صورة الخبر

2024-09-28 08:51:25

صمت إيراني وتراجع في تصعيد الفصائل العراقية.. ماذا بعد مقتل نصر الله؟

حجم الخط

فريق التحرير - شبكة الساعة

حذر وترقب لما ستؤول إليه التطورات الأخيرة في جنوب لبنان بعد مقتل أمين عام حزب الله حسن نصر الله بغارة جوية جنوب بيروت.

جيش الاحتلال الإسرائيلي أعلن اغتيال حسن نصر الله في الغارات التي استهدفت مساء أمس الجمعة مقر القيادة المركزية للحزب في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية.

وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي إن "مقاتلاته ألقت نحو 85 قنبلة خارقة للتحصينات تزن كل منها طنا من المتفجرات لاغتيال نصر الله"، وأشار إلى أن "قواته تركز على إزالة التهديدات بهجمات إرهابية بما فيها صواريخ موجهة قد تستهدف نقاطا إستراتيجية".

من جهته، أفاد المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي على منصة "X"، بأن "الجيش اغتال أيضا قائد جبهة الجنوب في حزب الله علي كركي وعددا آخر من القادة خلال الغارات نفسها".

كما قالت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي إن "التقديرات تشير إلى أن القيادي في حزب الله هاشم صفي الدين لم يقتل في الهجوم".

وفي أول تعليق على نجاح عملية الاغتيال، قال رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي هرتسي هاليفي إن "الهجوم تم التخطيط له منذ فترة طويلة ونفذ في الوقت المناسب".

وأضاف هاليفي، أن "هذا ليس آخر ما في جعبتنا، الرسالة بسيطة، أي شخص يهدد مواطني إسرائيل سنعرف كيف نصل إليه".

كما أفاد جيش الاحتلال الإسرائيلي بأنه "ضرب 140 هدفا لحزب الله في لبنان منذ الليلة الماضية".

وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" فأن "كبار المسؤولين من حزب الله والحرس الثوري الإيراني كانوا أيضاً في الموقع المستهدف والذي من المفترض أن يتواجد فيه نصر الله".

وتأخر حزب الله ساعات حتى أعلن قبل قليل مقتل أمينه العام حسن نصر الله في الغارات "الإسرائيلية" على الضاحية الجنوبية لبيروت.

 

تداعيات مقتل نصر الله

ويبدو أن المنطقة برمتها تترقب تداعيات اغتيال نصر الله والتي من المحتمل أن تحدد مسار المنطقة في المرحلة المقبلة.

وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إن "الخيارات التي تتخذها جميع الأطراف في الشرق الأوسط في الأيام المقبلة ستحدد المسار الذي ستتخذه المنطقة وستكون لها عواقب عميقة لسنوات مقبلة".

وأوضح بلينكن في مؤتمر صحفي أن "واشنطن تعتقد أن السبيل للمضي قدما سيكون من خلال الدبلوماسية وليس الصراع".

وحذر: "أي شخص قد يستغل الوضع لاستهداف أفراد أو مصالح أمريكية"، مشيرا إلى أن "الولايات المتحدة ستتخذ كل الإجراءات اللازمة للدفاع عن شعبها"، مضيفا أن "هذه لحظة حرجة بالنسبة للشرق الأوسط والعالم".

 

تهدئة أم تصعيد؟

تتوقع الباحثة في معهد واشنطن حنين غادر أن "مسارات التهدئة أو التصعيد في المنطقة مرهونة بمقتل نصر الله والموقف الإيراني".

وقالت غادر في تصريحات صحفية: إن "مقتل نصر الله يعني أن الحزب خسر القيادة، وأن إيران ليس أمامها سوى خيار الموافقة على شروط التهدئة الأمريكية الفرنسية لوقف إطلاق النار"، وأشارت إلى أنه "ليس أمام إيران خيار آخر سوى هذا الحل، لأن نصر الله كان الشخص الوحيد الذي رفض مبادرة وقف إطلاق النار، وبغيابه تكون إيران مُجبرةٌ على التسوية".

وبشأن المخاوف الأمريكية من تطورات الأوضاع الحالية، ذكرت حنين أن "أمام الولايات المتحدة سيناريوين، الأول خطير والثاني أهون، فواشنطن تأمل أن تختار طهران خيار عدم التصعيد، لأن التصعيد سيجر الولايات المتحدة و(إسرائيل) إلى حرب شاملة".

أما بشأن تبعات التصعيد في حال أصرت إيران على موقفها، فتقول غادر، إنه "سيؤدى إلى فتح أطراف عدة جبهات جديدة ضد (إسرائيل) من خلال تكثيف الحوثيين والفصائل العراقية عملياتهم، وتصعيد مسلح لحزب الله في الجولان"، حسب تعبيرها.

 

هواجس عراقية

في العراق تسود المخاوف من إقحام الفصائل المسلحة البلاد في الحرب الدائرة خاصة مع التهديدات "الإسرائيلية" الصريحة بضرب العراق في حال استمر التصعيد العسكري من الفصائل.

