان "الإسرائيلي".

وقال عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية حسين العامري في تصريح لشبكة "الساعة": إن "اللجنة طالبت بتوجيه سؤال برلماني لرئيس الوزراء إثر اختراق الأجواء واستخدامها من قبل الاحتلال الإسرائيلي".

وأوضح العامري أن "هذا الاختراق له تداعيات مستقبلية على العراق والمنطقة فضلا عن كونه يخالف الدستور والقانون العراقيين".

وأشار إلى أن "لجنة الأمن والدفاع وممثلي الشعب العراقي يطالبون بإيقاف استهتارات الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة في موضوع استغلال الأجواء العراقية واستخدامها في ضرب دول الجوار".

واشنطن واختراق السيادة الجوية العراقية

ويسعى العراق، الذي يتمتع بعلاقات جيدة مع كل من الولايات المتحدة وإيران، إلى الإبقاء على موقف متوازن في الصراع الإقليمي القائم بين إيران و"إسرائيل"، على الرغم من أن فصائل عراقية مسلحة دخلت الصراع بشكل مباشر إلى جانب إيران.

ويؤكد أكاديميون عراقيون أن كلمة الفصائل المسلحة المدعومة إيرانيا أعلى وأقوى من كلمة الدولة العراقية، وبالتالي فإن حكومة السوداني لا تستطيع ضبط أنشطة الفصائل فضلا عدم القدرة على إبعادها عن المشاركة في الحرب.

ويرى الباحث في الشأن العراقي غانم العابد أن الولايات المتحدة هي المسؤولة عن اختراق السيادة الجوية العراقية واستغلال أراضيه في الهجوم الإسرائيلي على إيران.

وقال العابد في تصريح لشبكة "الساعة": إن "اسرائيل استغلت الأجواء العراقية التي ما تزال بيد الجانب الأمريكي وذلك بسبب التسهيلات الأمريكية من جهة، ولأهمية موقع العراق الجغرافي ولا سيما في تنفيذ هكذا ضربة على إيران".

وأضاف أن "الجانب الإسرائيلي اخترق الأجواء العراقية على الرغم من إعلان العراق أكثر من مرة التزام الحياد واختياره عدم التدخل في الصراع واستهداف دول الجوار".

وأشار العابد إلى أن "المسؤولية لا تتحملها الحكومة العراقية وإنما الولايات المتحدة عن الخرق الأخير".

ولفت إلى أن "الشكوى التي تقدم بها العراق في مجلس الأمن الدولي جاءت ليثبت العراق موقفه الرافض لاستغلال أراضيه وأجوائه في الصراع الدائر ومهاجمة دول الجوار، فيما استبعد أن يكون لتلك الشكوى أي تأثير قانوني في الساحة الدولية ولا سيما أن الولايات المتحدة ملتزمة بالدفاع عن إسرائيل في المحافل الدولية"، منوها إلى أن "الأجواء العراقية لو كانت بيد العراقيين وكانوا يمتلكون أسلحة الدفاع الجوي لما سمحوا باختراق أجوائه أو استخدامها بالهجوم على إيران أو مهاجمة دول الجوار العراقي".

واشنطن تخلي مسؤوليتها

لكن الولايات المتحدة التي تحملها الأطراف العراقية المسؤولية عن خرق السيادة الجوية العراقية أخلت مسؤوليتها عن الخرق الإسرائيلي الحاصل.

ونفت السفيرة الأمريكية لدى بغداد ألينا رومانوسكي، فرض سيطرة الولايات المتحدة على سماء العراق، وأكدت عدم مشاركتها في هجوم إسرائيل على إيران.

فيما أكد المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر أن العراق دولة ذات سيادة، موضحاً أن الأجواء العراقية ليست تحت سيطرة الولايات المتحدة.

ضعف المنظومة الدفاعية

في الأثناء أكد الخبير العسكري أمير الساعدي أن العراق يفتقر لمنظومة الدفاع الجوي بعيدة المدى، كما لا يمتلك الرادارات القادرة على كشف الطائرات فائقة التطور.

