صورة الخبر

14:35:23 2024-12-11 : اخر تحديث

18:26:03 2024-10-04 : نشر في

العراق في قلب العاصفة.. لماذا يغيب الموقف العربي السني عن الحرب الدائرة بالمنطقة؟

حجم الخط

فريق التحرير- شبكة الساعة

غابت الرؤية العربية السنية عن السياسية الخارجية العراقية خلال العقدين الماضيين، وخلال الأحداث والتطورات العسكرية الأخيرة التي عصفت بالمنطقة على خلفية العدوان الإسرائيلي  في غزة ولبنان، اختفت هذه الرؤية تماما وغابت حتى على صعيد المواقف الداخلية والحزبية.

ويبدو أن هذا الغياب جاء نتيجة طبيعية لهيمنة الأحزاب الشيعية على المشهد السياسي الداخلي والخارجي العراقي، حيث انعكست أفكار ورؤية الأحزاب الحليفة لإيران على جميع القضايا الخارجية الإقليمية والدولية، وباتت قريبة تماما من الأيدلوجية والعقيدة السياسية الإيرانية وسياساتها في المنطقة.

ولا يقتصر غياب الموقف العربي السني على القضايا الخارجية، حيث أن ممثلي المكون العربي السني يشكون طيلة السنوات التي أعقبت الغزو الأمريكي عام 2003 من التهميش والإقصاء حتى في الملفات الداخلية وإدارة مؤسسات الدولة وصنع القرار الداخلي الأمني والإداري والسياسي.

وتبنت الحكومة العراقية في عهد نوري المالكي (2006 – 2014) سياسية معادية للدول العربية وقريبة لضدها الإيراني، لكنها كانت غير قادرة على المجاهرة بالعداء للسياسية الأمريكية على اعتبار أن واشنطن هي صاحبة الفضل على الأحزاب العراقية الشيعية في إيصالها لسدة الحكم والإطاحة بنظام صدام حسين.

ومنذ مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني بضربة أمريكية قرب مطار بغداد مطلع العام 2020، أعلنت القوى الشيعية عن توجهها الرافض للسياسية الأمريكية في العراق، وبدأت ترتب على الصعيد التشريعي (البرلمان) والحكومي لإنهاء وجود القوات الأمريكية، التي قدمت إلى العراق بشكل كبير بعد سيطرة تنظيم "داعش" على ثلث الأراضي العراقية بطلب من الحكومة العراقية.

ونجحت القوى الشيعية في فرض رؤيتها لإنهاء الوجود العسكري الأمريكي من العراق من خلال الاتفاق على تنظيم الانسحاب التدريجي للقوات العسكرية خلال العاملين المقبلين، وذلك بالرغم من معارضة القوى السنية والكردية لذلك الانسحاب، إذ يعد السنة والكرد هذا الانسحاب خطرا يمكن إيران من السيطرة المطلقة على العراق وبالتالي المزيد من تهميش القوى غير الشيعية في الدولة.

وجاءت أحداث الـ 7 من أكتوبر 2023 وتداعياتها على خلفية العدوان على غزة والتصعيد الإيراني – الإسرائيلي في المنطقة، وصولا إلى العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان ومقتل أمين عام "حزب الله" حسن نصر الله بغارة إسرائيلية في أيلول الماضي، لتظهر الغياب الملفت للموقف السياسي السني عن القرارات والتحركات الخارجية للعراق تجاه هذه التطورات.

واتسمت المواقف العراقية الرسمية بعد العدوان على غزة بموقفين، الأول رسمي حكومي تمثله حكومة الإطار التنسيقي، التي تحركت على صعيد الساحة الدولية من أجل وقف العدوان وتقديم المساعدات الإغاثية لسكان قطاع غزة، والثاني تمثل بموقف الفصائل المسلحة القريبة من إيران التي تبنت خيار التصعيد وشنت الهجمات الصاروخية والتلويح بمزيد من الخيارات العسكرية رغم التحذيرات الأمريكية والتهديدات الإسرائيلية للعراق.

أما القوى السنية فلم يسجل لها أي موقف تجاه الأحداث الإقليمية والحرب الدائرة في المنطقة، واكتفى زعماء المكون في العملية السياسية بالتغريدات عبر منصة "X"، إلى جانب البيانات الإنشائية.

تهميش أم سياسية مقصودة؟

ويرى الباحث في الشأن العراقي مصطفى العبيدي أن الموقف العراقي (الرسمي الحكومي أو السياسي الفصائلي) تجاه الأحداث الإقليمية الأخيرة يعكس تفرد القوى الشيعية على السياسة الخارجية للبلاد وغياب الوجهة العربية السنية عنها، على الرغم من تقارب الوجهتين الشيعية والسنية في رفض الكيان الإسرائيلي وجرائمه في غزة وجنوب لبنان.

