صورة الخبر

2024-09-26 12:10:29

"إسرائيل" تستعد لمهاجمة "حزب الله" بريا.. هل ستورط الفصائل العراق في حرب مدمرة؟

حجم الخط

سيف العبيدي ـ شبكة الساعة

تصاعدت وتيرة استهداف الاحتلال الإسرائيلي لـ"حزب الله" اللبناني خلال الأسبوع الأخير وبشكل غير مسبوق منذ بداية العدوان على غزة في 7 أكتوبر 2023، لينذر هذا التصعيد بمواجهة مباشرة أو اجتياح بري إسرائيلي لمناطق جنوب لبنان.

وسبق التصعيد "الإسرائيلي" هجوم سيبراني استهدف "حزب الله" اللبناني، حيث أصيب الآلاف من عناصر الحزب بتفجيرات متزامنة لأجهزة النداء "البيجر" تقف وراءها "إسرائيل".

وتسببت هجمات الاحتلال الإسرائيلي الجوية على جنوب لبنان طيلة الأسبوع بمقتل نحو 600 شخص بحسب وزارة الصحة اللبنانية، فضلا عن نزوح مئات الآلاف من مناطق الجنوب.

وبالتزامن مع هجمات الاحتلال الإسرائيلي على جنوب لبنان، تشهد الساحة الدولية والإقليمية تطورات ومواقف يدفع بعضها نحو تجنب الدخول في الصراع كالموقف الإيراني، فيما يدفع البعض الآخر نحو مزيد من التصعيد والرغبة في دخول المواجهة كالموقف الذي تبنته الفصائل المسلحة العراقية القريبة من إيران، وذلك على عكس موقف قوات الحوثي التي لم تصعد عسكريا كعادتها ضد إسرائيل كما حصل طيلة الأشهر الماضية عقب العدوان على غزة.

وبين تلك المواقف، يهدد الاحتلال الإسرائيلي بتوسيع دائرة المواجهة في لبنان مع الأطراف التي تدخل الصراع، في إشارة إلى إيران وحلفائها في العراق وسوريا واليمن، بينما تعزز الولايات المتحدة من وجودها العسكري في المنطقة عبر إرسال المزيد من القوات والترسانة العسكرية تحسبا لأي انهيار ومواجهة مسلحة مفتوحة.

الموقف العراقي

وعلى صعيد الموقف العراقي، فالموقف الرسمي الحكومي أكد رفضه للهجمات الجوية الإسرائيلية على جنوب لبنان ووصفها بالعدوان، وبينما أشارت إلى محاولات لحشد موقف دولي لوقف هذا العدوان من جهة، أعلنت عن حملات إغاثية وجسور برية وجوية لدعم الشعب اللبناني جراء الهجمة الإسرائيلية من جهة أخرى.

الفصائل العراقية تدخل المواجهة

أما موقف الفصائل المسلحة العراقية فيختلف كثيرا عن الموقف الرسمي الحكومي، إذ اختارت ما تسمي نفسها المقاومة العراقية خيار الدخول بالمواجهة مع إسرائيل إذا اجتاحت الجنوب اللبناني، كما صعدت من هجماتها ضد الأهداف داخل "إسرائيل" والجولان المحتل بالصواريخ والطائرات المسيرة.

وشنت الفصائل العراقية في الأسبوع الأخير نحو 20 هجوما على أهداف قالت إنها داخل الكيان الإسرائيلي والجولان السوري المحتل.

وأفضى اجتماع عقد في بغداد الأسبوع الماضي ضم عدداً من قيادات فصائل عراقية مسلحة وممثليها حول الوضع في لبنان عن اتفاق يقضي بدعم "حزب الله" اللبناني بالجهد العسكري البشري والتسليحي، في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، مع استمرار عمليات القصف من داخل الأراضي العراقية والسورية تجاه أهداف في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبشكل تصاعدي، مع توسيع رقعة المواجهة ضد كل طرف يقدم الدعم للاحتلال، في إشارة إلى القواعد الأميركية بالعراق وسوريا.

ونقلت صحيفة العربي الجديد عن مصدر في الفصائل المسلحة قوله: إن "الاجتماع الذي ضم قادة وممثلين عن كتائب حزب الله، والنجباء، وأنصار الله الأوفياء، والإمام علي، وكتائب سيد الشهداء، وخلا من أي تمثيل لجماعة عصائب أهل الحق، بزعامة قيس الخزعلي، واستمر لأكثر من ساعتين، في منزل أحد قادة تلك الفصائل، انتهى بالاتفاق على جملة من النقاط أبرزها الدخول في المعركة بشكل مباشر إلى جانب حزب الله والمقاومة في لبنان ضد أي اجتياح بري محتمل من العدو الصهيوني".