وقال الساعدي في تصريح لشبكة "الساعة": إن "الأجواء العراقية غير مؤمنة لعدم امتلاكه منظومة الدفاع الجوي لتغطية المدى البعيد، إذ يمتلك فقط منظومات دفاعية تغطي البعد القريب والمتوسط".

وأكد الساعدي أن "أحد أهم النقائص العسكرية تكمن في عدم وجود طائرات متصدية، وهي جزء مهم جدا ومكمل لعمل منظومات الدفاع الجوي، مرجعا ذلك إلى تحديات سياسية خارجية وأخرى مالية".

وأشار إلى أن "العراق ليس لديه القدرة على الكشف عن طائرات إف-35 لأنها طائرة شبحية، ويحتاج رصدها إلى منظومات متطورة جدا مثل منظومة إس-400 أو إس-500 الروسية، أو غيرها من منظومات الدفاع الجوي المتطورة لدى الولايات المتحدة الأميركية".

أمريكا وإسرائيل ترفضان امتلاك العراق للدفاع الجوي

ومؤخرا تعاقد العراق مع شركة كورية جنوبية لشراء نظام الدفاع الجوي والصاروخي الباليستي.

ويفتقر العراق منذ أكثر من عقدين، إلى منظومة دفاع جوّي حديثة تتصدّى للخروقات والهجمات الجوية التي تنفّذها طائرات مسيرة، فلم يستطع العراق الحصول على منظومات دفاع جوي طويلة المدى، نتيجة هيمنة الولايات المتحدة وعرقلتها صفقات شراء أعلنت عنها وزارة الدفاع العراقية قبل 3 سنوات، للحصول على رادارات من روسيا وفرنسا. 

وأفادت مصادر في الحكومة العراقية بأن "المساعي للحصول على منظومات دفاع جوي من فرنسا تعثّرت قبل أشهر"، مبيّنةً أن "رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، عقد 3 اجتماعات مع مسؤولين غربيين، خلال عام 2023، لكنها لم تفضِ إلى تفاهمات جدّية على خلفية رفض واشنطن حصول بغداد على هذه المنظومات من دون موافقتها".

وتفيد المعلومات بأن العراق بدأ بالتحرك عام 2022 لشراء 14 طائرة من طراز (داسو رافال) من فرنسا، لتعزيز قدراته الجوية وتحقيق السيادة عليها، وأعلن في وقت سابق أن بغداد بصدد إبرام صفقات إضافية لشراء منظومات دفاع جوي وطائرات هليكوبتر من فرنسا أيضاً.

لكن صحيفة "لا تريبيون" الفرنسية أثارت الجدل حول هذه الصفقات مؤخراً بنشرها تقريراً يفيد بوجود ضغوطات من الكيان الإسرائيلي لحرمان العراق من شراء صواريخ (ميتيور) التي تأتي مع طائرات الرافال، مما يقلل من إمكانيات هذه الطائرات بشكل كبير.

وأفادت بأن "الاحتلال الإسرائيلي الذي استخدم الأجواء العراقية سابقا لاستهداف مواقع في سوريا وإيران يخشى من امتلاك العراق هذه الصواريخ التي من شأنها أن تمنحه سيادة جوية بامتلاكه طائرات قتالية فائقة متعددة المهام مزودة بصواريخ ذكية بعيدة المدى".

وهذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها الكيان الإسرائيلي منع العراق من امتلاك التقنيات المتطورة، فقد قام عام 1981 بضرب المفاعل العراقي الذي اشتراه من فرنسا أيضاً في منتصف السبعينيات.

وبحسب صحيفة فوربس الأمريكية فإن حرمان العراق من هذه الصواريخ المتقدمة يعد تذكيرا بأن القوى الغربية دائما ما تكون مترددة في بيع صواريخها ومعداتها الأكثر تقدما لبلدان مثل العراق ومصر، في حين لا تتردد في بيعها لتركيا ودول الخليج العربي.

اخترنا لك