صورة الخبر

2024-10-01 07:15:49

العالم يترقب الثأر الإيراني لنصر الله.. هل يقود صبرها الاستراتيجي إلى الهزيمة؟

حجم الخط

شبكة الساعة

منذ مقتل الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله في غارة إسرائيلية بالضاحية الجنوبية لبيروت، وعيون العالم تتجه نحو الموقف والرد الإيراني على مقتل الرجل الذي طالما عدته طهران الخط الأحمر الذي لا يمكن المساس به.

وكانت الكثير من التوقعات تشير إلى أن مقتل نصر الله سيشعل المنطقة، حيث إن إيران سترد بقوة على الاحتلال الإسرائيلي، بشكل مباشر على اعتبار أن أبرز أذرعها في المنطقة جرت تصفيته.

لكن توقعات أخرى وجدت أن الصمت الإيراني سيكون هو الأقرب على اعتبار أن معركة اليوم ليست كسابقاتها من تصعيد وتهديدات وضربات محدود متبادلة، بل أصبح دخول إيران في المعركة اليوم يهدد بقاء نظامها ووجوده.

واغتالت "إسرائيل" حسن نصر الله مع قيادات حزب الله العليا بضربة جوية استهدفت الضاحية الجنوبية لبيروت مساء الجمعة الـ 27 من أيلول الماضي، بعد هجوم "إسرائيلي" غير مسبوق استهدف البنية التحتية لـ"حزب الله" اللبناني.

وسبق لإيران أن تعرضت لضربة كبيرة تمثلت بمقتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية الذي قضى بصاروخ موجه عن بعد، استهدفه خلال وجوده في العاصمة الإيرانية طهران، بعد مراسيم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان في 31 تموز الماضي.

ومرت حادثة اغتيال هنية دون رد إيراني، بالرغم من الوعيد والتهديد بالانتقام والثأر لمقتله، خاصة وأن استهداف هنية نفذ داخل الأراضي الإيرانية ويعد مساسا مباشرا بالسيادة والهيبة الإيرانية.

ومنذ هجوم طوفان الأقصى في الـ 7 من تشرين أول 2023، وما تلاه من حرب طاحنة واقتحام بري إسرائيلي لقطاع غزة، لم تدخل إيران في المواجهة مع إسرائيل على عكس الشعارات التي طالما رفعتها السلطة الحاكمة في طهران، لكنها اكتفت بدفع الفصائل والقوى التابعة لها لمشاغلة "إسرائيل" بضربات صاروخية وهجمات محدودة بالطائرات المسيرة نفذت بواسطة الفصائل العراقية الشيعية وجماعة الحوثيين في اليمن وكذلك "حزب الله" في لبنان.

وبدأت صورة إيران تهتز في المنطقة منذ اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني السابق قاسم سليماني الذي يصفه الكثير بأنه الرجل الثاني في إيران بعد المرشد علي خامنئي، حيث كان الرد الإيراني على الهجوم الأمريكي الذي نفذ مطلع العام 2020 ردا خجولا لا يرقى لأن يكون ردا على مقتل أبرز القادة العسكريين الإيرانيين، وحتى أن الرئيس دونالد ترامب حينها سخر من الرد الإيراني عندما أشار إلى أنه لم يتسبب حتى بإصابات ولم يسفر عن جرحى في صفوف القوات الأمريكية في قاعدة عين الأسد غربي العراق.

وكذلك زاد من صورة إيران العاجزة عن مواجهة إسرائيل والولايات المتحدة، عقب استهداف مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق مطلع نيسان الماضي، إذ أثار الرد الإيراني سخرية الكثير من المراقبين للشأن الإقليمي، على اعتبار أنه نفذ بواسطة صواريخ وطائرات مسيرة تقليدية دون أن تسبب أي خسائر أو إصابات مباشرة، رغم أن أغلبها لم يصل حتى إلى هدفه في الكيان الإسرائيلي.

وأفرز التصعيد الإسرائيلي الأخير ومقتل أمين عام حزب الله انقساما كبيرا في إيران، فثمة من يرى أن سياسة ضبط النفس الإيرانية منحت العدو جرأة على التمادي في عدوانه، لأنه أيقن أن الجمهورية الإيرانية التي تحاول حاليا حلحلة قضاياها الشائكة مع الدول الغربية لا تنوي القيام بأي ردة فعل على المدى القريب أو على الأقل تتجنب الحرب في الوقت الراهن.

وترى السياسية المحافظة زهرة إلهيان أن "إسرائيل تسعى حثيثا لاستدراج طهران إلى حرب تحظى خلالها بدعم غربي"، مشيرةً إلى أن "بلادها تتعامل مع هذه المؤامرة بذكاء لإفشال مخططات العدو، مستدركة أن السياسة هذه لا تعني نسيان موضوع الثأر لدماء قادة محور المقاومة"، حسب تعبيرها.

وأكدت أن "السياسة الإيرانية ستواصل الدعم لحلفائها في محور المقاومة وأنها لم ولن تخشى الحرب وأن أياديها على الزناد للدفاع عن سيادتها، لكنها لن تبدأ الحرب"، وذلك وفق عقيدتها العسكرية.