وفي وقت سابق توعدت "إسرائيل" العراق بفعل ما يلزم للرد على الهجمات القادمة من الفصائل المسلحة.

وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي دانيال هاغاري، في تصريحات صحفية، إن "إسرائيل تراقب عن كثب التهديدات التي تأتي من العراق وتجمع المعلومات"، مردفاً: "سوف نفعل ما يلزم تجاه تلك الضربات".

ولم تصدر عن الفصائل العراقية أي مواقف صريحة بشأن اغتيال نصر الله وطبيعة ردها على ذلك لغاية الآن، لكنها تتبنى منذ أيام عمليات قصف بصواريخ وطائرات مسيرة تجاه أهداف داخل الكيان "الإسرائيلي" كرد على العدوان على جنوب لبنان.

كما أن الفصائل المسلحة تستمر بالتصعيد الإعلامي بشأن المشاركة في المعركة الدائرة حاليا عبر منصاتها والمتحدثين المقربين منها.

وسبق أن أكدت الفصائل التي تطلق على نفسها "المقاومة الإسلامية في العراق" أنها ستدخل المعركة البرية في حال اقتحام الاحتلال الإسرائيلي الجنوب اللبناني.

 

مشاركة محدودة

لكن عضو المكتب السياسي لحركة العصائب سلام الجزائري ألمح إلى عدم إمكانية إرسال المقاتلين العراقيين للمشاركة بمعركة برية في جنوب لبنان بسبب أن تكتيك الحرب المتطورة لا يسمح بذلك.

وقال عضو المكتب السياسي لحركة عصائب أهل الحق سلام الجزائري في تصريح لشبكة "الساعة"، إن "القادة العسكريين هم من يقررون إرسال القيادات والخبراء إلى لبنان، وهناك الآلاف من المتطوعين المستعدين للمشاركة، لكن تكتيك الحرب المتطورة قد لا يسمح بذلك".

وأكد الجزائري "موقف المقاومة ثابت ومشترك على جميع الجبهات، سواء في لبنان أو سوريا أو اليمن أو العراق وإيران"، مشيرا إلى أن "الرد على العدوان سيكون قاسيا وفق تكتيكات متنوعة تشمل المسيرات والصواريخ المتطورة التي تمتلكها المقاومة في عدة دول، وبين أنه كلما صعد الاحتلال من عدوانه، كلما استخدمت المقاومة أسلحة أكثر تأثيرا وتطورا".

وأضاف الجزائري أن "الاحتلال الإسرائيلي إذا استمر في إراقة الدماء، فإن الرد سيكون حاسما على الأرض والجو والبحر، وستشمل جميع مناطق شمال فلسطين".

وتابع أنه "إذا استمر الاحتلال في عملياته التدميرية، فإن الرد سيكون من جميع الجبهات باستخدام أسلحة متطورة لردع الصهاينة"، حسب تعبيره.

 

الفصائل مشتركة في المعركة

القيادي في كتائب سيد الشهداء عباس الزيدي أكد انخراط فصائل المقاومة في الحرب ضد "إسرائيل" على اعتبار أن الاحتلال هو من أقحم العراق في المعركة منذ سنوات من خلال استهداف مقرات الحشد الشعبي.

وقال الزيدي في تصريحات صحفية، أن "الفصائل المسلحة لديها القدرة على فتح جبهة مواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي وأن الفصائل لن تورط العراق في هذه المعركة كما يتخوف الكثير".

وأضاف أن "الاحتلال الإسرائيلي سيدخل العراق في المعركة سواء أدخلت الفصائل فيها أم لم تدخل، لأن الكيان هدفه قضم المنطقة والسيطرة عليها سواء في العراق وإيران وسوريا واليمن ولبنان"، مؤكدا أن "دخول الفصائل في المواجهة لن يضر العراق، بل سيجنبها المزيد من العدوان الإسرائيلي".

 

الفصائل العراقية لن تدخل المواجهة

في المقابل يستبعد الكاتب والباحث في الشأن العراقي عادل كمال الدخول المباشر للفصائل العراقية في الحرب الدائرة في غزة ولبنان بالرغم من الإعلان عن مقتل نصر الله.

وأكد كمال في تصريح لشبكة "الساعة"، أن "الفصائل العراقية عاجزة عن الدخول في مواجهة مسلحة مع (إسرائيل)، لأن حماس وحزب الله الذين يتفوقان على الفصائل العراقية من حيث القدرة العسكرية والتسليح عجزتا عن مواجهة جيش الاحتلال الإسرائيلي".

وأوضح أن "مقتل نصر الله سيؤكد أن فصائل المقاومة العراقية لن تتجرأ على المزيد من التصعيد وستكتفي بالهجمات الصاروخية المحدودة والبيانات الإعلامية"، وشدد أنه "في حال حصول الاجتياح البري لجنوب لبنان وهو أمر مستبعد فأن الفصائل العراقية لن تدخل المعركة البرية".