وقال العبيدي في تصريح لشبكة "الساعة": إن "الموقف الشيعي العراقي تجاه الأحداث والتصعيد مع الاحتلال الإسرائيلي ينقسم بين من يدفع نحو الحرب والدخول العسكري في المعركة في حال تطورها إلى جانب إيران وحزب الله، وهو موقف تبنته الفصائل المسلحة والأحزاب الداعمة لها والتي تمتلك حضورا في الدولة ولكن ليس بالشكل الكامل، وبين من يبتعد عن التصعيد ويدعو إلى التزام الموقف السياسي والدعم الإنساني في دعم الجبهة المضادة للكيان الإسرائيلي، وهو موقف الحكومة العراقية المدعوم من القوى السياسية القريبة من رئيس الوزراء محمد شياع السوداني".

وأضاف أن "موقف القوى العربية السنية (المشاركة شكليا في الحكومة والبرلمان وعموم مفاصل الدولة) لن يتجاوز البيانات والإدانات عبر المواقع الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي"، مؤكدا أن "ذلك يفسر غيابها التام عن المشهد السياسي الخارجي، كما يعكس تهميشها على الصعيد الداخلي أيضا"، حسب تعبيره.

وتابع العبيدي: أن "الموقف العربي السني هو يتلقي مع الموقف الشيعي في رفض العدوان الإسرائيلي، ودعم قطاع غزة ويؤكد على محورية القضية الفلسطينية"، مبينا أن "الاختلاف بين الطرفين أن العرب السنة يحاولون تقديم الموقف السياسي والابتعاد عن توريط العراق في حرب مع الاحتلال الإسرائيلي ومن خلفها الولايات المتحدة وهي حرب لا طاقة لهم بها، بينما أن القوى الشيعية القريبة من إيران والتي تمتلك السلطة الفعلية الأمنية والعسكرية لا تخشى من زج العراق في مواجهة مع تل أبيب وواشنطن من أجل المصلحة الإيرانية".

ولفت إلى أن "موقف القوى السنية العربية في العراق هو موقف قريب من المواقف العربية في الخليج ودول المنطقة، بينما موقف القوى الشيعية هو الأقرب لموقف إيران تجاه قضايا المنطقة"، منوها إلى أن "بعض القوى السنية ربما تحاول الاقتراب من الخط الأمريكي حيث لا تريد السير بعكس اتجاه السياسية الأمريكية في المنطقة من أجل الحصول على مكاسب في المستقبل".

وأشار إلى أن "القوى السنية تتقصد ربما غياب موقفها تجاه الأحداث وذلك لأنها تعلم أن الموقف المعادي لإسرائيل يعني الوقوف في الصف الإيراني والمحور الذي تدعمه، بينما ترى تلك القوى أن هذا المحور هو سبب مأساتها وتهميشها في العراق".

كيف تحول الموقف السني إلى موقف لاحق ؟

من جهته يؤكد مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل أن الموقف العربي السني في العراق هو موقف لاحق وتابع لموقف الأغلبية السياسية في البرلمان والحكومة، وهي الأغلبية التي تفرضها القوى الشيعية ممثلة بقوى الإطار التنسيقي".

وقال فيصل في حديث لشبكة "الساعة": إن"أحزاب الإطار التنسيقي تعلن نفسها أغلبية مذهبية وسياسية وهي التي تشكل الحكومة وتضبط وتقيم سياساتها وتضعها تجاه القضايا الدولية والاستراتيجية خصوصا عند اندلاع الأزمات والمشاكل الكبرى".

وأضاف أن "الأحزاب الشيعية تتحمل تبني موقف ينسجم مع السياسة العامة للحكومة طبقا لبرنامج ومنهاج الحكومة المقر من قبل تحالف إدارة الدولة، وطبقا لذلك فإن الأحزاب السنية لا يمكن أن تتخذ مواقف تجاه هذه الأحداث لأنها غير قادرة على أن تكون لها مواقف فاعله بفردها على صعيد البرلمان، كما أنها لا يمكن لها اتخاذ قرارات مستقلة عن سياسية الحكومة والدولة العراقية".

وأشار فيصل إلى أن "موقف السنة هو ملحق لموقف الأغلبية في البرلمان والحكومة والأغلبية السياسية المتمثلة بالإطار التنسيقي".

ونوه رئيس المركز العراقي إلى أن "ذلك لا يمنع من أن تتبنى الأحزاب السياسية السنية سياسيات وقرارات تنسجم مع أفكارها ومبادئها وأيدلوجيتها، حيث إنه بمقدور القوى السنية المشاركة في العملية السياسية أو التي لم تشترك أن تعبر عن مواقفها تجاه الأحداث والحرب الدموية في غزة وجنوب لبنان واليمن وعموم الشرق الأوسط والتي من شأنها تغيير خارطة المنطقة وفرض واقع جديد في المرحلة المقبلة".

اخترنا لك