وأعقب اجتماع الفصائل العراقية، تعهدات من أمين عام كتائب سيد الشهداء أبو آلاء الولائي بإرسال 100 ألف مقاتل إلى حدود لبنان في حال نفذ الاحتلال الإسرائيلي التهديدات بالدخول البري إلى جنوب لبنان.

موقف برلماني داعم للفصائل

وبرلمانيا أعلنت لجنة العلاقات الخارجية أن البرلمان سيعقد جلسة خاصة يوم السبت المقبل لبحث تطورات الأوضاع في جنوب لبنان جراء العدوان الإسرائيلي.

وقال عضو لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية عامر الفائز في تصريح لشبكة "الساعة": إن "البرلمان سيعقد جلسة خاصة يوم السبت لبحث العدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان".

وبشأن موقف القوى السياسية والبرلمانية ولجنة العلاقات الخارجية من ضربات الفصائل العراقية ضد "إسرائيل"، ألمح الفائز إلى أن "الموقف الداخلي السياسي داعم لتلك الفصائل في ضرباتها"، مبينا أن "العدوان الإسرائيلي لا يمكن ردعه إلا بالقوة وهو ما لجأت له الفصائل العراقية"، منوها إلى أن "العدوان الإسرائيلي لن يستهدف العراق في المرحلة المقبلة لأن الاستهداف الإسرائيلي ضد العراق بدأ منذ فترة سابقة"، حسب تعبيره.

وتوقع الفائز أن "تكون هناك ضربات إسرائيلية على العراق في حال دخول الفصائل العراقية ساحة المواجهة في لبنان"، مبيناً أن "تلك الضربات لن تكون جديدة لأن العدوان الإسرائيلي مستمر على العراق، وأن ضربات الفصائل من الممكن أن تكون عامل لوقف العدوان على غزة ولبنان والعراق أيضا".

تهديدات إسرائيلية للعراق

وفي الردود "الإسرائيلية" على تحركات الفصائل العراقية وتصعيدها، أعلن جيش الاحتلال الاسرائيلي أمس الأربعاء، اعتراض طائرة مسيرة أطلقت من الشرق في اتجاه مدينة إيلات، لافتا إلى رصد مسيرة أخرى تسقط في المنطقة، وهو هجوم تبنته فصائل عراقية موالية لطهران.

وقال الجيش في بيان إنه "تم رصد طائرتين مسيرتين تقتربان من منطقة إيلات انطلاقا من الشرق، حيث اعترضت سفينة للقوات البحرية مزودة بصواريخ طائرة مسيرة واحدة، وتم رصد سقوط مسيّرة أخرى في منطقة إيلات"، مشيرا إلى أن "الهجوم أسفر عن إصابة شخصين بجروح طفيفة، في اعتراف إسرائيلي هو الأول من نوعه يشير إلى هجمات الفصائل العراقية".

وفي تهديد هو الأول من نوعه، توعدت "إسرائيل"، العراق بـفعل ما يلزم للرد على الهجمات القادمة من الفصائل المسلحة.

وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال دانيال هاغاري، في تصريحات صحفية: إن "إسرائيل تراقب عن كثب التهديدات التي تأتي من العراق وتجمع المعلومات"، مردفاً: "سوف نفعل ما يلزم".

العراق يترقب القصف "الإسرائيلي"

وبشأن دخول الفصائل العراقية في المواجهة ضد "إسرائيل" إلى جانب "حزب الله"، أكد الخبير الأمني العراقي أحمد الشريفي أن ذلك التدخل سيقود إلى فسح المجال أمام إسرائيل لتنفيذ هجمات جوية واسعة في العراق.

وقال الشريفي في تصريح لشبكة "الساعة": إن "المعركة في جنوب لبنان ستكون على عدة صفحات، وقد بدأت الصفحة الأولى بمعركة سيبرانية عبر تفجير أجهزة الاتصال الخاصة بعناصر حزب الله، وكانت هذه الصفحة ممهدة للصفحة الثانية وهي المعركة الجوية التي تمثلت بتكثيف الضربات الجوية في الجنوب اللبناني".

وأضاف الشريفي: أنه "لا يستبعد أن تكون المرحلة المقبلة هي مرحلة المعركة البرية والتي توقع أن تكون عبر توغل الجيش الإسرائيلي على عمق 15 كم جنوب لبنان".

كما لم يستبعد الشريفي: "توسع المعركة بالنيران الصادرة من محور المقاومة ومن ضمنها الفصائل العراقية، ونيران الرد عليها من الجانب الإسرائيلي"، مشددا على أن "استمرار هجمات الفصائل العراقية سيدفع إسرائيل للرد على مصدر النيران ما يعني دخول الجبهة العراقية في الصفحات المقبلة من المعركة عمليا".

ولفت الشريفي إلى أن "إعادة الانتشار والتموضع الدولي الجديد ونشر المزيد من القوات الأمريكية في الشرق الأوسط ينذر باتساع الحرب الحالية في الجنوب اللبناني".