وبين كمال أن "الولايات المتحدة ضغطت مؤخرا على الحكومة العراقية من أجل الضغط على الفصائل لتجنب دخول المعركة والتصعيد، وأن حكومة السوداني قامت بالفعل بالضغط على الفصائل من أجل تخفيف التصعيد لأن استمرار التصعيد سيؤدي إلى احراج الحكومة العراقية في العديد من المجالات ومنها الانسحاب الأمريكي من العراق وملف الدولار والطاقة وغيرها من الأمور، فضلا عن إحراج الحكومة بسبب الضربات العسكرية التي من الممكن أن تستهدف العراق من قبل الجانب (الإسرائيلي) أو الأمريكي في حال تم التعرض للمصالح الأمريكية".

وتوقع الباحث العراقي أن "الضربات التي شنتها الفصائل تجاه الكيان (الإسرائيلي) لن تمر دون رد (إسرائيلي)"، مبينا أن "الضغوط (الإسرائيلية) أسفرت بعد سنوات عن إسقاط نظام صدام حسين بسبب استهدافه لـ (إسرائيل)، وهو ما سيحصل مع الفصائل المسلحة العراقية القريبة من إيران".

 

الصمت الإيراني والمرشد في مكان آمن

عقب الهجمة "الإسرائيلية" على جنوب لبنان ومقتل حسن نصر الله، ما تزال إيران تلتزم الصمت وخيار عدم التصعيد تجاه العدوان الإسرائيلي رغم تحذيراتها السابقة وتهديداتها لـ "إسرائيل" من المساس بحزب الله اللبناني.

واكتفت إيران "الجمهورية والزعيمة لمحور المقاومة" ببيان لمرشدها علي خامئني أكد فيه أن "المجرمين الصهاينة يجب أن يعلموا أنهم أصغر بكثير من أن يلحقوا أذىً مهمًا بالبنية القوية لحزب الله اللبناني"، وأشار إلى أن "جميع قوى المقاومة في المنطقة تقف إلى جانب حزب الله وتدعمه".

وأضاف خامنئي أن "مصير هذه المنطقة ستحدده قوى المقاومة، وعلى رأسها حزب الله المنتصر".

فيما كشفت مصادر لوكالة "رويترز" عن "نقل المرشد الإيراني علي خامنئي إلى مكان آمن مع اتخاذ تدابير أمنية مشددة، وذلك بعد إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي مقتل أمين عام حزب الله حسن نصر الله".

ويأتي التراجع الإيراني في الموقف من اغتيال نصر الله عقب تهديدات مباشرة أصدرها رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نيتياهو بضرب إيران في حال قامت الأخيرة باستهداف "إسرائيل".

 

ما مصير الحزب ومن خليفة نصر الله؟

عين نصر الله أمينا عاما لحزب الله في 1992 بينما كان في الخامسة والثلاثين فقط من عمره، وأصبح رمزا قويا بالنسبة للحزب الذي ظهر ككيان غامض أسسه الحرس الثوري الإيراني عام 1982 لمحاربة قوات الاحتلال الإسرائيلي في لبنان، وقتلت إسرائيل سلفه عباس الموسوي في هجوم بطائرة هليكوبتر، يوم 16 فبراير 1992 في منطقة النبطية جنوب البلاد.

وحسب مراقبين يعد هاشم صفي الدين، رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله، الرجل الثاني في الحزب، أبرز المرشحين لخلافته، كما أن المرشح المحتمل الآخر أيضاً لخلافة نصر الله فهو نعيم قاسم الذي يتولى منصب نائب أمين عام حزب الله منذ 1992.

وقال الباحث في الشأن الاستراتيجي فراس ألياس أن "الضربة التي وجهتها (إسرائيل) يوم أمس كانت قوية إلى الدرجة التي لم يتمكن فيها الحزب من إصدار بيان حول ما جرى، وهذا يعني أن هذه الضربة خلقت فجوة كبيرة بين القيادة والقوات والكوادر المنتشرة على الأرض، وهذا يعني أنه لم يعد هناك مرجعية قيادية توجه الحزب أو تحدد خياراته في المرحلة المقبلة".

وأضاف ألياس في تصريح لشبكة "الساعة"، أنه "إذا ما صحت الأخبار بأن هشام صفي الدين رئيس المكتب التنفيذي للحزب وصهر سليماني، ما زال على قيد الحياة، فإنه الشخصية الأبرز لخلافة نصر الله على قيادة الحزب، وسيقع على عاتقه مواجهة الواقع الصعب الذي يعيشه الحزب، فيما يتعلق بالرد على (إسرائيل) ومواصلة الحرب التي فرضتها"، مشيرا إلى أن "التحدي الأكبر الذي سيواجهه هو كيف سيتصرف مع وضع حزب الله في الداخل اللبناني".

اخترنا لك