صورة الخبر

2024-10-01 12:23:03

الذكرى السنوية الـ 5 لتظاهرات تشرين.. هل ستعود الاحتجاجات للشارع العراقي؟

حجم الخط

فريق التحرير ـ شبكة الساعة

تمر على العراقيين الذكرى الخامسة لانطلاق تظاهرات تشرين شملت العاصمة بغداد ومحافظات جنوبي البلاد وأطاحت بحكومة عادل عبد المهدي واقتربت من فرض معادلة التغيير لأول مرة في عراق ما بعد 2003 لولا القوة القمعية التي استخدمت ضدها والتفاف القوى السياسية عليها.

وكانت بداية التظاهرات التي يعرفها العراقيون بتظاهرات تشرين في الأول من تشرين الأول عام 2019، وجاءت رفضا لتردي الأوضاع الاقتصادية والخدمية في البلاد، ورفضا للفساد المالي والإداري والبطالة، لكنها سرعان ما تحولت إلى احتجاجات سياسية تطالب بإسقاط النظام الحاكم وتشكيل حكومة مؤقتة وإجراء انتخابات مبكرة يستبعد منها القوى والأحزاب التي حكمت وفشلت في إدارة العراق منذ التغيير الذي فرضه الاحتلال الأمريكي عام 2003.

لكن القوات الأمنية العراقية واجهت تلك التظاهرات بالقوة المفرطة، حيث بلغ عدد القتلى من المتظاهرين أكثر من 600 شخصاً، فيما أُصيب أكثر من 17 ألف بجروح خلال المظاهرات من بينهم 3 آلاف إصابة إعاقة، فضلاً على اعتقال العديد من المحتجين وما يزال مصير الكثير منهم مجهولا لغاية اليوم.

ولأول مرة فرضت التظاهرات واقعا سياسيا جديدا في العراق، يؤكد على فرض الهوية العراقية ورفض التدخلات الإيرانية والأمريكية في الشأن العراقي.

وأبرز ما حملته تظاهرات تشرين أنها شهدت خروجا شعبيا على سلطة الفصائل المسلحة ونفوذها، ويظهر ذلك من خلال حرق مقرات الفصائل والأحزاب الكبيرة التي تدير البلاد وتمتلك تلك الفصائل.

ومنذ إخفاق تظاهرات تشرين في تحقيق أهدافها وإنهاء الاحتجاجات، يحيي العراقيون في كل عام ذكرى هذه الاحتجاجات التي مثلت بحسب الكثير من العراقيين الأمل الوحيد لإصلاح الأوضاع السياسية في البلاد.

وتمر الذكرى السنوية الخامسة لتظاهرات تشرين والمنطقة تشهد غليانا يشبه الأوضاع التي رافقت الغزو الأمريكي للعراق قبل أكثر من عقدين، فالاحتلال الإسرائيلي يواصل عدوانه منذ عام على قطاع غزة، وبدأ فعليا بالدخول برا إلى جنوب لبنان بعد توجيه ضربات قوية لقيادة "حزب الله" أسفرت عن مقتل أمين عام الحزب حسن نصر الله، فيما تترقب المنطقة ردا إيرانيا على التحركات الإسرائيلية وسط تهديدات أمريكية وإسرائيلية بضرب العراق واليمن وإيران في حال استمر التصعيد في المنطقة.

إحياء ذكرى تشرين

وأعلن ناشطون عراقيون استعدادهم لإطلاق تظاهرة لإحياء الذكرى الخامسة لتظاهرات تشرين في العديد من المناطق.

وأكد الناشط في تظاهرات تشرين علي الدهامات أن الناشطين العراقيين قرروا الخروج بتظاهرات في بغداد والديوانية وبابل والناصرية لإحياء الذكرى السنوية لتظاهرات تشرين.

وأشار الدهامات في تصريح لشبكة "الساعة" إلى أن التظاهرات ستتضمن الرفض والتنديد بالعدوان الإسرائيلي على غزة وجنوب لبنان والسياسات العدوانية للاحتلال الإسرائيلي في المنطقة، فضلا عن التنديد بالسياسة الأمريكية الداعمة لجرائم الكيان الإسرائيلي.

وأوضح أن الوقفات الاحتجاجية لإحياء ذكرى تشرين ستطالب بمحاسبة قتلة المتظاهرين والكشف عن مصير المغيبين منهم في مقدمتهم الناشط سجاد العراقي الذي غيب منذ نحو 5 سنوات.

ولفت الداهامات إلى أن الناشطين سيدرسون خيار التصعيد في التظاهرات خلال الأيام المقبلة وسيكون الموقف النهائي في يوم 25 تشرين أول المقبل، مبينا أن مطالب محاسبة قتلة المتظاهرين ستستمر لحين تحقيقها.

السلطات تتجاهل محاسبة القتلة

واستذكرت منظمة العفو الدولية، احتجاجات تشرين 2019، فيما هاجمت الحكومة العراقية واتهمتها بالتقاعس عن ضمان تحقيق العدالة، وتقديم التعويضات للمتضررين من المتظاهرين.

فيما اتهمت الأمم المتحدة ومنظمة "هيومن رايتس ووتش" الحكومة العراقية في وقت سابق بالتخلي عن وعودها ومسؤوليتها في محاسبة قتلة المتظاهرين الذين يزيد عددهم عن 600 متظاهر.

فيما يشكك الناشط والصحفي العراقي حسين العامل في جدية السلطات العراقية في محاسبة قتلة المتظاهرين.