وأوضح الخبير الأمني أن "الرد الإسرائيلي تجاه العراق سيكون عبر معركة جوية كما حصل في سوريا خلال السنوات الماضية"، منوها إلى أن "الجيش الإسرائيلي يمتلك بنك معلومات عن المواقع العراقية التي ستستهدف ربما في الأيام القليلة المقبلة".

وتابع الشريفي: أن "إمكانية توجيه الضربات من الفصائل المسلحة العراقية قائمة ولكنها لن تجدي شيئا في معادلة الصراع ولن تحقق أي حسم أو إسناد فعلي للجبهة اللبنانية"، مؤكدا أن "ضربات الفصائل العراقية ستعطي ذريعة لإسرائيل لتوسيع الهجمات والضربات ضد العراق خلال المرحلة المقبلة".

الفصائل تغامر بالعراق وتعرضه للخطر

أما السياسي العراقي المقرب من الولايات المتحدة انتفاض قنبر فحذر من دخول العراق فيما وصفها مغامرة الحرب ضد "إسرائيل".

وقال قنبر في تصريح لشبكة "الساعة": إن "دخول الفصائل العراقية في الحرب اللبنانية مغامرة أخطر من مغامرة نظام صدام حسين في دخول الكويت"، وعزا ذلك إلى أن دخول الفصائل العراقية في المعركة سيؤدي إلى حرب إقليمية وربما دولية طرفيها العراق وإسرائيل وهذا حتما سيؤدي إلى تدمير العراق كما حصل عام 1991.

وأضاف: أن "العراق يجب أن يبقى خارج هذه المعادلة وعلى القيادات السياسية أن تمنع وقوع البلاد فيما وصفه بالمنزلق الخطير، على اعتبار أن إسرائيل لن تسكت على استمرار الهجمات العراقية للفصائل وسيؤدي الرد الإسرائيلي إلى أضرار عسكرية واقتصادية كبيرة ربما تؤدي إلى انهيار الوضع العراقي اقتصاديا على غرار حرب الخليج الثانية".

وأشار إلى أن الضغوطات الأمريكية على إسرائيل في الفترة السابقة منعت الأخيرة من تنفيذ هجمات جوية على العراق، ولكن اليوم هذه الضغوطات ستنتهي وستتخذ إسرائيل من تدخل الفصائل حجة لاستهداف العراق، حسب تعبيره.

أما بشأن موقف الفصائل وتوحيد الجبات الخاصة بما يعرف بمحور المقاومة فأكد قنبر أن هذا لا يتعدى الهراء والتصرفات الصبيانية والمراهقة، لأن الفصائل العراقية لن ولم تؤثر على إسرائيل، لأن حزب الله الذي يمتلك مئات آلاف الصواريخ والترسانة الإيرانية العسكرية عجز عن إلحاق الأذى بإسرائيل، بينما تسببت الضربات الإسرائيلية بتدمير البنية العسكرية لحزب الله ومقتل مئات القيادات خلال الفترة القليلة الماضية.

هل خذلت إيران حزب الله؟

مع التصعيد الإسرائيلي تجاه حزب الله في جنوب لبنان توقع الكثير أن إيران سيكون لها موقف حاسم لمساندة الحزب، غير أن ما بدر منها لا يدل على التحرك لنصرة الحزب الحليف لها طيلة العقود الماضية.

وأكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان أن حزب الله لا يمكنه أن يقف بمفرده ضد دولة يدعمها الغرب ويزودها بالسلاح، وأشار إلى إيران لا تريد الحرب، وتريد أن نعيش بسلام، لا ترغب في أن تكون سببا في عدم الاستقرار في المنطقة، وهي تصريحات فسرت على أنها تراجع في الموقف الإيراني الداعم لحزب الله في مواجهة الكيان الإسرائيلي.

يقول النائب اللبناني السابق فارس سعيد: إن "المشهد الذي نراه في غزّة منذ أشهر يتكرّر الآن في لبنان"، وأشار إلى أن الأيام المقبلة ستُبيّن ما إذا كانت إيران تقود محور المقاومة في وجه إسرائيل، أم أنها تحارب تل أبيب عبر حلفائها، بينما هي مهتمّة بالتفاوض مع الولايات المتحدة الأميركية.

وأضاف البرلماني اللبناني السابق: أنه "يتبين يوماً بعد يوم أن المنخرطين في أذرُع إيران بالمنطقة هم الذين يموتون بمواجهة إسرائيل، من أجل تحسين ظروف مفاوضات طهران مع واشنطن"، لافتا إلى أن اللبنانيين يشعرون اليوم بأن (حزب الله) الذي كان يتغنّى بأنه مدعوم من إيران، وأن طعامه وشرابه وأمواله وأسلحته من طهران، يخوض الآن المعركة وحيداً، وكأنه متروك لقَدره، بينما تنشغل إيران بترتيب ملفاتها مع الغرب، حسب وصفه.

اخترنا لك