في المقابل، يعتقد الدبلوماسي السابق فريدون مجلسي أن "إيران استُدرجت بالفعل إلى حربين طاحنتين هما الحرب الروسية على أوكرانيا والعدوان الإسرائيلي على غزة وحزب الله اللبناني، وأن شعبها يدفع ضريبة هذه التطورات".

وبحسب مجلسي فإنه "لا ينبغي لطهران توريط البلاد في الحرب والدمار بسبب أنه لم يبق شيء من غزة بعد دمارها خلال العدوان الأخير، وأن حزب الله مخترق وأن ارتفاع عدد الاغتيالات وتزايد أعداد القتلى منذ الاثنين الماضي يشير إلى عزم إسرائيل إبادة لبنان على غرار غزة بما يضعف قدرات حزب الله الردعية بالنسبة لإيران".

بينما يؤكد عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام والقائد السابق للحرس الثوري الإيراني الجنرال محسن رضائي، أن "إسرائيل يمكن أن تهاجم سوريا والعراق وربما إيران"، داعيا حكومات تلك الدول إلى "اتخاذ قرار في أسرع وقت ممكن".

الصبر الاستراتيجي يقود للهزيمة

وفي الفترة الماضية، وفي ظل التطورات العسكرية في المنطقة والاستهداف المتكرر لسيادة إيران وحلفائها في المنطقة، انتهجت طهران سياسة الصبر الاستراتيجي، والذي تهدف إيران من خلاله إلى تأجيل الرد العسكري لمنع تعرضها لضرر أكبر من الجانب الأمريكي أو الإسرائيلي.

وأكد الخبير الاستراتيجي العراقي والباحث في الشأن الإيراني فراس إلياس أن سياسة الصبر الاستراتيجي التي اتبعتها إيران أضرت بها وأوصلتها إلى هذه النتائج المتمثلة باستهداف هنية ونصر الله ومحاولة اجتياح جنوب لبنان بريا.

وكتب إلياس في منشور على منصة "فيسبوك": إن "حزب الله باقٍ حتى بعد اغتيال نصر الله، ولكن النقطة المهمة التي ينبغي الإشارة إليها هي أن سياسة الصبر الاستراتيجي أضرت بإيران وحلفائها كثيراً، بحيث أوصلتهم لطريق مسدود".

وأضاف أن "الصبر الاستراتيجي إذا لم يقرن بفعل عسكري على الأرض، يتحول إلى هزيمة إستراتيجية، ولنا في تاريخ الحروب العربية الإسرائيلية أوضح مثال على ذلك".

أما الإعلامي أحمد منصور فتساءل عن جدوى الصبر الاستراتيجي في تجنيب إيران هجوما إسرائيليا كاسحا على غرار ما جرى في لبنان وحزب الله؟

هل سترد إيران؟

واستبعد الباحث في الشأن الإيراني حسن هاشميان وجود رد إيراني على مقتل نصر الله، لأنها تفضل البقاء على الرد العسكري.

وقال هاشميان: أن "إيران لن ترد عسكريا على "إسرائيل" إطلاقا، لأن النظام الإيراني أمامه خياران لا ثالث لهما".

وأضاف هاشميان: أن "الخيار الأول هو البقاء والثاني هو مواجهة إسرائيل، وإيران تعلم جيدا أن المواجهة يعني أن إسرائيل ستعمل من داخل إيران وستهدد بقاء ووجود نظامها".

كما توقع الباحث في الشأن الإيراني أن "النظام في طهران لن يرد عسكريا حتى وإن توغلت إسرائيل في جنوب لبنان وحتى لو وصلت العاصمة بيروت".

 

لكن الدبلوماسي الإيراني السابق والمحلل السياسي أمير الموسوي أكد أن إيران سترد ردا مزلزلا ومدمرا بشكل مباشر ضد "إسرائيل" ردا على مقتل نصر الله، مبينا أن هذا الرد سيكون قريبا.

وقال الموسوي في تصريحات صحفية: إن "الرد الإيراني سيكون قريبا وسيكون ردا إيرانيا مباشرا وبسلاح إيراني يستهدف الكيان الإسرائيلي وكل الجهات التي تدعمه وتقف معه"، وأضاف: أن "هذا الرد سيكون قويا وسيهز العالم".

 

هل باعت إيران نصر الله؟

وبين التوقعات بالرد الإيراني على مقتل نصر الله، تثير جهات أخرى فرضية أن إيران باعت حزب الله وأمينه العام لإسرائيل مقابل الإبقاء على نظامها.

واتهم الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان محمد علي الحسيني إيران ببيع نصر الله، كما اتهمها بأنها الحليف الثاني الذي باعته ويستهدف قريبا هو عبد الملك الحوثي زعيم جماعة أنصار الله الحوثي في اليمن.

وقبل يوم من استهداف حسن نصر الله، وجه الحسيني رسالة له خلال لقاء تلفزيوني نصحه فيها بكتب وصيته لأن من اشتراه قد باعه في إشارة إلى إيران.

اخترنا لك