وقال العامل في حديث لشبكة "الساعة": إن "الناشطين في العراق تيقنوا من عدم وجود نية ورغبة وجدية للسلطات العراقية في محاسبة قتلة المتظاهرين في بغداد والناصرية وغيرها من المحافظات".

وعزا العامل ذلك إلى أن الجهات التي تورطت في استهداف المتظاهرين عامي 2019 و2020 هي ذاتها تمسك اليوم بالسلطة، وتفرض سيطرتها على كافة مفاصل الدولة التنفيذية والتشريعية والأمنية وغيرها.

تشرين تمهد لاحتجاجات مقبلة

من جانبه يرى المتحدث الرسمي لحركة "نازل آخذ حقي الديمقراطية" خالد وليد أن الأسباب التي قادت إلى تظاهرات تشرين ما تزال قائمة لغاية اليوم، مشيرا إلى أبرز الأسباب التي تسببت بتراجع التيار الاحتجاجي في العراق.

وقال وليد في حديث لشبكة "الساعة": إن "العوامل التي كانت سببا في اندلاع تظاهرات تشرين ما زالت قائمة، ولكن وجود المندسين وحملات التشويه والتسقيط السياسي الممنهج للاحتجاج والتظاهر السلمي جعلت الشارع العراقي يقف عاجزاً عن اتخاذ أي خطوة تجاه التغيير وتصويب الخلل الحاصل في الساحة السياسية العراقية".

وأضاف أن "التظاهر والاحتجاج لم ينته رغم النتائج المؤلمة وحملات الاستهداف المستمرة للاحتجاج، لأن مساحة الوعي الكبيرة التي تحقق بفضل احتجاجات تشرين ما زالت تتسع يوما بعد يوم وحاجز الخوف انكسر بفضل تلك التظاهرات"، مبينا أن "الكثير من الفئات العراقية تتظاهر من أجل تحقيق مطالبها بعد أن كان المواطن العراقي يتردد في الإدلاء برأيه قبل تشرين".

ولفت وليد إلى أن "تظاهرات تشرين وصلت اليوم إلى مسارين: الأول احتجاجي والآخر سياسي"، منوها إلى "وجود ملاحظات كبيرة بخصوص المسارين وما تحقق من دخول النواب المستقلين والمحسوبين على تشرين إلى البرلمان".

وأردف أن "ذلك الدخول والمشاركة السياسية لا يمثل سوى خطوة في مسار التغيير القادم الذي يتطلع إليه ناشطو تشرين رغم التحديات الكبيرة التي تواجههم".

قمع الحراك بذريعة الحرب 

ومع التصعيد العسكري الذي تشهده المنطقة على خلفية العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان والهجمات التي تستهدف المحور الإيراني في المنطقة يتخوف مراقبون للشأن العراقي من إطلاق تظاهرات واسعة في الوقت الحالي على اعتبار أن الفصائل المسلحة في العراق ستتخذ من الأوضاع ذريعة لاستهداف المتظاهرين وقتلهم واستهدافهم بصورة أعنف مما حصل في تظاهرات تشرين.

وقال الصحفي والباحث في الشأن العراقي عمر الجنابي في حديث لشبكة "الساعة": إن "تظاهرات تشرين بصورتها السابقة من الصعب أن تعود بالوقت الحالي، بعد أن تمت تصفيتها".

وأشار الجنابي إلى "إطلاق تظاهرات واسعة في الوقت الحالي أمر في غاية الصعوبة بسبب المشهد السياسي الدولي والإقليمي مع التصعيد الإسرائيلي والذي من الممكن أن يشمل العراق خلال الأيام القليلة المقبلة"، مبينا أن "أي تظاهرة ستخرج في العراق سيتم توجيه التهم لها بالارتباط بالولايات المتحدة وإسرائيل وبالتالي ستكون هدفا للموالين لإيران في العراق".

وأكد أن "الحكومات العراقية المتعاقبة وعدت بمحاسبة قتلة المتظاهرين، لكن ما يحصل على الواقع عكس ذلك تماما، حيث أفرجت السلطات عن ضباط ومنتسبين تورطوا بقتل المتظاهرين، وهذا يعني أن الجهات السياسية والحكومية تملصت من وعودها بشأن محاسبة قتلة المحتجين السلميين".

وتابع الجنابي: أن "أسباب التظاهرات في العراق قائمة مع استمرار وتعاظم الفساد وسطوة السلاح والمال والميليشيات، ولكن المشهد السياسي أصبح أكثر دموية وأكثر إقصاء وأكثر رفضا لأي محاولة لمحاسبة الفساد والفاسدين".

ولفت إلى أن "محور إيران تعرض لضربات قوية وقد يواجه ضربات أخرى في العراق واليمن وقد تصل هذه الضربات إلى إيران"، موضحاً أن "ضعف المحور الإيراني يفسح المجال مستقبلا للتظاهرات ويعطي أملا في التغيير مستقبلا في العراق وذلك مرهون بنتيجة ما يجري في الوقت الحالي من تصعيد ضد المحور الإيراني".

وشدد الجنابي على "ضرورة عدم التشجيع للخروج في التظاهرات بالوقت الراهن لحين استقرار المشهد السياسي الإقليمي والدولي لضمان عدم إلحاق الأذى بالشباب العراقيين المتظاهرين وتجنب تعريضهم للقتل والقمع بحجة أن المنطقة في حالة حرب مع الاحتلال الإسرائيلي".

اخترنا لك